Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قنبلة ماكرون... استقلال أوروبا "الاستراتيجي" عن أميركا

يستعيد الرئيس الفرنسي بعد زيارته إلى الصين أحد عناصر النهج الديغولي بالابتعاد عن الناتو... فهل يجد صدى عند شركائه؟

عاد ماكرون من زيارته إلى الصين مقتنعا بضرورة الابتعاد عن سياسات الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

ملخص

يستعيد الرئيس الفرنسي #إيمانويل_ماكرون بعد زيارته إلى #الصين أحد عناصر #النهج_الديغولي بالابتعاد عن الناتو... فهل يجد صدى عند شركائه؟

خلال زيارة لم تتجاوز الأيام الثلاثة إلى الصين أحدثت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن علاقة بلاده خاصة وأوروبا عامة بالولايات المتحدة الأميركية ضجيجاً عالياً، أعاد للأذهان مشاهد فرنسا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، أي في زمن الرئيس شارل ديغول صاحب المواقف ذات الطبيعة الاستقلالية عن الناتو، لا سيما ما يختص بالترسانة النووية لبلاده.

في تصريحات ماكرون لصحافيين من خدمة "بوليتيكو" الإخبارية، وكذلك لصحيفة "لي إيكوس" الفرنسية، كان الرئيس الفرنسي يقطع بأن أوروبا زادت من اعتمادها على الولايات المتحدة في الأسلحة والطاقة، ويجب أن تركز الآن على تعزيز الصناعات الدفاعية الأوروبية، مشيراً إلى أن "الاستقلال الاستراتيجي"، يجب أن يكون معركة أوروبا.

يبدو هذا المصطح قوياً ومقلقاً لا سيما في هذا التوقيت، الذي تتعرض فيه أوروبا لاحتمالات مفتوحة على جميع السيناريوهات، من جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، والحاجة الماسة لتضافر جهود الناتو لمواجهة القيصر المنفلت كما يصفه الأوروبيون.

مضى ماكرون في تصريحاته قائلاً، "لا نريد الاعتماد على الآخرين في الموضوعات الحرجة. في اليوم الذي لم يعد لديك فيه خيار في شأن الطاقة أو كيفية الدفاع عن نفسك أو الشبكات الاجتماعية أو الذكاء الاصطناعي، لأنه لم يعد لدينا الأساس في شأن هذه الموضوعات، سيتم استبعادك من التاريخ خلال لحظة".

هل أخطأ ماكرون حين وصف أحوال الأوروبيين وحاجتهم إلى التقدم للأمام، لمواجهة أزمات عميقة مثل صناعات الدفاع، التي يحتاجون فيها إلى الأميركيين تارة، والآسيويين تارة أخرى؟

أغلب الظن أنه كان صادقاً، لكن مجرد الحديث عن فكرة الحكم الذاتي الاستراتيجي لأوروبا، وعدم الاعتماد على الدول الأخرى في القضايا الرئيسة، فتح عليه أبواب الماضي الديغولي، هناك حيث تربع على عرش الإليزيه، جنرال عرف برغبته في صيانة استقلالية أوروبا، وكي لا تمضي وراء الجانب الآخر من الأطلسي، أو تضحى قصبة تحركها الريح في يد الأميركيين.

هل يمكن فهم توجهات ماكرون اليوم، من دون إطلالة ولو سريعة على فرنسا الستينيات، وخلافات ديغول مع الناتو؟

فرنسا والناتو وأزمات ما بعد التحرير

على الرغم من أن فرنسا مدينة لقوات الحلفاء بقيادة الجنرال الأميركي إيزنهاور بتحريرها من النازي فإن ذلك لم يمنع من نشوب عدة أزمات بين ديغول وقيادة الناتو.

كانت الفترة ما بين خمسينيات وستينيات القرن الـ20، زمن تحرر عديد من المستعمرات في الهند الصينية وأفريقيا، وقد كان من الواضح أن الولايات المتحدة تدعم حركة تحرر الشعوب، الأمر الذي اعتبرته بريطانيا وفرنسا، شأناً مضاداً لمصالحهما القومية والاستراتيجية.

كان عام 1956 لبريطانيا، عام إعلان نهاية زمن الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، وقد جاء إنذار أيزنهاور للدول الثلاث التي هاجمت مصر، بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، ليخلق واقعاً جديداً لتوازنات القوى في المنطقة.

اعتبر الفرنسيون أن ما حدث في السويس جرح كرامتهم ومن هنا بدأت أفكار الاستقلالية تختمر في ذهن شارل ديغول بصورة أو بأخرى.

بدأت خطوات التحلل الفرنسي من تحالفات الأطلسي تتبدى في سماوات العلاقات الدولية منذ عام 1959، حين انسحبت قوات البحرية الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط من قيادة حلف الأطلسي.

لاحقاً أعلن شارل ديغول أن بلاده لن تفتح أراضيها لتخزين الأسلحة النووية الأميركية، ليصل الأمر عام 1966 حد إبداء فرنسا رغبتها مغادرة القيادة الموحدة لحلف شمال الأطلسي وإنهاء تبعية القوات الفرنسية للأوامر الدولية، لكن دون الرحيل بشكل تام عن الحلف.

يمكن اعتبار ما جرى في ذلك الزمان بداية الرغبة الفرنسية في الاستقلالية عن الناتو أو بمعنى أكثر دقة عن الولايات المتحدة، سيما إذا كان التحالف معها، سيجر الأوروبيين في طريق دفع أكلاف لا تخصهم.

ماكرون والجيش الأوروبي الموحد

يكاد المتابع للشأن الديغولي أن يتساءل: هل ورث إيمانويل ماكرون تلك الجينات الرافضة للانصياع التام للأميركيين؟

هناك مؤشرات تؤكد مشروعية السؤال: ففي نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2018 تطرق الرئيس ماكرون إلى فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد، بهدف الدفاع عن القارة الأوروبية التي قد تضطر لمواجهة قوى كبرى مثل روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة.

جاءت تصريحات ماكرون وقتها عبر إذاعة "أوروبا 1"، وفيها ذهب رئيس فرنسا إلى أنه على أوروبا أن تحد من اعتمادها على القوة الأميركية، خصوصاً بعد قرار ترمب الانسحاب من اتفاق مشترك مع روسيا للحد من الأسلحة النووية، كانت واشنطن وموسكو قد توصلتا إليه في ثمانينيات القرن الـ20.

قال ماكرون للإذاعة الأوروبية: "علينا أن نحمي أنفسنا تجاه الصين وروسيا". وحذر في الوقت نفسه من عودة ما أطلق عليه "قوى متسلطة إلى الظهور"، قد تعيد التسلح عند الحدود الأوروبية، وفقاً لما ذكرته وقتها وكالة الصحافة الفرنسية.

لماذا لم يقدر لهذا الحديث الماكروني أن يمضي قدماً؟

أغلب الظن أن ذلك حدث لسببين:

الأول: موصول بتفشي فيروس "كوفيد-19" حول العالم، والهلع الذي أصاب الجميع من جرائه، ما طرح جميع الملفات جانباً، والتفرغ للقضاء على العدو المجهول.

الثاني: خسارة الرئيس دونالد ترمب الانتخابات الرئاسية في عام 2020، ومجيء الرئيس جو بايدن، الذي تعهد عودة حميمية العلاقات بين ضفتي الأطلسي، كما توقف عن إزعاج الأوروبيين بمطالبات متعلقة بزيادة نسب مشاركاتهم في موازنة الناتو.

هل ماكرون يعود اليوم من جديد مطالباً بفض الاشتباك مع الجانب الأميركي، بعد أن ثبت لديه أن تلك الشراكة ليست في صالح فرنسا أولاً وأوروبا ثانية؟

على متن الطائرة الرئاسية التي أقلته عائداً من بكين إلى باريس، تحدث ماكرون إلى صحافيي "بوليتيكو" بالقول: "إن الخطر الأكبر الذي تواجهه أوروبا هو أن تقاد إلى أزمات لا تخصها، ما يمنعها من بناء استقلالها الذاتي الاستراتيجي".

ترى من كان يقصد ماكرون بالأزمات التي لا تخص أوروبا؟

حكماً إن أوروبا بأكملها تقف في وجه روسيا وتعتبر أن ما فعله بوتين في أوكرانيا، هو ضرب من ضروب الشمولية ولا ينبغي مكافأته عليه، بل معاقبته بأشد وقع وهو ما تفعله العواصم الأوروبية بالفعل من خلال العقوبات الاقتصادية الموجعة، عطفاً على فتح مخازن السلاح للأوكرانيين إلى الحد الذي بدأت معه تفرغ.

لا يتبقى إذن في دائرة الأزمات سوى الصين، التي كان قد فرغ من قضاء ثلاث ليال سوياً فيها، مع الزعيم الممتد الفاعلية لأجل رئاسي مفتوح شي جينبينغ.

أوروبا وأزمة مع الصين في 2020

في أوائل عام 2020، زعم أندرو سمول من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن مشاركة الاتحاد الأوروبي مع الصين سيكون لها غرض جديد، وهو تنظيم العلاقات الصينية- الأوروبية على النحو الذي يقلل من اعتماد القارة العجوز على التجارة والاستثمار الصينيين، ويتلخص الإجماع الجديد في أن الأوروبيين ينبغي لهم أن يكونوا معزولين بدرجة أقوى عن نزوات الحكومات الأجنبية غير الجديرة بالثقة أو المتعجرفة، سواء أكانت في بكين أو واشنطن.

أما مارك ليونارد مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فقد اعتبر أن الحلم الصيني في أوروبا قد وصل إلى نهايته.

كانت أزمة تعاطي الصين مع فيروس "كوفيد-19" قد خلقت جدلاً جديداً داخل أوروبا حول الحاجة إلى قدر أكبر من تنويع سلاسل الإمداد، بالتالي ضرورة فك الارتباط بشكل منهجي عن الصين، حتى وإن لم يكن ذلك بالمهمة السهلة، التي لن تحدث بسرعة.

كان من الواضح أن أوروبا قد تخلت عن طموحها السابق في علاقة اقتصادية ثنائية أكثر تكاملاً مع الصين.

كان هناك أكثر من سبب وراء هذا التغير، وفي مقدمة تلك الأسباب الضبابية التي لفت مشهد الفروس الشائه، ما أدى إلى موت ملايين الأوروبيين، وخسائر اقتصادية هائلة أضرت بالاقتصاد الأوروبي.

الأمر الآخر هو دخول الصين مرحلة رأى الأوروبيون أنها تكرس لعالم الاستبداد السياسي وذلك بعد أن تم انتخاب شي جينبينغ، رئيساً مدى الحياة في الصين، الأمر الذي لا يتناغم مع التوجهات الديمقراطية الإيجابية.

غير أن هذا الموقف الأوروبي من الصين، يبدو اليوم أثراً بعد عين، وبخاصة في ظل ما يمكن أن نطلق عليه، هرولة من المسؤولين الأوروبيين نحو الصين.

ما الذي جرى وأدى إلى تغيير الأوضاع وتبديل الطباع على هذا النحو؟

ماكرون والأوروبيون... لسنا أتباع أميركا

ضمن حديثه الشقاقي والفراقي لمجلة "بوليتيكو"، قال ماكرون: "إنه من المفارقات أننا تحت وطأة الفزع الذي يجتاحنا، نعتقد أننا مجرد أتباع لأميركا" وزاد: "السؤال الذي يتعين على الأوروبيين أن يجيبوا عنه هو: هل في مصلحتنا أن نسرع الأزمة في تايوان؟".

بدا واضحاً هنا أن طريقة تفكير ماكرون، تعكس نوعاً من سلم الأولويات والأفضليات، ومن منطلق أن طرح القضايا المصيرية ينطلق من الذات لا من الآخرين.

وبتفكيك أكثر وضوحاً يبدو أن الأوروبيين قد أدركوا نجاح الأميركيين في إفشال مشروع "أوراسيا"، ذاك الذي حلم به شارل ديغول، بأن يصحو ذات يوم، ليجد امتداداً جغرافياً ينطلق من المحيط الأطلسي غرباً، إلى جبال الأورال شرقاً ناحية روسيا.

يعتقد الأوروبيون قولاً وفعلاً، أن التعاون الذي كان مع روسيا قد مضى زمنه، وأن جرح أوكرانيا، لن يندمل إلا مع ذهاب بوتين أدراج الرياح، وتغيير جماعة السيلوفيكي المحيطة به، وهو أمر حكماً سوف يستغرق أعواماً طوالاً.

هنا تتقدم البراغماتية السياسية الأوروبية نحو الصين، من منطلق سياسي أول الأمر لدرء مخاطر أي مواجهات يمكن أن تأتي بها الأحداث بين الأميركيين والصينيين.

يتفهم الأوروبيون أن الأميركيين يسعون بشكل ما لقطع الطريق على القطبية الصينية القادمة، حتى وإن أدى ذلك إلى الوقوع في فخ "ثيؤسيديديس"، أي المواجهة العسكرية المثيلة لما جرى قبل الميلاد، ما بين إسبرطة وأثينا.

هل يحاول الأوروبيون تجنب دفع أكلاف الصراع القادم بين واشنطن وبكين؟

منذ مارس (آذار) الماضي وكبار المسؤولين الأوروبيين يتسابقون لجهة بكين، المستشار الألماني أولاف شولتز أولاً، ثم ماكرون مصحوباً برئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين.

يكاد الناظر للمشهد الأوروبي الصيني يقطع بأن قادة أوروبا قد سئموا من الفوقية الأميركية، التي أضرت بهم أيما إضرار، ولهذا يسعون لعدم تكرار الخطأ السياسي القاتل الذي حدث مع روسيا.

أدرك رؤساء الدول الأوروبية وزعماؤها، أن واقعاً جديداً جرت به المقادير في الشرق الآسيوي، سيما بعد إعلان الرئيس الصيني شي جينبينغ، ونظيره الروسي في موسكو أخيراً "ولادة عصر جديد متعدد الأقطاب".

لم يعد من شك أن تصريحات الرئيس ماكرون، ليست رغبة فرنسية دفينة فقط للخلاص من التبعية للولايات المتحدة، بل توجه أوروبي يسعى لمزيد من الانفتاح على الصين، ومحاولة مداواة الجرح الروسي قدر الإمكان.

على أن المشهد الصيني الأوروبي، الذي فجر أبعاده الجديدة ماكرون وتصريحاته، لا يقتصر على الأبعاد السياسية، بل في القلب منه يأتي البعد الاقتصادي... ماذا عن هذا الشأن؟

ماكرون رجل الاقتصاد والصين الصاعدة

يخطئ من ينسى أو يتناسى أن الرئيس الفرنسي، قادم في الأصل من عالم البنوك، ومن عند أرقام التجارة والاقتصاد، وأن حساباته السياسية تقوم في جزء غالب منها على التقويمات المالية.

هنا ليس سراً القول إن الفرنسيين وعموم الأوروبيين، قد تلقوا لطمات وليس لطمة واحدة من العم سام، وبخاصة شركات نفطه، تلك التي باعت لهم الغاز بأربعة أضعاف ثمنه، حين أغلق بوتين أنابيب الغاز المتجهة إليهم، قبل أن يتم تفجيرها.

في العام الماضي 2022، بدا وكأن الأوروبيين قد أدركوا فداحة الخطأ الذي كانوا على مقربة منه، أي معاقبة الصين، سواء بسبب انتشار فيروس "كوفيد" أو من جراء رئاسة شي جينبينغ، ولهذا عوضوا سريعاً بتعزيز التجارة البينية بينهما.

ارتفع إجمالي حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين بنسبة نحو 23 في المئة في العام الماضي، مقارنة بـ2021، فيما بلغ حجم التجارة البينية بين فرنسا والصين 81 مليار دولار.

وفرنسا هي اليوم أكبر شريك تجاري للصين داخل الاتحاد الأوروبي، كما أن باريس كانت أول دولة تنشئ آلية مع الصين للتعاون بين الشركات في كلا البلدين في إطار مبادرة الحزام والطريق.

لا تزال فرنسا تتذكر المهانة الاقتصادية الكبرى التي تسببت لها فيها الولايات المتحدة، عندما جعلت أستراليا تتخلى عن عقود تصنيع غواصات لها في فرنسا، ولتقوم بها الشركات الدفاعية الأميركية.

ومع الأوضاع الاقتصادية المهترئة يوماً تلو الآخر في الداخل الأميركي، يقطع كثير من منظري العالم الاقتصاديين بأن الصين هي الجواد الرابح اقتصادياً، ومن هنا يكون الرهان الفرنسي أبعد من مجرد فكرة الاستقلال السياسي، وصولاً إلى عالم الشراكات الاقتصادية.

غير أن علامة استفهام جذرية تبقى قائمة في هذا السياق... ماذا عن ذلك؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل يوافق الأوروبيون على زعامة ماكرون؟

هنا مربط الفرس كما يقال، لا سيما أن كاريزما ماكرون لا تقارن شكلاً ولا موضوعاً، بشخصية الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول.

فعلى الرغم من أن كثيرين من الأوروبيين يتفقون من حيث الهدف النهائي، أي الخلاص من التبعية للولايات المتحدة، إنه من غير الوارد أن يسلم هؤلاء دفة قيادتهم لماكرون.

خذ على سبيل المثال الجانب الألماني الذي يشكو كثيراً من الفوقيات الأميركية.

قال نوربرت روتجين عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الألماني، عبر "تويتر": إن "ماكرون استطاع تحويل زيارته إلى الصين إلى انقلاب في العلاقات العامة لصالح الرئيس جينبينغ، وإلى كارثة في السياسة الخارجية بالنسبة لأوروبا"، مضيفاً أن الرئيس الفرنسي "يعزل نفسه بشكل متزايد في أوروبا".

هل كان حديث ماكرون مناورة سياسية، هدفها الرئيس محاولة تجنيب أوروبا أي صراع مع الصين، باتفاق مسبق مع الأميركيين، أي إن المشهد برمته، لم يكن سوى فصل من فصول لعبة "الغرير" الأميركية الشهيرة؟

ربما هذا ما حاول الأميركيون إيهام العالم به، فقد قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي للصحافيين إثر تصريحات ماكرون: "نحن مرتاحون ولدينا ملء الثقة في علاقتنا الثنائية الممتازة مع فرنسا، وفي العلاقة التي تربط الرئيس جو بايدن بالرئيس ماكرون". أضاف أن "الفرنسيين هم فعلاً بصدد الانخراط بشكل أكبر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

وفي الخلاصة، ومهما يكن من أمر التصريحات الأميركية، التي ستحاول أن تدرأ شبهة الانقسام في جدار الناتو، وبخاصة في ظل أزمات الداخل من محاكمة الرئيس السابق ترمب، والصراعات حول الرئاسة الفراقية عام 2024، وأخيراً أزمة تسريبات معلومات البنتاغون الأخيرة، نقول مهما يكن من أمر هذا كله، فإن فكرة بقاء الناتو موحداً كما كان المشهد قبل ثمانية عقود لم تعد مؤكدة، وربما صدقت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية بأنه في سن الـ74 قد حان وقت تقاعد الناتو، فهل ستكون النهايات على يد ماكرون رجل الاستقلال الفرنسي الجديد؟

المزيد من تقارير