Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل حقا أفادت العقوبات روسيا اقتصاديا؟

بوتين يرسم صورة مشرقة والغرب يرى أنها رسالة مضللة لن تقنع المستثمرين

قد تواجه الحكومة الروسية عجزاً في الميزانية يصل إلى 40 مليار دولار العام الحالي (أ ف ب)

ملخص

يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن العقوبات كانت فرصة لبلاده كي تعتمد على قدراتها الذاتية وتحفز شعبها لابتكار الحلول وتحويل التحديات إلى فرص

في كلمة مطولة أمام منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي رسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صورة جيدة عن الاقتصاد الروسي، وكيف أن العقوبات الأميركية والغربية على بلاده ربما أفادت أكثر مما أضرت، إلا أن كلمته قوبلت بتشكيك واسع في الصحافة الغربية وادعاءات بأن الأرقام التي ذكرها بوتين مضللة بهدف جذب المستثمرين.

ووصفت الصحافة الغربية الدورة الـ26 للمنتدى، الذي يعد مماثلاً لمنتدى "دافوس" في الغرب ولطالما كان المنتدى منصة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد الروسي، بأنها كانت "خاوية على عروشها".

وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن المنتدى الذي اختتم أعماله السبت الماضي لم يشهد حضور مستثمرين ولا اقتصاديين أجانب، وأن أغلب المتحدثين في ندواته على مدى أيام كانوا من داخل روسيا.

ويخشى المستثمرون ومديرو الشركات الأجانب من الارتباط بروسيا في ظل حزم العقوبات غير المسبوقة التي تفرضها الولايات المتحدة والدول الغربية على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.

وكانت السلطات الروسية حظرت تغطية المنتدى، الذي يستمر لأيام عدة، على الصحافيين "من الدول المعادية"، وتشمل تلك الدول أميركا ودول الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا.

لكن بحسب وسائل الإعلام الروسية فإن المنتدى شهد مشاركة وفود من 130 بلداً، ومن أهم الشخصيات غير الروسية التي شاركت في المنتدى كان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، ولكن من الصعب تدقيق الروايات الروسية والغربية.

صورة وردية

تضمنت كلمة الرئيس الروسي أمام المنتدى شرحاً مفصلاً عن حالة الاقتصاد الروسي وقدرته على التكيف مع العقوبات الغربية القاسية المفروضة على موسكو.

وأشار بوتين في كلمته إلى أن "العقوبات كانت فرصة لبلاده كي تعتمد على قدراتها الذاتية وتحفز شعبها لابتكار الحلول وتحويل التحديات إلى فرص".

حمل الخطاب مجموعة كبيرة من المؤشرات والأرقام تشير إلى سلامة الاقتصاد الروسي وقدرته على التحمل، من بينها ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في شهر أبريل (نيسان) الماضي بنسبة 3.3 في المئة، وزيادة الإيرادات من غير قطاع الطاقة بنسبة تسعة في المئة ونمو الإنتاج الزراعي بنسبة 10 في المئة، كما ارتفعت تجارة التصنيع والتجزئة بنسبة 2.9 في المئة. كذلك زاد إقراض الشركات بنسبة 14 في المئة، والإقراض الاستهلاكي بنسبة 9.5 في المئة، وحقق قروض الرهن العقاري نمواً بنسبة 18 في المئة، ونما قطاع البناء بنسبة 7.4 في المئة وحققت السياحة الداخلية نمواً بنسبة 16 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي معرض حديثه المفصل عن توسع الاقتصاد الروسي على رغم العقوبات، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن "رواد الأعمال الروس تقدموا بنحو 90 ألف طلب لعلامة تجارية جديدة"، مشيراً إلى عدد من العلامات الإيجابية في مؤشر الاقتصاد الكلي من قبيل وصول معدلات البطالة إلى أدنى مستوى لها في تاريخ روسيا عند نسبة 3.3 في المئة، وارتفاع الحد الأدنى للأجور بنسبة 6.3 في المئة. وتراجع عدد الفقراء بمقدار 1.7 مليون نسمة، حتى إن روسيا مددت ثلاثة آلاف كيلومتر من خطوط الاتصالات الحديثة.

تشكيك غربي

في مقال لها كتبت الباحثة في مركز "كارنيغي" ألكسندرا بروكوبينكو تقول إن "الصورة الوردية التي رسمها الرئيس الروسي لاقتصاد بلاده لن تخدع أحداً من المستثمرين الأجانب، فالكل يدرك مدى إضرار العقوبات بالاقتصاد الروسي".

وقالت الباحثة التي عملت في السابق مستشارة للبنك المركزي الروسي إن "احتمال نمو الاقتصاد الروسي بنسبة اثنين في المئة في المتوسط لهذا العام 2023 قد يكون علامة غليان في الاقتصاد وليس تعبيراً عن صحته وسلامته".

وأضافت بروكوبينكو أن "الطلب في الاقتصاد يشهد نمواً، بينما حجم المعروض المحلي من السلع والخدمات لا يواكب ذلك النمو في الطلب، بالتالي ترتفع الأسعار بدلاً من زيادة الإنتاج".

وقالت إن البنك المركزي يستعد للعودة إلى رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم المرتفع، مشيرة إلى أن "الحكومة تقدم صورة مضللة عن الاقتصاد"، مستدركة "صحيح أن الحكومة ضبطت أوضاعها المالية ولم تواجه عجزاً في الميزانية على الإطلاق في شهر مايو (أيار) الماضي، إلا أنه في المتوسط لهذا العام تواجه عجزاً بمقدار 3.4 تريليون روبل (نحو 40 مليار دولار).

أما انخفاض معدلات البطالة فأرجعته الباحثة في المركز الأميركي إلى الهرب الجماعي لمن هم في سن العمل خارج روسيا منذ بدأت الحرب في أوكرانيا، ولذلك توفرت العمالة لملء الوظائف المتاحة في الاقتصاد الذي انخفض إلى أدنى مستوى له في شهر أبريل الماضي.

لم يقتصر التشكيك على الأصوات

تكرار بوتين هذه الأرقام والإحصاءات حتى في اللقاءات الخاصة مع المسؤولين الروس يعني أنها ليست لمجرد الاستهلاك الداخلي أو حتى الخارجي بل تعبر عن قناعة راسخة، وهذا يشير إلى أحد احتمالين، أولهما أنها أرقام غير صحيحة وهذه مسألة خطرة، أو أنها صحيحة وهذه تنافي المنطق بالنسبة إلى أميركا والدول الغربية، بل إن مركز الخليج للأبحاث استعرض على صفحته في موقع التواصل "تويتر" كلمة الرئيس بوتين وخلص إلى أنه "إذا كانت هذه الأرقام غير صحيحة فهي تشير إلى عزلة الرئيس بوتين وأنه يتلقى معلومات من أجهزته الحكومية التي توفر له ما يرضيه ويود سماعه، وخطورة هذا الأمر أنها قد تتكرر حتى في ما يتعلق بالوضع العسكري، وتجعله يستمر في بناء قراراته على معلومات غير صحيحة".

وفي تغريدة أخرى للمركز قال "أما إذا كانت الأرقام صحيحة فهي تتناقض مع المنطق، إذ جعلت العلاقة طردية بين العقوبات والتطور الاقتصادي والتنموي في روسيا بدلاً من أن تكون عكسية، فكلما زادت العقوبات تحسن الاقتصاد"، وهذا ما اعتبره المركز أمراً "غير معقول".

اقرأ المزيد