Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا جمع العراق بين طمأنينة الوفرة ورعب الإفلاس

يمتلك أكبر احتياطي نقدي في تاريخه ومحللون: "إذا انخفضت أسعار النفط سيفقد قدرته على سداد الديون"

يعتمد العراق بشكل كبير على إيرادات النفط لكنه يعاني تدهوراً في الاقتصاد الوطني بشكل عام (أ ف ب)

ملخص

بلغ #الدين_العام في #العراق نهاية 2022 نحو 65 مليار دولار، منها 49 ملياراً ديوناً داخلية، وتسجل خدمة الدين الداخلي والخارجي في موازنة العام الحالي 96 14 مليار دولار سنوياً

يمتلك العراق اليوم احتياطاً نقدياً هو الأكبر في تاريخه، إذ وصل إلى 125 مليار دولار أميركي، لكن لم يصاحبه تنوع في مصادر الإيرادات بعيداً من مجال النفط الذي تتفاوت أسعاره عاماً بعد آخر، ويرى اقتصاديون أن عدداً من العوامل يمكن أن تتسبب في إفلاس البلاد رغم وفرة الاحتياطات النقدية الآن.

وكانت الحكومات المتعاقبة بعد 2003 قد سعت إلى تقليل الديون الخارجية للعراق، لكن رغم ذلك وبحسب المحلل الاقتصادي نبيل المرسومي، فإن "الدين الخارجي المعلق على العراق بلغ 40.401 مليار دولار"، مبيناً أن "وزارة المالية توصلت إلى اتفاق تسوية مع المغرب والبرازيل، وهناك تقدم في المفاوضات مع مصر وبولندا وباكستان وتركيا".

ولفت إلى أن الجانب الأكبر من هذه الديون للسعودية والكويت ولم يتم بعد التوصل معهما إلى أي اتفاق، علماً أن أصل الدين للسعودية كان 12 مليار دولار والكويت ستة مليارات، وهو ما يمكن اعتباره ديناً بحسب اتفاق "نادي باريس"، أما بقية المطالبات، فلا يمكن عدها ديناً لأنها عبارة عن خليط من مكونات عدة.

حال الإفلاس

يفسر المرسومي ذلك بالقول "اتفقت السعودية مع الكويت على إنتاج ما يعادل 1.3 مليون برميل من النفط يومياً وتسويقها لمصلحة العراق، وكذلك تسديد ديون بغداد للآخرين أو ضمانتها لديهم، إذ تعهدت السعودية بتعزيز الجدارة الائتمانية لحكومة العراق السابقة ودعم محاولاتها للحصول على قروض من الأسواق المالية العالمية، فضلاً عن تجهيز العراق بوسائل مدنية تخدم المجهود الحربي من آليات وناقلات وحديد للمواضع العسكرية وأسلاك شائكة، وهذه تعد تبرعات ودعماً للمجهود الحربي وليست ديوناً".

وأكمل "تقدم الموانئ السعودية والكويتية تسهيلات وإعفاءات من رسوم الترانزيت والتخليص الجمركي، إذ سمحت الرياض بمد أنبوب لتصدير النفط العراقي عبر أراضيها، لذا فإن بغداد لا ترى أن كل هذه قروض لعدم وجود ما يثبت ذلك، فمن المحتمل أن تكون هبات أو مساعدات، خصوصاً أن هناك دافعاً سياسياً وراءها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي يشير إلى عدد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى وصول العراق إلى حال الإفلاس على رغم وفرة الاحتياطات النقدية الآن مثل ارتفاع الديون الخارجية، مضيفاً "نطالب دائماً بالتخلص من الديون أو في الأقل تقليلها، بحيث بلغ الدين العام في العراق نهاية 2022 نحو 97 تريليون دينار (65 مليار دولار)، منها 73 تريليوناً (49 مليار دولار) ديوناً داخلية. وتبلغ خدمة الدين الداخلي والخارجي (القسط + الفائدة) في موازنة العام الحالي 96 تريليون دينار (14 مليار دولار) سنوياً، فإذا لم تستطع الدولة سداد هذه الديون أو تلبية التزامات الديون الدولية، فقد يصبح البلد عرضه للإفلاس".

وأكد أن اقتصاد العراق يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، فإذا انخفضت أسعار النفط أو تراجعت إيراداته بسبب تدني الإنتاج أو الطلب العالمي فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الدين الخارجي أو حتى الداخلي، بالتالي تصاعد خطر الإفلاس، ناهيك عن تدهور الاقتصاد الوطني بشكل عام، إذ إن العراق يعاني تباطؤاً اقتصادياً وانخفاضاً في الإنتاج وزيادة بمعدلات البطالة وتراجعاً في الإيرادات الضريبية، وكل ذلك ربما يؤدي إلى انخفاض القدرة على سداد الديون".

وعزا السعدي ذلك إلى أسباب عدة أهمها "الفساد وضعف الإدارة المالية وغياب الرؤية الاقتصادية، فحتى الآن لم تستطع الحكومة دعم القطاع الخاص أو تنمية القطاع الزراعي أو الصناعي، وربما تستخدم الأموال العامة بشكل غير فاعل أو تهدرها، مما يزيد من الديون العراقية ويعرض البلد لخطر الإفلاس".

ديون الحرب

في السياق يقول الباحث الاقتصادي بسام رعد إن "العراق لغاية عقد السبعينيات من القرن الماضي كان يتمتع بميزة التحرر من الديون الخارجية، لكن مع اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية التي استنزفت احتياطات العملة الصعبة تعرض البلد لمديونية خارجية كبيرة، وبعد عام 2003 سعت الحكومة العراقية الجديدة إلى إيجاد حل لمسألة الديون الخارجة التي كانت تقدر آنذاك بحدود 130 مليار دولار، وأثمرت الجهود عن توقيع اتفاق ’نادي باريس‘ عام 2004، ومن خلاله تم خصم 80 في المئة من ديون العراق الخارجية".

وأضاف أن هناك ديوناً سيادية خارج اتفاق "نادي باريس" معلقة لم تتم تسويتها وتقدر بأكثر من 40 مليار دولار، معظمها لدول مجلس التعاون الخليجي، وهي ديون كريهة وفقاً لفقه القانون الدولي، إذ استدانها النظام السابق لأغراض الحرب، لذلك لا يصبح للديون الكريهة أي استحقاق.

في هذا الإطار أكد الباحث الاقتصادي نبيل جبار التميمي أن الديون الخارجية المترتبة على العراق هي ديون محدودة يبلغ مقدارها اليوم نحو 17 مليار دولار فقط، وتنقسم إلى أنواع، فمنها ديون ميسرة لمصلحة دول وحكومات تقرض العراق إيفاء بالتزامها في مؤتمر مدريد لإعمار العراق عام 2003 الذي تعهدت خلاله دول عدة على رأسها الولايات المتحدة بتقديم المنح والقروض الميسرة للعراق بمبلغ يقارب 33 مليار دولار سعياً منها إلى إعادة بناء البلاد، مما يفسر تقديم القروض عبر الوكالات التنموية الأميركية أو اليابانية والبريطانية والألمانية، مشدداً على أن هناك قروضاً أخرى بفوائد منخفضة من البنك الدولي ومؤسسته المختصة بتمويل الإعمار.

ونوه بأن العراق يدفع 4 مليارات دولار سنوياً لتسديد أقساط وفوائد الديون، وحجمها ربما لا يشكل من ستة إلى سبعة في المئة من ناتجه المحلي الإجمالي، وبهذا يمكن القول إن العراق بلد غير مكبل بالديون.

ورأى أن ديوناً أخرى مقيدة في سجلات الحكومة ومنها القروض الداخلية، وهي أموال اقترضتها الحكومات من البنك المركزي العراقي بطريقة غير مباشرة عبر طباعة عملات جديدة، وهذه الديون ربما تكون مقيدة، لكن الحكومة غير ملزمة بتسديدها إلا إذا تطلبت الحال النقدية والمالية ذلك.

المزيد من تقارير