Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دخان حرائق كندا يعرقل الحياة في أميركا وتم رصده في النرويج

لم تنجُ تلك الظاهرة من الاستغلال السياسي وبلبلة نظريات المؤامرة حول "الإرهاب البيئي"

ملخص

تشهد كيبيك هذا العام موسم حرائق تاريخياً تضرر خلاله نحو 800 ألف هكتار من الأراضي

غطى الدخان المنبعث من حرائق الغابات في كندا مدناً أميركية بضباب ملوث، أمس الخميس، متسبباً في تأخير رحلات جوية وتعطيل فعاليات في الهواء الطلق، الأمر الذي اعتبره الرئيس الأميركي جو بايدن "تذكيراً صارخاً" بالتغير المناخي.
وخيم ضباب كثيف ورائحة الحرائق الحادة فوق العاصمة الأميركية واشنطن، ورفعت حالة التحذير في شأن جودة الهواء في أجزاء من منطقة وسط المحيط الأطلسي من "الأحمر" إلى "الأرجواني". ويوصف هذا المستوى من التلوث بأنه "ضار جداً بالصحة"، وفقاً للمقياس المستخدم من قبل وكالة حماية البيئة الأميركية.
وتتخطى تلك الفئة المدن الأكثر تلوثاً في العالم في جنوب آسيا والصين، مما دفع بالسكان إلى وضع كمامات خوفاً على صحتهم. وعلى رغم تحسن الوضع، فإنه من غير المتوقع أن تعود الظروف لطبيعتها قبل نهاية الأسبوع.
وصدرت تحذيرات لأكثر من 111 مليون شخص في الولايات المتحدة متعلقة بنوعية الهواء على خلفية الحرائق، بحسب ما قالت وكالة حماية البيئة، أمس الخميس.

مساعدات أميركية

وقال بايدن في بيان إن "ملايين الأميركيين يشعرون بتأثير الدخان الناجم عن حرائق الغابات المدمرة في كندا، تذكير صارخ آخر بتبعات التغير المناخي".
وأعلن عن إرسال موارد إضافية لكندا من بينها "عربات إطفاء إضافية ومعدات لإخماد الحرائق مثل طائرات"، إضافة إلى 600 متخصص أميركي أرسلوا في مايو (أيار) الماضي.

تسييس دخان الحرائق

من جهة أخرى، لم ينج الدخان الذي يغطي العاصمة من التسييس المعتاد. وانتقد المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس قائلاً إن الغالبية "تؤيد نظريات المؤامرة التي تم فضحها، والتي تنكر وجود وطبيعة التغير المناخي" حتى وسط تراجع الأحوال الجوية.
وأرجأ البيت الأبيض فعالية للمثليين في الهواء الطلق على رغم أن مسيرة واحتفالاً مقررين في نهاية الأسبوع لا يزالان في موعدهما لغاية الآن. وأعلنت حديقة الحيوان الوطنية أنها ستغلق أبوابها "من أجل سلامة حيواناتنا وموظفينا وضيوفنا". كما أعلن نادي "واشنطن ناشونالز" للبيسبول إرجاء مباراته أمام "أريزونا دايموند باكس".
وكانت سائحة من بومباي الهندية وتدعى همداري فورا (42 سنة) تمضي يومها في واشنطن مع عائلتها بعد زيارة نيويورك. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية أمام نصب واشنطن "إن الأمر مخيب للآمال بعض الشيء"، لكنها أضافت أنها معتادة على مستويات التلوث هذه في بلدها. وقالت إن "الصور لن تكون واضحة جداً بطبيعة الحال".
وألغت المدارس العامة في العاصمة كافة الأنشطة الخارجية، بما في ذلك فترات الاستراحة والتمارين الرياضية والمنافسات.
من ناحتيها، قالت الإدارة الفيدرالية للطيران إن تدني مستوى الرؤية أرغمها على اتخاذ إجراءات لـ"إدارة الرحلات بأمان وصولاً إلى مدينة نيويورك و(واشنطن) دي سي وفيلادلفيا وشارلوت".

أضرار بيئية وصولاً إلى النرويج

كما سارعت مجموعات مدافعة عن البيئة للفت الانتباه إلى التغير المناخي الذي يتسبب بظروف مناخية أكثر حراً وجفافاً. وقالت ماي بويف من منظمة "350. أورغ"، إن "الأزمة المناخية هي هنا والآن، وقد تسببت في تلوث خطر في الهواء يهدد صحة ملايين الأميركيين".
ورصد الدخان المنبعث من كندا على بعد آلاف الكيلومترات في النرويج هذا الأسبوع، وفق ما أفاد معهد أبحاث البيئة والمناخ التابع للدولة الاسكندنافية، اليوم الجمعة.
وقال الباحث نيكولاوس إيفانغليو لوكالة الصحافة الفرنسية إنه تم رصد تركز "ضعيف جداً" لجزيئات الدخان منذ الإثنين الماضي، خصوصاً في مرصد "بركينيس" في جنوب النرويج. وكانت السماء في نيويورك، الخميس، أكثر وضوحاً وصفاء مما كانت عليه يوم الأربعاء.
وأفاد متحدث باسم دائرة الصحة في المدينة "نشهد زيارات أعلى من المعتاد لقسم الطوارئ المتعلقة بالربو".
وقالت ليندا جيوليانو (65 سنة) في نيويورك وهي تضع واحدة من الكمامات التي وزعت على سكان نيويورك، الخميس، "لم أر أبداً شيئاً كهذا". وتابعت "من الصعب التنفس، لأنني أعاني الربو"، معتبرة أن الوضع "مؤلم". وأضافت "ذكرني ذلك كثيراً بأحداث 11 سبتمبر (أيلول)، أن أرى السماء مليئة بالدخان".

موسم الحرائق

وتشهد كيبيك هذا العام موسم حرائق تاريخياً تضرر خلاله نحو 800 ألف هكتار من الأراضي، وفقاً للسلطات. وسجل ضعف عدد حالات اندلاع الحرائق منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، مقارنة بمتوسط الحرائق الذي شهدته مثل هذه الفترة، على مدى السنوات الـ10 الماضية.
وكانت المقاطعة الناطقة بالفرنسية، الخميس، لا تزال تشهد أكثر من 150 حريقاً نشطاً، بينها نحو 90 حريقاً خارج نطاق السيطرة. وتم إجلاء أكثر من 12 ألف شخص في غضون أيام قليلة.
في غضون ذلك، لا يزال الوضع مقلقاً في عدد من المناطق، وفقاً لستيفان كارون من جمعية حماية الغابات من الحرائق. وقال "نحن في بداية موسم الحرائق فقط. نحن ندخل حالياً الفترة التي عادة ما يبدأ فيها اندلاع حرائق أكبر في كيبيك".
ولا يزال خطر اندلاع حرائق جديدة مرتفعاً في الجزء الغربي من كيبيك، وفق السلطات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


نظرية المؤامرة

في غضون ذلك، انتشرت نظرية مؤامرة عبر الإنترنت تزعم أن ناشطين بيئيين أشعلوا بعض الحرائق عن عمد.
وكتب ماكسيم بيرنييه، وهو وزير خارجية كندي سابق، أصبح زعيم حزب الشعب الكندي اليميني، على تويتر في 5 يونيو (حزيران) الجاري، "أراهن على أن جزءاً كبيراً من حرائق الغابات المستعرة في كل أنحاء البلاد بدأها إرهابيون مدافعون عن البيئة يريدون إعطاء حملتهم المناخية بعض الزخم".
وعلى "تيك توك"، يفيد مقطع فيديو شوهد 20 ألف مرة حتى الآن، أن الحرائق في نوفا سكوشا أشعلت "عمداً للدفع بأجندة تغير المناخ".
كذلك، تكهن مقال صحافي بأنه نظراً إلى أن 90 في المئة من حرائق ألبرتا قد تكون "من صنع الإنسان"، هناك احتمال أن يكون "إرهابيون بيئيون" وراءها.
ومع انتشار حرائق الغابات في كيبيك، تساءل البعض كيف يمكن أن تندلع كل الحرائق في اليوم نفسه. وألقى مقطع فيديو نشر على "فيسبوك" وحصد أكثر من مليون مشاهدة باللوم في الحرائق على "هجوم إرهابي".
لكن كارين بيليتييه من وكالة الحماية من حرائق الغابات في المقاطعة قالت إن "الأسباب ما زالت قيد التحقيق". وأوضحت أن "كثيراً منها يسببها البشر، لكنها تكون في معظمها حوادث" عرضية، مشيرة إلى أن الصواعق الأخيرة هي المسؤولة عن عديد من حرائق الغابات في كيبيك.
وقالت هيئة "ألبرتا وايلدفاير" لوكالة الصحافة الفرنسية إنه "ما لم يكن هناك برق، فإن الحريق يصنف على أنه من صنع الإنسان. وهذا لا يعني حصراً حريقاً متعمداً".
وأوضحت الناطقة باسم الهيئة، ميليسا ستوري، "قد تكون مرتبطة بأسباب عامة بما فيها الزراعة أو الصناعات الحرجية أو خطوط الكهرباء أو صناعة النفط والغاز أو السكك الحديدية".
وقال مسؤولو نوفا سكوشا أيضاً إنهم ما زالوا يحققون في أسباب اندلاع الحرائق في المقاطعة والتي يعتقد أنها من صنع الإنسان.
من جهتها، أشارت هيذر فيربيرن الناطقة باسم مكتب هيئة الإطفاء في نوفا سكوشا، "قد تكون الحرائق التي يتسبب فيها الإنسان عرضية أو مقصودة أو غير محددة. بالتأكيد نحن نشهد تأثيرات تغير المناخ التي قد تزيد من خطر اندلاع الحرائق".

مفتعلو الحرائق

يذكر أن أصحاب نظريات المؤامرة حاولوا مراراً أن يلقوا باللوم في مواسم حرائق الغابات المدمرة على مفتعلي حرائق لديهم دوافع سياسية.
وخلال "الصيف الأسود" في أستراليا عام 2020، استشهد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مضلل بإحصاءات حرق عمد من العام السابق لإلقاء اللوم في جرائم غير مرتبطة بحرائق الموسم التالي.
وفي ولاية كاليفورنيا عام 2021، كان مفتعلو حرائق مسؤولين عن عديد من حرائق الغابات، لكن من دون أدلة على أنهم كانوا يدفعون بأجندة تغير المناخ، كما ادعى بعض مستخدمي الإنترنت.
وقال الأستاذ في جامعة كارلتون كريس راسل المتخصص في شؤون المناخ، إن نظرية الإرهاب البيئي ربما كان لها أساس من الحقيقة في البداية، لكن "هناك مبالغة في مدى أهميتها أو المغزى منها".
وهذه هي الحال في كندا، حيث يستشهد بعض مستخدمي الشبكات الاجتماعية بتقارير حقيقية عن حرائق مشبوهة لنشر نظريات مؤامرة حول أحداث ومواقع غير ذات صلة.
وفي مقدمة النظريات المغلوطة واحدة تقول إن الحكومة الكندية هي التي افتعلت الحرائق، من أجل الدفع بسياسات تغير المناخ أو لإجبار المدنيين على النزوح إلى مدن حيث يكون من الأسهل فرض "عمليات إغلاق مرتبطة بالمناخ".
وربط راسل تلك المخاوف بتوقيع كندا "اتفاق باريس" للمناخ الذي حذر من أزمة المناخ الوشيكة.
وبعد أن طبقت الحكومة الليبرالية في كندا سياسة مناخية أكثر صرامة وضرائب على مدار العقد الماضي، قال راسل إن العاملين في صناعات الموارد الطبيعية الكندية اتخذوا موقفاً دفاعياً.
وتصر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي على أن "الحرق العمد وليس تغير المناخ" هو المسؤول عن حرائق الغابات، لكن الهيئة الكندية لإدارة الموارد الطبيعية قالت للصحافيين في 5 يونيو إن موسم الحرائق هذا تفاقم بسبب الظروف الحارة والجافة والرياح.
وقال المدير العام لمركز الغابات الكندي مايك نورتون "يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر حرائق البراري وشدتها وإطالة مواسم الحرائق".

المزيد من بيئة