ملخص
مع استقالة بوريس جونسون من مقعده النيابي، كيف تبدو مسيرته الصاخبة حتى الآن؟
اختتم بوريس جونسون مسيرته السياسية بانتقاد لجنة من النواب الذين يزعم أنهم متحيزون صمموا على رحيله.
وأعلن جونسون (58 سنة) أنه سيتنحى عن منصبه نائباً عن دائرة أوكسبريدج وساوث رويسليب Uxbridge and South Ruislip، مشبهاً تحقيق لجنة الامتيازات في شأن ما إذا كان قد كذب على البرلمان "بمحكمة الكنغر" [أي محكمة صورية تتجاهل مبادئ القانون والعدالة].
وجاء بيان استقالته، يوم الجمعة، الذي أرسل إلى وسائل الإعلام بعد ساعات فقط من نشر الحكومة قائمة تكريم الاستقالة [عقب استقالته يتقدم كل رئيس حكومة بقائمة من أشخاص يقترح تكريمهم ومنحهم رتباً فخرية] التي طال انتظارها، وبعد أن تلقى رسالة من لجنة الامتيازات التي يقول جونسون إنها أوضحت أن أعضاءها "مصممون على استخدام الإجراءات ضدي لإخراجي من البرلمان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال جونسون "أنا عضو في البرلمان منذ عام 2001، وفي الأقل أنا آخذ مسؤولياتي على محمل الجد ولم أكذب، وأعتقد أن أعضاء اللجنة يعلمون ذلك في قرارة أنفسهم".
وقاد جونسون "المحافظين" إلى فوز ساحق خلال الانتخابات عام 2019، إلا أنه تلقى عقوبة بغرامة نقدية على خلفية حفلات أقيمت في "داونينغ ستريت" أثناء فترات الإغلاق، ثم أجبره النواب على المغادرة بعد ثلاثة أعوام قضاها في منصبه، عقب سلسلة من الفضائح.
واستقال جونسون من منصبه في يوليو (تموز) 2022، وبدا أن خطابه الأخير في "داونينغ ستريت" يلمح إلى العودة، بما في ذلك إشارته في الخطاب إلى سينسيناتوس، القائد الروماني الذي استدعي من مزرعته لإنقاذ روما القديمة من الأزمة.
وبعد أشهر فقط ظهر من جديد في طليعة المرشحين لمنصب رئيس الوزراء المقبل، وتهاوت خليفته ليز تراس بعد 45 يوماً في المنصب لتستقيل في أعقاب إثارة برنامجها السياسي مخاوف الأسواق المالية.
وفي ذلك الوقت أشارت استطلاعات الرأي إلى أن شعبية جونسون لا تزال متدنية لدى الجمهور بشكل عام، مع أنها لم تكن بمستوى تدني شعبية السيدة تراس، وكان لديه دعم كبير في صفوف أعضاء حزب المحافظين.
وظل جونسون بعيداً من الأضواء إلى حد كبير بعد استقالته، وباستثناء تأبينه الملكة الراحلة ومواصلة دعمه الثابت لأوكرانيا.
لكنه في مارس (آذار) أدرك أن مستقبله السياسي بات معلقاً في أيدي لجنة الامتيازات.
وقد واجه استجواباً صارماً استمر أكثر من ثلاث ساعات من اللجنة، وفيه أصر على أنه "لم يكذب على مجلس النواب" خلال تأكيداته حول الالتزام بإرشادات "كوفيد" في "داونينغ ستريت" أثناء الجائحة.
وقال جونسون للجنة التحقيق إنه سيكون "من الجنون تماماً" بالنسبة إليه أن يضلل البرلمان.
ولكن حتى قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، كان جونسون متهماً بالعنصرية ورهاب المثليين إضافة إلى تعدد علاقاته الغرامية، واضطر إلى الاعتذار للبرلمان لفشله في التصريح على النحو الصحيح عن أرباح خارجية [من خارج وظيفته] التي زادت على 50 ألف جنيه إسترليني (63 ألف دولار) في مناسبات عدة.
ومع ذلك بدا أن جونسون يواصل تحدي العوامل السياسية، إذ ازداد نجمه سطوعاً أكثر من أي وقت مضى، ليتدرج من نائب في البرلمان إلى منصب عمدة لندن ومن ثم إلى وزير الخارجية لينتهي به المطاف في رئاسة الوزراء نفسها، حتى إنه اشتهر بكونه قادراً على الفوز في أماكن غير متوقعة، بدءاً من محاولته الفوز بمنصب عمدة لندن عام 2008.
وعلى رغم أن العاصمة لم تكن من معاقل حزب "العمال" كما هي الآن، إلا أنها كانت لا تزال تمثل احتمالاً صعباً لـ "المحافظين" بعد ولايتين من رئاسة العمالي كين ليفينغستون للبلدية، لكن جونسون لم يتمكن من الفوز وحسب، بل تمكن من الاحتفاظ بمنصب العمدة عام 2012.
وبعد ذلك، في ديسمبر (كانون الأول) 2019، أدى وعده بـ "إنجاز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي" إلى قيادة "المحافظين" نحو انتصار ساحق مكتسحاً مساحات شاسعة من المعاقل العمالية التقليدية، لكن حتى مع هذه الغالبية واجه جونسون تحديات كبيرة.
لقد نجح في تأمين صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن قراره بإعادة فتح مسألة بروتوكول إيرلندا الشمالية يشير إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم ينجز، بينما عرضه أيضاً لاتهامات بالتراجع عن اتفاق مع شركاء المملكة المتحدة الدوليين.
ثم جاءت الجائحة لتودي بكثير من خططه لتحسين مستويات المعيشة في البلاد، وتُدخله إلى وحدة العناية المركزة أثناء إصابته بـ "كوفيد".
وقد تمرد النواب عليه عندما خرق تعهدات البيان في شأن الزيادات الضريبية، وتراجع عن الرعاية الاجتماعية وعن والوعود التي قطعها في شأن السكك الحديد، واستمر في فرض قيود "كوفيد" التي شعر بعضهم بأنها قاسية.
وظلت الفضيحة تطارده، وفي وقت بدا منيعاً ومتصدراً استطلاعات الرأي ومترئساً مؤتمر "كوب-26" الناجح ومؤتمر حزب المحافظين المنتصر، فقد بدأ كل شيء في الانهيار.
كانت البداية مع قضية أوين باترسون [نائب خالف القواعد التي تمنع النواب من المشاركة في مناصرة مدفوعة الأجر] ثم الكشف عن فضيحة الحفلات التي جعلته أول رئيس وزراء يتلقى عقوبة جنائية أثناء وجوده في منصبه، قبل أن تؤدي فضيحة "كريس بينشر" [اتهم بسوء السلوك الجنسي] في النهاية إلى سيل من الاستقالات الوزارية وخروجه من "داونينغ ستريت".