Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذكاء الاصطناعي... "أرض مجهولة" لم تسبر أغوارها بعد

الاحتكام إلى الخوارزميات في عصر صنفه مراقبون كثر بـ"عصر ما بعد الحقيقة" يفاقم الالتباس بين الواقع وخلافه مع انتشار المعلومات الكاذبة المثبتة بصورة وصوت ولو كانا ثمرة توليف

فإذا أودى الـذكاء الاصطناعي بـ"خالقه" أودى بنفسه في آن واحد إلى التهلكة. فهل "يدرك" هذا الذكاء الإصطناعي مثل هذا الخطر؟ ومن أين له مثل هذا الإدراك؟ (بي أكس هير.كوم)

ملخص

مسائل مثل قدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة وعجزنا عن توقع ما سيحمله من جديد والأسئلة حول أي وجه سيتولى البشر تدبيره، تثير الظنون والمخاوف وتحمل على قرع ناقوس الخطر من الآتي في عصر غلبته

ما يبعث على الخوف والقلق هو أن الذكاء الاصطناعي جاء على صورة الإنسان، ولكنه في آن واحد ذكاء غير عاقل ويحمل كل الشوائب البشرية من دون رادع أخلاقي أو مبدئي ومن دون الاحتكام إلى العقل، بل إلى الخوارزميات بما تحمله من أخطاء تستند إلى رواج البيانات الموثوقة على الإنترنت من جهة والمعلومات الكاذبة من جهة أخرى. ويعيد كون هذا الذكاء على صورة "خالقه" أو مبتكره إلى الأذهان ما قاله القديس أغسطينوس في كتابه "اعترافات" مخاطباً البارئ ومتضرعاً إليه بسؤال مفاده إن كان المخلوق على صورته فهل يجد شطراً منه الطريق إلى الجحيم إذا ما عصى. ولعل هذه المسألة ثانوية ولا يعتد بها في حسابات آلة من غير "روح" ولكن التحذيرات من قدرة الذكاء البشري على البطش بالحياة البشرية و"إبادتها" قد يجعل مثل هذا التساؤل مشروعاً. فإذا أودى الـذكاء الاصطناعي بـ"خالقه" أودى بنفسه في آن واحد. فهل "يدرك" هذا الـ"ذ.إ. (الذكاء الإصطناعي) مثل هذا الخطر فيحجم عن الانزلاق إلى الجحيم مع البشر؟ ومن أين له مثل هذا الإدراك؟

ورد "آباء" هذا الذكاء من بيل غيتس وإيريك شميدت، المدير التنفيذي السابق في غوغل بين 2001 و2011 ودانيال هوتيليشر، عميد كلية الحوسبة في معهد ماساتشوستس، وغيرهم، يذكر بخوف خالق فرانكشتاين من المسخ صنيعته. وفرانكشتاين من بنات الخيال العلمي مع رجحان كفة العلم في عصر الأنوار ودحضه "الحقائق السابقة" الموروثة من "الزمن القديم"، أي من القرون السابقة، ومع تسليط علم النفس الضوء على انقسام النفس. ويبدو أننا اليوم أمام لحظة مفصلية مماثلة تكاد تكون من بنات الخيال العلمي.

وتراود المرء أسئلة من قبيل كيف يغش الذكاء هذا هل هو مخير أم مسير بواسطة خوارزميات حين يقع على خبر اختلاق الذكاء الاصطناعي مقالة مرجعية في "نيويورك تايمز" وتحديده تاريخ نشرها وعنوانها على سبيل المثل، على رغم أنها لم تبصر النور ولا أثر لها في أرشيف الصحيفة. فهو لا يغفل فحسب عن ذكر مصادر ما يدلي به بل قد يلجأ كذلك إلى التزييف من تلقاء نفسه. وهل للخوارزميات القدرة على المبادرة والإرادة في معزل عن الإنسان أم الخوف هو من وقوعها في أيد "شريرة" فتخبط خبط عشواء وتصيب البشر كلهم بمن فيهم من يمسك بمقاليدها؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبار أن الإنسان صنع الذكاء هذا على صورته مع كل شوائبه محير. وإلى وقت قريب، كان يفترض بالآلة وذكائها الانقياد إلى توجيهات صانعها من جهة، ومن جهة أخرى إلى معايير العلم المثبتة والمرجعية من قبيل احتساب معادلات ثابتة وحسابات رقمية لا أن تبادر إلى الغش والابتكار والتفكير والتحريف وحتى القتل على ما يحذر بعض العلماء. وكأن الذكاء الاصطناعي بشري وليس من طبيعة مفارقة أو محايدة. وإذا ما اقترن بغباء بشري أو إجرام بشري أودى إلى كارثة محتمة. والاحتكام إلى الخوارزميات في عصر وصفه مراقبون كثر بـ"عصر ما بعد الحقيقة" يفاقم الالتباس بين الواقع وخلافه مع انتشار المعلومات الكاذبة المثبتة بصورة وصوت ولو كانا ثمرة توليف. ومنصات الذكاء الاصطناعي ضلعت بمثل هذا التوليف التوليدي على ما سمي والكذب، فكانت السبيل مثلاً إلى "فبركة" صورة للبابا فرنسيس وهو يرتدي سترة بيضاء تشبه سترات المتزلجين ومغني الروك. وسرت الصورة سريان النار في هشيم الإنترنت. وأفاد "صانعها" في وقت لاحق أن الفكاهة كانت وراء هذا التوليف بواسطة ميدجورني Midjourney.

وما كان من "ميدجورني"، تطبيق الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور المثير للجدل، إلا أن أوقف العمل بتجاربه المجانية [الحق بتجربة التطبيق وميزاته مجاناً] بعد أن "أسيء استخدامه".

 وتغفل شيطنة الـ"ذ.إ" ما يحمله من إيجابيات. فهو على سبيل المثال، يعزز قدرة الباحثين على معالجة أمراض مستعصية. وعلى رغم ذلك فمسائل مثل قدراته الفائقة القوة وعجزنا اليوم عن توقع ما سيحمله من جديد والأسئلة حول أي وجه سيتولى البشر تدبيره واستخدامه، تثير الظنون والمخاوف وتحمل على قرع ناقوس الخطر من الآتي في عصر غلبته.

المزيد من تحلیل