Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صعود القومية في تركيا تزامنا مع انقسام الأحزاب

معدل التصويت المتوقع في الانتخابات المقبلة أعلى بكثير من 23 في المئة بحسب الخبراء

الأكاديمي والباحث السياسي إلتيريش أرغون يرى أن زيادة الأصوات القومية ليست حالة فريدة في تركيا (رويترز)

ملخص

الباحث الاقتصادي شفقت آبوخان رأى أن القومية في تركيا على رغم أنها مرتبطة بحزب الحركة القومية إلا أن الحزب لديه مشكلات في تمثيل القومية

كشفت نتائج الانتخابات عن صعود القومية في تركيا، كبقية دول العالم، حيث إن معدل التصويت المتوقع في الانتخابات المقبلة أعلى بكثير من 23 في المئة بحسب الخبراء الذين ذكروا أن القوميين يتحولون إلى أحزاب جديدة عندما يجدون مساحة للتعبير عن أنفسهم.

قمنا بتقييم القومية المتنوعة في تركيا والزيادة في إجمالي الأصوات التي حصلوا عليها مع انقسام الأحزاب القومية، فكما هي الحال في أجزاء كثيرة من العالم تزداد القومية في تركيا، كان هذا الارتفاع من أبرز نتائج انتخابات 14 مايو (أيار)، ففي انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 حصل حزب الحركة القومية على 11.08 في المئة من الأصوات، وفي انتخابات 2018 عندما دخل حزب الحركة القومية حزب "الجيد" بشكل منفصل حصلوا على 21 في المئة، وبعد إنشاء حزب "النصر" عام 2021 زادت النسبة الإجمالية للأصوات القومية لتحصل على أكثر من 23 في المئة من الأصوات في انتخابات 14 مايو.

الباحث الاقتصادي شفقت آبوخان رأى أن القومية في تركيا على رغم أنها مرتبطة بحزب الحركة القومية إلا أن الحزب لديه مشكلات في تمثيل القومية، كما أن حزب "الجيد" الذي أنشئ على هذا الأساس أيضاً إلا أنه لا يقتصر على القومية، والقلق بشأن الانفتاح أمام الناخبين المحافظين فتح الطريق لمجموعة من القوميين لتأسيس حزب جديد بزعامة أوميت أوزداغ، ومن جهة أخرى، فإن حزب "الاتحاد الكبير" BBP يعرف نفسه بأنه قومي مثالي، وبهذا الشكل وصل كل حزب إلى دائرة الناخبين القريبة منه.

آبوخان قال إن تنوع القومية يظهر بوضوح في النقطة التي وصلنا إليها اليوم "إنني أعتبر هذا أمراً طبيعياً شرط أن يتحد كل فرد يعرف نفسه على أنه قومي تركي، ولا شك أن هذا التنوع مهم أيضاً لأنه عامل في الجغرافيا التي نعيش عليها، هذه الفكرة يمكن أن نسميها تقليدية لتركيا وخصوصاً لدى الأجيال الشابة، وتتم هذه القراءة من خلال العلمانية، وأعتقد أن الأصوات القومية والتفضيلات المستخدمة بدافع القومية في تركيا اليوم تحتل مكانة أعلى من 60 في المئة حيث إن الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم قوميون أكثر من الـ 23 في المئة الذين صوتوا، لكنهم فضلوا التصويت خارج هذه الدائرة".

أما الكاتب والمحاور السياسي بهاديرهان دينتشاسلان الذي شبه الزيادة في معدلات التصويت بنوع من تنويع المنتجات مع انقسام الأحزاب القومية، فأكد أنه مع زيادة عرض القومية لمختلف الأذواق والمطالب، فإن فرصة الاختيار في هذا الاتجاه هي المقدمة للناخبين "أولئك الذين لديهم أولويات ومطالب لا يمكن إعطاؤها لحزب الحركة القومية يصوتون لحزب الجيد، والذين يعارضون كليهما يصوتون ويكون لديهم رد فعل مختلف من وقت لآخر".

دينتشاسلان أيضاً لا يتفق مع الآراء القائلة إن جزءاً من الأصوات القومية التي تجاوزت 23 في المئة في انتخابات 14 مايو كانت أصوات رد فعل ولم تأت في الواقع من القاعدة القومية، كما أن قضية المهاجرين غير الشرعيين قدمت لبعض الأتراك هذا التبرير، وأيضاً مشكلة الهجرة على الصعيد المحلي عززت القاعدة القومية ككل "هؤلاء الأشخاص يصوتون للقوميين على رغم أنهم ليسوا قوميين".

أما الأكاديمي والباحث السياسي إلتيريش أرغون فرأى أن زيادة الأصوات القومية ليست حالة فريدة في تركيا، إذ ظهرت أيضاً في المجر وفرنسا وإيطاليا، وأشار إلى عودة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، موضحاً أن هناك صورة مشابهة موجودة أيضاً في جميع أنحاء الشرق الأوسط تقريباً "نرى انتشار البعثية الجديدة في السعودية والعراق وسوريا ولبنان والصهيونية الجديدة في إسرائيل والكمالية الجديدة في تركيا".

وبحسب أرغون فإن هناك سببين رئيسيين لصعود القومية في تركيا، وهي التغييرات في الاقتصاد والأمن "إذا نظرنا إلى الجانب الاقتصادي، فإننا ندخل مرة أخرى في النموذج القائم على الدولة القومية، إذ يأتي الاقتصاد الحمائي المخطط الذي تكون فيه الدولة في المقدمة، وعندما يؤخذ الجانب الأمني في الاعتبار، فإن السياسات الليبرالية الجديدة تتلاشى، وتتزايد ردود الفعل على الهجرة غير النظامية، خصوصاً أن الهجرة الجماعية آخذة في الازدياد مع انكماش الاقتصاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما بشأن إمكانية التصويت على أساس القومية في تركيا فأكبر بكثير من 23 في المئة، وأوضح أرغون أن من يعتقد أن القومية التركية تتكون من ثلاثة أحزاب فهو مخطئ إلى حد كبير، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن الأحزاب استطاعت إقناع الناخبين "الموجة كبيرة لكن لا توجد منظمة وطنية في تركيا يمكنها استيعابها والحفاظ عليها، وإذا التقط أحد الأحزاب، فهذه الموجة سوف تنمو بشكل أكبر، إذ إن هناك ارتباكاً لدى الناخبين الوطنيين بسبب الهيكلية المجزأة، ويوجد القسم القومي في حزب العدالة والتنمية الذي يميل إلى الانشقاق عن الحزب، في الوقت نفسه لا يزال بعض الناخبين يرون أن حزب العدالة والتنمية هو أكثر الأحزاب قومية، لكن في الواقع نسبة القومية أكبر بكثير من 25 في المئة، ولذلك تحوّل حزب العدالة والتنمية إلى القومية، وهذا يعدّ مصدر أزمة التمثيل في الطاولة السداسية، والسبب هو أن الأحزاب التي ليس لديها كادر أيديولوجي والناخبين في مجتمع من دون تصويت، كانوا في الواقع الفاعل الرئيس في مسار الموقف"، وأضاف أرغون "يجب أن يظهر زعيم قومي ويخلق مؤسسة قوية في تركيا، إذ هناك زعيم قوي يتمتع بشخصية كاريزمية وحزب، كما أن القومية في تركيا يجب أن تجيب على الأسئلة التالية: من نحن؟ لماذا نحن هنا؟ ماذا سنفعل بعد ذلك؟، ثم يمكنها الانخراط في بناء الهوية والسير بقوة تحت قيادة الزعيم القومي".

أما بخصوص المرشح الرئاسي لتحالف "الأجداد" سنان أوغان الذي يعد أحد الأسماء البارزة في الانتخابات، فرأى أرغون أن الأصوات التي حصل عليها تعتمد على عوامل هيكلية وليس على الشخص، مشيراً إلى أن من المهم أن تكون مرشحاً بخلاف رجب طيب أردوغان وكمال كليتشدار أوغلو ومحرم إينجه، لكي تبرز مثل بروز أوغان الذي لم يكن موجوداً في أي تشكيل سياسي قبل ثلاثة أشهر، وهذا يشير إلى وجود طلب اجتماعي "كان الناخبون متفقين بالشعور ذاته إذ نرى أن الراكب الثالث هو القومية، وفي هذه الحالة إذا تمكن حزب الجيد من الصعود المتوقع وتمكّن من بناء الهوية، فمن المحتمل أن تتطور أصوات القومية لديه".

ووفق أرغون لا توجد علاقة بين الموقف الأيديولوجي والجيوسياسي لسنان أوغان وبين الناخبين، لذلك لا يستطيع توجيه الأصوات الممنوحة له، وذلك لأن 90 في المئة من هؤلاء الناخبين لن يذهبوا خلف مسار الحزب، وعلى رغم ذلك بسبب قوة الجولة الأولى، فمن الطبيعي أن يغتنم أوغان هذه الفرصة العظيمة ويدخل في مفاوضات مختلفة من أجل حياته السياسية الخاصة.

وبحسب أرغون، فقد نجح مشروع انتخاب الرئيس أردوغان على أكمل وجه لأنه رأى أنه لا يستطيع إقناع جزء من الناخبين ولا يريد إرسالهم إلى المعارضة لذلك اتخذ الخطوات الصحيحة، فزاد من مستوى الاستقطاب بتشكيل الخندق القومي، وبالنسبة للأصوات الإسلامية، عارض حزب "الرفاه من جديد" حزب السعادة، وفي الأصوات القومية، اختلف مع كل من حزب الحركة القومية وحزب النصر وحزب "الجيد"، وجمهورياً كان حزب الوطن حاضراً ضد أصوات حزب الشعب الجمهوري، كما حاول حزب "هدى بار" أن يأخذ أصوات الأكراد المحافظين، وبذلك كان أردوغان واثقاً جداً من أن أحزاب الطاولة السداسية سترشح كليتشدار أوغلو، وعلى ذلك بنى مشروعه "لو أن المعارضة اختارت مرشحاً بدل كمال لربما وجدت تكاتفاً أكبر بحيث يكون مرشحاً له كاريزما تتماشى مع مطالب الجماهير، ولو تمكن حزب الجيد من الانسحاب لكانت الحسابات مختلفة".

الانقسام الأول في الحركة القومية التركية حدث في عام 1992 عندما انفصل حزب الاتحاد الكبير BBP عن حزب الحركة القومية، وأسس محسن يازجي أوغلو حزبه في عام 1993 على أساس أنه "لا يتوافق مع الفهم السياسي للحزب الذي كان ينتمي إليه"، ثم حدث الانقسام الثاني بعد وفاة رئيس حزب الحركة القومية آنذاك ألبارسان تركيش عندما أسس توغرول تركيش نائب حزب العدالة والتنمية في أنقرة حزب "آيدنليك تركيا" في عام 1998، وحصل على حوالى ثلاثة في المئة من الأصوات في انتخابات 2007 قبل أن يتم حله في عام 2010، وفي عام 2011 شهد حزب الحركة القومية انقساماً جديداً، عندما تأسس حزب تركيا القومي نتيجة للهيكل السياسي الذي بدأ باسم حركة "الجبهة الوطنية"، ثم تضاعفت الأصوات القومية مع إنشاء حزب "الجيد" بزعامة ميرال أكشنار بعد الانشقاق عن حزب الحركة القومية، ودخل الحزب الوليد في أول انتخاباته عام 2018 ليفوز بـ 43 نائباً بنسبة 9.96 في المئة من الأصوات، في حين أن حزب الحركة القومية كان قد حصل في انتخابات 2015 على 11.8 في المئة من الأصوات، وبعبارة أخرى، تجاوز معدل التصويت للحزبين 20 في المئة، ومع تأسيس حزب "النصر" بقيادة أوميت أوزداغ ازدادت الأصوات القومية، وحصل الحزب في انتخابات 14 مايو على 2.2 في المئة من الأصوات، وبمجموع ذلك، اقتربت الأصوات القومية من 23 في المئة، لكن عندما يتم تضمين أصوات القوميين في حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية في هذه النسبة نرى أن كعكة القومية في تركيا أوسع بكثير.

نقلا عن "اندبندنت تركية"

المزيد من تحلیل