Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مشكلة أخلاقية" تواجه الغرب في إنقاذ البنوك المنهارة

الانتقادات تتزايد لطريقة تدخل السلطات مع توقع تعثر مزيد من المصارف بأميركا

التدخل لم يوقف مسلسل الانهيار أو يبعد الخطر تماماً عن القطاع المصرفي والنظام المالي (رويترز)

ملخص

الحكومات والبنوك المركزية تستخدم أموال دافعي الضرائب لإنقاذ البنوك

مع استمرار مسلسل الانهيار في البنوك الأميركية واحتمال تداعيات ذلك أوروبياً، يثور جدل في الغرب في شأن الخطر الأخلاقي في تدخلات الحكومات لإنقاذ البنوك المنهارة. فبعد البنوك الثلاثة التي انهارت في شهر مارس (آذار) الماضي بالولايات المتحدة ثم انهيار بنك "كريدي سويس" في أوروبا انهار بنك جديد هذا الأسبوع، وهناك أكثر من بنك على وشك الانهيار.

ومنذ تدخلت وزارة الخزانة الأميركية والاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على ودائع البنوك لإنقاذ بنك "وادي السيليكون" الشهر قبل الماضي، تباينت الآراء في شأن طريقة التدخل. وإن اتفق الجميع على أن الإجراءات السريعة والحاسمة كانت أفضل مما حدث مع البنوك في الأزمة المالية العالمية عام 2008.

لكن ذلك التدخل لم يوقف مسلسل الانهيار أو يبعد الخطر تماماً عن القطاع المصرفي والنظام المالي، كما خلصت التحليلات والآراء قبل أسابيع، فها هو ذا بنك "فيرست ريبابليك" ينهار وتستحوذ المؤسسة الفيدرالية على أصوله وتبيعها لبنك "جيه بي مورغان".

واتبعت السلطات الأميركية في ذلك ما فعلته الحكومة السويسرية حين دفعت بنك "يو بي أس" إلى شراء بنك "كريدي سويس" المنهار، وذلك تغير في النهج الأميركي الذي اعتمد في إنقاذ بنك "وادي السيليكون" وبنك "سيغنيتشر" على توسيع مظلة التأمين لتشمل كل الإيداعات، وليس فقط ما هو محدد بسقف 250 ألف دولار بحسب القواعد.

المشكلة الأخلاقية

من المنطقي في السوق الحرة المفتوحة أن تترك الشركات والمؤسسات تفلس إذا اتخذت قرارات استثمارية خاطئة أدت إلى تراكم ديونها وانهيار نموذج الأعمال الذي تطبقه، لكن هناك أيضاً الأخطار قصيرة الأمد والمتمثلة في احتمال انتشار عدوى الانهيار بالتالي حدوث أزمة عميقة في القطاع كله.

وبغرض التوازن بين النتائج على المدى القصير والمدى البعيد تضطر الحكومات والسلطات المالية إلى التدخل لمنع "تأثير الدومينو". وذلك ما يؤدي إلى ما يصفه مصرفيون كبار بأنه "خطر أخلاقي" يتمثل في استخدام أموال دافعي الضرائب لتعويض مستثمرين مغامرين، أو تحميل الجمهور المتعامل مع البنوك تبعات التزامات نتجت عن قرارات خاطئة من إدارات تلك البنوك وقادت إلى إفلاسها.

في رسالة إلى رئيس لجنة الميزانية بمجلس العموم (البرلمان البريطاني) قبل أسابيع، انتقد محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) أندرو بايلي إجراءات الحكومة الأميركية بتوسيع التأمين لضمان كل الإيداعات في البنوك المنهارة. واعتبر أن الإجراء "يزيد من أخطار المشكلات الأخلاقية في القطاع المصرفي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المحافظ في رسالته إن "ضمان كل الإيداعات لا يأتي من دون كلفة، فهو يقلل من الإحساس بالأخطار في تمويل البنوك ويؤدي إلى مشكلة أخلاقية، إذ إن أي كلفة سيتحملها في النهاية دافع الضرائب"، فببساطة لن تتوقف البنوك أو غيرها من المستثمرين عن اتخاذ قرارات عالية الأخطار طالما ضمنوا أنه سيتم تأمين استثماراتهم.

وقارن أندرو بايلي بين الإجراءات الأميركية وبرنامج التعويض لهيئة الخدمات المالية البريطانية الذي يضمن الإيداعات إلى حد 85 ألف جنيه استرليني (107 آلاف دولار)، بينما المؤسسة الفيدرالية في أميركا تضمن الإيداعات حتى سقف 250 ألف دولار. وما حدث مع بنك "وادي السيليكون" كان توسيع التأمين ليشمل ضمان كل الودائع بما فيها الكبيرة.

إنقاذ بشكل جديد

يظل تدخل السلطات هذه المرة مختلفاً عما حدث في الأزمة المالية العالمية قبل 15 عاماً، حين قدمت الحكومات حزم إنقاذ بالمليارات لمنع انهيار بنوك كبرى، وعلى وجه الخصوص تدخل الحكومة الأميركية بعد انهيار بنك "ليمان براذرز"، مستخدمة أموال دافعي الضرائب لإنقاذ بنوك أخرى اعتبرت "أكبر من أن تفشل" كي لا ينهار النظام المالي كله، كذلك فعلت الحكومة البريطانية بعد انهيار بنك "نورذرن روك" في 2008.

تلك الأموال التي منحت للبنوك لتعويضها عن خسائرها الناجمة عن استثماراتها المغامرة وعالية الأخطار في مشتقات مثل شهادات ضمان القروض العقارية تحملها الجمهور العادي الذي يدفع الضرائب ويعاني مرة أخرة تأثيرات الأزمة التي سببتها مغامرات المصارف، وذلك هو الخطر الأخلاقي الذي تحدث عنه محافظ بنك إنجلترا وغيره من المعلقين.

حتى إجبار بنوك كبيرة وضعها جيد على شراء البنوك المنهارة يظل تدخلاً يتحمله الجمهور العادي ويؤدي إلى مشكلة أخلاقية أيضاً، ففي النهاية ستتحمل البنوك الكبيرة الخسائر والالتزامات في البنوك المنهارة، وكي لا تخسر هي أيضاً ستحمل كلفة عمليات الاستحواذ الاضطرارية تلك لعملائها.

وكما يقول نائب مدير صندوق النقد الدولي السابق هانغ تران، في مدونة له على موقع المجلس الأطلسي، فإنه في النهاية كل تلك الخسائر سيتحملها كل من يتعامل مع البنوك وليس مديري البنوك أو مستثمري القطاع المصرفي.

واقترح تران حلاً وسطاً لتفادي المعضلة الأخلاقية وفي الوقت نفسه الوقاية من تعمق أزمة النظام المصرفي، وذلك أن تتبع السلطات الإجراءات الحالية بضمان الحد المقرر من الإيداعات عند 250 ألف دولار، ثم تضع تقديرات جديدة لتعويض الأثرياء ممن تزيد ودائعهم على الحد بنسبة من تلك الودائع وليس كلها كما حدث مع بنك "وادي السيليكون".

لكن حتى ذلك يعتبره البعض "إنقاذاً حكومياً" ولكن بطريقة مختلفة، وانتقد بعض المسؤولين الأوروبيين الإجراءات الأميركية في التدخل واعتبروها أحد أسباب مشكلة بنك "كريدي سويس".

يذكر أن المستثمرين من حاملي السندات في البنك السويسري المنهار، خصوصاً الأميركيين منهم، رفعوا دعاوى على السلطات السويسرية مطالبين بأموالهم بعد أن شطبت هيئة الرقابة المالية السويسرية 17 مليار دولار من تلك الأصول في صفقة بيع البنك لمصرف "يو بي أس".

اقرأ المزيد