Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحالف "I2U2" هل يكون أداة أميركا لمواجهة "الحزام والطريق"؟

الأهداف الأوسع للشراكة تعكس استراتيجية واشنطن للتصدي للتأثير الجغرافي الاقتصادي العالمي للصين

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي الموقت يائير لبيد يشاركان في اجتماع افتراضي مع قادة مجموعة "I2U2" (أ ف ب)

ملخص

تحالف "آي2 يو2" يضم أميركا والإمارات والهند وإسرائيل ويتعلق بشراكات جيواقتصادية تهدف إلى ضمان أمن الطاقة والغذاء والاتصالات البحرية والنقل والفضاء.

في حقبة جديدة من تاريخ العالم يشكلها الصراع الجيوسياسي، وفيما بدا أنه نهاية لنظام القطب الواحد وبزوغ فجر عالم جديد يتشكل من أقطاب متعددة، باتت التحالفات واحدة من الأدوات التي تمنح النفوذ الأوسع والقوة الاقتصادية والسياسية.

خلال العامين الماضيين أعطت الولايات المتحدة أولوية متزايدة للشراكة مع الحلفاء في منطقة المحيطين الهادئ والهندي عبر تحالفات مثل "كواد" الذي يضم أميركا واليابان والهند وأستراليا، وتحالف "أوكوس" الأمني الذي يضم كلاً من بريطانيا وأستراليا مع الولايات المتحدة، ولم تغفل واشنطن منطقة غرب آسيا لتعلن في يوليو (تموز) 2022 شراكة مع الإمارات والهند وإسرائيل ضمن تحالف أطلق عليه "I2U2"، الذي يقارن بتحالف "كواد".

تحالف "آي2 يو2" يتعلق بشراكات جيواقتصادية تهدف إلى ضمان أمن الطاقة والغذاء والاتصالات البحرية والنقل والفضاء، وهي "ليست أكثر من خطوات أولى في شراكة استراتيجية طويلة المدى"، وفق ما جاء في بيان التحالف الذي ينظر إليه كثيرون باعتباره إشارة على أن الولايات المتحدة بدأت في التخلي عن نظرتها الاستراتيجية والأمنية التقليدية للعالم وباتت تدرك التطور في النظام العالمي وتتعامل معه بطريقة غير إقليمية متعددة الأطراف.

مواجهة "الحزام والطريق"

يقول مراقبون إن تطور أهداف التحالف يعكس استراتيجية الولايات المتحدة الأوسع لمواجهة التأثير الجغرافي الاقتصادي العالمي للصين، لا سيما من خلال مبادرة الحزام والطريق المشروع الصيني الضخم الذي يتعلق بطريق بري وبحري يشمل 147 دولة ويشارك فيه نحو 70 في المئة من سكان العالم.

منذ عام 2021 زادت مجموعة الدول السبع من جهودها للعمل كمصدر بديل وجذاب للاستثمارات والتكنولوجيا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وفي يونيو (حزيران) 2021 أطلقت مجموعة الدول الصناعية السبع استراتيجية "إعادة بناء شراكة عالمية أفضل" لحشد مئات المليارات من الدولارات للاستثمار في البنية التحتية من أجل المساعدة بتقليص فجوة نحو 40 تريليون دولار من حاجات البنية التحتية بالعالم النامي.

وبعد مرور عام أعادت مجموعة الدول السبع تسمية المبادرة لتصبح "الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار" لحشد 600 مليار دولار بحلول عام 2027 في استثمارات البنية التحتية العالمية.

وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن فإن الولايات المتحدة سعت أيضاً إلى تشكيل المعايير العالمية التي تقوم عليها هذه الاستثمارات، وكانت أسست شبكة النقطة الزرقاء (Blue Dot Network)، وهي خطة أطلقتها أستراليا واليابان والولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 كمحاولة لمساعدة البلدان النامية على التخفيف من المخاطر المرتبطة بتمويل البنية التحتية وإتاحة الشفافية والمعرفة بأن المشاريع مستدامة وليست استغلالية، وضمنياً محاولة لنزع الشرعية عن مبادرة الحزام والطريق.

ومن ثم يسمح تحالف "آي2 يو2" لواشنطن بتوسيع هذه الجهود لتشمل شركاء في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وربما تأمل الولايات المتحدة من خلال تركيز مناقشات التحالف على القضايا العملية مثل البنية التحتية والصحة والغذاء والطاقة، في أن تكثف جهودها للتنافس مع مبادرة الحزام والطريق، هذا النهج من شأنه أن يقلل أيضاً من التركيز على مجالات الخلاف حول الصين بين أعضاء المجموعة، بينما يقدم لإسرائيل والإمارات، وبدرجة أقل الهند، بدائل للشراكة مع بكين.

دوافع التحالف

لكل من الدول الثلاث الأخرى دوافعها الخاصة أيضاً للانضمام إلى ذلك التحالف، التي تتعدد بين الدوافع الاقتصادية والاستراتيجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة إلى الهند يوفر التحالف منتدى لتعزيز مشاركتها الاستراتيجية مع غرب آسيا، فوفق "أوبزرفر ريسيرش فونديشن"، مركز أبحاث هندي متخصص في الاقتصاد فإن الهند تتمتع بعلاقة ثنائية قوية مع كل من البلدان الثلاثة، بالتالي هناك مبرر اقتصادي قوي لمشاركتها في "I2U2".

وبلغ إجمالي تجارة الهند مع الإمارات 73 مليار دولار في عام 2022، مما يجعل الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند، كما أن الإمارات هي أيضاً ثاني أكبر وجهة تصدير للهند وتمثل 40 في المئة من إجمالي تجارة الهند مع العالم العربي.

وتعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للهند وثاني أكبر مستثمر أجنبي، إذ بلغت التجارة الثنائية 119 مليار دولار في عام 2022 وتمثل الاستثمارات 18 في المئة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر.

وفي الوقت نفسه تعد إسرائيل واحدة من أكبر موردي المعدات الدفاعية للهند وشريكاً تقنياً رئيساً في مجالات مختلفة بما في ذلك الدفاع والفضاء والزراعة والأمن السيبراني.

بالنسبة إلى إسرائيل فإنها تعتبر تحالف "I2U2" امتداداً لـ"اتفاقات إبراهيم" وتقدم فرصة جديدة لبناء منصة، إذ يمكنها الجمع بين شركائها القدامى (الولايات المتحدة والهند) مع الجدد (الإمارات) من خلال شراكة اقتصادية واستراتيجية أوسع، فيما تنظر الإمارات إلى تحالف "I2U2" على أنه تحالف هادف يركز على التكامل، إذ سيساعد في حل التحديات العالمية مثل تلك المتعلقة بالأمن الغذائي والطاقة والمياه.

ويقول السفير الهندي السابق لدى مصر والإمارات نافيد سوري إن الإمارات تعرف هذه التحديات جيداً، نظراً إلى نقص الغذاء والماء لديها، إذ يبلغ معدل هطول الأمطار السنوي 100 ملم فقط وتستورد 85 في المئة من إمداداتها الغذائية، كما تعتبر الإمارات ذلك التحالف بمثابة منصة يمكن أن تخدم مصالحها في تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الثلاث الأخرى، مع وضع نفسها كجسر بين غرب آسيا وجنوب آسيا.

ويضيف سوري أنه مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة العالمية للتحديات التي تواجهها البلدان في جميع أنحاء العالم، يمكن لمنصة مثل "آي2 يو2" أن توفر إطاراً فاعلاً لاستكشاف الفرص ودعم الحل الجماعي للتحديات العالمية وفتح السبل لتقارب أكبر للمصالح والإجراءات بين البلدان.

لجعل العالم مكاناً أفضل

على رغم آفاق التعاون الواسع والنجاح لذلك التحالف، لكن لا تزال هناك إشكالية أساسية تتعلق بالمواقف المتضاربة بين دول المجموعة في شأن كيفية التعامل مع الصين وروسيا وإيران.

وشدد سفير إسرائيل في الهند على أن المجموعة "ليست ضد أحد"، قائلاً إنها "لشعبنا ولجعل العالم مكاناً أفضل"، وهي رسالة مهمة لم يتردد صداها على نطاق واسع بما فيه الكفاية.

ويقول هشام يوسف، المتحدث الأسبق لجامعة الدول العربية والزميل الحالي لدى معهد السلام بالولايات المتحدة، إن الإمارات تعمل على أن تصبح واحدة من أكثر اللاعبين اتصالاً عالمياً في المنطقة، وتتمثل إحدى ركائز هذه الاستراتيجية في التركيز على آسيا، لكن على عكس توجه الولايات المتحدة نحو آسيا الذي يهدف إلى مواجهة الصين، فإن الإمارات تعتبر الصين أحد شركائها الرئيسين في تحقيق هذا الهدف، فضلاً عن أن مجموعة "آي2 يو2" هي أيضاً إحدى الطرق التي تعمل بها الإمارات على موازنة علاقاتها مع شركائها الآسيويين الرئيسين، الصين والهند.

ويرى الدبلوماسي المصري السابق أن الإمارات ستسعى على وجه الخصوص إلى تجنب الخطر في شأن تلك العلاقات المتضاربة، مضيفاً أن التعاون بين أعضاء المجموعة يشمل مجالات رئيسة في الاقتصاد العالمي للقرن الحادي والعشرين، لذا يجب على المجموعة تجنب الدخول في القضايا الجيوسياسية التي يمكن أن تعرقل هدفها الرئيس ولا ينبغي على المجموعة أن تسمح بتشتت الجهود، ويخشى عدد من الخبراء من احتمال استبدال القوى العاملة الأجنبية الحالية في الإمارات بعمال هنود. إلا أن التحالف يمكن أن يتوسع من خلال تعزيز التعاون في مجالات جديدة في المستقبل أو من خلال متابعة التعاون مع شركاء آخرين في كل من الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

على رغم التحديات يرى مراقبون أن المؤسسات محدودة الأطراف مثل "I2U2" توفر الأمل في تعاون دولي أكثر فاعلية وتبادل للمنفعة، إذ يتمتع التحالف بإمكانات هائلة ويوفر تكوينه فرصاً كبيرة للتعاون المربح للجانبين.

وقالوا إن الولايات المتحدة تمتلك قدرات هائلة في كل مجال يمكن تصوره، ولدى الهند موارد بشرية ومواهب ضخمة، كما تمتلك إسرائيل تكنولوجيا متقدمة في عدد من المجالات المهمة وتعمل الإمارات على تطوير سياسات مبتكرة وجذب الشركات الناشئة وترغب في استثمار موارد كبيرة.

المزيد من تقارير