Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زعيم التيغراي في زيارة "تاريخية" إلى إقليم أمهرا لطي "صفحة الماضي"

ترى وسائل إعلام أن اللقاء يهدف إلى تلافي قيام حرب جديدة بخاصة بعد الحشود المتبادلة عند الحدود المشتركة

لقاء زعيمي التيغراي والأمهرا بمثابة تدشين لمشروع المصالحة الوطنية الذي تدعو إليه الحكومة الإثيوبية (صفحة غيتاشو على تويتر)

ملخص

يعتبر بعض المتابعين أن الزيارة تأتي في إطار "سعي زعيم التيغراي لاستمالة الأمهرا، من أجل القبول بتيغراوية مناطق استراتيجية متنازع عليها تعتبر منفذاً للإقليم نحو الحدود الدولية"

في خطوة مهمة نحو السلام والمصالحة في إثيوبيا قام غيتاشو رضا رئيس الحكومة الموقتة لإقليم تيغراي بزيارة وصفت بـ"التاريخية" إلى عاصمة إقليم الأمهرا بحر دار، وهذه هي الزيارة الأولى لمسؤول تيغراوي رفيع المستوى إلى الإقليم المجاور منذ بداية الحرب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والقوات الحكومية، إضافة إلى القوات التابعة لإقليم الأمهرا، قبل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام وقع في بريتوريا قبل سبعة أشهر تقريباً.

وتأتي الزيارة التي فاجأت المراقبين للشأن الإثيوبي عقب تصريحات لمسؤولين من حكومة إقليم الأمهرا، مفادها بأن جبهة التيغراي تكثف وجودها العسكري في المناطق الحدودية المتنازع عليها بين الإقليمين الإثيوبيين.

كما تتزامن الزيارة مع "التوتر الشديد" بين القوات الأمهراوية والحكومة المركزية في أديس أبابا، على خلفية سعي الأخيرة إلى تنفيذ بند "نزع السلاح عن الميليشيات كافة، وإنهاء المظاهر المسلحة غير التابعة لوزارة الدفاع، وذلك تطبيقاً لاتفاق بريتوريا، الذي نص على نزع سلاح الميليشيات وإعادة إدماج عناصرها داخل الجيش النظامي"، وهو البند الذي اعترضت عليه القوات الأمهراوية، التي حاربت إلى جانب الجيش الإثيوبي، ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في الفترة من نوفمبر 2020 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

طي صفحة الحرب

وخلال زيارته التي وصفت بالتاريخية، أكد غيتاشو على "أهمية السلام لعموم إثيوبيا"، مؤكداً أن "كل الأطراف تحمل جروحاً مثخنة تجاه ما حدث خلال العامين الداميين"، واستطرد قائلاً "وعلى رغم كل ما حصل فإن خيار السلام لا بديل عنه". ودعا غيتاتشو إلى "التسامي على الجراح والنظر إلى الأمام"، مضيفاً "علينا أن نطوي صفحة الحرب من أجل الأجيال القادمة"، مؤكداً "أن التجارب التي خضناها على رغم قسوتها يمكن أن تعضد من وحدتنا، وتعزز إيماننا بأن الحروب لا يمكن أن تمثل حلاً تحت أي ظرف، وأن السلام هو المكسب المشترك لكل الإثيوبيين".

بدوره أكد رئيس إقليم الأمهرا يلكال كيفالي "حاجة إثيوبيا إلى الوحدة والتعاون بين الأقاليم كافة والقوميات"، مشيداً بالزيارة التي وصفها بـ"الودية والتاريخية" لنظيره التيغراوي.

وأضاف "هناك قضايا عالقة وتحديات كبيرة أمامنا، لكن ذلك لن يمنعنا من التعاون"، مؤكداً "أن الحوار هو السبيل الوحيد للوصول إلى حلول مرضية للأطراف كافة".

وفي وقت سابق استقبل رضا عمدة العاصمة أديس أبابا أديانيش أبيبي في مطار ميكيلي عاصمة التيغراي، اختتمت بوضع حجر الأساس لمدرسة ثانوية ستبنى في الإقليم بتمويل من بلدية أديس أبابا.

وفي حفل الترحيب بالعمدة أكد رضا "إيمان حكومته بضرورة تجاوز الماضي"، معلناً سفره إلى بحر دار لترسيخ روح اتفاق السلام الذي أنهى عامين من المواجهات العسكرية الدامية.

توقيت الزيارة ودلالتها

رأى المحلل المختص في قضايا القرن الأفريقي عبدالرحمن سيد أن الزيارة تأتي في ظل ظرف إثيوبي معقد واستثنائي، مؤكداً أن القيادة التي تدير إقليم تيغراي حالياً "تتحرك على ثلاثة محاور أساسية، تتمثل في التحرك السياسي والعسكري والدبلوماسي".

ويشير إلى أن "زيارة غيتاشو إلى عاصمة إقليم الأمهرا تندرج ضمن مساعي الشق السياسي للتحرك التيغراوي"، التي تهدف إلى محاولة مد الوصال مع الإقليم الأمهري، من أجل "استعادة بعض المناطق والمواقع السياسية والامتيازات الاقتصادية التي فقدتها الجبهة، جراء النهج الذي اتبعته قيادتها السابقة"، الذي يوصف بالنهج "الإقصائي والمصادم"، مما أدى إلى قيام "حراك شعبي" نجح في إسقاط النظام الذي استمر في الحكم أكثر من 27 عاماً.

ويقرأ سيد الزيارة في إطار "سعي زعيم التيغراي إلى استمالة الأمهرا، من أجل القبول بتيغراوية مناطق استراتيجية متنازع عليها بين الإقليمين، وذلك بالتزامن مع التحرك الدبلوماسي، وبخاصة الجولات التي يقودها المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي  مايك هامر، الذي لم يخف انحيازه للسردية التيغراوية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الصعيد العسكري يشير "إلى التحركات التي يقودها الجنرال صادقان جبرتينسائي نائب رئيس الإقليم، وبعض العسكريين الذين ينظرون إلى إقليم الولقايت المحاذي للحدود الإثيوبية - السودانية، باعتباره غنيمة مكتسبة من تجربة الحرب التي خاضتها الجبهة ضد نظام منجستوا حتى عام 1991".

ويعتبر المختص في شؤون القرن الأفريقي، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "أن أهمية هذه المناطق تعود لكونها تفتح منفذاً للإقليم نحو الحدود الدولية، مما يخدم جزءاً من متطلبات مشروع دولة التيغراي الكبرى، التي تأسست الجبهة من أجل تحقيقها".

وحول الاستقطابات الجديدة وانفضاض التحالف بين المركز وقوات الأمهرا، يرى سيد "أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أخفق في إدارة التحديات التي واجهت نظامه بعد الحرب، وبوجه خاص ما يتعلق بالحد من القدرات العسكرية للجبهة، ومحاولته في الوقت ذاته نزع سلاح ميليشيات الأمهرا، مما أدى إلى انفضاض التحالف السابق بين الجيش النظامي وقوات الأمهرا، مما دفع الأخيرة للبحث عن خيارات بعيدة من الحكومة المركزية"، ربما بينها التقارب مع التيغراي.

خطوة نحو المصالحة

من جهته يقدر المحلل الإثيوبي عبدالشكور عبدالصمد، "أن الزيارة وتوقيتها يعبران عن حدوث تطور ما من كلا الطرفين"، ويعتبرها "خطوة أولى نحو المصالحة الوطنية"، إلا أنها بحسب رأيه "غير كافية وتحتاج إلى تواصل أعمق بين قيادتي الإقليمين، فضلاً عن ضرورة فتح الباب أمام اللقاءات الجماهيرية بين الإقليمين اللذين تأثرا كثيراً بسرديات الحرب، ودفعا كلفتها الباهظة".

ويؤكد "أن معالجة الآثار النفسية والاجتماعي لدى شعبي الإقليمين جراء الحرب الأخيرة عميقة جداً وتحتاج إلى جهود مكثفة قد تكون بدأت تباشيرها الأولى بهذه الزيارة المفاجئة"، التي تعد خارج سياق التوجهات السياسية التي سادت في الأعوام الثلاثة الماضية.

ويذكر أن التوجهات الجديدة التي أتت كثمرة لاتفاق السلام الموقع في جنوب أفريقيا، كانت بدأت بزيارة رفيعة المستوى قادها رئيس البرلمان الإثيوبي إلى عاصمة التيغراي، تبعتها تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي بضرورة "تذويب جليد العلاقات بين القيادات السياسية والشعبية للأقاليم الإثيوبية".

ويرى عبدالشكور "أن لقاء زعيمي التيغراي والأمهرا جاء بمثابة تدشين لمشروع المصالحة الوطنية، الذي تدعو إليه الحكومة الإثيوبية ويحظى بدعم دولي كبير".

امتصاص الاحتقان

ويفيد عبد الشكور "بأن تبادل الزيارات قد يسهم في امتصاص الاحتقان السياسي والقومي" بين إقليمي الأمهرا والتيغراي، لا سيما إذا ما توسعت اللقاءات لتشمل القيادات الشعبية والروحية لكلا الإقليمين".

ويتوقع أن يساهم ذلك بوقت لاحق في "تخفيف الاحتقان الراهن بين الأمهرا والحكومة المركزية في أديس أبابا"، بخاصة وأن اتفاق السلام الموقع مع جبهة التيغراي وكيفية تطبيق بنوده، مثلاً نقطة الخلاف بين بحر دار وأديس أبابا، وبالتالي فإن الأجواء الإيجابية التي خلفتها زيارة غيناتشو إلى بحر دار، قد تسهم في تهيئة الأرضية لحلحلة الخلافات العالقة.

وينوه عبد الشكور إلى "أن الخلافات القائمة الآن بين إدارة آبي أحمد والإقليم الأمهري تحتاج إلى جهود مكثفة من القوى السياسية عامة، ولا يمكن حلها عبر هذه الزيارة".

وأكد "أن الزيارات قد تفتح منافذ للحوار بين المركز والإقليم، لكن حدة الخلاف القائم بحاجة إلى بذل مساع مكثفة وتنازلات سياسية من كلا الطرفين تحقيقاً لمشروع المصالحة الوطنية التي لا تستثني أي طرف".

كما يشير إلى أن "الإقليمين أيضاً ما زالا بعيدين من إنهاء خلافاتهما، سواء المتعلقة بتداعيات الحرب الأخيرة أو على مستوى قضايا الأرض والحدود وغيرها من الأزمات المؤجلة منذ وقت طويل".

الضرورات فرضت اللقاء

بدورها ذكرت إحدى القنوات في تيغراي أن "تدشين التواصل بين قادة إقليمي تيغراي وأمهرا يهدف بالأساس إلى تلافي قيام حرب جديدة، بخاصة بعد الحشود المتبادلة في الحدود المشتركة بينهما"، إضافة إلى تشكيل لجان عمل "تنظر في إشكالات الأراضي المتنازع عليها"، كما أن هناك ملفات أخرى تتعلق بـ"أسرى الحرب من الطرفين، تحتاج إلى معالجات في ظل الضغوط الداخلية لإطلاق سراح الأسرى كافة في إطار تبادلي".

واعترفت القناة المحسوبة على الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، "أن الزيارة مثلت صدمة بالنسبة إلى كثير من التيغراويين، لا سيما الذين يعتقدون أن قوات الأمهرا نفذت تصفية عرقية ممنهجة ضد قوميتهم"، مؤكدة أن "التزامات اتفاق السلام وحدها الكفيلة بمعالجة تداعيات الحرب، بما في ذلك التحقيق حول مزاعم ارتكاب التصفية العرقية، وبالتالي معاقبة المتسببين فيها".

واعتبرت القناة في تعليقها على الزيارة أمس الأحد، "أن هناك ضرورات ملحة للتواصل مع الغرماء السابقين، وأن هذا التعامل خاضع لالتزامات تتعلق بتحقيق مصالح التيغراويين بعيداً من الجانب العاطفي أو الثأري".

المزيد من متابعات