Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تُخفي "إقامة" ظريف في العراق؟

بعد دخول تنظيم داعش العراق عام 2014، وبدء مرحلة سياسية جديدة مع رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، شهد النفوذ الإيراني في العراق تغيرات عدة.

صورة أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (رويترز)  

أن يزور وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف العراق، فهذا ليس بالخبر المفاجئ، ولكن أن تمتد الزيارة خمسة أيام في هذه المرحلة بالتحديد، وهي الأطول له لدولة في العالم، فهذا أمر يحمل دلالات عدة بالتوقيت والمضمون في الداخل العراقي، وكذلك نحو الخارج الأميركي.
 خلال أقل من شهر كان العراق محط زيارات اعتبرت تاريخية نظراً إلى المدة القصيرة التي حدثت خلالها، فعشية عيد الميلاد حط الرئيس الأميركي دونالد ترمب رحاله في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار. ثم حضر وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في التاسع من الشهر الجاري إلى بغداد، قبل أن يصل مساعد الأمين العام للعمليات في حلف الناتو جون مينزا، ومن ثم وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، وبالأمس محمد جواد ظريف.
وكان الملك الأردني ضيفاً في العراق في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنين، فيما وصل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى النجف قبل يومين في زيارة هي الأولى لوزير خارجية فرنسي. وبالنظر إلى الزيارات التي حصلت والتي من المتوقع أن تحصل في الفترة المقبلة، يمكن طرح سؤال هو هل العراق مقبل على مرحلة حاسمة تحدد هويته في السياسة الداخلية والخارحية؟
فموقف ظريف من النجف، الخميس في 17 يناير (كانون الثاني)، أن بلاده لن تسمح للمسؤولين الأميركيين بالتدخل في العلاقات الإيرانية العراقية، وأن صراع النفوذ في العراق دخل مرحلة جديدة من التصعيد، يؤكد أن الهدنة غير المعلنة في العراق مع أميركا في السنوات الماضية قد سقطت، خصوصاً أن بلاد الرافدين مقبلة على مرحلة حاسمة مع تشكيل الحكومة الجديدة والبدء بعملية إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب مع داعش.

الحسم عنوان المرحلة المقبلة
بعد دخول تنظيم داعش العراق في العاشر من يونيو (حزيران) عام 2014، وبدء مرحلة سياسية جديدة مع رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، شهد النفوذ الإيراني في العراق تغيرات عدة.
فانتقلت إيران من نفوذها السياسي في العراق عبر سياسات رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي إلى النفوذ العسكري من خلال تشكيل الحشد الشعبي عبر تسليحه وتشريع وجوده في البرلمان العراقي.
لكن، في المقابل، لم تصب السياسة الخارجية للعبادي في مصلحة النفوذ الإيراني، بل على العكس أتت لمصلحة واشنطن في المنطقة، فالانفتاح العراقي نحو دول الخليج وزيارات كبار المسؤولين إلى دول خليجية عدة أزعجت طهران وأعادت بغداد نحو حاضتنها العربية.
أما اليوم، مع تبلور المشهد السوري لمصلحة نظام الرئيس بشار الأسد والانسحاب الأميركي من سوريا، فبات من الضروري حسم الوضع الداخلي العراقي لمصلحة جهة دون غيرها.
العراق... ما هي أهميته بالنسبة إلى طهران وواشنطن؟
كان العراق ولا يزال محط  أنظار العالم في السنوات الماضية، لأسباب عدة منها سياسية، وجغرافية، وعقائدية، وبالطبع إقتصادية.
بالنسبة إلى إيران، فإن دخول العراق من البوابة السياسية بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 2003 إبان الغزو الأميركي، كان مكسباً كبيراً لها، خصوصاً بعد المواجهات العسكرية بين البلدين، أبرزها حرب الخليج الأولي في ثمانينات القرن الماضي.
وتشكل بغداد أهمية كبرى بالنسبة إلى طهران، فالاتصال الجغرافي الحدودي يؤمن للأخيرة حضوراً أقرب إلى سوريا ومعها إلى مياه البحر الأبيض المتوسط.
من الناحية الاقتصادية ومع تشديد العقوبات الأميركية على إيران، تعتبر بغداد الملعب الخلفي للجمهورية الإسلامية لتصريف صناعاتها ومنتجاتها، والأهم نفطها.
أما الناحية العقائدية التي تجمع البلدين فتلعب دوراً مهماً في الربط ثقافياً ودينياً بين الشعبين.
أميركياً، تعطي حضورها في العراق أيضاً أهمية استراتيجية عبر وجودها في منطقة مجاورة لإيران وفي قلب الشرق الأوسط الملتهب عسكرياً وسياسياً، والذي بات لروسيا حضور بارز فيه وتحديداً داخل سوريا.
فيما السعي الأميركي الأبرز اليوم هو في إطار إخراج بغداد من دائرة النفوذ الإيراني.

مساع لإخراج القوات الأجنبية
اللافت في زيارة ظريف أنها تزامنت مع مساعي كتل في البرلمان العراقي على رأسها سائرون والفتح ودولة القانون وصادقون، لإصدار تشريع يلزم القوات الأجنبية بالخروج من العراق. وهذا ما يعني حكماً خروج القوات الأميركية.
في المقابل، أتي موقف نائب عن كتلة النصر التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي مغايراً، إذ اعتبر أن الوجود الأميركي في العراق يندرج ضمن الاتفاق الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، مشيراً إلى أن الوجود الأميركي له ضرورات ملحة كون التنظيمات الإرهابية ما زالت موجودة.
ولعل أبرز أوجه الصراع الأميركي الإيراني في العراق هو الخلافات العراقية الداخلية داخل البيت الواحد، بين من يدعم الوجود الإيراني مقابل من يرفض هذا الوجود ويعتبره تدخلاً بالشؤون الداخلية.
نشير ختاماً إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني سيزور العراق خلال الشهر المقبل للمرة الأولى منذ انتخابه، فيما يتوقع أن يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بلاد الرافدين نهاية شهر مارس (آذار) المقبل.
في السياق نفسه كشف وزير الخارحية الفرنسي، جان إيف لودريان، أن الرئيس إيمانويل ماكرون يعتزم زيارة العراق قريباً.
 

المزيد من سياسة