Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سقط اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا فارتفعت أسعار القمح

يمكن لموسكو أن تعود للاتفاق إذا تمت تلبية شروطها لكن استمرار التصعيد سينعكس على أسعار الغذاء عالميا

ارتفعت أسعار القمح بأكثر من 8.2 في المئة في تعاملات الأربعاء الماضي ليصل سعر طن القمح إلى 282.4 دولار (أ ف ب)

ملخص

سمحت "مبادرة الحبوب بالبحر الأسود" منذ أغسطس الماضي بتصدير ثلاثة ملايين طن من الحبوب عبر البحر

ارتفعت أسعار الحبوب في الأسواق العالمية هذا الأسبوع، بعد إعلان روسيا الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود والتصعيد العسكري الذي بدأ بالهجوم على شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.

وفي بورصة السلع الأوروبية ارتفعت أسعار القمح بأكثر من 8.2 في المئة في تعاملات الاربعاء الماضي ليصل سعر طن القمح إلى 253.75 يورو (282.4 دولار)، بينما ارتفعت أسعار الذرة بنسبة 5.4 في المئة.

وفي السوق الأميركية ارتفعت أسعار عقود توريد القمح المستقبلية بنسبة 8.5 في المئة، في أعلى ارتفاع يومي لها منذ بداية الحرب في أوكرانيا مطلع العام الماضي.

وواصلت القوات الروسية قصف موانئ أوكرانيا على البحر الأسود لليوم الثالث حتى صباح الخميس، وذلك بعد الهجمات التي تعرضت لها شبه جزيرة القرم أغلبها بمسيرات أوكرانية.

وبحسب السلطات الأوكرانية أدت الهجمات الروسية على مدينة أوديسا، أكبر موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، ومدينة مايكولايف إلى مقتل شخصين وإصابة 23 شخصاً.

كانت موسكو أعلنت مطلع الأسبوع وقف العمل باتفاق تصدير الحبوب الذي يسمح بممر آمن لسفن الشحن من موانئ أوكرانيا الجنوبية بطول البحر الأسود حتى مضيق البوسفور.

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لا عودة لاتفاق الحبوب ما لم تتم تلبية المتطلبات الروسية التي تتضمن رفع الحظر عن صادرات الحبوب الروسية والسماح لبنك الائتمان الروسي بالعمل ضمن النظام المالي العالمي.

تهديدات وشروط

نتيجة الهجمات على القرم، أعلنت روسيا أنها ستعتبر أي سفن تتجه إلى الموانئ الأوكرانية "سفناً قد تحمل عتاداً عسكرياً" بالتالي تصبح هدفاً مشروعاً للقوات الروسية، وأعلنت أوكرانيا الخميس أنها ستعتبر أي سفن مدنية تبحر إلى الموانئ الروسية على البحر الأسود أهدافاً عسكرية.

وبحسب الأمم المتحدة، سمحت "مبادرة الحبوب بالبحر الأسود" منذ أغسطس (آب) الماضي بتصدير ثلاثة ملايين طن من الحبوب عبر البحر لم يستفد برنامج الغذاء العالمي منها سوى بنحو 725 ألف طن من القمح يتم تقديمها للدول الأكثر احتياجاً للغذاء مثل إثيوبيا واليمن وأفغانستان.

إلى ذلك، قدمت أوكرانيا نصف تلك الكمية للبرنامج التابع للأمم المتحدة بحسب الاتفاقية، وتستفيد تركيا من عملية طحن تلك الحبوب لمصلحة برنامج الغذاء العالمي الذي يوزعها كدقيق في الدول التي يعمل بها.

إلا أن القدر الأكبر من الحبوب التي تم تصديرها بموجب الاتفاق كان من الذرة، وكانت الصين من أكبر المستوردين، إذ بلغ نصيبها من 33 مليون طن ما يصل إلى 8 ملايين طن وذهبت 6 ملايين طن إلى إسبانيا و3.2 مليون طن إلى تركيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولطالما انتقدت روسيا تنفيذ الاتفاق الذي تقول إنها وافقت عليه لضمان وصول الحبوب من قمح وذرة وغيرها لدول الجنوب التي تواجه نقصاً في الحبوب من أجل الغذاء لكن ما حدث أن أغلب تلك الصادرات يذهب للدول الغربية والغنية.

ومن بين الشروط التي تريد روسيا تنفيذها أن يكون القدر الأكبر من تلك الصادرات بموجب الاتفاق للدول النامية والمحتاجة فعلاً للحبوب، واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب باستخدام "اتفاق الحبوب للابتزاز السياسي"، كما اتهمت موسكو أوكرانيا باستغلال الخط الملاحي الآمن ضمن الاتفاق "لأغراض هجومية" عسكرية، فيما اعتبرت أوكرانيا والمسؤولون الغربيون أن روسيا تستخدم سلاح الغذاء في الحرب بتعليق اتفاق الحبوب.

البدائل والأضرار

في حال استمرار التصعيد وتعليق اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود ستتضرر عدة دول تعتمد في وارداتها من الحبوب على أوكرانيا مثل لبنان وباكستان وليبيا وإثيوبيا وغيرها.

وعلى رغم أن ارتفاع أسعار القمح (ارتفعت على مدى أسبوع حتى الآن بنسبة 12 في المئة) والذرة ربما لا ينعكس مباشرة على أسعار الغذاء للمستهلكين، إلا أن استمرار الأزمة يعني أن ارتفاع الأسعار سيصل إلى المستهلك الذي سيواجه ارتفاع أسعار الحبوب في منافذ التجزئة.

ولن يقتصر ارتفاع الأسعار على الدقيق أو المنتجات الغذائية من الحبوب فحسب، بل سيصل أيضاً إلى أسعار اللحوم والطيور التي تستخدم الحبوب كأعلاف غذائية لها، ومن شأن ذلك أن يضيف إلى الضغوط التضخمية في أسعار الغذاء عموماً، والتي لم تتراجع معدلاتها بعد حتى بالمعدل الذي يتباطأ فيه نمو التضخم في أسعار المنتجات الأخرى.

في غضون ذلك، يقول المسؤولون الأوكرانيون والأوروبيون إن الهجمات الروسية على الموانئ الأوكرانية استهدفت البنية التحتية للمباني الإدارية للتصدير، كما استهدفت مستودعات حبوب، بعدما التهمت الحرائق ما يصل إلى 60 ألف طن من مخزونات الحبوب.

في تلك الأثناء، يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً لبحث تداعيات وقف برنامج تصدير الحبوب عبر البحر الأسود على أسواق الغذاء العالمية.

في الوقت نفسه، تبحث أوكرانيا إمكانية التصدير عبر السكك الحديدية، إلا أن ذلك لن يكون مجدياً، إذ ستكون الكميات قليلة جداً وتأخذ وقتاً أطول. هناك أيضاً إمكانية شحن بعض الحبوب الأوكرانية للتصدير عبر نهر الدانوب باستخدام الأراضي الرومانية، مع أن تلك الكميات ستكون قليلة جداً مقارنة مع التصدير بالشحن عبر البحر الأسود، إضافة إلى أن عدداً من دول أوروبا الشرقية تحظر دخول الحبوب الأوكرانية ضمن سياستها لحماية مزارعيها وإنتاجهم من الحبوب.

ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" الخميس عن مسؤول عسكري غربي رفيع المستوى قوله إنه يجري بحث إمكانية تصدير أوكرانيا للحبوب من ممر بحري في المنطقة المتاخمة لنفوذ حلف شمال الأطلسي (الناتو) أي بالقرب من شواطئ رومانيا وبلغاريا.

 وأضاف المسؤول "إننا نتعامل مع البحر الأسود، الذي تحيط دول حلف الناتو بنصفه تقريباً، على أنه منطقة تحتلها روسيا بالضبط مثل شرق أوكرانيا".

ومن شأن ذلك التصعيد أن يعني ما قد تراه روسيا تدخلاً مباشراً من حلف الناتو في الصراع الجاري بأوكرانيا، وهو ما يهدد ليس فقط بنسف اتفاق تصدير الحبوب تماماً بل ربما بتصعيد عسكري أوسع نطاقاً.

اقرأ المزيد