Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستعد مصر لتجاوز أزمتها الاقتصادية بنهاية 2023؟

تتفاءل القاهرة بخروجها من عثرتها المالية رغم تحديات "التصنيف الدولي" ومتخصصون يؤكدون أهمية البداية بضبط الإنفاق

مصر أمام تحديات اقتصادية تستوجب ضبط الإنفاق وكسب ثقة المستثمرين (أ ف ب)

ملخص

طمأن وزير المالية المصري محمد معيط الشارع المصري حيال التقارير الدولية المتشائمة بشأن اقتصاد بلاده نافياً أن يكون صندوق النقد الدولي طالب القاهرة برفع الدعم والحماية الاجتماعية

للمرة الأولى على ما يبدو، تضع مصر سقفاً زمنياً لانتهاء أزمتها الاقتصادية، في تصريح هو الأول لوزير المالية محمد معيط، معرباً عن تفاؤله بعبور بلاده هذه الأزمة قبل نهاية العام الحالي، وذلك بعد أيام من قرار وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، خفض التصنيف السيادي لإصدارات الدين الطويلة الأجل بالعملات الأجنبية إلى "B" بدلاً من "+" B مع الإبقاء على النظرة المستقبلية عند المستوى "سلبي".

قطع وزير المالية المصري في حديث تلفزيوني وعداً بانتهاء الأزمة وخروج بلاده منها قبل نهاية عام 2023، وقال إن الحكومة تدرك تأثير الوضع الاقتصادي عن كثب، خصوصاً في شأن تفاقم ارتفاع الأسعار، وتأثير التضخم على مستوى معيشة المواطنين بالسلب، وخلق وضع غير جيد للأسرة المصرية.

لا رفع للدعم

كان الوزير المصري حريصاً على طمأنة الشارع المصري حيال عديد من التقارير الدولية المتشائمة في شأن اقتصاد بلاده، نافياً في تصريحاته أن يكون صندوق النقد الدولي طالب القاهرة برفع الدعم والحماية الاجتماعية، وقال إن المؤسسة الدولية وافقت على مواصلة دعم رغيف الخبز والبطاقات التموينية والمعاشات، شرط ضمان وصول الدعم لمستحقيه، موضحاً في هذا الصدد أن "الصندوق غير فكره بشأن إجراءات الحماية الاجتماعية قياساً بما كان الوضع عليه سابقاً".

وبينما شدد وزير المالية في تصريحاته، على إدراك الحكومة المصرية للأزمات، ومساعيها للتخفيف من آثارها الاجتماعية في المواطنين بكل الوسائل الممكنة، ومن بينها زيادة برامج الحماية الاجتماعية بنسبة 50 في المئة العام الحالي، وتعويض المواطنين عن الأثر السلبي للأزمة، غاب عن حديث الوزير تقديم الضمانات وملامح الخطط التي تكفل تجاوز بلاده للأزمة بتبعاتها كافة قبل نهاية العام الحالي.

مضاعفة الجهود

اقتصاديون قالوا لـ"اندبندنت عربية" إن مصر أمام تحديات صعبة تستوجب مضاعفة الجهود الحالية لضبط الإنفاق، وكسب ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية على حد سواء، عبر إصلاحات جادة تفضي إلى نتائج سريعة على أرض الواقع، معتبرين أن أول الحلول التي تكفل تسوية أزمة البلاد، ضبط الإنفاق الحكومي، والعمل على زيادة حصيلة النقد الأجنبي.

يرى المتخصص الاقتصادي وأستاذ التمويل مدحت نافع، أن مصر تعاني عجزاً مزمناً في ميزان التجارة وميزان المدفوعات، وآخر داخلياً في الموازنة العامة للدولة، وأن العادة جرت على غطاء العجز بإضافة مزيد من الديون، وهو الحل السهل الذي لم يعد كذلك في ظل ارتفاع تكلفة التمويل على مصر بسبب خفض تصنيفها الائتماني، وأيضاً بسبب التنافس على التمويل عالمياً مع قيام البنوك المركزية برفع كلفته.

وسجل حجم الدين الخارجي لمصر في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) 2022 نحو 155 مليار دولار، متراجعاً بنحو 700 مليون دولار، بمعدل 0.5 في المئة عند المقارنة بشهر يونيو (حزيران) 2022، بينما هبط صافي احتياطي القاهرة من العملات الأجنبية في نهاية أبريل (نيسان) الماضي إلى نحو 34.4 مليار دولار، مقارنة بـ33.1 مليار دولار في أغسطس (آب) الماضي، وهبوطاً من 41 مليار دولار في فبراير (شباط) 2022، وفق بيانات البنك المركزي المصري.

ممارسات على الأرض

ويشير مدحت نافع إلى ضرورة التحرك السريع لكسب ثقة المستثمرين الأجانب، بالتالي زيادة حصيلة البلاد من النقد الأجنبي من خلال "ممارسات وشواهد على الأرض"، خصوصاً في ظل وجود عجز يقارب 10 مليارات دولار.

وعلى رغم عدم وضوح حديث وزير المالية عن كيفية إنهاء الأزمة قبل نهاية العام، إلا أن خبير الاقتصاد يرى أن البداية يجب أن تأتي من سرعة ضبط الإنفاق الحكومي، وخصوصاً المشروعات ذات المكون النقدي الأجنبي، وهي أمور تكفل إثبات جدية الدولة المصرية في الإصلاح أمام المستثمرين الأجانب، وكذلك أمام المؤسسات التمويلية الدولية التي تحرص على ترشيد الإنفاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشهد القاهرة أزمة خانقة في سوق الصرف منذ مارس (آذار) 2022 مع تبخر أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من السوق، وتخارج المستثمرين الأجانب في أدوات الدين السيادية المصرية على أثر دورة التشديد النقدي التي يتبعها المجلس الاحتياطي (البنك المركزي الأميركي) منذ نهاية عام 2021، وهو ما دفع الحكومة إلى بدء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على تسهيل ائتماني جديد بقيمة ثلاثة مليارات دولار بفترة سداد تصل إلى 48 شهراً، وحصلت على الشريحة الأولى من القرض في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بقيمة 347 مليون دولار.

يمضي أستاذ التمويل قائلاً "أفضل من ينقل عنك تجربتك هو المستثمر على الأرض، يجب الحرص على ضمان اكتساب ثقته حيال الإجراءات المتخذة من جانب الدولة، ويجب دعم هذا المستثمر بما يلزم من قرارات وتشريعات، وصولاً إلى خفض تكلفة التمويل في ظل أسعار الفائدة المرتفعة محلياً في الوقت الحالي".

نقص العملة

أما المصرفية نائبة رئيس بنك مصر السابقة، سهر الدماطي، فترى أن بلوغ نهاية الأزمة الاقتصادية في مصر يبدأ بإنهاء المشكلة الرئيسة وهي نقص العملة الأجنبية، وهو أمر تراه ممكناً في ظل برنامج حكومي للطروحات، يمكن من خلاله تدبير جانب كبير من النقد اللازم لدعم العملة المحلية.

تتوقع سهر الدماطي، بدء انحسار التضخم في مصر بحلول أغسطس المقبل، وتقول إن مواصلة التراجع في التضخم وصولاً إلى نهاية العام يعتمد في جانب كبير على تسوية أزمة نقص العملة الصعبة، مع تخفيف الطلب على الدولار الأميركي، بتفعيل اتفاقات من شأنها التبادل التجاري مع دول كبرى مثل الصين والهند وروسيا بعملات أخرى.

وألقى التضخم المرتفع مزيداً من الضغوط على الاقتصاد بشكل عام وعلى القطاع المصرفي بشكل خاص، في ظل مواصلة رفع أسعار الفائدة منذ الربع الأول من العام الماضي، وسط توقعات باستمرار تشديد السياسة النقدية حتى هدوء التضخم ونزوله من أعلى مستوى تشهده البلاد منذ خمس سنوات.

تضخم مرتفع

وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية نحو 166.5 نقطة في مارس الماضي، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 3.2 في المئة عن فبراير السابق له، كما سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي البلاد نحو 34 في المئة خلال مارس 2023 مقابل نحو 12.1 في المئة للشهر نفسه من العام السابق.

تتوقف الخبيرة المصرفية عند حدود توفير ما يلزم للإنتاج المحلي، وترى فيه "ضرورة قصوى لضمان دوران عجلة الإنتاج مرة أخرى بكامل طاقتها"، وهو أمر يتأتى من خلال خفض كلفة التمويل وتقديم مبادرات تدعم التصنيع والتصدير بشكل كبير الفترة المقبلة.

وتشير نائبة رئيس بنك مصر السابقة، إلى إجراءات حكومية من قبيل إضافة نصف مليون فدان إلى الرقعة الزراعية في مصر لزيادة الإنتاج المحلي من السلع الاستراتيجية، التي تكلف البلاد مليارات الدولارات كل عام لاستيرادها، مع زيادة سعر توريد القمح بشكل يدعم المزارعين على زيادة الإنتاج، وترى في هذه الإجراءات حلولاً جادة لتأمين الطلب على الغذاء في سوق استهلاكية واسعة، بالتالي تهدئة التضخم عبر تجنيب السوق المحلية التعرض لتقلبات الأسعار عالمياً.