ملخص
اقتصرت صلاة العيد في الخرطوم على ميادين قريبة من المنازل بدلاً من ساحات شهيرة
يصعب على السودانيين في عيدهم الثاني على التوالي خلال الحرب أن يعيشوا الفرحة والبهجة، نظراً إلى واقع فرضته المعارك الدائرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي، إذ يحل عيد الأضحى ضيفاً حزيناً يلتمسه المواطنين بقلوب محطمة وفرحة باهتة ولسان حالهم يردد "بأي حال عدت يا عيد"، وبدل تبادل التهاني ما زالت البلاد تتلقى أنباء ارتفاع أعداد القتلى والجرحى.
حل العيد وسط ظروف بالغة التعقيد، بخاصة الأوضاع الإنسانية والمعيشية وانعدام السيولة واشتداد حدة الفقر نتيجة توقف الأعمال اليومية فضلاً عن أزمة الرواتب التي تفاقمت، لا سيما في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ولم يعد بمقدور كثيرين توفير حاجاتهم اليومية من الغذاء، فكيف بالنسبة إلى شراء خراف الأضاحي؟
فرحة باهتة
إزاء هذا الوضع، اقتصرت صلاة العيد في الخرطوم على ميادين قريبة من المنازل بدلاً من ساحات شهيرة مثل المساجد الكبرى وميادين المولد، وعقب صلاة الأضحى حلّق الطيران الحربي في أجواء العاصمة مع دوي إطلاق نار متقطع من أسلحة ثقيلة جنوب مدينة أم درمان.
وسادت أجواء من الحزن والخوف والترقب لم تسمح لكثيرين بالاستمتاع بفرح العيد وطقوسه وعاداته، لا سيما التجمع في منزل كبير العائلة وزيارة منازل الجيران والأقارب لتقديم واجب التهنئة بالعيد.
ويتحسر المواطن محمد إبراهيم الحاج على العيد بالخرطوم في الأعوام الماضية مقارنة بالوضع الحالي نتيجة الصراع المسلح "الذي أفسد الفرحة على الناس في عيد الفطر وتلاه الأضحى"، ويقول "الصغار لم تسمح لهم ظروف الحرب بالتمتع بأنسهم البريء، لا هرولة إلى ميدان صلاة العيد وطرقات الخرطوم تشبه الأشباح".
عيد الأقاليم
بعيداً من العاصمة الخرطوم وفي أقاليم السودان المختلفة عمت الشوارع أجواء الفرح وانصرف الجميع إلى ذبح الأضاحي واجتمعت العائلات وتم توزيع جزء من لحم الأضاحي على الفقراء.
ورأى الكاتب والروائي حسن محمد علي أن "عيد الأضحى في ولايات البلاد يختلف كلياً عن الخرطوم، خصوصاً تلك التي لا تشهد نزاعاً مسلحاً، إذ يتجلى البعد الحقيقي لترف التواصل الاجتماعي وحميمية اللقاء في العيد الكبير كما يحلو لمعظم السودانيين تسميته، فيبدأ الناس يومهم بصلاة العيد في الساحات التي يتدافع إليها كل أفراد الأسرة مصطحبين التكبير والتهليل كموجه ديني".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته، يتحسر الموظف عماد الطاهر على ما آلت إليه أوضاع السودانيين قائلاً "لا يوجد مؤشر إلى أن عيد الأضحى سيكون كما في السابق في ظل عدم صرف أجور العاملين في القطاعين الخاص والعام وإغلاق الأسواق والمؤسسات والشركات وهجرة ملايين السكان داخل البلاد وخارجها"، ويسأل "كيف يضحي الناس ورائحة الموت في كل الطرقات؟، لافتاً إلى أنه "لا توجد أسرة لم يقتل أحد أفرادها أو تهدم منزلها، بخاصة أن الضرر شمل الجميع في الخرطوم".
أوضاع النازحين
وفي مخيمات النازحين بمدينة بورتسودان شرق العاصمة، المعاناة نفسها تتجدد مع كل فجر جديد وفقد الفارون من ويلات الحرب الشعور بطعم العيد بعد أن غادروا منازلهم مجبرين.
واعتبر المواطن كمال عبدالهادي أن "قضاء العيد خارج الديار بعيداً من الأهل والأصدقاء أمر محزن للغاية، ولا ملامح فرحة هنا في المعسكرات، ولا يمكن للنازح شراء ما يحتاج إليه أطفاله، بل ليس بين النازحين من لديه رغبة في الاحتفال بالعيد، واعتبره كثيرون يوماً كبقية الأيام"، وأوضح أنه واجه القصف والدمار ولم يخرج من منطقة شرق النيل في الخرطوم إلا بعدما باتت شبه خالية من السكان، "ولم أكن أتخيل في يوم من الأيام أنني سأترك منزلي، لكني اضطررت إلى المغادرة بعد تصاعد حدة القتال وسط دوي القذائف والرصاص والقصف الجوي".
وأشار إلى أنه "نزح إلى شرق السودان مع أفراد أسرته واستقر في مدرسة مخصصة للنازحين الآتين من العاصمة"، ووصف الوضع "في وقت تقوم بعض المنظمات المحلية والعالمية بتقديم معينات، إلا أنها لا تكفي حاجة آلاف النازحين".