Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليقظة الذهنية إستراتيجية للحد من التوتر وضبط الانفعالات

كما أن هناك تمرين "بوش آب" للجسد فهناك مثله أيضاً للعقل

 انتشر بعض الدعوات لتخصيص وقت لتبني نهج حياة مختلف والقيام بنوع من التقنيات تسمى "استراتيجيات اليقظة الذهنية" (غيتي)

ملخص

 #العقل كما باقي #الجسد يحتاج إلى تمرين وتدريب وتنظيف مستمر

نعيش على كوكب مضطرب محاصرين بضغوط اجتماعية واقتصادية وحاجات أمان ومتطلبات تزداد مع ازدياد شركات الإعلانات وتطور أساليبها الترويجية، ترافقها الأخبار والحروب العسكرية منها والنفسية وصراعات الـ "سوشيال ميديا" وما يتخللها من تنافس ومقارنات وتصنع وادعاء، وفي هذه الأجواء الضاغطة تشعر الغالبية وكأنها على حافة الانهيار، والضغوط المستمرة بلا هوادة تترك خلفها آثاراً ضارة على الصحة الجسدية والنفسية.

اليقظة الذهنية

وازدادت اليوم رغبة الناس في البحث عن حلول حديثة يسهل الوصول إليها والحصول عليها في آن معاً، وفي خضم هذه المطالب المتزايدة انتشرت بعض الدعوات لتخصيص وقت لتبني نهج حياة مختلف والقيام بنوع من التقنيات تسمى بـ "إستراتيجيات اليقظة الذهنية"، ويقصد هنا باليقظة إدراكك لمشاعرك وأفكارك في اللحظة الحالية مما يسمح بالاستجابة بالطريقة الملائمة بدلاً من القيام بردود فعل تلقائية ومن دون تفكير، وكما أن هناك تمرين "بوش آب" push-up للجسد فهناك أيضاً مثله للعقل.

وبدأت تنتشر صالات رياضية خاصة للتمارين الذهنية mental health gyms، وشرع الرياضيون والمشاهير والناس العاديون على حد سواء يلقون الضوء على أهمية الرعاية الصحية العقلية إيماناً بأن العقل كما باقي الجسد يحتاج إلى تمرين وتدريب وتنظيف مستمر.

وفي حين يبدو هذا مفهوماً جديداً نسبياً، على قلة الصالات والشروحات المتعلقة به، إلا أنه بدأ ينضج بسرعة في الوقت الحالي، كما تغير إدراك الناس له إذ كان ينظر له كمنافس قوي للمعالج الشخصي، لكن تثبت مع الوقت أنهما طريقان مختلفان يلتقيان ليعملا معاً جنباً الى جنب، إذ تعلم الفصول الرياضية العقلية المهارات والأسس الأساس للياقة العاطفية اللازمة للصحة الذهنية اليومية، لكنها ليست بديلاً عن العلاج الفردي.

حضور مباشر وافتراضي

ومن أهم ميزات هذه النوادي المرونة التي توفرها لمرتاديها إضافة إلى الخيارات المتعددة في الحضور والوصول إلى الصالة واختيار التقنية المناسبة في كل وقت، تبعاً لمستوى التزام الشخص ووضعه الحالي وتلبية ما يحتاج إليه بالضبط.

وتضم الصالات الرياضية المخصصة للصحة العقلية فصولاً عدة تشمل تدوين اليوميات أو كتابة المذكرات اليومية والمحادثة والتنفس واليوغا والتأمل وغيرها من النشاطات الذهنية التي تركز على الانسجام والتناغم وتعزيز العقل، وتقدم دروساً وجلسات دعم وتمارين وعلاجات مصممة لمساعدة الأشخاص بما يتعلق بعافيتهم العقلية، فخصص بعضهم لها مكاناً محددا  وبعضهم الآخر طرح جلسات افتراضية مباشرة بهدف الانتقال تدريجياً إلى التواصل الشخصي، وبعضهم الآخر قدم مواد خاصة مسجلة مسبقاً، كما تقدم بعض الصالات فصول دعم جماعية افتراضية، إضافة إلى جلسات شخصية خاصة تجمع بين التدريب التحفيزي والتدريب البدني لإثبات صحة المقولات المعروفة المتعلقة بتأثير التمرينات البدنية على العافية العقلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقدم آخرون فصولاً جماعية خاصة بمواضيع محددة يديرها معالج، وبعضها يوفر دروساً مسجلة مسبقاً ونموذج عضوية وتعد أسعارها معقولة نسبياً، إذ تصل كلفة الفصول إلى 30 دولاراً لكل منها، ويمكن أن تتراوح كلفة العلاج من 100 دولار إلى 200 دولار لكل جلسة، ويخبر أولئك الذين جربوها لسنوات أنهم لمسوا تأثيرات كبيرة في حياتهم وعلى رأسها الهدوء والسكينة والقدرة على اتخاذ القرارات بعيداً من ردات الفعل الانفعالية والتوتر الدائم.

ارتباط صحة العقل بصحة الجسد

وأثبتت الدراسات أنه من غير الضروري أن يرتبط نشاط الدماغ دائماً بالتمارين الجسدية، إذ وجد كثير من الأبحاث أن المنافذ الإبداعية مثل الرسم وغيره من أشكال الفن الأخرى وتعلم آلة موسيقية والقيام التعبير بالكتابة أو كتابة لمذكرات اليومية وتعلم لغة يمكن أيضاً أن يسهم في تحسين الوظائف المعرفية.

وفي حين تعد التغييرات في نمط الحياة مثل التمارين المنتظمة والنظام الغذائي الصحي والنوم الكافي حجر الزاوية في الرعاية الذاتية للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، يشير تحليل دراسات متعددة نشرت في مجلة الطب البديل والتكميلي إلى أنه من المحتمل أن تساعد الممارسات العقلية الموازية لتلك الجسدية المرضى في إدارة وضع مرض السكري من النوع الثاني.

الاسترخاء ومستويات الكورتيزول

وقام الباحثون بتحليل 28 دراسة استكشفت تأثير ممارسات العقل والجسد معاً في الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، أي ليسوا بحاجة إلى الأنسولين للسيطرة على السكر أو يعانون حالات صحية معينة مثل أمراض القلب والكلى.

وتوصلت الدراسة التي شملت في بحثها أنشطة اليوغا والتأمل والتخيل الهادف والفنون القتالية بطيئة الحركة الشبيهة بـ "التاي شي" وغيرها إلى أن أولئك الذين شاركوا في أي من الأنشطة المذكورة خفضوا مستوياتهم من "الهيموغلوبين"A1C  وهو علامة رئيسية لمرض السكري، في المتوسط  بنسبة 0.84 في المئة، وجاء هذا التأثير مشابهاً لتأثير تناول "الميتفورمين" "غلوكوفاج"، وهو دواء علاج المرحلة الأولى من مرض السكري من النوع الثاني.

وتفسير ذلك أن هذه الأنشطة تساعد في التحكم في نسبة السكر في الدم من خلال الدور الكبير الذي تلعبه في تقليل التوتر، إذ تساعد ممارسات اليقظة على الاسترخاء الذي يؤدي بدوره إلى خفض مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) مما يحسن مقاومة الأنسولين ويحافظ على مستويات السكر في الدم تحت السيطرة، وبالتالي يخفض مستويات A1C.

أمر وقائي

من جهة أخرى وبعيداً من الأمراض العضوية تأتي هذه الإستراتيجيات اليوم كحل سهل وأكثر قبولاً اجتماعياً بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون نفسياً ويخشون أن يتعرضوا إلى النقد أو التهكم أو الحكم عليهم بطريقة لاذعة، فالقول إنك منضم إلى جلسات أو حصص بغرض الاهتمام بالذهن ورعاية الذات مقبول جداً إذا ما تمت مقارنته باللجوء إلى طبيب أو معالج نفسي معترفاً بحاجتك إلى مساعدة على الصعيد النفسي، وهذه نقطة قوة إذ تعد صالات الصحة العقلية مكاناً مثالياً لتطوير وتحسين طريقة استجابتك للتوتر وتعلم مهارات التأقلم الأساسية قبل الوقوع في أزمة، أي أنك لا تحتاج إلى أن تكون في مأزق كي تنظم لها، بل يجادل العاملون فيها على أن أفضل وقت للحضور هو عندما يكون كل شيء على ما يرام، وبهذه الطريقة تطور من نفسك وقدراتك في لحظات قوتك وتستعد كي تتصرف بطريقة مناسبة في حال حدث شيء ما غير مرغوب، وبذلك تكون قد أتممت العمل على هذه الجزئية في وقت جيد بدلاً من الاضطرار إلى الاندفاع لاكتساب مهارات جديدة أثناء الأزمات، أي أن إدراك ضرورة الاهتمام بالصحة العقلية هو أمر وقائي وليس رجعياً، وكلما بدأ الشخص باكراً في الاهتمام بصحته العقلية، كلما قلت حدة التحديات التي قد يواجهها في المستقبل.

المزيد من صحة