Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سديم الوهم... هل يتلاعب علماء الفلك بعقول الناس؟

دراسات تتجاهل تطورات كبرى بمشاريع الفضاء وأخرى تصب في مصلحة الأعمال الربحية وليس العلم

المركبات الجوالة في الفضاء منذ عقود ترسل صوراً يختلف حولها العلماء ثم يثبت آخرون أنها نتيجة عوامل طبيعية (ويكي)

ملخص

ينظر مراقبون إلى دور علم الفلك حديثاً بشيء من الارتياب، فكثير من الأبحاث والدراسات أصبحت بحكم المشاريع المؤجلة أو الملغاة.

ينتج من بعض الأبحاث والدراسات والتجارب الغريبة إنجازات كبيرة أحياناً، لكن كثيراً من الأبحاث المتعلقة بموضوع الفضاء حديثاً تذهب بعيداً من سياقها الطبيعي، خصوصاً تلك التي تتجاهل أحداثاً مفصلية يمكن وصفها بالتاريخية ومنها مشروع غزو الفضاء الذي أعلنت "ناسا" التنازل عنه أخيراً بسبب تقليص ميزانيتها، إضافة إلى ظهور مؤلفات معتمدة تحدثت عن تحول معظم وكالات الفضاء العالمية وأهمها الأوروبية والآسيوية والروسية، نحو مشاريع وطنية مثل تسليح الفضاء الخارجي ابتداء من 2015.

تتجاهل أبحاث كثيرة هذين الحدثين الكفيلان بتغيير بوصلة اهتمام البشرية بالفضاء، والتي تجلت من خلال استثمار أموال طائلة لعقود سابقة من الزمن في أحلام من نوع استعمار الفضاء الخارجي. على رغم ذلك أعلن فريق علماء من جامعة "مانشستر" قبل أيام قليلة عن اختراع "طوب فضائي" مكون من البطاطس والبصاق والدموع والدماء، واصفينه بالحل المثالي لمشكلة نقل المواد الثقيلة إلى المريخ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الباحث الرئيس في هذا المشروع آليد روبرتس "كنا نطور حرير العنكبوت الاصطناعي كغراء ووجدنا بالصدفة أن بروتيناً في الدم يعمل بشكل أفضل"، مضيفاً "يحتوي البصاق على إنزيم نشط يحول نشا البطاطس إلى غراء أفضل"، مؤكداً أنه يمكن استخدام خلطته المسماة "ستار كريت" على الأرض مستقبلاً كبديل أخضر ومستدام للخرسانة العادية.

لكن الأمر وفق روبرتس يحتاج بعض الوقت، "قبل أن نصل إلى منازل البطاطا"، وأعلن الفريق أن "25 كيلوغرام بطاطا ستنتج 213 طوبة، فيما يحتاج بناء منزل عادي على الكوكب الأحمر 7500 طوبة".

تهويل متعمد

ينظر كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الأخبارية على الإنترنت إلى ما ينشر أخيراً من أخبار كثيرة متعلقة بأبحاث قديمة ومشاريع مؤجلة أو ملغاة حول الفضاء الخارجي على أنه تهويل متعمد من بعض علماء الفلك والباحثين الذين يعيدون أحياناً نشر أو إعادة تحليل مواضيع قديمة من زاوية نظر أخرى تبدو في كثير من الأحيان مستهجنة وغير مفهومة لكثير من الناس العاديين والبسطاء، وتنشر بهدف الإثارة أو تحقيق الربح المادي لا أكثر أو كونها نقلاً غير دقيق للحدث من قبل بعض وسائل الإعلام.

قال أحد المعلقين على خبر نشره موقع أخباري عربي مترجم قبل أيام يتعلق بـ"صور مختلفة التقطتها مركبة في المريخ لأشياء ليست من صنع البشر"، إن "أكثرنا لا يفهم ما يقرأ"، فيما علق آخر بالقول "الخبر يقول شيئاً غير ما يصرح به الباحثون"، مخاطباً كاتب الخبر "هل يوجد على المريخ شيء بشري حتى تقول إنهم وجدوا أشياء ليست من صنع البشر؟".

 

 

خرج البحث الذي نقل عنه الخبر من معاهد تابعة لوكالة الفضاء الأميركية، مما دفع الكاتب إلى التأكيد على أن الخبر هذه المرة ليس مفبركاً أو مشكوكاً فيه، ليصنفه الموقع وكاتب الخبر على أنه من ضمن الأخبار "الموثوقة" التي تعد فوق مستوى الشبهات، إذ شارك فيه علماء فلك معتبرون منهم المؤلف الأول للبحث ريتشارد أرمسترونغ، المحاضر في علم الصحة والحياة في الفضاء بجامعة أستون في برمنغهام، وعالمة الأحياء الفلكية نتاليا كابرول، التي تعمل في مركز أبحاث "ناسا" (إيمز ريسيرش سنتر) وفي معهد "سيتي"، لكن المشكلة تكمن في أن العالمين تحدثا بثقة كبيرة عن بحث في صور لم يحدد موعد التقاطها، ولا فترة إجراء البحوث عليها، مما دفع المتفاعلين إلى الاعتقاد بأنها أخبار وأبحاث عن صور قديمة، خصوصاً مع الإشارة الواضحة إلى أن المركبة التي التقطتها وهي "كيوريستي" مركبة جوالة في الفضاء منذ زمن بعيد وتحديداً منذ عام 2012.

بدورها قالت نتاليا إن الأمر بمثابة "أغرب ما شاهدته على الإطلاق من صور لصخور على المريخ طوال 20 عاماً من دراستي للكوكب الأحمر"، فيما أكد أرمسترونغ أنه "لا توجد طريقة لإثبات ما هي الأشياء التي تشبه المسامير والتي أثارت الجدل في الصور، لكن ميزان الأدلة يشير إلى ارتفاعات رملية ناتجة من نشاط زلزالي".

بعد ذلك ظهرت دراسة "حديثة" وفق موقع صحيفة "تلغراف" البريطانية حول الصور، نشرتها مجلة "جورنال أوف إستروبولوجي"، وأثبتت أن التكوينات هي مجرد أشواك رملية تشكلت بفعل عوامل النحت الطبيعية على الكوكب أو بفعل الرياح.

تلاعب خطر 

لا تعد هذه الحادثة التي تثير شبهة التلاعب الخطر من قبل بعض العلماء والباحثين الفلكيين بمشاعر وعواطف أناس عاديين يرتادون الـ"سوشيال ميديا" الأولى في هذا السياق، فأخيراً أعلن فريق بحثي من جامعة هارفارد الأميريكية بقيادة العالم آفي لوب عبر موقع إخباري شهير، أنهم وجدوا دليلاً مادياً يؤكد وجود حضارة فضائية عاقلة، وذلك عقب انتهاء بحث أجروه على نيزك "أي أم 1" الذي سقط عام 2014 في المحيط الهادئ، والمفارقة تكمن في أن هذا الإعلان عن البحث تأخر لما يقرب من عقد من الزمن وجاء من دون سياق، وبعد سنوات عدة من تأجيل مشروع غزو الفضاء، الذي كان أساساً لبدء مثل هذه الأبحاث، وقد أصبحت الآن بمثابة مشاريع مؤجلة ومن دون ميزانية حتى 2040 على أقل تقدير.

 

 

منذ نشأتها اقترنت مشاريع الفضاء بالذكاء الاصطناعي، لكن "ناسا" أكدت عدم مجاراة التقنية لحلم غزو الفضاء حيث تعد بطيئة مقارنة بما يتطلبه هذا الحلم، وهو سبب رئيس لإيقاف المشروع.

مع ذلك ما زالت نتائج الأبحاث التي انطلق بعضها قبل عشرات السنين أثناء ذروة النشاط الفضائي الأميركي تحديداً، وفي فترة ثقتنا المطلقة بالذكاء الاصطناعي، تلقى رواجاً لدى بعض وسائل الإعلام المهتمة بالإثارة على حساب الموضوعية والدقة، فكثير من تلك الأبحاث والدراسات أصبحت قديمة ومستهلكة.

أخيراً ونتيجة لذلك، خاض الذكاء الاصطناعي واحدة من أشرس معاركه، ووصل الأمر إلى مناقشة دول عظمى خطر هذا الذكاء علينا من خلال اجتماعات لمجلس الأمن، إذ وصل عدد من عرابي الذكاء الاصطناعي إلى قناعة شبه تامة بأن ذلك الذي سهل حياتنا كثيراً ليس جديراً بالرعاية أكثر من ذلك، بخاصة في ضوء عجزه عن تحقيق بعض أحلام الإنسانية.

منذ انطلاق حلم غزو الفضاء واستعمار الإنسان كواكب جديدة غير الأرض بذلت البشرية أموالاً طائلة قادت إلى تطوير المنظومة التقنية والفنية المتعلقة بهذا الحلم وعلى رأسها منظومة الطيران التجاري، إذ تحدثت مقالات نقدية عن استحواذ الطيران التجاري على إرث التقدم الذي حققه الإنسان ضمن سباق غزو الفضاء بعد التنازل عن الحلم وتحويل كثير من برامج ذلك المشروع إلى مشاريع ربحية بحتة عادت على رجال أعمال يملكون شركات طيران وفضاء بملايين الدولارات.

مع ذلك، يرى مراقبون أن تلك البرامج تصب حالياً في مصلحة المشاريع الربحية وليس العلم الذي كان في وقت سابق مسخراً لتحقيق الأحلام.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات