Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يرث الطيران التجاري حلم استعمار الفضاء؟

بعد أن تنازلت عنه "ناسا" بدأ أثرياء يتنافسون نحو الوصول إليه برحلات مكلفة تستهدف كشف الأسرار لتحقيق أمجاد شخصية

أثرياء العالم يتنافسون من أجل الطيران نحو حافة الفضاء (مواقع التواصل)

ملخص

في عام 2018 أعلنت "ناسا" تنازلها رسمياً عن هذا الحلم بعدها بدأ رجال الأعمال رحلة تفكيكه وبيعه إلى الأثرياء ليتنافسوا على تحقيق مجد شخصي.

قبل سنوات عدة قرر الرجل الثري ريتشارد برانسون الذهاب برحلة إلى حافة الفضاء، ضمن ما عرف برحلات الطيران التجاري دون المدارية، وكانت كلفة الرحلة القصيرة زمنياً (430 ألف دولار) للمقعد الواحد.

وتعد رحلات الطيران دون المدارية أحدث تكنولوجيا مستخدمة في الطيران التجاري، إذ يمكن من خلال هذه التقنية الطيران بين سيدني ولندن في ساعتين بدلاً من 22 ساعة عبر الطيران التقليدي، لكن المشكلة حول هذه الرحلة ليست في التفاصيل الصغيرة المتعلقة بسلامة الركاب وفق ما تروج له النخب الثرية، بل إنها تكمن في كون هذه التقنية مستعارة من برامج غزو الفضاء واستعماره.

استعمار الفضاء ظل حلماً يروج له العالم المتحضر عبر وسائل إعلامه وحتى من خلال هوليوود منذ قرن من الزمان وحتى عام 2018 حينما أعلنت "ناسا" تنازلها رسمياً عن هذا الحلم، بعدها بدأ رجال الأعمال رحلة تفكيك هذا الحلم وبيعه إلى الأثرياء، ليتنافس رجال أمثال برانسون وإيلون ماسك وجيف بيزوس على امتلاك أحدث نسخة من هذه المغامرة الصغيرة، فيما يعد هذا العمل التجاري الترفيهي استهانة بدماء وتضحيات رجال حالمين آخرين من نخب علمية وفكرية أمثال ليوناردو دافنشي وعباس ابن فرناس الذي فقد حياته من أجل تنبيه البشرية إلى حاجة الإنسان إلى الطيران من أجل معرفة أسرار الفضاء.

ابن فرناس ودافنشي

في بداياته شكل علم الطيران لبنة ضمن صراع الخير والشر الأزلي، وعبر عن أحلام إنسانية أكبر قدراً وقيمة من مجرد التباهي بالثروة والتنافس المحموم نحو تحقيق أمجاد شخصية، إذ أراد حالمون من نوع آخر، مثل ابن فرناس ودافنشي، الوصول إلى السماء والتحليق خارج نطاق الأرض لمعرفة شيء عن أسرار الحياة التي نقلتها لنا الفنون القديمة ومخيلة الأدباء ورجال الدين والدجالون غيبياً.

وفي عام 825م ألقى ابن فرناس نفسه من فوق مأذنة جامع قرطبة في الأندلس فتعرض لكدمات غير مميتة، ثم كرر الرجل ذاته تجربة الطيران بعد سنوات عدة فحلق لمدة 10 دقائق قبل السقوط المميت.

من جهته قام الرسام دافنشي بتخيل الطيارات الشراعية فوضع حجر الأساس لأول آلة تطير وفق قوانين الإزاحة الهوائية التي تتبعها الطيور والطائرات الحديثة في يومنا هذا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والتقط النازيون الألمان فكرة القاذفات نقلاً عن حروب عربية بدائية، دارت رحاها في القرن الثالث عشر الميلادي بين العرب والصليبيين، والتي حملت مشروع أول قذيفة متطورة الصنع في التاريخ وفق كتاب "مؤلفات في المكائد والأسلحة الحربية" لنجم الدين حسن الأحدب 1294-1295م المعروف باسم (حسن الرماح).

نقل النازيون علم المقذوفات إلى وجهته الحالية من خلال اختراع وتطوير صواريخ فتاكة وبعد تدمير كثير من العواصم وقتل آلاف البشر خلال الحربين العالميتين، فيما ظهرت أول نتيجة إيجابية لهذا المخاض الطبيعي لعلم المقذوفات والطيران من خلال حلم مشترك آخر للإنسان وتحديداً في عام 1969 حين وضع نيل آرمسترونغ أول خطوة للبشرية على سطح القمر.

انفصال الطيران عن حلم غزو الفضاء

وفق هذه الرؤية شكل علم الطيران الساذج رافعة أساسية لحلم آخر أكثر طموحاً وهو مشروع استعمار الفضاء، لكن الحلمين المتلاحمين تاريخياً انفصلا تماماً أخيراً، وعلى فترات زمنية متقطعة، مع ذلك استأنف الكونت فاردينارد زبلان تطوير مسيرة الطيران بعيداً من فكرة غزو الفضاء عام 1900 حين طير منطاده بالتحكم الأفقي فوق بحيرة كونستانس.

وفي عام 1910 أسس السير جورج وايت مع أخيه صموئيل شركة طائرات "بريستول" ثم ظهرت طائرة "كونكورد" فوق الصوتية التي تعد من آخر إنجازات صناعة الطيران قبل ظهور الطائرة الكهربائية التي تعمل بالطاقة الشمسية، إذ يواصل آخرون في يومنا هذا تطوير الطيران وحمل حلم (دافنشي وعباس) باتجاهات أكثر صداقة للبيئة، من خلال "سولار إمبلس" السويسرية وهي عبارة عن طائرة شمسية يقودها طيار وتحلق طوال الليل من دون التزود بالوقود لمدة 26 ساعة وتنتج الكهرباء ذاتياً بدلاً من الاحتراق الداخلي، وكان هدفها في 2015 التحليق دورة كاملة حول الأرض بالطاقة النظيفة.

صراع النخب والعواقب الأخلاقية

على عكس ما أعلنته بعض وكالات الفضاء العالمية الكبرى عن انتهاء حلم غزو الفضاء موقتاً لم يعلن البشر عن انتهاء حلم الطيران على رغم وصوله إلى مراحل متقدمة، لكن خطر الربح المالي على هذا الحلم يتزايد، إذ جنح بحلم الطيران نحو آفاق في غاية البعد عن الطموح البشري البدائي، وانتهى أحياناً ضمن صيغة ربحية بحتة، وفي 2021 دفع 600 شخص مقدماً للحجز في الرحلة التي خاضها برانسون نحو حافة الفضاء والتي تكلفت ربع مليون دولار للمقعد الواحد.

يذكر أن الطائرة الشمسية "سولار ستراتوس" حققت منجزاً نوعياً تمثل في وصولها إلى حافة الفضاء ضمن تطورها هذا بعيداً من حلم غزو الفضاء وعلم المقذوفات، مع ذلك ليس من المتوقع أن يتنكر حلم الطيران للبشرية كما هو الحال مع حلم غزو الفضاء الذي يبدو حالياً في هيئة المتنكر لفضل جميع العلوم عليه، ومنها علم الطيران وبقية المعارف الإنسانية التي استثمرت فيه كثيراً من الطاقات والمشاعر، ليتخلى بعضهم عنها حالياً لأسباب يراها كثيرون واهية وغير مقنعة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات