Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حدود المساواة... ماذا قدمت المنظمات النسوية في العراق؟

مديروها يؤكدون دورها الإيجابي وقانونيون: لم نلحظ تغيراً في واقع المجتمع أو الفئات المستهدفة

تأسست هذه المنظمات على مر الأعوام الأخيرة بهدف تعزيز مشاركة المرأة العراقية في صنع القرار وبناء المجتمع (أ ف ب)

ملخص

هل تمكنت منظمات المجتمع المدني النسوية في العراق من تمثيل النساء في المجتمع؟

لم تكن لدى منظمات المجتمع المدني حظوة في العراق في ظل النظام السابق، كما لم يكن للنشاط النسوي أثر واضح في المجتمع العراقي لأن نظام الحكم وقتها لم يكن يسمح بأية أنشطة غير حكومية أو ليست منبثقة من عباءة الحاكم.

اليوم يشهد العراق نشاطاً متزايداً لمنظمات المجتمع المدني النسوية، وقد تأسست هذه المنظمات على مر الأعوام الأخيرة بهدف تعزيز مشاركة المرأة العراقية في صنع القرار وبناء المجتمع.

وتعمل هذه المنظمات على مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة مثل مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي وتعزيز المشاركة السياسية والاجتماعية للنساء وتوفير الدعم القانوني والنفسي للضحايا منهن وتعزيز التعليم والتدريب المهني لهن وتشجيعهن على المشاركة في سوق العمل.

كما تلعب المنظمات دوراً حيوياً في تعزيز الوعي بقضايا المرأة وتغيير الأفكار والمفاهيم السائدة في المجتمع في شأن دورها وبناء شراكات مع المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية لتحقيق أهدافها نحو مزيد من التغيير.

لكن هل تمكنت منظمات المجتمع المدني النسوية العراقية من تمثيل النساء بجميع شرائحهن في المجتمع؟

تمثيل المرأة

الرئيسة التنفيذية لمنظمة "حلم" للمساعدات الإنسانية نوار عاصم أكدت أن "تمثيل المرأة العراقية موجود، لكن تتراوح قوته بين حكومة وأخرى، وهو بالتأكيد يدعم دورها في المجتمع. فالمرأة القيادية سواء كانت رئيسة أو عضو في منظمة يجب أن تملك رؤية لتفعيل دورها، فضلاً عن إدراك حقيقة الواقع العراقي بكل تقلباته السياسية والاقتصادية والذي يرمي بظلاله على هذه المنظمات كونها جزءاً من هذا الواقع، فإذا كان المجتمع أصلاً مفككاً جراء الحروب والصراعات السياسية، فإن ذلك سينعكس على المرأة كجزء لا يتجزأ من هذا المجتمع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت "أتمنى حماية الحرية الكاملة لمؤسسات المجتمع المدني لما لها دور مهم، فقد تشكل جماعات ضغط إيجابية، ولا بد من إطار قانوني ينظم عملها وعمل متطوعيها. والأفضل أن تنحصر رئاسة المنظمات على الأشخاص غير العاملين في مؤسسات الدولة".

ودعت إلى أن تأخذ المنظمات مساحتها المجتمعية الحقيقية الفاعلة لتبقى محافظة على كونها أداة ضغط للتغيير الإيجابي، وأن تسعى إلى إحداث تغيير حقيقي في الواقع ولا تتدخل فيها جهة تجمع بين الصفة الوظيفية والعمل المدني، إذ لن يرافق ذلك نشاط حقيقي.

المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد يوضح أن "القانون رقم 12 لعام 2010، حدد الضوابط والآليات الكفيلة بعمل المنظمات غير الحكومية في العراق التي منحت إجازات ممارسة كل بحسب تخصصه، ومن ضمنها المنظمات الأجنبية".

ويضيف "يزيد عدد المنظمات المحلية العاملة في العراق على 4500 منظمة، فضلاً عما يقرب من 1000 فرع لمنظمات أجنبية تعمل في البلاد، وهذه الأخيرة تنظم عملها عبر مخاطبات بين وزارة الخارجية ودائرة المنظمات غير الحكومية في أمانة مجلس الوزراء. ولكل من هذه المنظمات قطاعها الخاص، ومنها التي تعنى بالواقع النسوي للمرأة العراقية".

ويلفت مجيد إلى النجاح النسبي للمنظمات المعنية بشؤون المرأة وحقوقها، إذ لعبت دائرة المنظمات غير الحكومية دوراً كبيراً في متابعة حقوق المرأة والدفاع عن حرياتها بتنسيق مباشر مع منظمات حقوق الإنسان، بخاصة في المرحلة التي تعرض فيها عدد من المحافظات لسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، في وقت برز لهذه المنظمات دور كبير في متابعة شؤون النساء في المناطق المحررة عبر زيارت ميدانية دورية لهذه المناطق وتقديم سبل المساعدات الإنسانية والطبية وتنظيم ورش عمل وفتح دورات تأهيلية.

وأوضح أنه يجري اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المنظمات المخالفة مثل توجيه الإنذار أو إيقاف المنظمة عن العمل، وتصدر العقوبات بحسب نوع المخالفة كجمع التبرعات علناً بأسلوب يشبه الاستجداء تحت مسمى الفقراء والأيتام والأرامل والمتضررين.

وتابع "تولت دائرة المنظمات الحكومية مراقبة أداء المنظمات ومعرفة طرق تمويلها ومصادر هذه الأموال وسبل الصرف بواسطة تقارير دورية وفصلية ترفع إلى الدائرة، وتعنى الأخيرة بتسهيل حركة هذه المنظمات سواء في بغداد أو المحافظات بالتنسيق مع الجهات الأمنية بقيادة العمليات المشتركة ومركز العمليات الوطني في رئاسة مجلس الوزراء لغرض تنظيم عملها".

إنجازات وتحديات

تأسست منظمة "المرأة والمستقبل" العراقية عام 2005 وتعمل في الشأن النسوي ضمن قطاعات عدة من أهمها مراجعة القوانين والتشريعات التي تخص المرأة، والعمل تحت مظلة قرار مجلس الأمن 1325 الذي يخص المرأة والسلام والأمن ضمن أهداف التنمية المستدامة الـ17 الأممية حتى 2030.

تقول النائبة السابقة ورئيسة المنظمة ندى الجبوري "نعمل في قطاعات الحماية والوقاية ومشاركة المرأة في جميع المستويات ضمن مركزين للدعم القانوني والنفسي في بغداد والأنبار. وتعد منظمتنا جزءاً من مجموعة منظمات في شبكة النساء العراقيات، وعضواً في شبكة ’المرأة للسلام‘ التي تعمل ضمن أجندة قرار مجلس الأمن 1325، كما أنها عضو في ’اتحاد النساء العربي‘ والمجموعة الاستشارية النسوية لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق منذ أعوام".

وتضيف "لدينا تعاون مع منظمات كثيرة، ونحضر جلسات الاستماع مع لجان مجلس النواب العراقي التي تخص لجنة المرأة والأسرة والطفولة واللجان المساندة لها في ما يخص بعض التشريعات والقوانين، ونسهم في كتابة المواضيع المتعلقة بالمرأة مع المنظمة السويدية  Kvinna till Kvinna(المرأة للمرأة)، كما نعمل أيضاً ضمن نظرية التغيير المجتمعي، ولدينا برامج كثيرة في بغداد والأنبار، وحضور فاعل في وسائل التواصل والقنوات الفضائية في المواضيع التي تختص بقضايا المرأة وصحتها وقوانين الطفولة ومناهضة العنف الأسري، كما نتعاون مع الشرطة المجتمعية وفئات ووزارات كثيرة، ولدينا مذكرة تفاهم مع دائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة التربية ووزارة الثقافة وكثير من الجهات الحكومية وغير الحكومية التي تعمل في هذا الشأن".

أما منظمة "زاد الخير" الخيرية فتهدف إلى نشر روح التعاون بين المواطنين وسيادة التكافل الاجتماعي بين طبقات المجتمع المختلفة وتقديم يد العون للطبقة المحتاجة والقيام بكل عمل خيري.

تقول رئيسة المنظمة عذراء عبدالأمير "حققت منظمتنا 95 في المئة من أهدافها بناء على استفتاء أجري على عينة عشوائية مكونة من 500 عائلة من بغداد حيث نعمل، ونحن بصدد إجراء تعديلات على أهداف المنظمة لأنها بدأت تخدم فئات أخرى وتوجهات خيرية جديدة".

وتضيف "يزيدنا فخراً أن نعمل لخدمة أبناء بلدنا الحبيب، ونحن مستمرون في مساعدة النساء الأرامل والمتعففات والأطفال الأيتام والنازحين وذوي الإعاقة ضمن محاور عملنا الثلاثة، العلاج والملابس والطعام. وكل عمل خيري يشاركني فيه أفراد عائلتي والأعضاء المتطوعون والمشافي الأهلية المشهورة بكوادرها الطبية والصيدليات والمراكز الطبية ودائرة المنظمات غير الحكومية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء وقسم العمل التطوعي في محافظة بغداد".

من دون تبرعات

في ما يتعلق بالأعمال الخيرية توضح عبدالأمير "عادة ما تعلن المنظمة عن إجراء عمليات جراحية مجانية لجميع الشرائح المذكورة في جميع محافظات العراق، وتشمل هذه العمليات علاج الأورام السرطانية واستئصال الزائدة الدودية والرحم والثدي والغدة الدرقية واللوزتين وإزالة الماء الأبيض وإعادة تأهيل الأطراف السفلية للأطفال المصابين بضمور الدماغ، وتجرى العمليات في المستشفيات الأهلية المتميزة بأطبائها الأكفاء. وقد أجريت حتى الآن 3769 عملية، وكل ذلك من دون جمع أية تبرعات. وأفادت المنظمة أعداداً كبيرة من النازحين في حملات توزيع الملابس والسلات الغذائية والأغطية الشتوية وكفالة آلاف الأطفال الأيتام".

كما أطلقت المنظمة، بحسب عبدالأمير، حملة "يلا نشوف" في مرحلتها الثانية ضمن مشروع العلاج المجاني الخيري لزرع القرنية للمصابين بتلف القرنية لـ 853 من النساء والرجال والأطفال هذا العام، وسبق أن أجريت 185 عملية في بغداد والمحافظات في 2022، وبسبب افتقار العراق إلى بنك للعيون تكفلت وزارة الصحة بمفاتحة بنك العيون الدولي في الولايات المتحدة لغرض توفير القرنيات.

تقول رئيسة المنظمة "على مدى ثلاثة أعوام نوزع على 843 عائلة مكونة من النساء الأرامل والمطلقات والأطفال الأيتام والمعوقين والنازحين كسوات صيفية وشتوية وملابس العيد، كما اعتدنا على مدى سنتين توزيع الطعام يومياً على 1500 شخص تقريباً، واستفاد من ذلك 198 ألف نازح، ونجري الآن خلال الشهر الواحد 14 عملية كبرى".

ماجد المجباس أستاذ القانون في جامعة "ميسان"، يؤكد أن "المشرع العراقي سعى إلى الاهتمام بالعمل المدني وتكلل هذا السعي بتشريع قانون المنظمات غير الحكومية رقم 12 لعام 2010 الذي ورد في 36 مادة نظمت جميع أحكام المنظمات غير الحكومية وحفظت حقوق ورتبت التزامات على هذه المنظمات ووفرت حماية كاملة للعمل المدني والمنظمات التي تقوم به، لكننا لم نلحظ عملياً تغيراً في واقع المجتمع العراقي أو واقع الفئات المستهدفة، فكثير منها مهمش، ومنها فئات معرضة للحرمان، ولم نلحظ أيادي المنظمات وقد رفعت شيئاً من هذه المعاناة".

وفي ما يتعلق بمحور دعم وتمكين المرأة، أوضح أستاذ القانون "لم تحقق المنظمات غير الحكومية هذه الأهداف، ولم تنهض بالمرأة العراقية بالمستوى المطلوب على رغم أن التشريعات العراقية في الوقت الحاضر أنصفت المرأة بشكل كبير سواء في الدستور العراقي أو القوانين الأخرى التي سمحت لها بالمشاركة الفاعلة في مناحي الحياة كافة.

ويهدف قانون المنظمات غير الحكومية رقم 12 بتاريخ 2010 التابع لدائرة المنظمات غير الحكومية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، إلى تعزيز دور منظمات المجتمع المدني ودعمها وتطويرها والحفاظ على استقلاليتها وفق القانون، وتعزيز حرية المواطنين في تأسيس المنظمات غير الحكومية والانضمام إليها وإيجاد آلية مركزية لتنظيم عملية تسجيل المنظمات غير الحكومية العراقية والأجنبية.

ويحظر القانون على المنظمة غير الحكومية أن تتبنى أهدافاً وتقوم بأنشطة تخالف الدستور والقوانين العراقية النافذة، وممارسة الأعمال التجارية لغرض توزيع الأموال على أعضائها للمنفعة الشخصية، أو استغلال المنظمة لغرض التهرب من دفع الضرائب وجمع الأموال لدعم المرشحين للمناصب العامة أو تقديم الدعم المادي لهم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير