ملخص
كانت #بغداد وحكومة #إقليم_كردستان وقعتا اتفاقاً موقتاً الثلاثاء الماضي لاستئناف تصدير نفط الشمال في إطار جهود لإنهاء خلافات سياسية واقتصادية مستمرة منذ عقود، فما الذي حدث؟
قالت مصادر لوكالة "رويترز" إن صادرات النفط من شمال العراق إلى تركيا لم تستأنف حتى الآن، مما يعني استمرار غلق حقول عدة في إقليم كردستان شبه المستقل.
وأوقفت تركيا تدفق نحو 450 ألف برميل يومياً تمثل 0.5 في المئة من إمدادات النفط العالمية عبر خط أنابيب من حقول كركوك بالعراق إلى ميناء جيهان التركي في الـ 25 من مارس (آذار) الماضي بعد صدور حكم لمصلحة العراق في قضية تحكيم.
خط الأنابيب
واتهم العراق تركيا بانتهاك اتفاق يخص خط الأنابيب ويعود لعام 1973 بسماحها لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط من دون موافقة بغداد خلال الفترة من 2014 إلى 2018.
ووقعت الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان اتفاقاً موقتاً أول من أمس الثلاثاء لاستئناف صادرات النفط من الشمال عبر تركيا، وهو ما جعل عدداً من المسؤولين يأملون في استئناف الصادرات خلال اليوم نفسه.
وقال مصدر مطلع على الصادرات لـ "رويترز" إن مشغلي خط الأنابيب لم يتلقوا أية تعليمات حتى الآن في شأن استئناف الضخ، وذكر مصدر منفصل أن العراق ينتظر رداً من تركيا.
ولا تزال قضية تحكيم ثانية مفتوحة، وترتبط أيضاً باتفاق عام 1973 لخط الأنابيب وصادرات عام 2018 وما بعده.
وسبق أن أوضحت مصادر للوكالة أن تركيا تريد حل هذه القضية قبل إعادة الضخ عبر خط الأنابيب، إذ أجبر استمرار التوقف شركات النفط في الإقليم على وقف الإنتاج في حقول عدة أو خفضه بعد امتلاء مستودعات التخزين.
قال متحدث باسم شركة "جينيل إنرغي" المشغلة لحقل "سارتا" النفطي إن الحقل الذي كان ينتج 4170 برميلاً يومياً في المتوسط العام الماضي، متوقف.
وسبق أن قالت الشركة في الـ 29 من مارس (آذار) الماضي إن إنتاج الحقل يمكن أن يستمر حتى نهاية الأسبوع، في ما يمكن أن تواصل المستودعات استقبال الإنتاج حتى الـ 21 من أبريل (نيسان) عبر "حقل طق طق" الذي كان ينتج 4490 برميلاً يومياً العام الماضي.
وقال رئيس حكومة الإقليم مسرور برزاني في بيان عقب توقيع الاتفاق الموقت، إن "إعاقة صادرات النفط من إقليم كردستان أخيراً أضرت بالبلاد، وهذا الاتفاق سيجلب إيرادات نحن في حاجة ماسة إليها".
لقاء دولي
إلى ذلك قالت مصادر مطلعة إن مشاركة مسؤولين تنفيذيين دوليين في لقاء عقد هذا الأسبوع في بغداد بين مسؤولين عراقيين وأكراد حول الخلاف القائم منذ أمد طويل في شأن صادرات النفط، يعكس إصراراً جديداً على تسوية الخلاف الذي تسبب في تعليق صادرات النفط من منطقة كردستان شبه المستقلة بشمال العراق.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ "رويترز" إن المحادثات جرت الإثنين الماضي بحضور رئيس شركة "فيتول" راسل هاردي، أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، إلى جانب مسؤولين من شركتي "بتراكو" و"إنرغوبول" وممثلين عن شركة "إتش كيه إن إنرغي" ومقرها الولايات المتحدة وممثلين عن مجموعة "كار" الكردية للنفط.
وأوضحت المصادر أن المسؤولين التنفيذيين الذين تلعب شركاتهم دوراً رئيساً في إنتاج النفط وتطوير حقوله في الإقليم شاركوا لتقديم مقترحات حول أفضل السبل للمضي قدماً بعد أن تسبب توقف ضخ الصادرات من شمال العراق عبر تركيا إلى شطب 0.5 في المئة من الإمدادات العالمية، وقاد لارتفاع الأسعار.
ويصدر العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، الجزء الأكبر من نفطه عبر ميناء البصرة المطل على الخليج في الجنوب.
وقال مسؤول في وزارة النفط العراقية إن الهدف هو طمأنة الشركات بأن اتفاقاتها مع حكومة إقليم كردستان في أمان.
وكانت بغداد وحكومة إقليم كردستان وقعتا اتفاقاً موقتاً أول من أمس الثلاثاء لاستئناف تصدير نفط الشمال في إطار جهود لإنهاء خلافات سياسية واقتصادية مستمرة منذ عقود.
واعتبر المتابعون الاتفاق تطوراً كبيراً، إذ يظهر أن بغداد وأربيل عازمتان على تسوية الخلافات ذات الصلة بالنفط والديون وجميع خلافاتهما السياسية والاقتصادية.
التوصل إلى تسوية
وقال مصدر مطلع على المحادثات إن الجميع يحاول التوصل إلى تسوية، وهذا أمر جلل بالنسبة إلى السياسة العراقية الداخلية، فالحكومة الاتحادية تتطلع للحفاظ على تماسك البلاد بأكملها بعد سنوات من المشكلات".
وذكر مصدران أن اجتماع الإثنين الماضي بين مسؤولي حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية إلى جانب المسؤولين التنفيذيين الدوليين سادته نبرة مماثلة تهدف إلى بناء الثقة بين جميع الأطراف.
وأكدت شركة "بتراكو" حضور المحادثات في بغداد قائلة إنها "تترقب حالياً مزيداً من التطورات، بينما أحجمت "فيتول" عن التعليق ولم ترد "إتش كيه إن إنرغي" و"إنرغوبول" وحكومة الإقليم على طلبات للحصول على تعقيب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصلت الأمور إلى ذروتها في الـ 25 من مارس الماضي عندما أوقفت تركيا ضخ نحو 450 ألف برميل يومياً من الخام العراقي عبر خط أنابيب من منطقة فيش خابور الحدودية إلى ميناء "جيهان" التركي بعد أن فاز العراق بقضية تحكيم.
وتعليقاً على ذلك قالت بغداد إن إسطنبول انتهكت اتفاقاً بينهما عندما سمحت لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط إلى ميناء "جيهان" من دون موافقتها، وهي إحدى نقاط الخلاف القائمة بين الحكومة الاتحادية والسلطات الكردية في أربيل التي قامت عام 2017 بمسعى إلى الاستقلال أدى لإشعال توترات لم تدم طويلاً.
ومن شأن التوصل لحل للخلاف النفطي أن يعزز ثقة القطاع النفطي الدولي في حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني التي تولت السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي منهية عاماً من الجمود السياسي في بغداد.
وفي مسعى إلى تعزيز إنتاج العراق من النفط يقول سياسيون مقربون من السوداني ومسؤولون بارزون في قطاع الطاقة إنه يرغب في استعادة ثقة المستثمرين الأجانب وإظهار استعداد بغداد للتعاون مع شركات النفط العالمية، بما في ذلك من طريق المشاركة شخصياً في الفعاليات الكبرى المرتبطة بقطاع الطاقة.
مزيد من المحادثات
وقال مصدر بوزارة النفط إن الأطراف التي حضرت اجتماع الإثنين الماضي اتفقت على إجراء مزيد من المحادثات حول كيفية تعديل العقود مع حكومة إقليم كردستان بما لا ينتهك آليات التصدير والتسويق لشركة تسويق النفط العراقية (سومو)، مضيفاً أنهم ناقشوا أيضاً التسعير وجهات تصدير خام إقليم كردستان العراق.
وقال مصدران لـ "رويترز" إنه لم يتم بعد استئناف تدفقات النفط عبر خطوط الأنابيب من شمال البلاد إذ ينتظر العراق رداً من تركيا، لكن بمجرد تنفيذ الاتفاق الموقت سيكون لدى "سومو" سلطة تسويق وتصدير نفط إقليم كردستان، وفقاً لما ذكره مسؤولان عراقيان تحدثا شرط عدم الكشف عن هويتهما.
وقالت المصادر إن الإيرادات ستودع في حساب في البنك المركزي العراقي تديره حكومة إقليم كردستان، لكن سيكون لبغداد حق الوصول للحساب.
وأفاد مصدر مطلع على المحادثات أن الاختلاف الرئيس عن الوضع السابق هو أن مشاركة "سومو" ستجعل الخام الكردي قابلاً للتسويق بالكامل.
واعتمد إقليم كردستان في السابق على تجار لنقل النفط الخام مع عدد صغير من المصافي التي كانت مستعدة لتحمل أخطار المعارك القانونية المحتملة مع الحكومة المركزية العراقية.
ومما زاد الأمور تعقيداً اقتراض كردستان مليارات الدولارات من شركات تجارية ومنتجي نفط لأغراض منها مد خط أنابيب جديد إلى تركيا، وتعهدت بسداد الديون من صادرات النفط المستقبلية، ولذلك فعندما تم تعليق صادرات النفط في كردستان الشهر الماضي بعد قرار محكمة التحكيم توقف سداد ديون بقيمة 6 مليارات دولار لشركات نفط من بينها "فيتول" و"بتراكو" و"إنرغوبول".
ولطالما رفضت بغداد الاعتراف بديون أربيل التي تراكمت بعد توقف التحويلات من الموازنة، وقال رئيس وزراء كردستان مسرور برزاني الثلاثاء الماضي إنه "في إطار جهودهما لحل الخلافات الأوسع نطاقاً حددت بغداد وحكومة إقليم كردستان إطاراً لمشروع قانون الموازنة مع بدء محادثات في شأن قانون اتحادي جديد يتعلق بالنفط والغاز".
وفي السياق نفسه أشار المتحدث باسم الحكومة الاتحادية باسم العوضي إلى أن "هذا يشمل مادة تتعلق بأربع شركات دولية والتزاماتها القانونية تجاه حكومة إقليم كردستان".