Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعثر الاقتصاد الأميركي يثير مخاوف الركود المتجدد

وسط تراجع مدخرات الأفراد بعد الأزمة المصرفية مما ينذر بنهاية طفرة الاستهلاك

أظهرت البيانات تراجع مبيعات التجزئة للشهر الثاني على التوالي، إذ اشترى الأميركيون عدداً أقل من السيارات والملابس وقطع الأثاث (رويترز)

 

ملخص

اللافت أن #الاقتصاد_الأميركي البالغ 26 تريليون دولار كان قد تحدى كل الصعاب طوال فترة التعافي من جائحة "#كوفيد_19"

تذبذب الاقتصاد الأميركي في الأسابيع التي أعقبت انهيار بنك "وادي السيليكون" وتراجع إنفاق المستهلكين مع إبطاء المصانع خطوط التجميع لديها، في وقت أصبح فيه المصرفيون في البلاد أكثر حذراً في تقديم القروض، وبحسب بيانات حديثة، فإنه في حال استمرت هذه الاتجاهات، فإن الركود الذي توقعه عديد من المحللين خلال معظم العام الماضي سيحط قدميه في أميركا في الأشهر المقبلة.

واللافت أن الاقتصاد الأميركي، البالغ 26 تريليون دولار، كان قد تحدى كل الصعاب طوال فترة التعافي من جائحة "كوفيد-19" إذ ولدت وظائف جديدة بوتيرة ملحوظة، وتجنب الاقتصاد في حينها الانكماش المتوقع وقد شبهه بعض المراقبين بـ"المقاتل الذي يمتص لكمة، لكنه قد يستعيد توازنه ويثابر".

ويوم الجمعة الماضي، أظهرت البيانات تراجع مبيعات التجزئة للشهر الثاني على التوالي، حيث اشترى الأميركيون عدداً أقل من السيارات والملابس وقطع الأثاث، كما انخفض ناتج التصنيع، في حين ارتفع إقراض البنوك التجارية بشكل طفيف فقط بعد أسبوعين من التراجع، وزادت قروض الأعمال الجديدة، في مارس (آذار) بمقدار 30 مليار دولار فقط، وهو أقل مكسب شهري منذ منتصف عام 2021، عندما كان الوباء يتفشى بقوة، وفقاً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي".

وقال كبير الاقتصاديين في "أي واي بارثينون" غريغوري داكو لـ"وول ستريت جورنال" إن من المرجح بشكل متزايد أن ينتهي بنا المطاف بنوع من الركود. وأضاف "نشهد المزيد والمزيد من الأدلة على تباطؤ النشاط الاقتصادي".

من جانبه قال، الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان تشيس" جيمي ديمون للمحللين، الجمعة، إن الهزات الارتدادية من الاضطرابات المصرفية الأخيرة تجعل الركود أكثر احتمالاً. وأشار إلى أن الفشل المفاجئ لبنكين أميركيين واستحواذ منافس أوروبي على بنك "كريديت سويس" العملاق العالمي، قد أدى إلى جعل المؤسسات الأخرى أكثر حذراً في شأن تقديم الائتمان. أضاف ديمون "من الواضح أنه سيكون هناك القليل من التشديد، لذا أنا أنظر إلى ذلك كنوع من الإبهام على الميزان، مما يجعل شروط التمويل أكثر أحكاماً قليلاً، ويزيد من احتمالات حدوث ركود".

ويشارك متخصصون في الاقتصاد بمجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الرأي، والذين توقعوا "ركوداً معتدلاً يبدأ في وقت لاحق من هذا العام"، وذلك وفقاً لمحضر اجتماع البنك المركزي في الفترة من 21 إلى 22 مارس، والذي صدر هذا الشهر، حيث تظهر تداعيات مشكلات الصناعة المصرفية هذه النتائج. وقال خبراء بنك الاحتياطي الفيدرالي إن الاقتصاد يتباطأ بشكل أسرع مما توقعوه في يناير (كانون الثاني)، في حين لم تكن توقعاتهم باستمرار كافية لمنع الاحتياطي الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة مرة أخرى. وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن ارتفاع كلفة الائتمان سيقلل الضغط على الأسعار عن طريق إبطاء النشاط التجاري وخفض الطلب على العمالة.

التأثيرات الكاملة لأسعار الفائدة المرتفعة

ولكن مع ظهور التأثيرات الكاملة لأسعار الفائدة المرتفعة، يتوقع أن يدفع العمال الثمن، وقد انعكس ذلك في انخفاض العمالة في البناء، من بين الصناعات الأكثر حساسية لكلفة الائتمان، الشهر الماضي، للمرة الأولى منذ نهاية عام 2021، وخلال العام المقبل، يتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6 في المئة من 3.5 في المئة الحالية، في وقت يشعر فيه بعض الاقتصاديين بالقلق من أن الاحتياطي الفيدرالي سيبالغ في تشديده النقدي. وقال كبير الاقتصاديين في "أي أف أل - سي أي أو" وليام سبريغز "إذا حصلنا على ركود، فهذا خطأ الاحتياطي الفيدرالي، فلا يوجد شيء آخر في الأفق يسبب لنا الركود".

وكان الاقتصاد الأميركي قد تجاهل نوبات الضعف السابقة، بما في ذلك عام 2022 عندما انكمش لربعين متتاليين، إلا أن الوظائف الجديدة ظلًت خلال تلك الفترة واستؤنف النمو بسرعة، وحتى مع قيام المحللين بتقليل توقعاتهم لأرباح الشركات هذا العام، تظل بعض الشركات متفائلة، ففي "دلتا إيرلاينز"، أخبر التنفيذيون المستثمرين، الأسبوع الماضي، أنهم يتوقعون طلباً قوياً على سفر المستهلكين هذا الصيف. وقال رئيس شركة "دلتا" للطيران جلين هاونستين "إننا نرى قوة في جميع مراكزنا الأساسية".

ارتفاع الأسعار

ويوم الجمعة الماضي، قال الاقتصاديون في "غولدمان ساكس" إنهم يرون فقط 35 في المئة فرصة للركود في الأشهر الـ12 المقبلة. وقال البنك، في أحدث تقرير، إن التضخم يظهر ارتفاع الأسعار بوتيرة سنوية تبلغ خمسة في المئة، مما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع على الأرجح أسعار الفائدة في اجتماعه في مايو (أيار) ثم يتوقف موقتاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنظر إلى السنوات الثلاث الماضية، غالباً مع تخطت التوقعات الهدف، إذ نجا الاقتصاد الأميركي من جائحة عالمية وحرب في أوروبا وأعلى معدل تضخم في 40 عاماً، ولكن حتى الآن من هذا العام، لم تتأثر سوق الأسهم إلى حد كبير بمخاوف الركود، واكتسب مؤشر "أس أند بي 500" أكثر من سبعة في المئة.

الإنتاج الأميركي لم يربح من إعادة فتح الصين

وعلى رغم كل البيانات المتشائمة، يصر مسؤولو إدارة الرئيس جو بايدن على أن اقتصاد البلاد لا يتراجع، بالنظر إلى البيانات الاقتصادية هذا الشهر، كما جادل المسؤولون بأن النظام المصرفي ظل قوياً في أعقاب فشل بنك "وادي السيليكون"، وأن التضخم يبرد وسوق العمل قوية. وقالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير "المؤشرات الاقتصادية الأخيرة لا تتماشى مع الركود أو حتى الركود السابق"، ومع ذلك، كانت سوق السندات تطلق تحذيراً، إذ تقدم السندات قصيرة الأجل للمستثمرين عائداً أو معدل فائدة أعلى من الأوراق المالية طويلة الأجل، مما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون حدوث ركود في نهاية المطاف.

كما عكس تقرير المصانع في البلاد الضعف، إذ انخفض إنتاج التصنيع في مارس 0.5 في المئة عن فبراير (شباط) الماضي، مع تضرر مصانع السيارات بشكل خاص. وقالت "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة للعميل إن التراجع يشير إلى أن الإنتاج الأميركي لم يربح سوى القليل من إعادة افتتاح الصين.

القلق الأكبر

ويكمن القلق الأكبر في كيفية تفاعل البنوك مع الاضطرابات التي هزت الصناعة بعد انهيار بنك "وادي السيليكون" في 10 مارس، وما تلاه بعد ذلك بيومين من فشل مؤسسة أخرى متوسطة الحجم، وهي بنك "سيغنتشر بنك أوف نيويورك".

وكانت قد هدأت أسوأ المخاوف من عدوى مالية غير خاضعة للرقابة، مع تضاؤل اندفاع المودعين لتحويل أموالهم من البنوك الصغرى إلى أحد عمالقة الصناعة، مثل "جي بي مورغان تشيس" و"سيتي غروب"، كما انخفض طلب البنوك على قروض بنك الاحتياطي الفيدرالي الطارئة للأسبوع الرابع على التوالي مع انحسار المخاوف في شأن المشكلات الأوسع، في الوقت الذي يحذر فيه المحللون من أن الضرر الاقتصادي الناجم عن زلات البنوك أكثر أهمية.

وحتى قبل اندلاع الأزمة، بدأ المقرضون في تشديد معاييرهم الائتمانية، وفي الأسابيع التي تلت الإخفاقات، قلصت البنوك التجارية الإقراض.

تراجع الإقراض المصرفي يهدد النمو الاقتصادي

وفي الأسابيع الثلاثة الماضية انخفضت القروض التجارية بأكثر من 94 مليار دولار، وفقاً لبيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ويعكس الكثير من ذلك تغييراً في مسك الدفاتر يتعلق بمصادرة المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع للمؤسسات الفاشلة، ولكن ربما يعكس نحو 34 مليار دولار انخفاضاً فعلياً في الإقراض، مما يدفع الشركات الصغيرة للشعور بالضغط الأول من أزمة الائتمان. وفي مارس قال تسعة في المئة من أصحاب الأعمال إن الحصول على القروض كان أكثر صعوبة، وهو أعلى رقم منذ سنوات عدة، وفقاً للاتحاد الوطني للأعمال المستقلة، وعلى رغم أن الائتمان متاح، فإنه بأسعار فائدة نحو ثمانية في المئة، في حين أن من شأن بعض التشديد من قبل البنوك أن يساعد بنك الاحتياطي الفيدرالي على محاربة التضخم، ولكن في حال بالغت البنوك في تشديد الإقراض، فقد يتراجع النمو الاقتصادي.

اقرأ المزيد