غلاديس وحيتان الأوركا خرجت للانتقام في جبل طارق

آخر ضحية من ضحايا سلسلة هجمات حيتان الأوركا على السفن بالقرب من جبل طارق كان قارباً شراعياً بريطانياً، حيث أشار أحد الخبراء إلى أن حوتاً قاتلاً "مصاباً بصدمة" ربما يُعلِّم الآخرين عن غير قصد استهداف القوارب.

وقع في هذا الشهر وحده 20 حادثاً بين مجموعة كبيرة من حيوانات مفترسة ألفا والسفن الصغيرة التي تبحر في مضيق جبل طارق، وفقاً لمجموعة عمل "اتلانتيك اوركا" Atlantic Orca Working Group (GTOA)، مع تسجيل عشرات الهجمات من قبل حيتان الأوركا على السفن على السواحل الإسبانية والبرتغالية هذا العام.

وفي ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس الماضي، حطمت مجموعة من الأوركا دفة قارب Mustique واخترقته بعد اصطدامها به وهو في طريقه إلى جبل طارق، مما دفع طاقمها المكون من أربعة أفراد إلى الاتصال بالسلطات الإسبانية للحصول على المساعدة، بحسب ما قاله متحدث باسم خدمة الإنقاذ البحري.

وقال متحدث باسم فريق الإنقاذ في خفر السواحل إن سفينة أرسلت كاستجابة سريعة بالإضافة إلى طائرة مروحية تحمل مضخة (سحب) ماء لمساعدة السفينة التي يبلغ طولها 20 متراً والتي كانت تبحر تحت راية العلم البريطاني. وتم سحب السفينة إلى ميناء برباط الإسباني، في مقاطعة قادس، لإصلاحها.

ونشرت البحارة البريطانية أبريل بويز، البالغة من العمر 31 سنة، لقطات من المحنة التي عاشتها على موقع "إنستغرام"، وقالت "ما بدأ كلقاء فريد على ما يبدو انتهى بتحطيم الأوركا لدفة القارب، ثم الشروع في تمزيق أجزاء من القارب لمدة ساعة".

"أدى وجود ثقب ضخم في الهيكل إلى دخول المياه إلى أجزاء أخرى من القارب وغرفة المحرك، ويمكنني أن أقول بصراحة إنها كانت تجربة مخيفة. نحن جميعنا بأمان. أشعر بالامتنان لخفر السواحل".

في وقت سابق من أيار (مايو)، تأثر اليخت الشراعي "البوران شامباين" Alboran Champagne بالحالة نفسها نتيجة هجوم ثلاثة حيتان أوركا على بعد مسافة نصف ميل بحري من برباط. لم يكن من الممكن سحب القارب حيث غمرته المياه بالكامل وترك ليغرق في البحر.

قال قبطان القارب، فيرنر شاوفلبيرجر، لمجلة "يخت" yacht الألمانية إنه رأى الحوتين الأصغر حجماً يقلدان أسلوب الصدم الذي اتبعته الأوركا الأكبر حجماً، والتي يُعتقد أنها الأم الحاكمة وتدعى "وايت غلاديس".

وأضاف: "هز الحوتان الصغيران الدفة في الخلف بينما كان الأكبر يتراجع مراراً ويصطدم بالسفينة بقوة كاملة من جانبها. قام الحوتان الصغيران بتقليد أسلوب الحوت البالغة، فاستعدا قليلاً، وانطلقا نحو القارب. بشكل رئيسي على الدفة، ولكن أيضاً على العارضة".

قبل يومين فقط، في 2 مايو، صدمت ستة حيتان أوركا يخت "بافاريا 46" في حادثة استمرت ساعة بالقرب من طنجة، مما تسبب في أضرار تقدر بآلاف الجنيهات.

وكانت مستشارة الأعمال جانيت موريس والمصور ستيفن بيدويل، وهما زوجان من كامبريدجشير يبلغان من العمر 58 سنة، على متن دورة إبحار عندما سمعا صراخ "أوركا".

قالت السيدة موريس لصحيفة "دايلي تيليغراف": "كنا هدفاً سهلاً"، بينما قال بيدويل: "ظللت أذكر نفسي بأننا على متن قارب يزن 22 طناً مصنوع من الفولاذ، لكن رؤية ثلاثة منها تأتي دفعة واحدة، وبسرعة وزعانفها خارج الماء، كان أمراً رهيباً".

وأضاف: "من الواضح أنه كان هناك حوت أكبر موجودة بالفعل وكانت كأنها تشرف عليها تقريباً"، متكهناً أنها وايت غلاديس.

وقعت أول حادثة أوركا في المنطقة في مايو 2020، منذ ذلك الوقت تم تسجيل أكثر من 500 حادثة، وفقاً لمجموعة أبحاث GTOA.

كانت معظم الحوادث عرضية، حيث لم يتعرض الأوركا سوى لواحد من كل 100 قارب يمر عبر المنطقة، وفقاً لعالم الأحياء ألفريدو لوبيز فرنانديز، من GTOA وجامعة أفيرو، الذي قال إن ثلاث سفن غرقت حتى الآن.

يعتقد الخبراء أن وايت غلاديس ربما عانت "لحظة عصيبة من المعاناة"، مثل الاصطدام بقارب أو الوقوع في شرك أثناء الصيد غير القانوني، مما غيّر سلوكها بطريقة "دفاعية".

وقال الدكتور لوبيز فرنانديز لموقع "لايف ساينس" Live Science: "إن الأوركا المصابة بالصدمة هي التي بدأت سلوك الاحتكاك المادي بالقوارب".

وأضاف "نحن لا نعتقد أن حيتان الأوركا تُعلِّم الصغار، على رغم أن السلوك امتد إلى الصغار ببساطة عن طريق التقليد، وفي ما بعد بما بينها، لأنها تعتبر (التقليد) شيئاً مهماً في حياتها".

أثار هذا السلوك حيرة العلماء، حيث اعتبر البعض في البداية أنه قد يكون مرتبطاً بندرة الطعام التي تواجه الثدييات، أو استئناف الأنشطة البحرية المعتادة في أعقاب الوباء، بينما اعتبر البعض الآخر أنه قد يكون نوع من السلوك المرح.

على رغم أنها تُعرف باسم الحيتان القاتلة، إلا أن حيتان الأوركا المهددة بالانقراض هي جزء من عائلة الدلافين. والجدير بالذكر أن طولها قد يصل إلى ثمانية أمتار ووزنها إلى ستة أطنان في سن البلوغ.

تقرير إضافي من "رويترز".