Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف حطم إيلون ماسك "تويتر"؟

تندرج الأزمات التي تواجه مستخدمي المنصة ضمن مشكلة أوسع تجتاح الشبكة العنكبوتية

تخبط "تويتر" من فضيحة لأخرى منذ تولي ماسك إدارة الشركة في أكتوبر من العام الماضي (غيتي)

ملخص

بات واضحاً أن المشكلات التي تواجه تويتر لم تكن مجرد أمور تقنية قديمة، بل مشكلات من شأنها أن تحدد مستقبل "تويتر" وكذلك شبكة الإنترنت برمتها

بدأت المشكلة مثلها مثل أي تعطل آخر للخدمة: رسائل لأخطاء غير معروفة تخبر المستخدمين أنهم بلغوا "الحد الأقصى" [من التغريدات المسموح بها]، وأنه ليس ممكناً تحميل أو عرض تغريدات "تويتر". لكن، بانتهاء عطلة نهاية الأسبوع، بات واضحاً أننا لم نكن إزاء مجرد مشكلات تقنية قديمة، بل مشكلات من شأنها أن تحدد مستقبل "تويتر"، بل شبكة الإنترنت برمتها.

ظهر إيلون ماسك على "تويتر" يوم السبت الماضي معلناً أنه سيدخل مجموعة من التغييرات إلى سياسة المنصة "بغية التصدي للمستويات القصوى التي بلغها تجريف بيانات الموقع [و] التلاعب بالنظام" [تجريف البيانات ’Data Scraping’ أو تجريف الويب هو الآلية التي يقوم بها برنامج كومبيوتر باستخلاص أكبر قدر ممكن من بيانات المواقع الالكترونية التي قام البشر بكتابتها ونشرها وبالتالي الاستفادة منها من قبل برامج الذكاء الاصطناعي في تطوير وسائله]. هكذا، لن يرى المستخدمون سوى عدد محدود من التغريدات، كما وسيتعذر تماماً على الذين لم يسجلوا دخولهم إلى "تويتر" الاطلاع على محتوى الموقع.

لقد أثار هذا القرار رسائل الخطأ تلك، ذلك أن المستخدمين كانوا يصلون إلى "الحد الأقصى المسموح به" من التغريدات، أي أنهم كانوا يطلبون قراءة عدد من المنشورات تتجاوز قدرة "تويتر" على عرضها. وترتب على فرض هذه القيود الجديدة، الموقتة على ما يبدو، على رغم أنها ما زالت سارية المفعول، خضوع المستخدمين لتقنين عدد التغريدات التي أمكنهم الاطلاع عليها، وظهور رسائل مزعجة وغير مفسرة عند بلوغ ذلك الحد فعلاً.

في نواح كثيرة، كان ما حدث قراراً آخر محيراً ومثيراً للقلق من جانب ماسك، الذي تخبطت قيادته لـ"تويتر" من فضيحة لأخرى منذ توليه إدارة الشركة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. (عين ليندا ياكارينو رئيسة تنفيذية للمنصة الشهر الماضي، ولكن يبدو أنه لم يحسم قراره بعد بشأن كيفية تنفيذ استراتيجية وطريقة إيصالها إلى المعنيين داخل الشركة).

أمر مختلف

لكن يبدو أن الفوضى هذه المرة تنطوي على أمر مختلف. أولاً، إنها ليست واحدة من المشكلات الكثيرة المتعلقة بسياسة المحتوى أو الطرق غير الودودة المحتملة لتشجيع المستخدمين على الاشتراك في خدمة "تويتر" الفريدة التي ميزت إشراف ماسك على "تويتر" حتى الآن، ومن ناحية أخرى، يبدو أنها جزء من أزمة أوسع تهز شبكة الإنترنت بأسرها، التي ربما تكون مشكلة "تويتر" واحدة من أعراضها فحسب.

ليس واضحاً بعد ما إذا كان لقرار ماسك الأخير علاقة فعلاً بتجريف البيانات من المنصة بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي، كما ادعى الملياردير. لكن لا ريب أن هذا التفسير يبدو منطقياً. فأنظمة الذكاء الاصطناعي تتطلب تدريباً على مجموعات كبيرة من النصوص والصور، وحققت الشركات المصنعة ذلك من طريق تجريف وإعادة استخدام النص المتوفر بسهولة عبر الويب.

كلما أراد مستخدم ما تحميل صفحة على الشبكة الإلكترونية، يتقدم حاسوبه بطلب إلى خوادم تلك الشركة، التي توفر بعد ذلك البيانات التي يعاد تشكيلها على متصفح الويب الخاص بالمستخدم. مثلاً، إذا كنت ترغب في تحميل حساب ماسك على "تويتر"، فإنك توجه متصفحك إلى العنوان المطلوب وسيعمل على إظهار تغريدات رجل الأعمال المنشورة على "تويتر"، مسحوبة من الإنترنت.

لكن لا يأتي ذلك من دون تكاليف طبعاً، بما في ذلك سعر تشغيل هذه الخوادم وكلفة عرض النطاق الترددي اللازم لإرسال كميات مهولة من البيانات بسرعة عبر الإنترنت. وبالنسبة إلى الجزء الأكبر من الإنترنت الحديثة، لقد غطى هذه الكلفة أيضاً إرسال بعض المواد الدعائية، أو الطلب إلى المستخدمين التسجيل للحصول على اشتراك يسمح لهم بالاطلاع على المحتوى المراد.

لكن، تقوم شركات الذكاء الاصطناعي التي تجرف تلك المواقع بطلبات متكررة للحصول على تلك البيانات، وبسرعة. ونظراً إلى أن النظام مؤتمت، فإنها لن تشاهد الإعلانات أو تدفع في مقابل الاشتراكات، مما يعني أن الشركات لا تحصل على أي مقابل مادي لقاء المحتوى الذي تقدمه.

على ما يبدو، تتفاقم هذه المشكلة عبر الإنترنت. فالشركات، من قبيل "تويتر"، والتي تستضيف محادثات نصية، تدرك أنها ربما تقدم البيانات نفسها التي من شأنها أن تجعل منها ذات يوم شركات متقادمة ولى زمانها، وتحرص أقله على جني بعض المال من هذه العملية.

كذلك يبدو أن هذه المشكلة أحد الأسباب وراء التداعيات الأخيرة التي شهدتها منصة "ريديت" Reddit أيضاً. في الحقيقة، هذا الموقع مفيد جداً لتغذية الذكاء الاصطناعي، إذ يتضمن إجابات بشرية ومفيدة للغاية بالنسبة إلى أنواع الأسئلة التي قد يطرحها المستخدمون على نظام ذكاء اصطناعي، وتدرك هذه الشركة تماماً أنها مجدداً، تعطي المعلومات التي في المستطاع استخدامها للتفوق عليها أيضاً.

فرض رسوم

بغية إيجاد حل لهذه المشكلة، أعلنت منصة المناقشة أخيراً أنها ستفرض رسوماً على [المؤسسات والمطورين] لاستخدام قدر كبير من "واجهة برمجة التطبيقات" (API)، التي تعمل كواجهة يمكن للأنظمة الآلية من خلالها جمع تلك البيانات [مما يعني أنه سيتعين عليهم دفع المال لـ"ريديت" في مقابل كل مرة يقوم بها أي تطبيق بتحميل منشور أو تعليق أو صورة من المنصة].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان المقصود من هذه الخطوة جزئياً على الأقل أن تكون وسيلة لكسب الأموال من شركات الذكاء الاصطناعي تلك، على رغم أنها جعلت المنصة مكلفة جداً بالنسبة إلى تطبيقات الطرف الثالث في "ريديت"، التي تعتمد أيضاً على "واجهة برمجة التطبيقات" تلك للاستمرار في العمل، ومنذ ذلك الحين أغلقت الأكثر شهرة منها.

في الحقيقة، ثمة سبب وجيه يدعونا إلى الاعتقاد بأن هذه الحال لن تتوقف. فأنظمة الذكاء الاصطناعي ما برحت تجترف من الويب، وهذه الأنظمة عينها ستُستخدم في نهاية المطاف لتقويض تجربة استخدام الشبكة: في الواقع، يستفاد من "تويتر" بغية تدريب روبوتات الدردشة نفسها التي ستنشر ذات يوم رسائل مضللة ومزعجة في كل أرجاء المنصة.

كل موقع إلكتروني يضم نصوصاً أو صوراً أو مقاطع فيديو يواجه المشكلات عينها، فيما تتطلع شركات الذكاء الاصطناعي إلى إنشاء مجموعات بياناتها وتدريب أنظمتها. على هذا النحو، من شأن شبكة الإنترنت برمتها أن تصبح أشبه بما صنعه ماسك بـ"تويتر" خلال عطلة نهاية الأسبوع: معادية فعلياً للمستخدمين الحقيقيين، فيما تحاول استبعاد المستخدمين المزيفين.

لكن من المحتمل تماماً أيضاً أن تفسير ماسك للسبب وراء تعطل الموقع يتناغم مع المناخ الراهن وينحو، على نحو مفيد، باللائمة على شركات الذكاء الاصطناعي التي سبق أن أعرب رجل الأعمال عن شكوك كبيرة بشأنها. لعل الحقيقة أن "تويتر"، الذي طرد الغالبية العظمى من موظفيه، بمن فيهم فرقه الهندسية، ربما يواجه أخيراً مشكلات في بنيته الأساسية، تطرأ عندما لا يتبقى سوى قلة من الموظفين لإدارة الموقع الإلكتروني على الإنترنت.

"لا تنطوي على أية صدقية"

ربما يكون الرئيس السابق لقسم النزاهة والسلامة في "تويتر"، يوئيل روث، أفضل شخص مؤهل للإشارة إلى ذلك. حيث قال إن حجة ماسك بشأن الحدود القصوى الجديدة للتغريدات "لا تنطوي على أية صدقية"، مشيراً في المقابل إلى أنها جاءت نتيجة شخص تخطى عن طريق الخطأ الحد الأقصى ثم اعتبر ماسك أن هذه الحادثة كانت متعمدة، سواء أكان يعرف ذلك أم لا.

وكتب روث على "بلوسكاي"، المنصة المنافسة لموقع "تويتر": "بالنسبة إلى أي شخص يتتبع المجريات، ليست هذه المرة الأولى التي يعطلون فيها الموقع تماماً من خلال التخبط في شأن الحد الأقصى للتغريدات". وأضاف: "هنالك سبب وراء كون المحدد إحدى أكثر الأدوات الداخلية تقييداً. ربما يكون العبث بالعدد المحدد المسموح به من التغريدات لكل حساب أسهل طريقة لإصابة ’تويتر‘ بشلل".

كذلك قال روث إن "تويتر" كان على علم منذ فترة طويلة بأنه يتعرض للتجريف من بياناته، وأنه لم يكن يمانع. ووصفه بـ"السر المفضوح للوصول إلى بيانات تويتر"، وقال إنه "لا بأس بذلك" في نظر الشركة.

وأشار أيضاً إلى أن أحداث نهاية الأسبوع ربما تكون تلميحاً عما تنتظره الإنترنت في المستقبل، إذ يحمل معه بديلاً مختلفاً تماماً. كذلك رأى روث أن الجهات التي ينبغي أن تغضب فعلاً مما يحدث ليست "تويتر" و"ريديت" وغيرهما من شركات.

ووجد روث "بعض الأحقية في انزعاج "تويتر" و"ريديت" من شركات الذكاء الاصطناعي بسبب اغترافها، وبالمجان، من البيانات الاجتماعية بغرض تدريب نماذج ذكية مربحة تجارياً".

و"لكن لا يجب أن تنسى المنصتان أبداً أن هذه البيانات ليست ’ملكهما‘، بل إنها بياناتنا. الأجدر أن يكون الحل للذكاء الاصطناعي المتطفل متمحوراً حول المستخدم وليس حول الربح".

© The Independent

المزيد من علوم