Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تكتل عسكري ضد الحكومة الإسرائيلية يثير قلقا من احتمال انقلاب

أكثر من ألف جندي من قوات الاحتياط يهددون بالامتناع عن التطوع... و"من اجتمع بقائد سلاح الجو يؤكد أنه كان على وشك البكاء"

جانب من تظاهرة مناهضة للتعديلات القضائية في تل أبيب، الخميس 20 يوليو الحالي (رويترز)

ملخص

اعتبر نتنياهو رؤساء الأركان السابقين "المحرضين الرئيسين على الرفض، إذ إنهم يتفهمون الخطر ويواصلون التحريض"

أثار تبرير رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ودعمه، ليلة الخميس، المصادقة الأولية على قانون "إلغاء سبب المعقولية"، الذي يشكل سبباً مركزياً للاحتجاج الشعبي الذي تشهده إسرائيل منذ 28 أسبوعاً، غضباً واسعاً، ليس فقط على الصعيدين الشعبي والسياسي، وإنما على الصعيد العسكري أيضاً، مما أعاد طرح توقعات بعض المتخصصين في الشأن العسكري، أدلوا بها منذ أشهر، باحتمال حدوث انقلاب عسكري في إسرائيل.

ولم يقتصر الغضب الداخلي من حديث نتنياهو على أنه يضرب بعرض الحائط مطالب المحتجين وتهديدات ضباط الاستخبارات العسكرية وسلاح الجو بعدم الامتثال للخدمة واتساع العصيان العسكري، وإنما لكون المصادقة على هذا القانون، الذي يجرد المحكمة الإسرائيلية العليا من أهم صلاحياتها ويشكل بداية للاستمرار في تطبيق خطة "الإصلاح القضائي"، هو بمثابة رفض واضح لمطلب الرئيس الأميركي، جو بايدن وإدارته، وهو ما دفع كثيرين إلى التحذير من خطورة تداعيات مثل هذا الوضع على إسرائيل من مختلف الجوانب، خصوصاً الأمنية والعسكرية.

التشريع أم الاحتجاج "نهاية الديمقراطية"؟

هجوم نتنياهو على قادة أمنيين سابقين وضباط في سلاح الجو والاستخبارات العسكرية، لانضمامهم ودعوتهم إلى الاحتجاج ووصفه ذلك بـ"نهاية الديمقراطية"، أدخل المعارضة الإسرائيلية وقادة الاحتجاج في حملة واسعة ضد رئيس الوزراء تحت شعار "القضاء على الديمقراطية"، وأعلنوا اتساع الاحتجاج والعمل على تجنيد أوسع عدد من أفراد الاحتياط ودعوتهم إلى التمرد وعدم الامتثال لأوامر الخدمة أو المشاركة في التدريبات العسكرية التي أقرتها قيادة الجيش والأجهزة الأمنية في أعقاب الخشية المتزايدة من تصعيد أمني في الشمال، تجاه "حزب الله" تتسع رقعته لمختلف الجبهات.

نتنياهو الذي هاجم شعار الاحتجاج "تدمير الديمقراطية"، قال إن "كل هذا الحديث عن تدمير الديمقراطية هو محاولة لإخافة المواطن من أمر لا أساس له من الصحة، كون أن من يعرض الديمقراطية للخطر هو رفض أفراد الاحتياط الامتثال للخدمة، وهذا بحد ذاته يهدد أمننا جميعاً. الجيش تابع للحكومة، فإذا فرض الجيش التهديدات لا يمكن الانحناء لها".

وجاء حديث نتنياهو في وقت أعلن فيه عسكريون وأمنيون سابقون تكتلهم ضد الحكومة، مما دفع البعض إلى التحذير من جديد من خطر انقلاب يقوده عسكريون وأمنيون ضد الحكومة. وعقدت اجتماعات عدة لرؤساء أركان سابقين، وقادة سلاح جو سابقين، ورؤساء سابقين لجهازي الأمن، "الشاباك" و"الموساد"، ودعوا إلى ضم مزيد من قوات الاحتياط في الجيش إلى الامتناع عن الخدمة.

واعتبر نتنياهو في كلمة ألقاها ليلة الخميس، هؤلاء المسؤولين السابقين، ورؤساء الأركان السابقين بينهم تحديداً، "المحرضين الرئيسين على الرفض الشامل، إذ إنهم يتفهمون الخطر ويواصلون التحريض".
لكن كل مبررات نتنياهو لم تفلح في تغيير الموقف، إذ انطلقت تظاهرات متعددة ليلة الخميس، تزامناً مع خطابه، وسط دعوات إلى "ليلة تشويش" تشمل إغلاق شوارع مركزية. وخرج المتظاهرون إلى مراكز المدن في إسرائيل، وتوافد المئات إلى شارع "كابلان" في تل أبيب، فيما حاول العشرات إغلاق طريق أيالون السريع.

حملة متزايدة

وشهدت إسرائيل صباح الجمعة 21 يوليو (تموز) الجاري، حملة متزايدة ضد نتنياهو. وحذر البعض من الانجرار خلف ما سموه "لغة التعاطف". واعتبر رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان حديث نتنياهو "محاولة أخرى لخداع الجمهور وتضليل المعارضة والمتظاهرين". وقال "إنها خطوة أخرى في أسلوب نتنياهو الذي يحاول تحقيقه حتى يمر الغضب وتشريع مزيد من القوانين المجنونة". ودعا ليبرمان الإسرائيليين للانضمام إلى الاحتجاج، معتبراً أن "الحل الحقيقي الوحيد هو استبدال هذه الحكومة المسيانية وإقامة حكومة صهيونية وليبرالية ووضع دستور وضمان قيادة مختلفة".


قائد سلاح الجو على وشك البكاء

الاجتماع الذي عقده أربعة قادة سابقون لسلاح الجو، وهم ممن يشكلون عنصراً مركزياً في إدارة الاحتجاج ضد حكومة نتنياهو، ضاعف القلق الإسرائيلي من مختلف الجهات، وهناك من اعتبر أن الأيام القليلة القريبة ستجعل التمرد والعصيان داخل الجيش الإسرائيلي أوسع وأقوى من أي فترة سابقة خلال 28 أسبوعاً من الاحتجاج ضد الحكومة.

ولعل الوصف الذي نقله تقرير "القناة 13" الإسرائيلية حول وضع الجيش أقرب ما يشير إلى حالة الانهيار الداخلي.
"من اجتمع بقائد سلاح الجو الإسرائيلي يؤكد اليوم أنه كان على وشك البكاء"، هكذا جاء في التقرير الذي أضاف أن "التقدير في المؤسستين الأمنية والعسكرية، أننا سنرى مئات الطيارين ينضمون إلى الـ200 الذين أعلنوا أنهم سيتوقفون عن الخدمة، وهذا يعني إلحاق ضرر كبير وخطر بقدرة الجيش، خصوصاً إزاء تحذيرات الأمين العام لـ(حزب الله)، حسن نصر الله".

"نحن في بداية حرب داخلية"

رئيس "الشاباك" السابق نداف أرغمان اعتبر الاستمرار بتشريع القوانين التي تشملها خطة "الإصلاح القضائي"، لحكومة نتنياهو، تسمح بوقف خدمة الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، محذراً "نحن في بداية حرب داخلية وأخشى أن تكون حرباً خطرة تضرب إسرائيل وتمس بها من مختلف الجهات". ويتوافق رأي ارغمان مع 45 في المئة من الإسرائيليين الذين دلت الاستطلاعات على أنهم يعتقدون أن إسرائيل ستشهد قريباً حرباً داخلية عنيفة.
وبحسب أرغمان "في حال مرت التعديلات القضائية، ستتسع الاحتجاجات، وسيزيد عدد من يعلنون أنهم لن يشاركوا في قوة أمنية لدولة ديكتاتورية، وسيزيد التمرد ثم الفوضى، عندها سنصبح في كيان مختلف". وأوضح أرغمان "في مثل هذا الوضع لن نكون ملزمين بتنفيذ العقد الذي وقعوه معنا (التطوع في الجيش للاحتياط) وإلقاء المسؤولية على أولئك المتطوعين، الطيارين والوحدات الخاصة، خطأ مطلق".
وحذر أرغمان من أن "الخطة القضائية ستفكك المجتمع الإسرائيلي وتستهدف قدرة الجيش على تنفيذ مهامه، لدرجة تصل إلى تهديد حقيقي على أمن إسرائيل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"سنصبح مثل إيران والمجر"

وإذا كان أرغمان يتخوف من حرب أهلية شرسة وخطرة فان رئيس الموساد السابق تامير باردو اعتبر "حكومة نتنياهو هي آخر حكومة مشكلة ديمقراطياً لإسرائيل، بحيث ستصبح الديكتاتورية هي الحاكمة، إذا ما استمر الوضع كما هو اليوم، وسنكون مثل إيران والمجر. أي جندي يسافر للخارج يمكن اعتقاله حتى بعد 10 سنوات من خدمته في جرائم حرب. والسؤال اليوم: هل تدرك هذه الحكومة الغبية ما تفعله بالجيش؟".

 ولم يقتصر ووصف إسرائيل بالديكتاتورية على باردو، بل رددها نائب قائد الوحدة 8200 بالجيش في أعقاب المصادقة على قانون "إلغاء ذريعة المعقولية"، ففي رسالة بعث بها إلى قائد وحدته كتب أن "تمرير قانون إلغاء ذريعة المعقولية بالقراءة الأولى يشكل خطوة أولى ومهمة في الطريق نحو انقلاب قضائي، وسيقود إسرائيل لتصبح ديكتاتورية".

وجاء هذا التحذير مع استمرار الإعلان عن التمرد داخل الجيش وانضمام المئات إلى ضباط سلاح الجو، بينهم ضباط في الاستخبارات العسكرية واحتياطيون يخدمون كأطباء ومسعفين وحتى من يخدمون في الصحة النفسية ضمن الاحتياط.

كما وقع قدامى المحاربين في الوحدات الميدانية على وثيقة أعلنوا فيها عن رغبتهم بوقف تطوعهم في الخدمة العسكرية، "احتجاجاً ورفضاً للمصادقة على القانون الذي يشكل أداة رقابة على قرارات الحكومة من قبل المحكمة العليا".

حتى لا يرفع العلم الأسود

ويشكل اتساع التمرد في الجيش الإسرائيلي عنصراً مركزياً في القلق الذي عبرت عنه مختلف الجهات الإسرائيلية. وخرجت صحيفة "هآرتس" بدعوة تعزز هذا القلق من مستقبل الجيش، حيث دعت إلى "منع تحول الجيش إلى ميليشيات تخدم النظام وقبل إلزامه بتبني قيم الحكومة وكأنها قيم الدولة، يجب عليه وضع قدمه أمام الباب ومنع إغلاقه". واعتبر داعمو خطة الإصلاح القضائي هذه الدعوة تحريضاً للعصيان والتمرد داخل الجيش.
في جانب آخر من تحريض من لم ينضم إلى الاحتجاج من داخل الجيش، كتبت الصحيفة "حتى لا يضطر الطيارون وأعضاء الوحدة 8200 وجنود الدوريات وقادة الوحدات المختارة الذين يخدمون في الاحتياط إلى الوقوف بعد فترة قصيرة أمام معضلة [العلم الأسود]، لا يوجد أمامهم أي خيار إلا الانضمام للاحتجاج بكامل القوة، هذا لا يعد رفضاً أو امتناعاً عن الخدمة الطوعية، بل هذه حرب دفاعية عن طابع الجيش، وفي الأصل عن طابع الدولة".

وبحسب "هآرتس"، فإنه "في الأوقات العادية كان وزير الأمن ورئيس الأركان وقائد سلاح الجو وقادة أذرع الامن، سينقضون بغضب على تصريحات نتنياهو ويمزقونه إلى أشلاء بتهمة المس بأمن الدولة... وهو مذعور من كسر المعادلة التي كان فيها الجيش جسماً نائماً غير مشخص سياسياً. الآن نتنياهو هو الذي يختم الجيش بخاتم سياسي بقوله إن الجيش ملزم الدفاع عن الحكومة، وفقط بعد ذلك الدفاع عن كل ما تبقى".

وخلصت الصحيفة إلى القول إن "الجيش الإسرائيلي الذي كان على ثقة بقدرته على الحفاظ على منظومة قيم منفصلة... وأن يفصل نفسه عن السياسة والعيش في فقاعة وتمكين الحكومة من أن تطبق دائماً سياستها، اكتشف بذهول أن الفقاعة في خطر، وأن انفجارها يهدده بشكل مباشر. يجب ألا يكون لديه أي تخبط. قبل لحظة من تحوله إلى ميليشيات للنظام وقبل أن يتم إلزامه بتبني قيم الحكومة وكأنها قيم الدولة، يجب عليه وضع قدمه أمام الباب ويمنع إغلاقه".

أكثر من ألف احتياطي يهدد

وهدد أكثر من ألف جندي من قوات الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي اليوم الجمعة بالامتناع عن التطوع للخدمة العسكرية إذا مضت الحكومة قدماً في التعديل القضائي المزمع، الذي سيعرض أحد مكوناته الرئيسة على الكنيست الأسبوع المقبل.
والرسالة التي وقعها 1142 من جنود الاحتياط ومن بينهم مئات الطيارين هي أحدث علامة على معارضة الجيش للتعديلات القضائية واسعة التأثير التي يدفع بها الائتلاف الديني القومي بزعامة نتنياهو.
ويقول قدامى المحاربين في القوات الجوية إن جنود الاحتياط الذين يتطوعون بعد إكمال خدمتهم العسكرية الإلزامية يمثلون نحو نصف أطقم طائرات المهمات القتالية.
وفي الرسالة التي وجهها جنود الاحتياط إلى المشرعين ورئيس أركان الجيش وقائد القوات الجوية، طالبوا باتفاقات على نطاق واسع حول التعديلات القضائية وطلبوا من الحكومة الحفاظ على استقلال القضاء.
وكتب جنود الاحتياط في الرسالة "التشريع الذي يسمح للحكومة بالتصرف بطريقة غير معقولة بشدة سيضر بأمن دولة إسرائيل، وسيؤدي إلى فقدان الثقة وينتهك موافقتي على الاستمرار في المغامرة بحياتي، وسيؤدي ببالغ الأسى ومن دون خيار آخر إلى تعليق واجبي التطوعي في الخدمة ضمن قوات الاحتياط".
ورد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على رسالة اليوم الجمعة في تغريدة على "تويتر"، قائلاً إن "رفض الخدمة خطر على البلاد".
ولم يقدم مكتب المتحدث العسكري رسمياً أرقاماً لجنود الاحتياط المحتجين، لكن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي قال الأربعاء الماضي إن الجيش يعمل على الحفاظ على قدراته ووحدته.
وقال هاليفي إن "جيش الدفاع الإسرائيلي تأسس على أساس قواته الاحتياطية، دعوات الامتناع عن المشاركة في خدمة الاحتياط تضر بالجيش الإسرائيلي".
وانتقال أزمة التعديلات إلى الجيش أذهل الإسرائيليين الذين اعتادوا من فترة طويلة على أن يروا في القوات المسلحة بوتقة ينصهر فيها مجتمع منقسم بعيداً من السياسة، وعبر جانبا الشقاق عن مخاوف حول مدى الجاهزية للحرب.
وتعهد نتنياهو الإثنين الماضي باتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الامتناع عن المشاركة في خدمة الاحتياط العسكرية، وقال إن هذا الامتناع يثير مخاوف إغراء أعداء إسرائيل بالهجوم وتقويض الديمقراطية في إسرائيل.
وقال نتنياهو لمجلس وزرائه "الحكومة لن تقبل العصيان، ستتصدى له وستتخذ جميع الخطوات اللازمة لضمان أمننا ومستقبلنا".

المزيد من الشرق الأوسط