ملخص
وفقاً لقانون #الأمن_القومي لعام 1947 فإن #الأفراد_الثمانية هم الحد الأدنى لعدد الأشخاص الذين يجب إخطارهم بجميع #الأنشطة_الاستخباراتية التي يقوم بها رئيس #الولايات_المتحدة والسلطة التنفيذية للحكومة
بعد نحو ستة أشهر من مماطلة وزارة العدل، تمكن قادة الكونغرس المعروفون باسم "عصابة الثمانية" من الحصول على حق الاطلاع على الوثائق السرية، التي عثر عليها في حوزة الرئيس السابق دونالد ترمب والرئيس جو بايدن ونائب الرئيس السابق مايك بنس، التي أثارت ضجة واسعة استدعت تعيين مدعين خاصين للتحقيق في كيفية استمرار الوثائق السرية بحوزتهم، فمن هي "عصابة الثمانية" وما الذي تفعله بالاطلاع على هذه الوثائق؟ وهل ثمة صلة بالوثائق الجديدة حول أوكرانيا التي وجدت طريقها لوسائل التواصل الاجتماعي؟
ما الصلة بين الوثائق السرية؟
في الوقت الذي تسلط فيه الأضواء على تسريب وثائق شديدة الحساسية من البنتاغون تضمنت بيانات عسكرية حساسة حول الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك معلومات عن طائرات التجسس الأميركية في المنطقة وتقديرات للخسائر الروسية والأوكرانية، عادت إلى الظهور قضية الوثائق السرية، فقد وافقت وزارة العدل على منح "عصابة الثمانية" في الكونغرس حق الوصول والاطلاع على هذه الوثائق بعدما رفضت على مدى أكثر من ستة أشهر، طلبات "عصابة الثمانية" بتسليم الوثائق، تحت ذريعة أنها جزء من تحقيق نشط يشرف عليه محققون خاصون كلفوا من قبل الوزارة.
وأشار مارك وورنر رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ خلال مقابلة صحافية، إلى وجود صلة بين سوء التعامل المزعوم مع وثائق سرية من قبل بايدن وترمب وبنس، والتسريب الأخير الواضح لوثائق أميركية تتعلق بأوكرانيا، قائلاً إن الكونغرس يحتاج إلى لعب دور في التعاطي بشكل أكثر منهجية مع الوثائق السرية، بدلاً من بحث كيفية التأكد من عدم تكرار هذه التسريبات، وأوضح أن هناك الآن مثالين في التعامل مع الوثائق السرية، أولهما سوء التعامل المحتمل معها من قبل الرؤساء الحاليين والسابقين، والآن هذا التسريب المحتمل أو الحقيقي لوثائق حول أوكرانيا، وهو ما يثير تساؤلات أكثر من مجرد التصنيف، فقد تكون الوثائق مصنفة بشكل مناسب، لكن في حالات أخرى يمنح عدد كبير جداً من الأشخاص حق الوصول إليها والاطلاع على فحواها.
لماذا الآن؟
غير أن إدارة الرئيس بايدن ممثلة في وزارة العدل، لم تتعاون بإيجابية مع طلبات الاطلاع على الوثائق من قبل "عصابة الثمانية"، إلا بعد أن شعر المشرعون من كلا الحزبين بالإحباط نتيجة إحجام إدارة بايدن عن مشاركة الوثائق. وهدد السيناتور ماركو روبيو نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، بعواقب على وزارة العدل الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن الكونغرس قد يقطع التمويل إذا لم تعمل الإدارة مع المشرفين عليها، كما اتهم إدارة بايدن في حديث مع موقع "ذا هيل"، بتدمير علاقتها بلجنة الاستخبارات التي كانت دائماً مسؤولة وشريكة في عمل جيد معهم، مبرراً لغة التهديد بضرورة حماية دور الكونغرس في الإشراف والرقابة.
وعلى رغم أن المشرعين في "عصابة الثمانية" تلقوا إحاطات وملخصات في فبراير (شباط) الماضي بشأن سوء التعامل المزعوم للوثائق السرية من قبل السلطة التنفيذية، إلا أن وورنر وروبيو قالا في ذلك الوقت، إن الإحاطة لم تكن وافية وتركت كثيراً مما كانا يتطلعان إلى معرفته.
وطوال الأشهر الماضية، ظلت وزارة العدل تماطل في تسليم الوثائق المطلوبة بدعوى أنها قد تضر بالتحقيقات الجنائية الجارية، التي يجريها جاك سميث المدعي الخاص الذي عينه وزير العدل ميريك غارلاند للتحقيق مع ترمب بشأن الانتهاكات المحتملة لقانون السجلات الرئاسية وقانون التجسس وعرقلة سير العدالة، بعد العثور على نحو 100 وثيقة في منزل ترمب في مارالاغو بولاية فلوريدا خلال عملية تفتيش ومصادرة العام الماضي، بعد أن أهمل الرئيس السابق تسليمها إلى سلطات إنفاذ القانون.
كما ينطبق الأمر على المدعي الخاص روبرت هور الذي عينه غارلاند للتحقيق في تعامل الرئيس جو بايدن مع الوثائق السرية، التي تعود إلى وقت وجوده في السلطة كنائب للرئيس وعضو في مجلس الشيوخ، وعثر عليها في أماكن متعددة، بما في ذلك مكتبه السابق في واشنطن ومنزله في ولاية ديلاوير.
ماذا تفعل "الثمانية" بالوثائق؟
منذ البداية، أكد المشرعون أنه يحق لهم الحصول على الوثائق والاطلاع عليها، مستشهدين بمخاوف الأمن القومي والجهود المستقبلية من الكونغرس لحماية المعلومات السرية، كما أعلن السيناتور ماركو روبيو في برنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي أس"، أنهم غير مهتمين بالجدول الزمني للوثائق، أو من حصل على ماذا، ومن فعل ذلك، على اعتبار أن هذه مسائل تتعلق بالعدالة الجنائية.
وبحسب "فوكس نيوز"، فإن الضغوط التي مارسها أعضاء "عصابة الثمانية" من الحزبين على إدارة بايدن لفترة طويلة، كانت تستهدف توضيح ما إذا كان الأمن القومي للولايات المتحدة قد تضرر بسبب سوء التعامل المزعوم لهذه الوثائق، وما إذا كان قد تم اتخاذ خطوات لحماية مصادر وطرق جمع المعلومات الاستخباراتية في حالة تسريب التفاصيل من الوثائق.
كما قال وورنر في برنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي أس" في وقت سابق من شهر يناير (كانون الثاني)، إن لديهم الحق ليس فقط كأعضاء في لجنة الاستخبارات، ولكن كجزء من القيادة، في قراءة كل وثيقة سرية تقريباً.
ما هي "عصابة الثمانية"؟
يشير موقع الولايات المتحدة الآن إلى أن "عصابة الثمانية" لقب جذاب تم اختياره للإشارة إلى السرية التي يمكن أن تتمتع بها مجموعة من ثمانية أعضاء في الكونغرس الأميركي، وتضم أربعة أعضاء من مجلس الشيوخ وأربعة أعضاء من مجلس النواب.
ووفقاً لقانون الأمن القومي لعام 1947، فإن هؤلاء الأفراد الثمانية هم الحد الأدنى لعدد الأشخاص الذين يجب إخطارهم بجميع الأنشطة الاستخباراتية التي يقوم بها رئيس الولايات المتحدة والسلطة التنفيذية للحكومة، ويعمل إخطار "عصابة الثمانية" بالمعلومات السرية والاستخباراتية كبديل لإحاطة لجنة الاستخبارات بالكونغرس بأكملها، مع الاستمرار في تنفيذ جميع قوانين الأمن القومي.
من هم أعضاؤها؟
يمثل "عصابة الثمانية" في الكونغرس الحالي قادة الحزبين الأربعة في مجلسي الشيوخ والنواب، رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي (جمهوري)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي)، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي)، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري).
أما الأربعة الآخرون، قادة لجنتي الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ، هم رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك تورنر (جمهوري)، وجيم هايمز كبير الديمقراطيين في اللجنة، ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السناتور مارك وورنر (ديمقراطي)، ونائب رئيس اللجنة السيناتور ماركو روبيو (جمهوري).
متى ولماذا شكلت العصابة؟
قبل عام 1947، كانت لرئيس الولايات المتحدة سلطة كبيرة في إصدار الأمر بإطلاق برامج الاستخبارات، أو التجسس على الناس في داخل الولايات المتحدة أو خارجها، ولكن لمنع إساءة استخدام هذه السلطة والحفاظ على حقوق الخصوصية، أصدر الكونغرس قانون الأمن القومي لعام 1947، الذي بموجبه يجب على الرئيس إبلاغ لجان الاستخبارات في الكونغرس بجميع عمليات الاستخبارات أو التجسس.
ومع ذلك، يمنح القانون استثناء لما يسمى الظروف القصوى، إذ يسمح للرئيس إبلاغ ثمانية أعضاء محددين فقط من الكونغرس بدلاً من جميع أعضاء لجنتي الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب، وذلك في الحالات التي تكون فيها السرية ذات أهمية قصوى، وهنا قد يختار الرئيس إحاطة "عصابة الثمانية" فقط، الذين لا يُسمح لهم بمشاركة هذه المعلومات مع أي شخص آخر.
وقد يتغير أعضاء "عصابة الثمانية" مع كل انتخابات، لكن هذه المجموعة تتكون دائماً من الأفراد الذين يشغلون المناصب الثمانية نفسها وهم قادة الأغلبية والأقلية في مجلسي النواب والشيوخ، وقادة لجان الاستخبارات، وهذا يضمن أن المجموعة تتكون من أعضاء من كلا الحزبين السياسيين الرئيسين، وكذلك أعضاء من كلا مجلسي السلطة التشريعية.
ما الهدف؟
من خلال إبلاغ "عصابة الثمانية" بأنشطة الاستخبارات، يكون الرئيس قادراً على تلبية متطلبات عمل الاستخبارات وإعداد التقارير بشكل قانوني، بينما لا يزال يتمتع بقدر كبير من السلطة على التجسس وجمع المعلومات. وفي وجود عدد أقل من الأشخاص المطلعين على العمليات السرية، يكون الرئيس قادراً على إجراء أنشطة استخباراتية بشكل أكثر فعالية، مع تقليل أخطار التسرب أو التدخل، كما يساعد إعلام مجموعة صغيرة فقط على تبسيط العمليات والسماح لعمليات معينة بالحدوث بشكل أكثر كفاءة.
ولا يحدد قانون الأمن القومي بالضبط ما هي المواقف التي تعد استثنائية أو شديدة الحساسية بما يكفي لاستحقاق إبلاغ "عصابة الثمانية" فقط بالمعلومات والوثائق السرية، وقد أدى ذلك إلى نقاش كبير حول إساءة استخدام السلطة والمخاوف المتعلقة بالخصوصية بخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، حين دفعت التقارير الإخبارية عن استخدام التعذيب أثناء الاستجواب وغيرها من الأساليب، كثيرين إلى القول، إن هناك حاجة إلى مزيد من الإشراف والرقابة على سلطة الرئيس، وإن إبلاغ "عصابة الثمانية" ليس كافياً.
ما طبيعة الجدل حولها؟
أثير الجدل أكثر من مرة حول "عصابة الثمانية"، لكن أبرزها كان عقب 2001 حين تبين مراقبة وكالة الأمن القومي للمواطنين الأميركيين والتجسس عليهم من دون إذن قضائي تحت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وبسبب عدم إبلاغ أي أعضاء في الكونغرس بخلاف "عصابة الثمانية" عن هذا البرنامج، بل ومنعهم من الحديث عن البرنامج مع أعضاء آخرين في الكونغرس، ما سمح لإدارة بوش القول إن الإحاطات والملخصات التي قدمت إلى "عصابة الثمانية" كانت كافية لتوفير إشراف الكونغرس على البرنامج، والحفاظ على الضوابط والتوازنات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
لكن دائرة أبحاث الكونغرس غير الحزبية، أعدت تحليلاً قانونياً في 18 يناير 2006، خلصت فيه إلى أنه إذا كان اعتبار برنامج المراقبة التابع لوكالة الأمن القومي برنامجاً لجمع المعلومات الاستخبارية، وأن إخطار الكونغرس بالبرنامج اقتصر على "عصابة الثمانية"، فإن ذلك لا يتوافق مع القانون، الذي يتطلب أن تظل لجان استخبارات الكونغرس على اطلاع كامل وفوري بجميع الأنشطة الاستخباراتية، بخلاف تلك التي تنطوي على أعمال سرية للغاية.
علاوة على ذلك، كانت "عصابة الثمانية" أشبه بوسيلة للتهرب من المساءلة، حيث أشار المدعي العام السابق ألبرتو غونزاليس مراراً إلى "عصابة الثمانية" عند استجوابه في شأن المراقبة غير القانونية والتجسس على المواطنين الأميركيين أثناء الإدلاء بشهادته في جلسة عقدت في 24 يوليو (تموز) 2007.
ويوضح ميشال ريتشاردسون، مستشار المكتب التشريعي لاتحاد الحريات المدنية في واشنطن، ضرورة تذكر الغرض من لجان الاستخبارات في الكونغرس، مشيراً إلى أنه خلال السبعينيات، حققت لجنة الكنيسة في الانتهاكات التي ارتكبتها وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي للسلطة تحت ذريعة الأمن القومي، وكانت إحدى النتائج الأساسية التي توصل إليها التحقيق أن الغياب التام للرقابة من لجان الكونغرس، خلق أرضية خصبة لتجاوز السلطة التنفيذية، وأوصى بتشكيل لجان خاصة في الكونغرس لإبقاء مجتمع الاستخبارات والأمن القومي ضمن حدود القانون.
ولكن بعد 50 عاماً، بالكاد تستطيع لجان الاستخبارات الكاملة القيام بالعمل المنوط بها، وتستفيد السلطة التنفيذية من ذلك عبر حجب المعلومات المهمة عن اللجان الكاملة، وغالباً ما تقوم بإبلاغ العصابة المكونة من ثمانية أفراد فقط بالأسرار، كطريقة لإخفاء أخطائها وعزل هذه المجموعة الصغيرة ومنعهم من التشاور مع زملائهم.