Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عملات شمال أفريقيا... سجل ثقافي وسياسي

بدأت بالمعدنية وتطورت إلى القماشية والورقية مع تنوع دلالات نقوشها ورموزها عبر كل حقبة

كانت غالبية العملات القديمة مصنوعة من قطع مختومة من معادن ثمينة من البرونز والنحاس إلى الذهب والفضة (موسوعة العملات المالية)

ملخص

لا تخلو العملة المالية من النقوش والرموز التي باتت تتمايز بها، فما قصة هذه الرموز في عملات الشمال الأفريقي، وإلى أي العهود يرجع تاريخها، وكيف تنوعت بين المعدنية والقماشية والورقية؟

منذ اختراع المال لم يكف بدوره عن تحقيق المقولة الشهيرة كونه "يجعل العالم يدور"، وهو ما ظل يحدث على مدى تاريخ البشرية، إضافة إلى الدور المحوري الذي لعبه في تطوير الحضارة والاقتصادات البشرية.

قبل اختراع المال كان الناس يقايضون بالسلع والخدمات مقابل ما يحتاجون إليه. كانت هذه المعاملات هي اللبنات الأولى للاقتصاد الحديث وهو آخذ في التطور، ولم يسكن منذ تاريخ المقايضة الذي يعود إلى نحو ستة آلاف سنة قبل الميلاد. كان يتم تبادل البضائع مثل الشاي والملح والأسلحة والطعام. مع مرور الوقت استمرت المقايضة في التطور وازدهرت تجارة الجلود والمحاصيل والبنادق.

 

في نحو القرن الخامس أو السادس قبل الميلاد، أي قبل 650 إلى 600 قبل الميلاد، تم تقديم العملات المعدنية كوسيلة للدفع، ومع ذلك فإن المنطقة الأولى التي استخدمت أول عملة معدنية لا تزال مختلفاً حولها، ولكن تشير بعض الأحداث إلى أن استخدام العملات المعدنية المختومة لدفع رواتب الجيوش قد تعود إلى 1250 قبل الميلاد.

كانت معظم العملات مصنوعة من قطع مختومة من معادن ثمينة مثل البرونز والنحاس، كما استخدم الإغريق القدماء التكرارات المبكرة للعملات المعدنية، بدءاً من نحو 650 قبل الميلاد. وبمرور الوقت، تطورت العملات المعدنية لتكون مصنوعة من الفضة والذهب وهي المعادن المرتبطة بالمال اليوم. كانت العملات المعدنية علامة فارقة في تاريخ النقود إذ كانت واحدة من أولى العملات التي سمحت للناس بالدفع من طريق حسابها بدلاً من وزنها.

تتنوع العملات بين المعدنية التي عكست بداية استقرار الناس في المدن وارتباطهم الحضاري، ودورهم في النشاطات الاقتصادية المختلفة، والورقية التي مثلت مرحلة أخرى من تطور العملات، حتى وصلت إلى الانفجار الرقمي.

بعثة نيرون

يرجع بعض الباحثين تاريخ المقايضة في السودان إلى عام 2700 قبل الميلاد، حيث كانت تتم مقايضة السلع مثل ريش النعام والذهب والصمغ العربي والعاج والعسل. أما "تـاريـخ الـعـمـلات في السودان" فقد أرجعها الكاتب عوض سعيد إلى مرحلة دخول الإسكندر الأكبر مصر عام 321 قبل الميلاد، إذ استخدمت عملة موحدة في الجزء الشمالي لوادي النيل، حيث إن الإسكندر درج على استخدام العملة في جميع أجزاء إمبراطوريته.

 

ووجدت عملات يونانية ورومانية في أنحاء متفرقة في السودان إلى جانب عملات سكت في العصر المسيحي البيزنطي ومنها قطعة العملة الرومانية التي سكت في مدينة الإسكندرية ووجدت بمدينة عبري شمال السودان وتحمل على الوجه رأس الإمبراطور أغسطس، وعلى ظهرها شكل الصقر اليوناني وعليه نقش باللغة الإغريقية يحمل ألقابه، وتوجد هذه العملة بمتحف السودان بالخرطوم".

وفسر سعيد أن "تلك العملات دخلت إلى السودان من طريق التجارة إذ كانت تلك الفترة تحفل برواج منتجات الأخيرة من ريش النعام والعاج والأبنوس التي تستخدم في حلقات المصارعة الرومانية".

وذكرت مخطوطات أثرية في دار الوثائق القومية بالخرطوم أن "السودان كبلد ناء ظل يثير فضول الرومان، ونحو عام 60م، أرسل الإمبراطور نيرون بعثة عسكرية إلى أعالي النيل. وفي طريق العودة صرح رجال البعثة بأن (هذه البلاد فقيرة إلى درجة لا تستحق حتى غزوها)". وذكرت المخطوطات "وجود نقوش مدونة باللغة اللاتينية على أحد جدران الموقع الأثري (المصورات الصفر) تدل على العملة الرومانية المستخدمة.

 

كما عثر على قطعة عملة معدنية لكلوديوس بمنطقة مروي عندما اكتشفت حماماتها، إلى جانب مئات الأدوات البرونزية ومجموعة فاخرة من الأواني الزجاجية، إضافة إلى مجموعة من العملات الرومانية، وأخرى لنيرون بكرانوج، وثالثة لدقلديانوس بأقصى إقليم كردفان، وقطعة يعود تاريخها إلى منتصف القرن الرابع الميلادي في سنار".

وفي عهد دولة سنار من عام 1504 إلى 1821، استخدمت العملات الأجنبية مثل تالر ماريا تريزا النمسوي، وبعض قطع النقد الأوروبية من الذهب والفضة مثل الدولار الإسباني، كما تم تداول بعض قطع النقود العثمانية وهي عملة فضية سكت في القسطنطينية.

الجنيه الذهب

في العصر الحديث، كان الجنيه المصري أول عملة رسمية تم تداولها في السودان، إضافة إلى الجنيه الاسترليني.

خلال حصار الخرطوم في عهد الإمام محمد أحمد المهدي خلال الفترة من 1884 إلى 1885، حدثت ندرة في العملة فأصدر الجنرال غردون أوراقاً مالية بفئات مختلفة تحمل توقيعه. وبعد استيلاء المهدي على الحكم، أصدر أول عملة سودانية هي الجنيه الذهب والريال الفضة ونصف الريال. وعندما تولى الخليفة عبدالله الحكم بعد المهدي وجد نقصاً في العملات المتداولة فاستعمل قطعاً من قماش الدمور مقيمة بـ10 قروش، وقرشين ونصف القرش، كعملات للتبادل.

بعد استقلال السودان عام 1956 أصدر الجنيه السوداني كعملة رسمية للبلاد ليحل محل نظيره المصري. وفي 1960 أنشئ بنك السودان المركزي، وآلت إليه كل مهام لجنة العملة السودانية. وفي 1970 تم تغيير عملة السودان لتفادي التزوير ثم ربط بالدولار الأميركي. وفي 1980 أجري تعديل آخر تضمن طباعة عملات جديدة تحمل صورة الرئيس جعفر النميري التي سحبت فور سقوطه عام 1985.

 

وبعد انقلاب "الإنقاذ" العسكري، استبدلت حكومة عمر البشير بالجنيه السوداني الدينار عام 1992، وكان السبب الآخر هو ضعف قيمة الجنيه، فكان الدينار الواحد يساوي 10 جنيهات. وبينما اعتمد استخدام الدينار شمال السودان، كان هناك ارتباك بخصوص العملة القديمة والجديدة، كما كان إقليم الجنوب يستخدم عملات إقليمية أخرى مثل الشلن الكيني في رمبيك وياي.

وبعد توقيع اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، في 2005، تبنى بنك السودان المركزي برنامجاً لسك عملة السودان الجديدة لكي يتم إصدارها خلال الفترة الانتقالية. وعليه سك جنيه سوداني جديد في يوليو (تموز) 2007 وألغي تداول الدينار.

بعد انفصال جنوب السودان في يوليو (تموز) 2011، تم التعامل مع الإصدار الثالث للجنيه السوداني، تضمن خريطة السودان الجديدة. كما تم استبداله في جنوب السودان وإصدار عملة رسمية للدولة الجديدة.

يقول الباحث المصرفي عمر محجوب، إن "الإجراء الصحيح كان يتمثل في فرض تداول العملة في بلد واحد مبدئياً، تخوفاً من حدوث تداخل بين العملتين الجنيه السوداني وجنيه جنوب السودان، كما يتم تبديل العملة بالتنسيق بين الدولتين بالتدرج".

 

وبعد إسقاط البشير عقب اندلاع انتفاضة ديسمبر (كانون الأول) 2018، زادت الحالة الاقتصادية سوءاً، وانخفضت قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار الأميركي، فأصدرت فئة ألف جنيه وطبع منها نحو 800 مليون ورقة نقدية.

رموز العملة السودانية

 تنوعت تصاميم العملة السودانية على مدى تاريخها، ومن أبرزها أن حملت فئة الجنيه الواحد خريطة السودان ومبنى ونسراً محلقاً، أما على الوجه الخلفي، فهي تحوي صورة لنسرين، كما حملت فئة جنيهين صورة مجموعة من الآلات الموسيقية المختلفة، وعلى ظهرها صورة مجموعة من الأواني الفخارية. وفئة 20 جنيهاً سودانياً احتوت على صورة لعدد من السواقي وآلة لحفر آبار النفط وثلاثة أهرامات. وفئة 50 جنيهاً جاءت بصورة للأبقار والزراف والجمال وأشجار وأعشاب. وأهم مواصفات فئة 100 جنيه هي أنها حوت صور أهرامات البجراوية، وعلى الوجه الخلفي صورة سدود مروي وأعالي عطبرة وستيت.

عملة أكسوم

كانت مملكة أكسوم أول مملكة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى سكت عملة خاصة بها، وهيمنت على التجارة في منطقة القرن الأفريقي وعبر البحر الأحمر على مدار قرون من الزمن. قال الكاتب يوري كوبيسكانوف عن نظام أكسوم الاقتصادي في كتاب "تاريخ أفريقيا العام"، أنها "تدل على الدور الذي لعبته أكسوم في التجارة الدولية العملة الذهبية والفضية والنحاسية التي كانت تضرب فيها لذلك الغرض. وكانت أكسوم أول دولة أفريقية مدارية تقوم بضرب عملة خاصة بها، إذ لم تكن توجد أي عملة في أي دولة من الدول التابعة لها، بما فيها حمير وعلوة".

وأضاف "ضرب العملة، خصوصاً الذهبية منها، كان يعد نشاطاً تجارياً بل سياسياً كذلك، يعلن للعالم كله استقلال ورفاهية أكسوم، وأسماء ملوكها وشعارات حكمهم. وكان أول ملك أكسومي روج عملته الخاصة به وبدأ التداول بها هو انديبيس في النصف الثاني من القرن الثالث قبل الميلاد. وكان النظام النقدي الأكسومي شبيهاً بنظيره البيزنطي من حيث الوزن والقاعدة النقدية والشكل".

البر من الحبشي إلى الإثيوبي

خلال القرنين 18  و19 الميلاديين، استخدم تالر ماريا تيريزا وكتلاً من الملح كعملة لإثيوبيا تسمى (أمولي)، واعتمد عملة رسمية في 1855، على رغم استخدام الروبية الهندية والدولار المكسيكي أيضاً في التجارة الخارجية.

وأصبح البر العملة الرئيسة للحبشة في فبراير (شباط) 1893 وأنتج 200 ألف ورقة نقدية في 1894 في دار سك النقود في باريس لصالح الإمبراطور منليك الثاني. وتأسس بنك الحبشة عام 1905 على يد الإمبراطور منليك والمجموعة المصرفية الأوروبية.

وفي 1931، طلب إمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي بعد تسلمه الحكم بعام واحد، من المجتمع الدولي استخدام اسم إثيوبيا بدلاً من الحبشة، وهكذا تغير البر الحبشي إلى الإثيوبي. واشترى الإمبراطور هيلا سيلاسي بنك الحبشة مقابل 235 ألف جنيه استرليني وسماه بنك إثيوبيا.

بعد الاحتلال الإيطالي في 15 يوليو (تموز) 1936 أصبحت الليرة الإيطالية العملة الرسمية وسحبت الأوراق النقدية الإثيوبية. وخلال حملة شرق أفريقيا عام 1941، أصبح شلن شرق أفريقيا العملة الرسمية الوحيدة وظل كذلك حتى أعيد استخدام البر في 1945.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد تحرير إثيوبيا من الغزو الإيطالي وفق معاهدة السلام عام 1947، توصل الإمبراطور هيلا سيلاسي إلى مرسوم جديد فرض فيه على الشعب استخدام الأوراق النقدية الإثيوبية الجديدة مع ميزة الإمبراطور على بعض الفئات. واستمر تداولها حتى 1976م مع تغييرات طفيفة في ميزتها.

وبعد إبعاد هيلاسيلاسي بواسطة مجموعة من العسكريين بقيادة منغستو هيلاماريام عام 1974، غير نظام الدرك الأوراق النقدية لتعكس الأيديولوجية السياسية الاشتراكية، وظلت قيد الاستخدام حتى 1997على رغم إزالة النظام من السلطة في 1991.

وأخيراً، جاء الإصدار الخامس للعملة الإثيوبية بتغييرات هي الأولى منذ أكثر من عقدين، وأعلنت حكومة آبي أحمد أن الأوراق الجديدة تهدف إلى الحد من التلاعب بالعملة، وتعكس السمات الطبيعية والتاريخية للبلد إلى جانب توقع الاستراتيجيات المستقبلية مثل التصنيع والزراعة الحديثة.

رموز العملة الإثيوبية

وعن الرموز التي كانت تحملها العملات الإثيوبية القديمة أورد كوبيسكانوف، أن "العملة التي تنتمي إلى الملوك الأوائل إنديبيس وأفيلاس وأوساناس الأول وأوزيبا وعيزانا كانت تحمل قرصاً أو هلالاً. وكل النقود التي ضربت بعد اعتناق عيزانا المسيحية تحمل علامة الصليب. وفي بعض الأحوال، تحيط سنبلتان من القمح بصورة الملك، أو كوزان من الذرة، كما في عملة أفيلاس وعيزانا وربما كانت سنابل القمح رمزاً لقوة تضمن خصب الأرض".

وأورد بعض النقوش باللغة الإغريقية أو الإثيوبية في تلك العملات، وهي "بفضل الله"، و"الصحة والسعادة للشعب"، و"السلام للشعب"، و"سوف ينتصر بإذن المسيح". ويكتب اسم الملك مصحوباً بلقب "ملك الأكسوميين"، أو "ملك أكسوم". ولا تحمل النقود تاريخاً، ولكن يرجع أقدم أنماطها إلى الذي سك في عهد إنديبيس إلى ما قبل القرن الثالث وأحدثها، وهو ما يحمل اسم "هاتازا"، يرجع إلى القرن الثامن.

وجمعت العملات الإثيوبية الحديثة بين رموز مأخوذة من الطبيعة وموارد الدولة المختلفة من حقول ومحصول البن وغيرها، وأخرى ذات إشارات اقتصادية وتنموية.

فرنك المستعمرات

ازدهرت في مملكة غانا التي كانت تشمل جزءاً من موريتانيا أيضاً، تجارة القوافل خلال القرون الوسطى ثم الفتوحات الإسلامية والهجرات العربية والبربرية إلى بلاد السودان الغربي.

بعد تأسيس دولة المرابطين في الفترة من 1056 إلى 1147م سُك الدينار المرابطي وانتشر لسيطرتها على مناجم الذهب. وبعد إعلان إقليم موريتانيا مستعمرة فرنسية عام 1920 شاع استعمال الفرنك غرب أفريقي المعروف باسم "الكيت"، حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وتوقيع فرنسا اتفاقية النقد الدولية ثم أصدرت مرسوماً ينشئ نظام صرف مشتركاً "فرنك المستعمرات الأفريقية الفرنسية".

بعد استقلال موريتانيا عام 1960، أنشئ البنك المركزي لدول غرب أفريقيا وتحول الفرنك غرب أفريقي إلى "فرنك المجموعة المالية الأفريقية الفرنسية". وظلت موريتانيا تتعامل بالفرنك غرب أفريقي إلى أن قرر الرئيس المختار ولد داداه إصدار العملة الوطنية الموريتانية (الأوقية) عام 1973 من طريق البنك المركزي الموريتاني، الذي أصدر الأوقية الموريتانية والفئات الأصغر منها "الخوم" ضمن دار سك العملة في سلوفاكيا لتحل محل الفرنك الفرنسي.

تحديث واسع

يرى الباحث سيدي أحمد ولد الأمير، "قبل وخلال سيطرة المستعمر الفرنسي على موريتانيا، ظلت بعض العملات الأوروبية متداولة وهي (الكوبرايه) وترمز إلى النحاس، وهنالك قطعة إسبانية تسمى (بكني) من الألمنيوم وهي مثقوبة من الداخل. وهناك (السفايه) أي الفلس. وكذلك (الففتن) ومعناه 15، وهناك (ترانصو)، وهو ربع الفرنك، ويطلق أيضاً على قالب السكر الذي كان يباع بمبلغ ترانصو".

ويضيف ولد الأمير "إلى جانب العملات المعدنية والورقية كان قماش النيلة الأسود أو ما بات يعرف بالبيصة عملة من نوع خاص. وهي وحدة القماش تقوم بها البضائع، وتسعر بها الماشية، وتدفع بها الديات والغرامات".

وقد حصلت عديد من التغييرات في مواصفات النقود المعدنية، ففي ديسمبر (كانون الأول) من 2017 أعيد إصدار النقود المعدنية الموريتانية، وكان التحديث الذي أجري عام 2018 هو الأكبر في تاريخها. لقد تم بموجب التعديل الأخير تغيير قاعدة العملة الوطنية، وتغير بموجب هذا الإصدار شكل الأوراق النقدية، كما تم استحداث فئات جديدة وتم تقديم أوقية موريتانية جديدة تعادل 10 أضعاف الأوقية القديمة.

وبعد إنشاء الاتحاد النقدي الأوروبي انتقل ربط فرنك سيفا من الفرنك الفرنسي إلى اليورو. وقد وافقت فرنسا، أخيراً، على تقليص الإشراف التاريخي على فرنك سيفا، وإصدار العملة الأفريقية "إيكو" التي كانت مقرراً صدورها عام 2020، وتأخرت بسبب جائحة كورونا وعوامل أخرى إلى عام 2027.

رموز العملة الموريتانية

تتكون رموز الفئات النقدية الموريتانية من صور من البيئة المحلية، فمثلاً الورقة فئة 20 أوقية، يظهر الوجه الأول للعملة مسجد جاتاغا الكبير وعلى الوجه الآخر يظهر هيكل ريشات، أما فئة 50 من الأوقية يظهر على الوجه الأول لها مسجد ابن عباس بنواكشوط وعلى الوجه الآخر تظهر آلات موسيقية وأبريق شاي.

كما يظهر على ورقة 100 أوقية موريتانية صورة برج، وعلى الوجه الثاني تظهر ماشية. أما الورقة النقدية 500 أوقية فيظهر صورة برج، أما الوجه الآخر فيوضح سفينة صيد الأسماك. وتتكون العملات المعدنية من نقوش متنوعة تحمل إحداها نقش الأسماك، وأخرى الإبريق المغربي، وأخرى تحمل نقش آلة القناوة الوترية.

أما فئة ألفي أوقية فتأتي باللون الأصفر الذهبي لتدل على الصحراء مع بعض الرسوم المستوحاة من الطبيعة. وفئة خمسة آلاف أوقية، تأتي باللون الأزرق لترمز إلى المحيط وتحمل رسم سفينة تبحر.

تدابير اقتصادية

 كغيرها من دول البحر الأبيض المتوسط، تداولت ليبيا عملات رومانية وبيزنطية مسكوكة من النحاس والبرونز بعد فتوحات الإسكندر الأكبر، وكانت تحمل صور الصليب المسيحي إضافة إلى صور بعض الأباطرة البيزنطيين.

بعد الفتح الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب، بدأت ليبيا في تداول العملة الإسلامية مثل الدينار والدرهم. وعندما كانت جزءاً من الأراضي التي تحتلها الإمبراطورية العثمانية منتصف القرن 16 كانت تستخدم القرش العثماني (الجنيه التركي الذهب)، وكان يتم تداوله مع بعض العملات الأجنبية الأخرى مثل الفرنك الفرنسي والجنيه النمسوي والليرة الإيطالية والدراخما اليونانية.

شهدت ليبيا أول نظام مصرفي في حقبة الاستعمار الإيطالي بوجود أربعة مصارف كانت تعمل تحت نظام مصرف إيطاليا المركزي. وكانت هناك أقاليم خاضعة للحكم البريطاني وأخرى لنظيره الفرنسي، لذلك كان النشاط الاقتصادي مختلفاً والعملات أيضاً التي تغيرت كثيراً تبعاً للتغييرات السياسية. وعند نيل ليبيا استقلالها عام 1949 اعترفت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتخذت آنذاك تدابير اقتصادية لتحقيق السيادة الاقتصادية.

 وأول عملة وطنية سكت في "دار السك الملكية" من النيكل والبرونز عام 1952، وبدأ تداولها وانتهى العمل بالعملات القديمة. وبعد انتهاء الملكية الليبية عام 1969 بتسلم معمر القذافي الحكم أصدر قانوناً في عام 1971، الذي نص على تغيير اسم بنك ليبيا إلى "بنك ليبيا المركزي". بعد ذلك تم تغيير اسم العملة من الجنيه الليبي إلى الدينار الليبي، ومثلت العملة الرسمية والوطنية للجمهورية الليبية.

اختلالات مالية

تقول الباحثة الاقتصادية هدى عيسى الغول "شهدت فترة النقد المتداول منذ تولي القذافي الحكم وحتى سقوطه إثر انتفاضات الربيع العربي، تغيير ملكية المصارف وتأميمها، أما مرحلة ما بعد حكم القذافي فقد تم تغيير جميع فئات العملة في 2012 خصوصاً تلك التي تحتوي على صوره ليكون هذا الإصدار الثامن للعملة الليبية، وحذف الاسم المعروف (الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى) من العملة، وأصبحت العملة الجديدة من الوجه الخلفي باللغة الإنجليزية بدلاً من العربية".

تضيف الغول "تعرض الاقتصاد الليبي لاختلالات مالية بسبب الحرب التي أدت إلى تدهور سعر الدينار الليبي وضعفها مقابل الدولار، ولم يستطع المصرف المركزي تخطي هذه الأزمة ولم يفلح غطاء العملة في مساعدتها على تجاوز المطبات الاقتصادية لانخفاض النقد الأجنبي في المصارف الليبية الناجم عن الفوضى السياسية والأمنية والإرباك الاقتصادي وضعف المستوى الأدائي في مؤسسات اتخاذ القرار بالبلاد.

رموز العملة الليبية

من أبرز رموز العملة الليبية فئة الدينار الواحد وتتميز بلونها الأزرق، كذلك تحمل العملة صورة مبنى البنك المركزي الليبي من الوجه الأمامي، كما يظهر في الوجه الخلفي قوس الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس الذي حكم ليبيا في الفترة الرومانية.

أما فئة خمسة دينارات، فيظهر في وجهها الأمامي صورة برج الساعة العثماني الموجود في طرابلس، وفي الوجه الخلفي صورة لأطلال معبد زيوس الأثرية. وتحوي فئة 10 دينارات صورة لعمر المختار في الوجه الأمامي، ومن الخلف صورة لعمر المختار مع بعض المقاتلين على ظهور الخيل. أما فئة 50 ديناراً، فتحتوي من الوجه الأمامي على صورة منارة بنغازي، ويظهر في الخلف صورة القوس الصخري في جبال أكاكوس التي تقع جنوب غربي ليبيا وضمن الصحراء الكبرى.

بين الديناريوس والدينار

كانت العملة النقدية المستخدمة في الجزائر خلال الفترة البونية بين عام 195 قبل الميلاد و400 قبل الميلاد تحمل أشكالاً نباتية وحيوانية، ومعبودات آدمية. وخلالها دخل الدينار الروماني، الذي سكه قبل 260 عاماً قبل الميلاد، هو عملة التداول في الجزائر منذ أن عرفت التعاملات المالية. وكان يطلق عليه اسم الديناروس. أما الدينار العربي فقد ظهر بعد الفتوحات الإسلامية عام677م، حينما عرب الخليفة عبدالملك بن مروان أثناء فترة حكمه اسم ديناريوس إلى دينار، ومن هنا أصبحت عملة الجزائر تسمى ديناراً.

جاء في موقع "الشروق" الإخباري الجزائري "تعاقبت على الجزائر قطع نقدية عدة، من القواقع والأحجار الكريمة، إلى العملات الفينيقية والبيزنطية والنوميدية، إلى القرش العثماني والفرنك الفرنسي. وكانت الحقبة البونيقية من أكثر الحقب رخاء بفضل المبادلات التجارية مع قرطاج الغنية. وظهرت النقود البونيقية الأولى خلال القرن الرابع قبل الميلاد بوجوه ملوك وأباطرة أمازيغ، مثل يوبا وماسينيسا. وبعد سقوط قرطاج عام 146 قبل الميلاد صارت الجزائر رومانية، وهي آخر دولة تعاملت بالدينار الروماني".

ويسرد الموقع "في القرن الثالث الميلادي، أعاد النوميديون سك العملة المحلية بوجوه الأباطرة المحليين، ووجوه آلهة بونيقية فينيقية، مثل آمون بعل، لكن البيزنطيين أضافوا بعض الرموز المسيحية. وعند مقدم المسلمين إلى بلاد المغرب العربي، سكوا نقوداً مزدوجة، نصفها عربي ونصفها الثاني لاتيني، كي يتسنى للناس التأقلم مع التغير الاقتصادي".

ومرت حقب كثيرة منها العهد العباسي، وفترة الموحدين، ثم دولة الأمير عبدالقادر، والحكم العثماني وشهدت العملة الجزائرية تغييرات بحسب توجه كل منها، إلى فترة الاحتلال. ذكر موقع "الشروق" أنه "في فترة الاحتلال تم تداول عدد كبير من عملات الأقطار العثمانية المشرقية، وعملات إيطاليا والنمسا والبرتغال وفرنسا منها الدبلون والدوكة والكورونة، والدورو والريال الإسبانيين، وعملات تونسية، منها الدرهم الناصري والريال الفضي وعملات مغربية، منها البندقي العشراوي والمثقال والموزونة والدرهم".

استبدال الفرنسية

بعد استقلال الجزائر عام 1962 بدأ تداول الدينار الجزائري بدلاً من الفرنك الفرنسي عام 1964، مع استمرار دولة الجزائر عضواً في منطقة الفرنك الفرنسي. وحدثت تغييرات كثيرة في العملة الجزائرية بعد ذلك.

في 2021 أعلن بنك الجزائر المركزي شكل عملته المعدنية الجديدة من فئة 100 دينار جزائري وهي تحمل صورة المناضل علي لابوانت من ضمن الذين سقطوا خلال الكفاح ضد المستعمر الفرنسي عام 1957.

وفي 2022 بدأ تداول الورقة النقدية الجديدة من فئة ألفي دينار جزائري التي أصدرها بنك الجزائر المركزي بمناسبة الذكرى 68 لاندلاع ثورة التحرير، واحتضان الجزائر للقمة العربية الـ31.

لعل من أبرز التغييرات استخدام اللغة الإنجليزية بدلاً عن الفرنسية في العملة الجزائرية للمرة الأولى على الأوراق النقدية. واحتوت الورقة الجديدة صورة للأمير عبدالقادر وشعار قمة جامعة الدول العربية وخريطة العالم العربي، إضافة إلى آثار ومواقع طبيعية جزائرية.

رموز العملة الجزائرية

 من أبرز التغييرات التي أجرتها الحكومة الجزائرية على عملتها استبدال الحيوانات بصور الثورة الجزائرية، فأصبحت الفئات الجديدة تحمل صورة للمناضلين التاريخيين الذين فجروا ثورة نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1954 وهم محمد بوضياف، والعربي بن مهيدي، ومصطفى بن بولعيد، وكريم بلقاسم، وديدوش مراد، ورابح بيطاط.

وكانت العملات السابقة التي سكت في العقود السابقة تحمل صوراً للجمل والفيل والغزال والأسد والحصان. وبدلاً عن ذلك احتوت فئات العملات على صور سياحية، منها الصحراء الجزائرية، وسلسلة جبال هقار، بممرات صخرية متميزة ورسومات ونقوش أثرية قيل إنها تعود للعصر الحجري.

 نظامان نقديان

يرجع المؤرخون أن تكون أول النقود التي أدخلت إلى المغرب القديم أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، حيث أنشئت مراكز تجارية على سواحل المحيط الأطلسي والبحر المتوسط شمال أفريقيا، وعندما ضيق الإغريق على أهل قرطاج توجهوا غرباً إلى المغرب وأقاموا بها مراكز تجارية لتبادل المنتجات والنقود مع السكان المحليين، إضافة إلى البحث عن المعادن النفيسة كالذهب والفضة والنحاس.

وبهذه الطريقة، دخلت القطع الفينيقية الأولى أرض المغرب القديم، كما سك الملوك الأمازيغ النقود في المملكة المورية، ثم جاء الرومان ليفرضوا نظامهم النقدي.

في أواسط القرن الأول الميلادي، تبنى المغرب الأوريوس الذهبي، أسوة بباقي أقاليم الإمبراطورية الرومانية. وقام الملك الأمازيغي جوبا الثاني الذي عاش في الفترة من عام 25 قبل الميلاد إلى 23 ميلادية بسك النقود الوطنية الخاصة به، في دار السكة المنشأة في مدينة ليكسوس، بعضها من الذهب، يحمل صورة الملك جوبا الثاني، والآخر من النحاس من دون علامة، تسمى "دونيي" تستعمل في التجارة وأداء المشتريات اليومية.

وأهم ما ميز تلك الفترة، بحسب ما أورده المؤرخون، أنه "منذ القرن الخامس الميلادي وإبان تراجع روما، أصبحت جميع مقاطعات حوض البحر الأبيض المتوسط تخضع لنظامين نقديين، أحدهما موروث عن الإمبراطورية الرومانية الغربية، والأخير ينتمي إلى القوة الصاعدة في الشرق وهي إمبراطورية بيزنطة. ولم يعد آنذاك من النادر رؤية الدرهم البيزنطي يدخل ميدان التداول النقدي، وهو الجد الإيتيمولوجي للدرهم وسليل عملة إغريقية أكثر قدماً".

وعندما فتح الأمويون المغرب ابتداء من النصف الثاني من القرن السابع الميلادي، أصبحت خاضعة للنظام النقدي السائد في بغداد. وبعد ثورة الخوارج التي اندلعت في طنجة عام 739م، وتأسيس إمارة الأدارسة، قامت السلطة الجديدة بسك نقود خاصة بالمغرب. وفي مدينة فاس، العاصمة الجديدة التي أسسها إدريس الثاني (803 – 828م)، أصدر الدرهم المغربي ونقش عليه اسم العاهلين إدريس الأول والثاني، واسم "مدينة فاس".

عند تأسيس دولة المرابطين (1040-1147م) تغير النظام النقدي المغربي، حيث عاد الدينار الذهبي بقوة بديلاً عن الدرهم. وإثر وصول الموحدين إلى الحكم في المغرب عام 1120م، استعملوا النظام النقدي الموروث عن أسلافهم دعمه تدفق الذهب من "بلاد السودان" مما أسهم في ارتفاع قيمة الدينار الذهبي. وتحت حكم العلويين إبان حكم السلطان محمد الثالث (1757 – 1790) بقي الدرهم متداولاً في المعاملات التجارية إلى حين دخول الاستعمار الفرنسي بالفرنك.

سلسلة البرونز

قال الكاتب المغربي عبدالحق ديالي "سك الصنف الأول من الريال المغربي عام 1881 في عهد السلطان الحسن الأول بنقود فرعية تبلغ نصف الريال وربعه وعشره ونصف عشره، والدرهم الحسني كان يساوي العُشر الواحد من الريال. وقد كان القصد من رفع وزن الريال المغربي بالنسبة إلى الريال الإسباني الفضي هو أن ينافسه بسهولة، وأن تستعيد العملة المغربية ما كان لها من ثقل ونفوذ بين العملات الأجنبية، لكن الوضع السياسي المتردي في المغرب جعل الريال الأجنبي يتفوق على العملة الوطنية فكثرت المضاربات وبيع الريال المغربي بأبخس الأثمان ليذوب ويسك من جديد في إسبانيا قبل أن يعود إلى المغرب وقد خفف وزنه ببضعة من الغرامات".

ثم جاءت مرحلة تاريخ قطع نقدية تالية لتلك الفترة تم سكها في مدينة فاس بالمغرب أرجعها متحف بنك المغرب إلى عام 1889. وقال إنها تمت تحت حكم السلطان الحسن الأول، حيث أصدرت "ماكينة فأس"، سلسلة من العملات البرونزية التي تحمل على الوجه عبارة "ضرب بفأس".

وبحسب المصادر التاريخية، فإنه خلال 1920 وضعت سلطة الحماية الفرنك المغربي الذي ساد حتى الاستقلال في 1956 لإقرار الدرهم المغربي في صيغته النهائية كعملة رسمية للمملكة المغربية. وكشف متحف بنك المغرب عن تاريخ الأوراق البنكية بدءاً من عهد الملك محمد الخامس مروراً بفترة حكم الملك الحسن الثاني، ثم آخر الإصدارات لفترة حكم الملك محمد السادس. وبحسب المتحف، فإن بنك المغرب الذي أنشئ عام 1959 "طرح أولى الأوراق البنكية من فئة الدرهم للتداول عام 1960 لتعويض الأوراق البنكية المعاد طباعتها، التي تم إصدارها خلال الفترة الانتقالية بين الفرنك والدرهم".

وأضاف "في عام 1965 أصدر البنك المركزي للمرة الأولى ورقة بنكية من فئة 50 درهماً تمت طباعتها من طرف بنك فرنسا، تحمل على الوجه صورة الحسن الثاني ومنظراً لقصبة الوداية. وبدأ بنك المغرب اعتباراً من 1987 الإنتاج المحلي للأوراق البنكية في مقر دار السكة التي أسست في العام نفسه، حيث تم طرح سلسلة جديدة منها للتداول من فئات 10 و50 و100 درهم تحمل على الوجه صورة الحسن الثاني مصحوبة بمنظر لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء".

رموز العملة المغربية

من أهم الرموز التي ميزت العملة المغربية أنه حين تم إصدار الفئة خمسة دراهم وطرحها للتداول عام 1970، حمل وجه الورقة صورة الملك محمد الثاني والوجه الخلفي لها معمل شمندر، أما الفئة 10 دراهم فطرح الإصدار الأول لها عام 1987، وحمل الوجه الأول لها صورة الحسن الثاني وجامع القرويين بمدينة فاس، والوجه الأخير صورة العود المغربي بعلامة مائية للملك محمد الثاني.

وفئة 20 درهماً صدرت عام 1996، وحملت صورة الحسن الثاني ومسجد الحسن الثاني، والسقاية الجدارية للمسجد، والوجه الأخير صورة قصبة الوداية، وفي 2012 عدلت ليكون بالوجه الأمامي صورة الملك محمد السادس وشعار المملكة والتاج الملكي، وبالوجه الخلفي مسجد الحسن الثاني وجسر الحسن الثاني الجديد. أما فئة 200 درهم، فعدلت أكثر من مرة، حمل إصدارها عام 2012، في الوجه الأمامي صورة محمد السادس وشعار المملكة والتاج الملكي، وفي الوجه الخلفي ميناء طنجة المتوسط منارة كاب سبارتيل.

تعاقب الأنظمة

عندما خضعت تونس في 1881 للحكم الفرنسي، أصدرت الفرنك التونسي في 1891 المساوي للفرنك الفرنسي ويساوي 100 سانتيم. وبعد حصولها على استقلالها عام 1951 اعتمد الدينار التونسي عملة رسمية في 1958، يصدره البنك المركزي التونسي ليكون بديلاً للفرنك التونسي. تطور الدينار التونسي عبر مراحل عدة حتى تم اعتماده عملة رسمية للجمهورية التونسية، حيث اشتق اسم الدينار من كلمة ديناروس اللاتينية، ومعناها العملة الذهبية ذات الأصول الرومانية، إذ كان مساوياً في قيمته للعملة البيزنطية التي عرفها العرب قبل الإسلام.

 يقول الباحث التونسي محمد رامي عبدالمولى "منذ 173 عاماً وإلى الآن، تغيرت العملة التونسية كثيراً، اسمها وشكلها وقيمتها، إذ أصدرت عشرات العملات المعدنية والأوراق النقدية، بتعاقب الأنظمة السياسية وتطور الأنماط الاقتصادية، وبعض هذا التاريخ منقوش على وجه وظهر العملات".

وأكد الباحث أن "أول عملة ورقية أصدرت من دار المال في تونس عام 1847 بأمر من حاكم البلاد المشير أحمد باي وبموافقة السلطان العثماني عبدالمجيد الأول، فتونس كانت وقتها إيالة عثمانية وحكامها العائلة الحسينية، يتمتعون باستقلالية شبه كاملة عن (الباب العالي). وكانت الورقة من فئة 50 ريالاً تونسياً بسيطة التصميم ولا تشبه كثيراً العملات الورقية الحالية، وتحوي فقط القيمة المالية و(الأمر العالي) والتاريخ وختم الباي واسمه".

وما يجدر ذكره أن "دار المال" لم تعمر طويلاً ولم تصدر عملات ورقية أخرى، نسبة لإفلاسها وإغلاقها عام 1852. ومهدت الأزمة الاقتصادية وقتها لفرض الحماية الفرنسية في تونس بموجب معاهدة باردو في 12 مايو (أيار) 1881، وتغيرت تبعاً لها الهيكلة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

كما تغيرت العملة من الريال إلى الفرنك التونسي، وكانت العملات المعدنية الفضية والذهبية تسك في فرنسا، وتحمل على الوجه نقوشاً بالأحرف اللاتينية مع عبارة "نظام الحماية الفرنسي" وتاريخ الإصدار بالتقويم الميلادي والأرقام العربية-المغربية، وعلى الجهة الأخرى اسم باي تونس وصفته وتاريخ الإصدار بالتقويم الهجري والأرقام العربية-المشرقية (الهندية). أما الأوراق النقدية فكان يصدرها بنك الجزائر المرتبط بالبنك المركزي الفرنسي.

مؤسسة سيادية

عام 1904 تغيرت العملة بإضافة اسم "تونس" باللغة الفرنسية، من دون الإشارة إلى البايات والسلطات المحلية. مع الإبقاء على بعض الفئات بالتصميم القديم في 1915 لمقابلة النقص في الأوراق النقدية نتيجة للحرب العالمية الأولى. وفي 1949 تغير اسم "بنك الجزائر" إلى "اسم بنك الجزائر وتونس".

وبعد استقلال تونس في 1956، ألغى المجلس القومي التأسيسي النظام الملكي وأعلن الجمهورية التونسية، فبنت مؤسسة مالية سيادية وعملة وطنية جديدة، وأسس "البنك المركزي التونسي" عام 1958 وألغي الفرنك التونسي واستبدل بالدينار التونسي، ثم أصدرت ثلاث أوراق نقدية، هي نصف دينار، دينار واحد وخمسة دنانير. وتتالت الإصدارات النقدية خلال العقود اللاحقة.

بعد انتفاضة "الربيع العربي" عام 2011 وبداية "المسار الديمقراطي الانتقالي" في تونس، شرعت مؤسسات البلاد في التخلص تدريجاً مما يرمز إلى النظام السابق، فتم تغيير الأوراق النقدية، بالتركيز على شخصيات وطنية وتاريخية. وكرمت تونس أول طبيبة رائدة في البلاد توحدة بن الشيخ، إذ وضعت صورتها على الفئة النقدية الورقية 10 دنانير تونسية.

رموز العملة التونسية

ميزت العملة التونسية خلال عقد الستينيات صور الفئة النقدية وتحمل في الوجه الأمامي أدوات الفلاحة وأشجار الزيتون والنخيل والحمضيات، وفي ظهرها صور للمشاريع الصناعية، ما يعني بداية مرحلة جديدة من مراحل التنمية، بعد أن كانت قبلها قد هيمنت الآثار والمعالم الرومانية والقرطاجية على الإصدارات المختلفة.

وفي فترة الثمانينيات والتسعينيات وضع على الوجه الأمامي للعملة صور شخصيات تاريخية مثل حنبعل على فئة خمسة دنانير، وعبدالرحمن بن خلدون وعليسة على فئة 10 دنانير، وخير الدين الباشا في فئة 20 ديناراً، وأبو القاسم الشابي وابن رشيق القيرواني في فئة 50 ديناراً. وعلى الوجه الخلفي عبارات مثل "المصالحة الوطنية" و"دولة القانون" و"تونس فوق كل اعتبار".

المزيد من تحقيقات ومطولات