بشكل غير مباشر، تواصل "هواوي" التصعيد مقابل حرب التصريحات التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. حيث استغلت الشركة الصينية مؤتمرها السنوي للمطوّرين وأعلنت إطلاق نظام التشغيل الجديد القائم على تقنية النواة الصغريّة والمصمّم خصيصاً لتوفير تجربة مستخدم سلسة في جميع الأجهزة والسيناريوهات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الوقت الذي أعلن فيه ترمب إضافة "هواوي" إلى قائمة شركات محظورة أميركياً، ردت الشركة بأنها لن تتوقف على السوق الأميركية، وأنها ما وجدت ليقف أحد عائقاً أمام استمرارها، وأن المبيعات مستمرة بدعم فتح أسواق جديدة بخلاف الأسواق الأميركية والأوروبية.
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت شركة "هواوي" في القائمة السوداء للشركات التي تشكل تهديداً للأمن القومي في وقت سابق من هذا العام. فيما كشفت تقارير حديثة، أن الولايات المتحدة قررت تعليق القرار الخاص بمنح تراخيص للشركات الأميركية لكي تستأنف عملها مع "هواوي".
وعلى الرغم من أن الحظر الأميركي أضر "هواوي" فعلياً باعتراف مباشر من مسؤوليها، فإنه في الوقت نفسه أفادها كثيراً. فبخلاف توصلها لنظام تشغيل خاص بها بخلاف "أندرويد"، فإن الأزمة الصينية – الأميركية تحولت إلى حملة إعلامية ضخمة لم يكن يقدر لها النجاح لو كانت "هواوي" أعدت وخططت وأنفقت عليها مليارات الدولارات مثلما فعلت الأزمة القائمة مع الرئيس الأميركي.
في الوقت نفسه، يثير النظام الجديد الخاص بشركة "هواوي" والذي بدأت الحديث عنه في مايو (أيار) الماضي، العديد من التساؤلات، خصوصا أن شركات أخرى سبقت "هواوي" في ذلك لكنها فشلت مقابل الأنظمة الأميركية سواء "أندرويد" أو "IOS"، ليبقى السؤال قائماً: هل ستنجح "هواوي" في الاعتماد على نظامها الجديد والتخلي عن النظام الأميركي؟.
هل تصر "هواوي" على الوقوف في مواجهة ترمب؟
وفيما يشير إلى أن "هواوي" مصرة على استكمال التحدي الأميركي، فقد كشفت النقاب عن نظام تشغيل الهواتف الخاص بها "HarmonyOS" والذي يمكن أن تستخدمه لتشغيل أجهزته الذكية كبديل مناسب لنظام "أندرويد".
وفي مؤتمر مطوري الشركة في جنوب الصين، قالت "هواوي" إن النظام الجديد سوف يُستخدم لأول مرة في هاتف Honor الجديد. وقال الرئيس التنفيذي، ريتشارد يو، "إنه يمكن استخدام نظام التشغيل الجديد في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية، بما في ذلك الساعات الذكية".
وأوضح "أن أولوية الشركة الصينية هي الاستمرار في استخدام "أندرويد" عبر أجهزتها، على الرغم من أنه يمكن التحول بسهولة إلى نظام Harmony في أي وقت، إن لزم الأمر". ولفت إلى "أن البرنامج الجديد سيكون مفتوحاً، ما يعني أنه سيكون متاحا للآخرين لتثبيته كبرنامج تشغيل لأجهزتهم".
وذكر "أن (هواوي) ترغب في أن يكون نظام التشغيل عالميا، وليس حكرا على الشركة وحدها". ولفت إلى "أن شركته تقوم بتطوير البرنامج لأكثر من عامين، ولكن أهميته لم تصبح ملّحة إلا في وقت سابق من هذا العام".
بيانات إيجابية تعزز موقف "هواوي" مقابل الحظر الأميركي
في نهاية الشهر الماضي، أعلنت "هواوي" نتائج أعمالها التي ربما أشارت الأرقام الواردة بها إلى تأثير واضح للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. لكن في الوقت نفسه ربما تعد هذه البيانات تحدياً غير مباشر للرئيس الأميركي الذي يصر على ضرب التكنولوجيا الصينية وتقزيمها من خلال مواصلة الضغط على شركة "هواوي".
الأرقام التي أعلنتها "هواوي" تشير إلى أنها وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر مع واشنطن وترمب، فإن عائداتها نمت بنسبة 23.2% لتسجل نحو 401.3 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي. كما ارتفع هامش الربح السنوي خلال النصف الأول من العام 2019 بنسبة 8.7%.
وقامت هواوي بشحن 118 مليون وحدة من هواتفها الذكية (متضمنة هواتف محققة نسبة نمو في إجمالي مبيعاتها بلغت نحو 24% في معدل شحنات الهواتف الذكية القائمة على أساس سنوي".
الرئيس الأميركي يواصل الهجوم
وفي آخر تعليقاته على الأزمة مع الصين وشركة "هواوي"، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب "إن الولايات المتحدة غير مستعدة لعقد صفقة تجارية مع الصين"، وهي تصريحات تقوض آمال إنهاء النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأوضح أن "الولايات المتحدة تجري مباحثات مع الصين، لكنها ليست مستعدة لعقد صفقة، لكن لنرى ما سيحدث".
وأضاف "ستقطع علاقاتها مع شركة الاتصالات الصينية هواوي، لكن ذلك قد يتغير إذا كانت هناك صفقة تجارية مع الصين".
وتأتي تصريحات ترمب بعد أسبوع شهد المزيد من التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين حول العالم، حيث أوقفت الصين شراء المنتجات الزراعية من الولايات المتحدة رداً على اعتزام الرئيس الأميركي فرض تعريفات على باقي الواردات الصينية.
التداعيات السلبية ستظهر في نتائج أعمال 2019
وعلى الرغم من أن "هواوي" أعلنت أخيراً جميع تفاصيل النظام الجديد، فإن هناك الكثير من المشكلات والتحديات التي تنتظره وقد تؤدي إلى فشله مثلما ابتكرت شركة "نوكياً نظاماً خاصاً بها لكنه فشل بعد وقت قصير من إطلاقه.
أول هذه التحديات وفقاً لما ذكره الخبير في قطاع الاتصالات المهندس وائل العبد، "أن الشركات الأميركية سوف تبدأ الحرب على (هواوي) بخلاف الحرب التي يشنها الرئيس الأميركي، ومع الوضع في الاعتبار فشل الأنظمة التي طرحتها شركات أخرى فإن العملة محفوفة بالمخاطر".
وأشار لـ"اندبندنت عربية"، إلى "أن شركة (هواوي) ربما تسرعت في الإعلان عن التفاصيل الخاصة بالنظام الجديد، خصوصا أن الشركة نفسها اعترفت في أوقات سابقة بأنها لم تكن مستعدة لهذه الحرب مع الشركات الأميركية"، مضيفاً: "أعتقد أن الموضوع كان بحاجة لمزيد من الوقت حتى ترتب هواوي أوراقها وتدرس جيداً النظام الجديد الذي يطرح في الوقت الحالي تحت ضغط الهروب من العقوبات الأميركية".
ولفت إلى "أنه ومع بدء تشغيل هواتف (هواوي) وفق النظام الجديد، فإن الشركات الأميركية سوف توقف التعامل سواء مع "هواوي" أو مع حاملي هواتفها، وهو ما قد يدفع إلى تباطؤ مبيعاتها التي تراجعت بالفعل منذ بداية الحرب التجارية بين واشنطن وبكين".
وذكر "أن البيانات الأخيرة التي أعلنتها (هواوي) وتشير إلى تحقيق أرباح ونسب نمو في مبيعاتها، فإن ذلك يعود إلى عدة أسواق فقط وليس عالمياً، حيث تسبب قرار الحظر الأميركي في تقليص مبيعات "هواوي" في بعض الأسواق المهمة التي كانت الشركة تستهدف زيادة مبيعاتها فيها".
وتوقع "أن تبدأ تداعيات الحظر الأميركي في الظهور وبشكل واضح في نتائج أعمال "هواوي" عن العام الحالي، خصوصا أنه مع بدء تشغيل النظام الجديد للشركة فإن ذلك يشير إلى مزيد من التصعيد من قبل الجانبين سواء الصيني أو الأميركي".
النظام الجديد يوفر السرعة وارتفاع مستويات الأمان
وحول النظام الجديد، قال ريتشارد يو، الرئيس التنفيذي لمجموعة هواوي لأعمال المستهلكين، "كنا بحاجة لنظام تشغيل يدعم جميع السيناريوهات، ويمكن استخدامه في مجموعة واسعة من الأجهزة والمنصات، ويستطيع تلبية متطلبات العملاء من حيث سرعة الاستجابة وارتفاع مستويات الأمان".
وحول أوجه الاختلاف بين النظام الجديد لشركة "هواوي" ونظام "أندرويد" و"IOS" أوضح "أن نظام (هواوي) موزّع قائم على تقنية النواة الصغريّة Microkernel ليوفر تجربة سلسة في جميع السيناريوهات. ويمتاز النظام بهيكلية موثوقة وآمنة تدعم التعاون السلس بين جميع الأجهزة. ويمكن للمستخدم إعداد تطبيقاته مرّة واحدة فقط، ومن ثم نشرها عبر مجموعة من الأجهزة المختلفة".
وقال "إن HarmonyOS يعتبر نظام تشغيل خفيفا ومدمجا مع خواصّ وظيفية قوية، وسيستخدم أولاً في الأجهزة الذكية مثل الساعات الذكية والشاشات الذكية، والنظم داخل السيارات، ومكبّرات الصوت الذكية. ومن خلال عملية التطبيق هذه، تسعى هواوي لإنشاء نظام بيئي متكامل ومشترك عبر الأجهزة، وتشكيل بيئة تشغيل آمنة وموثوقة، وتوفير تجربة ذكية شاملة عبر كل تفاعل مع كل جهاز".
وتفرض خطوة طرح تجربة ذكية في جميع السيناريوهات رفع المعايير من حيث قدرات الاتصال، مما دفع لتصميم نظام HarmonyOS معززاً بأربع خواص فنية استثنائية تمنحه القدرة على الوفاء بوعوده للمستهلكين.
منصة اتصالات مشتركة
وبفضل الاعتماد على البنية الموزّعة وتكنولوجيا الناقل الافتراضي الموزّع، يوفر نظام HarmonyOS منصة اتصالات مشتركة، وإدارة بيانات موزّعة، وجدولة البيانات الموزّعة، فضلاً عن أجهزة طرفية افتراضية. ومع هذا النظام، لن يعود مطورو التطبيقات بحاجة للتعامل مع التكنولوجيا الأساسية للتطبيقات الموزّعة، مما سيتيح لهم التركيز على مفهوم الخدمة الفردية الخاصة بهم. وسيكون تطوير التطبيقات الموزّعة أكثر سهولة من أي وقت مضى. ويمكن تشغيل التطبيقات المطوّرة عبر نظام HarmonyOS على أجهزة مختلفة بكل سلاسة في جميع السيناريوهات.
ويتصدى النظام الجديدة لشرك "هواوي" لتحديات ضعف الأداء بالاعتماد على محرك تعزيز سرعة الاستجابة وكفاءة الاتصالات الداخلية بين العمليات وبشكل مسبق، يتولى محرك تعزيز سرعة الاستجابة مسؤولية تحديد أولويات تنفيذ المهام وحدود الوقت للجدولة. وستتجه المصادر نحو المهمات ذات الأولوية العليا، مما يخفض زمن استجابة التطبيقات بنسبة 25.7%. وقياساً بالنظم الحالية، تمتلك تقنية النواة الصغريّة Microkernel القدرة على جعل أداء الاتصالات الداخلية بين العمليات أكثر كفاءة خمس مرات.
وذكرت "هواوي" أن نظامها الجديد يعتمد على تصميم جديد كلياً لتقنية النواة الصغريّة Microkernel، بحيث يمتاز بمستوى محسّن من الأمان وانخفاض سرعة الاستجابة. كما تم تصميم النواة الصغريّة لتبسيط الخواص الوظيفية لنواة المعالجة، وتنفيذ أكبر عدد ممكن من خدمات النظام في نمط المستخدم خارج النواة، وإضافة طبقة حماية أمنية مشتركة. وتوفر النواة الصغريّة الخدمات الأساسية فقط، مثل جدولة السلاسل والاتصالات الداخلية بين العمليات.
ويعتمد تصميم النواة الصغريّة في نظام التشغيل على أسلوب تحقق رسمي لإعادة تشكيل مفاهيم الأمان والموثوقية من الألف إلى الياء، وفي بيئة تنفيذ موثوقة. وتعتبر أساليب التحقق الرسمية مقاربات رياضية فعالة للتحقق من صحة النظام من المصدر، بينما تقتصر أساليب التحقق التقليدية، مثل التحقق الوظيفي ومحاكاة الهجوم، على سيناريوهات محدودة. وخلافاً لذلك، يمكن أن تستخدم الأساليب الرسمية نماذج بيانات للتحقق من جميع المسارات النشطة للبرنامج.