Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل إبعاد حلفاء الحلبوسي بداية انهيار تحالف الدولة؟

بغداد تقيل حلفاء رئيس البرلمان في الأنبار وسط صمت سياسي عراقي

مراقبون اعتبروا عملية إزالة حلفاء الحلبوسي من السلطة التنفيذية محاولة لتقويض استمراريته رئيساً لمجلس النواب (أ ف ب)

ملخص

الحكومة العراقية نفذت سلسلة من الاعتقالات ضد مسؤولين في محافظة الأنبار ممن يدينون بالولاء لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في محاولة لتقويضه وإبراز بديل سني له.

سلسلة من القرارات اتخذتها الحكومة العراقية مصحوبة باعتقالات يبدو في ظاهرها مكافحة الفساد الإداري بالأنبار عبر إقالة مسؤولين كبار في المحافظة من المقربين من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي لكن في باطنها بداية تصدع تحالف "إدارة الدولة" ومحاولة للحد من نفوذه قبل الانتخابات المحلية.

هيئة النزاهة في العراق اعتقلت بمساندة قوة أمنية قادمة من بغداد، في 27 يونيو (حزيران) الماضي، مدير دائرة التقاعد في الأنبار أنس ياسين، معللة قرارها بأن القضية ترتبط بتهم فساد. وفي بيان تالي لها، قالت الهيئة إن مدير مكتبها في الأنبار علي عبيد المرعاوي تم اعتقاله بتهم فساد بموجب مذكرة قضائية صادرة عن محكمة تحقيق مكافحة جنايات الفساد المركزية وتتعلق بتهمة التواطؤ مع المتهم الأول الذي كان يشغل مدير تقاعد المحافظة.

مجموعة القرارات امتدت إلى إعفاء مدير تقاعد الشهداء في الأنبار من منصبه، وإقالة مدير التربية بالمحافظة نافع الدليمي وإحالته إلى التقاعد، بعد أيام من سلسلة من الاعتقالات التي استهدفت مديري التقاعد والنزاهة، وأغلبهم من المقربين أو المحسوبين على حزب تقدم الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.

تظاهرات مفاجئة

مدينة الرمادي بدورها شهدت تظاهرات لأنصار الطريقة الكسنزانية (صوفية) بدعوة من شيخ الطريقة نهرو عبدالكريم، دعمت إجراءات الحكومة في مكافحة الفساد داخل محافظة الأنبار. ويتخذ نهرو من مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق مقراً له.

وهذه أول تظاهرة تشهدها الأنبار منذ عام 2014 عند دخول تنظيم "داعش" الإرهابي إلى المحافظة بعد رفع خيام التظاهرات والاعتصامات فيها آنذاك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رده على ما يجري من اعتقالات وتظاهرات في الأنبار، قال القيادي في حزب "تقدم" وأحد مستشاري رئيس مجلس النواب عمار الحمداني، إن المحافظة لن تكون لقمة سائغة بيد من يحاول إعادة التطرف والإرهاب، داعياً رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إلى توضيح موقفه من التظاهرات وما يجري مما سماه محاولات لتخريب الوضع الأمني والاقتصادي فيها.

الحمداني ذكر في لقاء متلفز، أن الحلبوسي عمل وأنجز وهناك أناس مغتاظة من منجزات الأنبار، معتبراً أن ما حصل في المحافظة من إعمار أمر ينسب له، مضيفاً "أننا رجال الرئيس ولن نسلم الأنبار إلا بالدم ولن نسمح بعودة ما جرى في المحافظة"، في إشارة إلى الأحداث الأمنية التي مرت بها في عام 2014 عند دخول تنظيم "داعش" إليها.

إبعاد رجال الحلبوسي

مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، يرى أن عملية إزالة حلفاء الحلبوسي من السلطة التنفيذية ستتواصل من أجل تقويض استمرارية وجوده كرئيس لمجلس النواب.

وقال فيصل إن "المواجهة مستمرة بالصراع بين تيار تقدم الذي يترأسه محمد الحلبوسي وحلفائه في مواجهة التيار المناهض له المتمثل في الإطار التنسيقي الذي كان معارضاً له ويستهدف باستمرار تقويض أي فرصة لإعادة انتخابه رئيساً للبرلمان حتى قبل الانتخابات الأخيرة".

ورأى أن "الإطار التنسيقي لم يعد يرغب تدريجاً باستمرار تحالفه مع إدارة الدولة بعد تحقيق أهدافه بتشكيل الحكومة التي يرأسها السوداني حالياً"، مبيناً أنه استطاع تعزيز نفوذه على صعيد السلطات المختلفة وإجراء التغيرات في السلطتين القضائية والتنفيذية وصولاً إلى التشريعية.

وأضاف فيصل أن ظهور تحالفات سنية في الأنبار مناهضة للحلبوسي يمثل مصلحة جوهرية لـ"الإطار التنسيقي" بهدف إجراء تغييرات تصب في مصلحة نفوذه وتغيير طبيعة تحالف إدارة الدولة، مشيراً إلى أن تخليه أيضاً (الإطار التنسيقي) عن التعهدات التي قطعها للحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي.

ولفت إلى أن هناك متغيراً جديداً سيكون في طبيعة عمل تحالف إدارة الدولة عبر إثارة ملفات للفساد وغيرها ضد حزب تقدم وتحالف السيادة عموماً ولحلفاء الحلبوسي في الأنبار بما يقوض استمرار وجوده كرئيس لمجلس النواب.

صدمة الواقع

الأكاديمي المتخصص في العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية العراقية عصام الفيلي، اعتبر أن المكون السني بصدد البحث عن قائد بديل عن الحلبوسي، مضيفاً أن "الموضوع الذي أثير ضد بعض الشخصيات المقربة من رئيس البرلمان رغم أنه إجراء قضائي فإنه سيؤدي إلى التأثير فيه كزعيم".

ولفت الانتباه إلى أن عملية الإعداد لزعيم بديلاً عن الحلبوسي بدأت واضحة من خلال تصريحات كثير من الزعامات السنية خلال المرحلة الماضية بشكل مباشر وغير مباشر.

وأضاف الفيلي أن القائد السني الجديد قد يكون من خارج حزب "تقدم"، وهذا يظهر من خلال خطاب القوى السنية الأخرى، مشيراً إلى أن الأنبار هي الأقل عدداً في المقاعد الانتخابية فيما يخص مجلس النواب إلا أن قوة الحلبوسي السابقة أهلته أن يجعل من المحافظة عنصر استقطاب وتحدٍ.

ونبه إلى أن محافظة الأنبار تعتبر من أهم المعاقل الإسلامية وهذا الأمر ينظر إليه بحذر حتى من قبل القوى المدنية الأخرى وحتى من المكون الشيعي، موضحاً أن إظهار شخصية أخرى يجب أن يخضع للتمحيص والتدقيق لكون الحلبوسي حول الأنبار إلى محافظة مدنية وخلق علاقات استراتيجية مع كثير من الجهات.

واعتبر أن المعادلة السياسية العراقية تتأثر بالقوى الخارجية التي لا تريد أن يبرز زعيم أوحد من أي مكون لأنه سيكون عنصر استقطاب وقوة ومن ثم تقويض التدخلات الخارجية، مشيراً إلى أن "الحكومة العراقية تتدخل في موضوع من يتزعم المكون سواء السنة أو الكرد ولكن من خلال المراجعة لبعض تصريحات رجال الصف الثاني في "الإطار التنسيقي" فإنه يتضح استمرار مساعي تقويض الحلبوسي وعبر قوى سنية تختلف اجتماعياً.

وبين الفيلي أن الموصل مثلاً تختلف في بنيتها الاجتماعية وهي بنية مدنية إسلامية ذو بعد عسكري تختلف عن الأنبار "القبلية"، وكذلك محافظة صلاح الدين التي تعتبر مزيجاً بين القبلية والمدنية وشيئاً من العسكرة، لافتاً إلى أن هذا الأمر يجعل هناك تقاطعات في طبيعة الريادة لإدارة الملف السني.

وتابع أن هناك مخاوف من بعض الأطراف من أن يتجه الحلبوسي إلى إنشاء إقليم الأنبار لا سيما بعد نجاحه في مجال الأعمار والبناء بالمحافظة وإدارة مجلس النواب الذي دائماً ما يظهر أنه الأقوى في إدارة الجلسات، مشيراً إلى أن هذا الأمر أثار مخاوف منافسيه وبغض حاسديه.

واختتم حديثه بالإشارة إلى البعد العشائري في محافظة الأنبار، الذي يلعب دوراً منذ مئات السنين وقد لا يقبل الشخصية المدنية، ويصاحب كل ذلك محافظات أخرى ترى أن مكانتها التاريخية مثل الموصل تمكنها من لعب دور داخل المكون السني.

المزيد من متابعات