Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجو الاقتصاد الأميركي من الركود؟

تهدئة التضخم في حاجة إلى رفع الفائدة إلى مستوى أعلى

كان الرأي السائد في "وول ستريت" أن الاقتصاد الأميركي سينتهي به المطاف في حالة من الفوضى (أ ف ب)

ملخص

احتمالات بنسبة 65 في المئة بحدوث ركود في الأشهر الـ12 المقبلة

مع انتشار "كوفيد-19" في جميع أنحاء العالم قبل ثلاثة أعوام سئم كثر من التفتيش في تاريخ الجائحة السابقة، الإنفلونزا الإسبانية في 1918-1919، بحثاً عن أدلة حول كيفية حدوث الكارثة.

اليوم، بعد أن خفتت حدة الجائحة، قد يوفر التاريخ أيضاً بعض الدروس المفيدة، فمع انحسار الحرب العالمية الأولى والإنفلونزا الإسبانية، كانت أسعار الفائدة منخفضة والإنفاق الحكومي مرتفعاً، واليوم ارتفع التضخم من أجل إعادة السيطرة على الأسعار، ورفع عديد من محافظي البنوك المركزية في أميركا والعالم أسعار الفائدة، مما أدى إلى ركود حاد.

وكان "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي) قد وصف تصرفاته في عام 1921 بأنها "مؤلمة، ولكن... لا مفر منها" بعد طقوس غير مسبوقة من الإسراف.

تقول مجلة الـ"إيكونوميست" إن مسؤولي "الاحتياطي الفيدرالي" يميلون هذه الأيام إلى تجنب "الانغماس المفرط"، لكنهم يتصارعون مع ظروف مماثلة، إذ رفعوا معدلات الفائدة بأسرع وتيرة منذ أوائل الثمانينيات، في وقت يجادل فيه الاقتصاديون المتشددون من فريق "الصقور" بأنه من أجل تهدئة التضخم، سيتعين على "الاحتياطي الفيدرالي" رفع الفائدة إلى مستوى أعلى، على رغم أن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى زيادة البطالة، وربما يؤدي إلى الركود.

فيما يرد فريق "الحمائم" على ذلك بالقول إن بنك الاحتياطي الفيدرالي ذهب بعيداً بالفعل، وإن مزيداً من الألم الاقتصادي ليس ضرورياً، بينما الاحتمال الثالث، وهو أن "الاحتياطي الفيدرالي" يصحح الأمور، وأن الاقتصاد سيتباطأ ويتلاشى التضخم دون حدوث ركود أي هبوط ناعم (عملية تحول الاقتصاد من النمو إلى النمو البطيء، مع اقترابه من الركود، ولكنه يتجنبه)، والذي كان ينظر إليه حتى وقت قريب على أنه شبه مستحيل.

وتضيف الـ"إيكونوميست" أن هذه الاحتمالات لا تزال قائمة، فمنذ مارس (آذار) 2022، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قصيرة الأجل من صفر في المئة إلى خمسة في المئة، فيما تميل هذه القفزات السريعة إلى السير جنباً إلى جنب مع فترات الركود. ونظراً إلى أن المعدلات المرتفعة ترفع كلفة الاقتراض، فإنها تخفض إنفاق المستهلكين والاستثمار من قبل الشركات.

النذير الأكثر كآبة

ومعظم أشهر العام الماضي، كان الرأي السائد في "وول ستريت" وفي مجالس إدارة الشركات أن الاقتصاد الأميركي سينتهي به المطاف في حالة من الفوضى، واعتباراً من يونيو (حزيران) الماضي، ربط متوسط توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت آراءهم "بلومبيرغ" احتمالية حدوث ركود في الأشهر الـ12 المقبلة بنحو 65 في المئة، فيما قدرت مجموعة الأعمال "كونفرنس بورد"، الاحتمال بنسبة 99 في المئة في فبراير (شباط) الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال متنبئ الاقتصاد الكلي المفضل في "وادي السيليكون" ستانلي دروكنميلر إنه يتوقع "هبوطاً صعباً"، يتضمن هبوطاً في أرباح الشركات وارتفاعاً كبيراً في معدلات البطالة، وبحسب الـ"إيكونوميست" كان النذير الأكثر كآبة هو الانعكاس الشديد لمنحنيات العائد، فعادة ما تكون أسعار السندات طويلة الأجل أعلى من المعدلات ذات الأجل القصير لأن المستثمرين يتوقعون تعويضاً إضافياً عن أخطار الاحتفاظ بالأوراق المالية التي تنضج جيداً في المستقبل، ولكن عندما تكون العوائد قصيرة الأجل أعلى، فإن المعنى الضمني هو أن المستثمرين يتوقعون أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة، لأنهم يعتقدون أن النمو سيضعف، وأشارت المجلة إلى أن الانعكاسات تمتلك سجلاً مثالياً تقريباً في الحالات التي كانت تنذر بالركود في أميركا على مدى نصف القرن الماضي، وكانت تتسبب في مشكلات منذ بعض الوقت.

فيما انعكست منحنيات العائد لأول مرة في هذه الدورة الاقتصادية، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وهي الآن مقلوبة بعمق، مما سيضع بداية ركود محتمل، في سبتمبر (أيلول) المقبل.

مؤشرات أخرى تضيف إلى النظرة القاتمة

وعرجت المجلة إلى مؤشرات أخرى تؤكد هذه النظرة القاتمة، وعلى رأسها تراجع معنويات المستهلك، والتي تم قياسها من خلال دراسة استقصائية تمت مراقبتها من كثب من جامعة "ميشيغان"، والتي كانت في أدنى مستوى لها على الإطلاق، العام الماضي، فيما قدم انهيار بنك "وادي السيليكون" واثنان من المؤسسات المالية الأخرى المنهارة، في مارس (آذار)، دليلاً آخر على أن الزيادات السريعة في أسعار الفائدة تضر بالشركات الضعيفة.

وخلصت المجلة إلى القول إن الجمع بين انحسار التضخم وسوق العمل القوية أمر غير متوقع، فقد افترض عديد من الاقتصاديين أن ذلك مستحيلاً، عندما اعتقدوا أن هناك مقايضة قصيرة الأجل بين الوظائف والأسعار، كما أن معدل البطالة المنخفض يرتبط بارتفاع معدل التضخم، وهي علاقة تعرف باسم "منحنى فيليبس"، وهو منحنى كان موضع تساؤل في العقد الذي سبق الوباء، لأن التضخم ظل هادئاً على رغم أن انخفاض معدل البطالة، لكن عودة التضخم في العام الماضي أعادت "منحنى فيليبس"، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن سوق العمل بدت أقل كفاءة بعد الوباء، في وقت لم يركز فيه النقاش على ما إذا كانت البطالة في حاجة إلى الارتفاع حتى ينخفض معدل التضخم، بل ركز بدلاً من ذلك على عدد الأشخاص الذين سيحتاجون إلى فقدان وظائفهم قبل السيطرة على الأسعار.