Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختلاف سياسي وتشريعي على قانون "العفو العام" في العراق

انقسام الرأي داخل ائتلاف إدارة الدولة وجدل بين القوى والتكتلات حول جدوى إقراره

زيادة كلف السجناء في ظل ارتفاع سعر الدولار تكلف موازنة الدولة مبالغ طائلة (أ ف ب)

ملخص

يثير قانون العفو العام في العراق كثيراً من الخلافات السياسية بين القوى والمكونات الأخرى على رغم تمدد الموضوع ووصول صداه إلى الأوساط الشعبية... فما القصة؟

يثير قانون العفو العام في العراق كثيراً من الخلافات السياسية بين القوى والمكونات الأخرى على رغم من تمدد الموضوع ووصول صداه إلى الأوساط الشعبية، إذ يعد من أبرز شروط الكتل السنية في اتفاق تشكيل الحكومة والانضمام إلى ائتلاف إدارة الدولة الذي انبثق منه تشكيل الحكومة الحالية.

ويشكل قانون العفو العام صراعاً جديداً بين القوى السياسية، إذ في أبريل (نيسان) الماضي، أعلن وزير العدل خالد شواني أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شكل لجنة في شأن قانون العفو العام، مبيناً أنه "عند إقراره سيكون إنجازاً لجميع الكتل السياسية المنضوية داخل ائتلاف إدارة الدولة".

اتفاق تشريعي

النائب عن تحالف السيادة في مجلس النواب عبدالكريم العبطان أكد أن قانون العفو العام ضمن الاتفاقات السياسية، ولن يتنازل عن تشريعه داخل قبة البرلمان. وقال في تصريح صحافي إن تعديل القانون وتشريعه تم الاتفاق عليه مسبقاً في البرنامج الحكومي، إذ إن الحكومة تشكلت على أساس مجموعة من الاتفاقات منها هذا القانون الذي يفترض أن يمضي لإنصاف الأبرياء القابعين في السجون.

وأضاف النائب البرلماني "مطلبنا هو إنصاف المحكومين نتيجة المخبر السري والاعتراف بالإكراه"، مبيناً أن الدعوات التي ظهرت أخيراً لتعديل القانون لا تمثل الجميع، وهي وجهات نظر ليس إلا".

إلغاء حكومي

بدوره، أشار عضو ائتلاف "دولة القانون" أحمد السوداني إلى أن الوضع يتجه إلى ذهاب الحكومة نحو إلغاء قانون العفو العام، مؤكداً أنه تم الاعتراض على تمريره من معظم الوزراء خلال جلسة المجلس التي عقدت الثلاثاء الماضي.

وقال السوداني في تصريح صحافي إن "هناك رفضاً واسعاً من معظم شرائح الشعب"، مشيراً إلى أن "تمرير القانون سيجعل الحكومة في مواجهة المواطنين من خلال التظاهرات العارمة التي ستخرج ضد الإفراج عن القتلة والمجرمين من السجون". 

وتابع عضو الائتلاف "الحكومة ستعمل على دراسة ملف ردود فعل المواطنين في شأن تمرير قانون العفو العام من عدمه، لكن الإلغاء هو الرأي الذي يتسيد الموقف الحالي"، موضحاً أن "هناك عديداً من المتورطين بنسبة كبيرة من الذين سيشملهم القانون بالجرائم الوحشية السابقة". 

إقرار العفو 

في هذا السياق قال المتخصص القانوني علي التميمي إن الشعب العراقي وبكل طوائفه وقومياته من الحكومة والبرلمان يتطلع إلى إقرار قانون للعفو العام ينصف فئات كبيرة ويسهم في تعزيز السلم المجتمعي ويزيد ثقة المواطن بالحكومة، وكذلك ينقذ شريحة واسعة ممن يقبعون داخل السجون لأسباب بعضها قد تكون قاهرة وخارجة عن إرادة المحكوم عليهم، لافتاً إلى أنه من وجهة نظر قانونية واقعية مجردة من العاطفة يمثل الإسراع من حكومة السوداني في رفع مسودة القانون إلى البرلمان ضرورة ملحة لعوامل وأسباب عدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح التميمي أن اكتظاظ السجون بالمحكومين في ظل انتشار وباء كورونا ومتحوراته، إذ أشارت المادة الثانية من اتفاقية الصحة العالمية إلى ضرورة إنقاذ هذه الشرائح في ظل انتشار الأوبئة وما تشكله من خطر على التجمعات والسجون، لافتاً إلى أن المنظمة صنفت العراق في المرتبة 20 دولياً من حيث الإصابات والوفيات، بالتالي أصبح إقراره "ضرورة".

وتابع القول إن الحكومات الإصلاحية الجديدة في كل دول العالم تسعى إلى إقرار قوانين العفو العام لبدء صفحة جديدة مع الشعب الذي عانى ويلات وتراكمات الحكومات السابقة، لافتاً إلى أن الشعب العراقي يرى خيراً في شخصية السوداني.

وقال التميمي إن زيادة كلف السجناء من إطعام وعلاج وكهرباء وماء في ظل ارتفاع سعر الدولار تكلف موازنة الدولة مبالغ طائلة في الوقت الذي ينخفض فيه سعر برميل النفط وتأثيره في الدخل، مبيناً أن كثيراً من الأوساط النيابية والحكومية أشارت إلى شبهات فساد في السجون، وأن إقرار العفو سيزيل تلك الشبهات والشكوك.

ونوه التميمي بضرورة إدخال المحكومين في دورات إصلاحية ومتابعة سلوكهم بعد إخراجهم حتى لا تتلوث وتنحرف أفكارهم نتيجة الاختلاط بالسجناء الآخرين، محذراً من مغبة تفشي الأفكار التكفيرية والإرهابية داخل السجون.

بدل نقدي

ولفت إلى أن وضع بدل نقدي للمحكوم عليهم ممن اتهموا بقضايا فساد مالي سيعزز الاقتصاد، ويسهم في استرجاع الأموال المنهوبة، مطالباً بإطلاق سراح ممن قضوا نصف العقوبة، مضيفاً أنه يحق للحكومة والبرلمان استثناء أي فئة من العفو لأسباب تقدرها الجهات القضائية.

وأشار المتخصص القانوني إلى أن العفو لا يقضي على ركن الجريمة للمعفى عنه، ويُعطى بطاقة بعد إقرار القانون تبين أنه مؤهل للإصلاح وزجه للعمل في المصانع والمعامل والدورات الإصلاحية والتأهيلية، مبيناً أن الأجانب الذين ارتكبوا جرائم في العراق لا يمكن إطلاق سراحهم إلا بعد أخذ التعويضات الخاصة من بلدانهم وما سببته من ضرر، كما فعلت ليبيا في زمن الرئيس الراحل معمر القذافي.

جدل سياسي

ومن جهته، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري في تصريح له إن هذا القانون كان ولا يزال جزءاً من ورقة الاتفاق السياسي باعتبارها تمثل مطلباً أساسياً للقوى السنية بغرض إرضاء جمهورهم وتصحيح بعض المسارات الخاطئة أو التدقيق في الأحكام التي كانت قد صدرت سابقاً.

وأكد أن هذا المشروع الخاص بمشروع العفو تأخر، سواء من قبل الحكومة أو البرلمان، ومن ثم فإن الإرادة السياسية لبعض الزعامات لا تمضي مع التعديل أو تشريع قانون جديد، لأن من شأن ذلك أن يحقق مكاسب لبعض الزعامات السياسية السنية، الأمر الذي يصبح أكثر قوة، يضاف إلى ذلك أن الإطار التنسيقي هو الآن في حرج كبير أمام جمهوره؛ كونه تعرض لانتقادات كبيرة من قبل جمهوره حول عدد من القضايا.

وأشار إلى أن هناك محاولات لرفض هذا القانون بشكل قاطع، فضلاً عن أن تأجيله من قبل مجلس الوزراء عبر تشكيل اللجان، وهو ما يؤكد عمق الأزمة، إذ يلمس مجلس الوزراء ذلك، وهو ما يعني دخول البلاد في أزمة كبيرة.

وبحسب الشمري فإن عدم إقرار قانون العفو العام أو بعض مطالب التيار الديمقراطي الكردستاني في الموازنة، ربما يؤدي  إلى انهيار تحالف الدولة، ومن ثم تشكيل اصطفافات جديدة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير