Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصرية وألماني يرسمان مشاهد هامشية من القاهرة

معرض مشترك تلتقي فيه تجربتان مختلفتان ويفتح باب مستقبل مديني مجهول

لوحة للرسامة عزة عزت من المعرض في القاهرة (خدمة المعرض)

ملخص

معرض مشترك تلتقي فيه تجربتان مختلفتان ويفتح باب مستقبل مديني مجهول

مشهدان مختلفان للقاهرة يقدمهما رسماً كل من الألماني بيتر بلوداو والمصرية عزة عزت في معرض مشترك يستضيفه غاليري آكسس في القاهرة حتى 3 يوليو (تموز). يقام المعرض تحت عنوان "تراكُم" ويضم مجموعة من الرسوم المنفذة على الورق بالأحبار والألوان المائية. هما تجربتان مختلفتان على رغم المقاربة المشتركة، والاختلاف هنا ليس في طبيعة المعالجة فقط أو الخامات المستخدمة، بل في نظرة كل تجربة منهما لمدينة هائلة ومترامية الأطراف في حالة من التحول. هذا المعنى يشار إليه في الكلمة التقديمية المكتوبة على حائط الغاليري: "القاهرة في حالة من إعادة التكون- نحن فقط لا ندري ماذا ستكون".

بيتر بلوداو

 

بيتر بلوداو فنان ألماني يحترف الرسم الصحافي والغرافيك، انتقل للإقامة في القاهرة عام 2014 للعمل في تدريس مادة الرسم في الجامعة الألمانية في القاهرة. جانب من التجربة الإبداعية للفنان الألماني متعلق برصده للمدن، فتناقضات المدن والمشاهد الحضرية هي أحد المحفزات المهمة في تجربته. في معظم المدن التي زارها أو أقام فيها تعود بلوداو التجول بأدواته ليرسم مباشرة في الشارع، محاولاً التقاط الإحساس العام بالمكان والضوء المتغير واستكشاف الطبيعة المعمارية وحركة الناس. يضم سجل بلوداو الفني قائمة متنوعة من المدن شرقاً وغرباً، من كوبا والولايات المتحدة، إلى اليونان وإيطاليا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا. منذ حضوره إلى القاهرة بدأ بيتر بلوداو في مزاولة نشاطه المعتاد، متجولاً في شوارع المدينة وأحيائها، راصداً كل ما يراه من حوله، حتى قادته قدماه ذات مرة إلى منطقة المدابغ، وهي منطقة شهيرة بالورش والمصانع الصغيرة المخصصة لدباغة الجلود منذ منتصف القرن التاسع عشر.

 

في هذا التوقيت الذي زار فيه بلوداو هذه المنطقة كان قد صدر قرار حكومي بإزالتها ونقلها إلى مكان آخر على أطراف المدينة. أدرك الفنان الألماني أنه يشهد نهاية درامية لأحد الصناعات التي استوطنت تلك المنطقة لعشرات السنين. يقول بلوداو: "عندما عبرت من تحت الأقواس المهيبة لسور مجرى العيون الأثري في القاهرة وجدت نفسي في مواجهة عالم آخر. أفضت بي الأزقة الضيقة إلى متاهة من الورش والمصانع الصغيرة التي تتخللها رائحة المواد الكيماوية النفاذة. في هذه الشوارع والأزقة تنتقل أكوام الجلود على عربات تجرها الخيول من مصنع لآخر، بينما صخب الآلات وأصوات العمال لا تتوقف. حين علمت أن هذه المنطقة بأكملها على وشك الاختفاء قررت العودة مرة أخرى وتوثيق زوالها، وهو الأمر الذي استغرق مني حوالى عامين كاملين".

كل هذه المشاهد اختفت الآن، وقد تكون هذه الصور التي رسمها بلوداو هي الأثر الأخير لها. في هذه الأعمال يؤكد بلوداو على علاقة الناس بالمباني والآلات، ووظيفة الضوء في الإحساس بالمكان. خلافاً لهذه المهارة التي يتمتع بها الفنان في التقاط التفاصيل المهمة، إلا أن هناك سمة رئيسة في هذه الأعمال، وهي نجاحها في التقاط روح المكان وهويته. لا تحتوي رسوم بلوداو لمنطقة المدابغ أو غيرها من المناطق الهامشية الأخرى في القاهرة على معالم شهيرة أو دالة يمكن تمييزها، إلا أن شيئاً ما في هذه الصور يخبرنا بهويتها القاهرية، فهي مشاهد لا تنتمي إلى مكان آخر غير هذه المدينة المتناقضة.

عزة عزت

 

ترسم الفنانة عزة عزت أعمالها بمزيج من أقلام التحبير والأحبار السائلة، لكنها هنا لا تنقل واقع المدينة كما تراه، بل كما يتراءى لها. تبحث عزت كما تقول عن مدن مخفية تشكلها الانطباعات والتصورات. عبر تتبع تلك الرؤى المختلفة تنشأ خريطة جديدة للمدينة من تراكم الطبقات غير الملحوظة.

في هذه الرسوم التي تقدمها عزت، تشتبك الانطباعات الشخصية عن الأماكن بما هو كائن على أرض الواقع... المخاوف ومشاعر الغبطة والتوتر والقلق، حتى الروائح والأصوات تشكل المشهد الحضري لهذه المدينة العتيقة، وهي عناصر ومؤثرات تختلف من مكان لآخر. تتردد هنا تفاصيل كثيرة قد تكون بعيدة من بعضها، وقد تؤكد الفنانة على جوانب بعينها وتهمش أخرى، أو ربما تعيد اكتشاف بعض التفاصيل بينما تنحي البعض الآخر جانباً. في هذه الرسوم تبدو المساحات ذات حضور لوني حاد، قد يصل إلى أعلى درجات التباين بين اللونين الأبيض والأسود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تنتقل المشاهد من أطراف المدينة إلى مركزها ثم تعاود النزوح إلى الهامش من جديد، فهامش المدينة حاضر هنا بقوة، وهي سمة مشتركة أخرى مع أعمال بلوداو. في هذه الأعمال تتردد عناصر مختلفة وواضحة، كأطباق الاستقبال التلفزيوني والأعمدة الخرسانية لمبانٍ تحت الإنشاء. بينما تبدو الهياكل المعدنية الضخمة للوحات الإعلانات ككائنات خرافية جاثمة على صدر المدينة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة