Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"السهم الواقي" لن توقف تآكل الردع الإسرائيلي

واصل نتنياهو تحذيراته وتهديداته ليس فقط تجاه غزة إنما لبنان وسوريا وإيران

أجرى معهد أبحاث الأمن القومي ندوة حوار بمشاركة كبار باحثيه حول "السهم الواقي" وتحدث أكثر من باحث فيه حول تداعيات العملية (أ ف ب)

ملخص

"وإذا ما نجحت حماس في أن تسيطر على الضفة الغربية فإن التهديد على إسرائيل سيكون لا يطاق"

على مدى ثلاثة أيام من العملية العسكرية "السهم الواقي" أو كما سماها الجيش الإسرائيلي "درع وسهم"، انشغل الإسرائيليون سواء القيادة السياسية - الأمنية - العسكرية أو كبار الباحثين وهم من الأمنيين والعسكريين السابقين أصحاب المناصب الكبرى والحساسة في المؤسستين العسكرية والأمنية، في بحث مكانة حركة "حماس" في هذه الجولة العسكرية بين إسرائيل و"الجهاد الإسلامي"، وما إذا ستحقق هذه العملية هدف استعادة الردع الإسرائيلي أو حتى الحفاظ على وضعيته الحالية.

وفيما أجمعت القيادات الرسمية أن حركة "حماس" لم تشارك في هذه الجولة العسكرية وجد الأمنيون والعسكريون السابقون أن الحركة هي التي تضع قواعد اللعبة وأن الردع الإسرائيلي ليس فقط لم يحافظ على وضعيته إنما مستمر بالتآكل.

وفي حين صعدت القيادات السياسية - العسكرية - الأمنية تهديداتها، وواصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تحذيراته وتهديداته، ليس فقط تجاه غزة إنما لبنان وسوريا وإيران، معلناً أن إسرائيل مستعدة لتصعيد متعدد الجبهات، استبعد الأمنيون والعسكريون السابقون والباحثون أن تكون تل أبيب قادرة على خوض سيناريو "مواجهات متعددة الجبهات".

وأجرى معهد أبحاث الأمن القومي، الذي يعتبر الأبرز في إسرائيل، ندوة حوار بمشاركة كبار باحثيه حول "السهم الواقي"، وتحدث أكثر من باحث فيه حول تداعيات العملية، وكان المحور المركزي حركة "حماس" في مقابل غياب استراتيجية لإسرائيل تجاه غزة عموماً ومن تعتبرهم إسرائيل أعداءها في المنطقة.
 


"المظلات الواقية"

أودي ديكل عميد سابق في الجيش الإسرائيلي وشغل منصب رئيس مديرية التخطيط في الجيش ونائب مدير معهد أبحاث الأمن القومي حذر قائلاً "لا تغيير في الواقع الأمني، والردع الإسرائيلي مستمر في التآكل فيما سكان الجنوب وغلاف غزة رهائن للجهاد الإسلامي وحماس"، معتبراً أن "السهم الواقي الشرارة للجولة المقبلة".

وخلافاً للموقف الإسرائيلي الرسمي تجاه "حماس" وبأنها لم تشارك في المواجهات، رأى ديكل أنها هي التي تضع قواعد اللعبة والتي ستحدد متى ستنتهي الجولة الحالية "إنها تستغل الوقت الحالي لبناء قوتها العسكرية للجولة المقبلة من المواجهات في لبنان أيضاً"، مضيفاً "تحصل حماس على نوع من المظلات الواقية في ظل الردع المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، وتبني قوتها وتقرر متى وعدد الصواريخ التي ستطلقها على إسرائيل من دون دفع ثمنها".

وأكد الباحث في المجال الاستراتيجي في معهد أبحاث الأمن القومي كوبي ميخائيل تآكل الردع الإسرائيلي، معتبراً أن الأخطر في وضع إسرائيل غياب الهدف الاستراتيجي تجاه الساحة الفلسطينية، وهو وضع تتحمل مسؤوليته ليس الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو، فحسب، إنما سابقاتها "في غياب هدف استراتيجي لا يوجد أي منطق استراتيجي لاستخدام التحرك العسكري، لأنه في مثل هذه الحالة لا يمكن تحقيق هدفنا وحتى إن نجحنا في القضاء على البنى التحتية العسكرية في غزة لكننا سنجد أنفسنا أمام حاجز مكسور في قطاع غزة ".

"حماس" عنوان مسؤول

وفي موقف له خارج ندوة المعهد رأى ميخائيل أنه في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة مصرية ودخوله حيز التنفيذ، فستكون تل أبيب مضطرة، مجدداً، إلى التمسك بالخيار الأقل سوءاً بين الخيارات السيئة جداً الماثلة أمامها، وهو التمسك بمنطق الاحتواء والتسوية، الذي يستند إلى "حماس" كعنوان مسؤول في قطاع غزة بهدف الامتناع عن معركة عسكرية واسعة النطاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما بين "حماس" و"الجهاد الإسلامي" رأى ميخائيل أن إسرائيل تنطلق من أن "الجهاد" لن تكون عنواناً مسؤولاً بالنسبة إليها، وانطلاقاً من ذلك يمكن لإسرائيل توجيه ضربات شديدة وفتاكة ضدها، لكنه في الوقت نفسه قال إن الاحتمال وارد في حدوث تغيير في الواقع الراهن في حال اتساع غير متوقع ومرغوب به لمعركة عسكرية بسبب رد فعل شديد لـ"حماس"، أو أن يتسبب تصعيد القصف بإلحاق ضرر كبير واستهداف مدنيين، "بالتالي، سيجد الطرفان نفسيهما في معركة واسعة لا يرغب أي منهما فيها".

العصا والجزرة

"(حماس) تتبوأ دورين تواجه بينهما توتراً غير قليل، فمن جهة هي (حكومة دولة غزة)، وبصفتها هذه توجد لها مصلحة اقتصادية أساساً للحفاظ على الهدوء، ومن جهة أخرى ترى نفسها كزعيمة جميع الفلسطينيين، وبصفتها هذه لا يمكنها أن تبقى في الخلف في وضع تتسبب فيه المواجهة مع (الجهاد الإسلامي) بإصابات عدة في غزة. إسرائيل ومصر تحاولان التأثير فيها لتتبنى الدور الأول، بينما إيران والآخرون يحاولون التأثير فيها لصالح الدور الثاني"، هكذا قيم الجنرال السابق في الجيش غيورا إيلاند، وهو الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وعمل باحثاً في معهد أبحاث الأمن القومي.

إيلاند، الذي يأخذ برأيه كثيرون من المسؤولين السياسيين والأمنيين رد على الانتقاد الواسع لاتخاذ قرار إطلاق العملية العسكرية في غزة بالقول إنه طالما أن الحديث يدور عن عدو بمستوى مهني "قادة إرهاب"، "سواء كانوا في غزة أو الضفة، في لبنان أو سوريا أو حتى في إيران فلا يوجد ما يدعو إلى أن ينعقد الكابينت ليتخذ قرار تنفيذ حملة محددة ضد أشخاص محددين. في المستوى الأعلى يكفي أن يخول الكابينت رئيس الحكومة ووزير الأمن اتخاذ القرار لمثل هذه العملية، بل إن مثل هذا القرار مطلوب أحياناً اتخاذه من مستوى حتى أدنى من ذلك"، لكنه حذر من أن يصبح "الإحباط المحدد" مسألة سياسية "صحيح هناك تداعيات محتملة لمثل هذه العمليات، لكن هناك تداعيات مشابهة لكل هجوم في سوريا، ولا يزال من الصواب الثقة بالقيادة المهنية العليا. وفي المقابل، بالتأكيد يجدر بالكابينت أن يبحث في المسائل المتعلقة بالسياسة تجاه غزة. الحكومة السابقة قررت قبل نحو سنة ونصف السنة أن تعرض على "حماس" ليس فقط العصا، بل وجزرة اقتصادية، وقد أثبت الأمر نفسه. وهذا ما يتوجب أن يكون على رأس اهتمامات الكابينت".

بلورة استراتيجية جديدة

جنرال الاحتياط عاموس جلعاد الذي سبق وشارك في مفاوضات مع "حماس" مرات عدة، رأى أن "المواجهة مع (الجهاد الإسلامي) في غزة بدأت في حملة أن الهدف السياسي الاستراتيجي هو عزل (حماس) لأجل منع مواجهة واسعة، ولكن حتى وإن تحقق وقف لإطلاق النار فإن المعضلة طويلة السنين في إسرائيل ستتأكد من جديد، وهي الحاجة إلى بلورة استراتيجية تجاه إيران مع التشديد على غزة".

وخلال تقييمه حركة "حماس" اعتبرها "مزيجاً من التنظيم الإرهابي الإجرامي والحركة الإسلامية المتطرفة التي تدعو إلى إبادة إسرائيل، وهي جزء من المحور الإيراني الآخذ في التعاظم"، مضيفاً "على رأس المحور توجد إيران التي وصلت إلى حافة تخصيب اليورانيوم لمستوى عسكري يسمح بإنتاج سلاح نووي، وبالتوازي تعمل على تطوير واسع النطاق لسلاح باليستي وصواريخ ومقذوفات صاروخية وطائرات مسيرة وصواريخ جوالة وغيرها، هذا المحور تحاول إيران توسيعه من خلال السيطرة على دول فاشلة، على رأسها لبنان مع حزب الله الذي في حوزته نحو 150 ألف صاروخ، وإلى جانبه العراق واليمن وسوريا أيضاً. ففي هذه الفترة تتمتع إيران بخروج من العزلة الدولية وتقترب من دول عربية رائدة: هكذا، سفير إيران سيصل إلى الرياض، بينما سفير إسرائيل من غير المتوقع أن يحقق إنجازاً كهذا، كما أن طهران تعقد حلفاً استراتيجياً مع روسيا وتعزز علاقاتها مع الصين".

وبرأيه يجب حيال إيران وجود "قوة عسكرية وحكمة سياسية، فمن دون العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة لن يكون ممكناً تحقيق الخيار العسكري على افتراض أنه يوجد خيار كهذا. حيال (حماس)، في المقابل مطلوب قرار استراتيجي ينشأ عن معالجة محور الشر الإيراني. وإلا فإننا قد نحقق هدوءاً لفترة معينة، لكن ليس أكثر من هذا. وإذا ما نجحت (حماس) في أن تسيطر على الضفة الغربية فإن التهديد على إسرائيل سيكون لا يطاق".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير