ملخص
نتنياهو يفقد شعبيته أمام غانتس وليبرمان يستعد لإنقاذ سياسة بن غفير
تواجه إسرائيل أزمة سياسية - اقتصادية - جماهيرية آخذة بالتفاقم مع تعنت الحكومة بسياستها الحالية مع ائتلاف يميني متطرف أسهم في تجنيد شرائح واسعة من الإسرائيليين، حتى ممن دعموا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ليتفوق رئيس المعسكر الوطني بيني غانتس على نتنياهو بـ31 مقعداً في مقابل 24 للأخير. وتتوحد أصوات سياسيين وأمنيين وعسكريين سابقين بدعوة نتنياهو إلى إقالة وزير الأمن القومي أيتمار بن غفير، على خلفية سياسته اليمينية المتطرفة، التي اعتبرها بعضهم خطراً على أمن إسرائيل والإسرائيليين.
وفيما دعا عشرات ضباط الشرطة إلى إقالة بن غفير، أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان أنه على استعداد للجلوس إلى جانب نتنياهو في الحكومة، في حال تخلى عن أحزاب ائتلافه المتطرفة.
ولاقى إعلان ليبرمان الذي نشره على حسابه على "تويتر" تجاوباً حزبياً وجماهيرياً، إذ أوضح أنه لن يعارض الجلوس في حكومة برئاسة نتنياهو، بعد انفصاله عن شركائه الحاليين.
وكتب ليبرمان "صحيح أنني لا أصدق كلمة يقولها نتنياهو، لكن لا يوجد جدال شخصي أو تنحية شخصية هنا. لقد سبق وقلت مراراً وتكراراً إن إسرائيل بحاجة حالياً إلى تحالف إسرائيلي وليبرالي، بما في ذلك حركة الليكود من دون أحزاب الحريديم واليمينية الأشد تطرفاً".
وأوضح ليبرمان أنه في حال أبدى نتنياهو استعداده للانفصال عن شركائه "سأبذل جهوداً حثيثة وأعمل كل ما أملك من قوة لإقامة ائتلاف إسرائيلي وليبرالي بأجندة واضحة إضافة لإقامة دستور يعتمد على فصل الدين عن الدولة".
ضباط شرطة يساندون ليبرمان
تأتي دعوة ليبرمان على رغم موقفه السابق والمتعنت في عدم المشاركة في حكومة إلى جانب نتنياهو، وكان ليبرمان أول من اتخذ خطوة حل الكنيست عام 2019 وما استتبعها من جولات انتخابية متتالية عدة من دون إمكان تشكيل حكومة أكثرية. وحتى الشهر الماضي رفض ليبرمان الجلوس مع نتنياهو، وأكد ذلك أكثر من مرة في تصريحات أبرزها تلك التي قال فيها: "نتنياهو يستحق أن يعاني في الجحيم كل يوم".
لكن عرض ليبرمان بالائتلاف الحكومي، حظي بدعم واسع بين رؤساء أحزاب وأمنيين، وهناك من دعا رئيس "المعسكري الوطني" بيني غانتس إلى الالتحاق بليبرمان لضمان صمود الحكومة الحالية بائتلاف جديد بعيداً من بن غفير وبتسلئيل سموطرتس ووزراء حزبيهما.
جاءت الدعوة لبيني غانتس بعد أن بين أكثر من استطلاع رأي أن شعبيته تفوق شعبية نتنياهو بنسب تزداد مع كل استطلاع جديد، وقد منح آخرها غانتس 31 مقعداً في مقابل 24 لنتنياهو. وتمنح الاستطلاعات ارتفاعاً بين معظم أحزاب اليسار والمركز وأيضاً الأحزاب العربية.
وبحسب الاستطلاع، تتراجع قوة أحزاب الائتلاف الحالي من 64 عضو كنيست حالياً إلى 51 عضواً، في حين تحصل أحزاب المعارضة على 69 مقعداً، وهو رقم لم تحصل عليه هذه الأحزاب خلال السنوات الخمس الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي رد على سؤال من الأكثر كفاءة ليكون رئيس حكومة، حصل غانتس على تأييد 45 في المئة من الإسرائيليين في مقابل 38 في المئة لنتنياهو.
تزامناً بعث عشرات ضباط الشرطة المتقاعدين ومعهم ستة متفشين عامين للشرطة، برسالة إلى نتنياهو يطالبونه بإقالة بن غفير. وحمل الموقعون على الرسالة بن غفير مسؤولية تدهور الأمن في إسرائيل والخطر المتفاقم من الانفلات والجريمة في الوسط العربي، التي باتت تقلق أوساط اليهود من مسؤولين وأحزاب لقناعتهم بوصولها إلى البلدات اليهودية.
واعتبر ضباط الشرطة بن غفير بصفته وزيراً للأمن القومي المسؤول عن أمن جميع السكان ولم يعد يمثل حلاً لما تواجهه إسرائيل من عنف وتفش للجريمة، إنما هو جزء مركزي من المشكلة.
وجاء في الرسالة "بوجوده في منصبه يشكل الوزير بن غفير، خطراً ملموساً وآنياً على أمن إسرائيل، المطلب الحالي هو إبعاده عن وزارة الأمن القومي القومي في أقرب وقت ممكن".
الخبير السياسي إيال نداف يقول إن على نتنياهو إبعاد بن غفير فوراً عن الحكومة والتوجه نحو ائتلاف يعيد الأمن للمواطنين الإسرائيليين، وحمل نتنياهو مسؤولية الوضع لإبقائه بن غفير في منصبه.
وبحسب نداف "من اصطدم خلال سنوات طويلة من حياته مع سلطات القانون، لن يكون الخيار الأمثل ليستمر في منصب وزير الأمن". وحمل إيال المسؤولية لنتنياهو قائلاً: "بنيامين نتنياهو هو المسؤول الأعلى عن الوضع الذي بات يشكل صدمة كبيرة للجميع، بعد أن ترك مصير وزارة مهمة ذات مغزى في فترة حرجة، في يدي شخص دين المرة تلو الأخرى في المحكمة واتهم بالتحريض. لقد فعل نتنياهو هذا إهمالاً، من دون أن يفكر بالنتائج وعليه يجب ترحيل بن غفير فوراً من الحكومة".
وفي سياق تحميل المسؤولية لنتنياهو حذرت جهات سياسية من خطورة استمرار الوضع، وقال مسؤول سياسي إنه "ينبغي على نتنياهو أن يحرص على مستقبل أبنائنا. لا بد أن تعود إسرائيل لتكون بلداً آمناً والحد من الانهيار الذي طاول الأمن والسياسة والاقتصاد".
جهود لإنقاذ الوضع
وأمام التكاتف الإسرائيلي الواسع والنقمة المتزايدة على الائتلاف الحكومي المتطرف، في مقابل تراجع شعبية نتنياهو وحزبه والائتلاف الحكومي، يبذل نتنياهو جهوداً حثيثة لمنع خطوات أخرى ومفاجئة تضع حداً لمستقبل حكومته.
الأربعاء سيكون يوماً فاصلاً إذ شكلت لجنة تعيين القضاة إحدى أبرز القضايا التي أثارت الحملة الاحتجاجية الواسعة في إسرائيل ضد خطة "الإصلاح القضائي"، إذ تبذل جهود للتوصل إلى تسوية بين المعارضة والائتلاف، وهو أمر يرفضه معظم أحزاب الائتلاف وفي مقدمهم وزير القضاء ياريف ليفين، (الذي أعد خطة الإصلاح القضائي)، الذي نقل عن مقرب منه أنه على وشك الاستقالة من منصبه، احتجاجاً على تسوية مقترحة من الرئيس إسحق هرتسوغ، مرتقب التوقيع عليها.
وكان نتنياهو عقد لقاء مع ليفين، وذكر مسؤول شارك في الاجتماع أن "نتنياهو أدخل ليفين في حال من الإحباط وبات على وشك الاستقالة من منصبه، وبأنه غير مستعد لتقديم أي تنازلات بشأن خطة الحكومة لإضعاف القضاء".
وحتى الأربعاء وكما ذكر مسؤول في مكتب نتنياهو، سيبذل رئيس الحكومة قصارى جهوده لمنع استقالة ليفين والحفاظ على الأقل، على وحدة حزبه "الليكود".
ويشار إلى أن الرئيس هرتسوغ يقترح إجراء تعديلات في القانون المتعلق بالمستشارين القضائيين للوزراء، وتقليص حجة "عدم المعقولية" التي تستخدمها المحكمة العليا لإلغاء قرارات حكومية، في مقابل تجميد مطول لتغيير طريقة اختيار القضاة وتعيينهم.
وأعلن نتنياهو أن التسوية هي بداية قد تسمح لاحقاً بفتح باب التشريعات القضائية التي تسعى الحكومة إلى تمريرها، وهو موقف يرفضه ليفين ودفعه إلى التفكير بالاستقالة.