ملخص
كشفت وزارة الطاقة السعودية وشركة #أرامكو عن تفاصيل إدارة الأزمة منذ ساعات قصف مصفاتي #بقيق و#خريص الأولى، إلى حين استعادة كامل الطاقة الإنتاجية وإصلاح الأضرار
بعد ثلاث سنوات من إحدى أسوأ الحوادث التي استهدفت إمدادات الطاقة العالمية، كشفت وزارة الطاقة السعودية وشركة أرامكو عن تفاصيل إدارة الأزمة منذ ساعات قصف مصفاتي بقيق وخريص، إلى حين استعادة كامل الطاقة الإنتاجية وإصلاح الأضرار.
إذ نشرت قناة "إم بي سي" حلقة وثائقية عن الحادثة في سلسلة رمضانية تستهدف استعراض مشاريع رؤية 2030 وتفاصيل صناعة القرارات الكبرى في الحكومة، في برنامج "حكاية وعد" من تقديم عمر الجريسي.
وتضمنت الحلقة تفاصيل خلية الأزمة، وعملية تقييم الأضرار، واجتماعات الظل داخل الحكومة بين وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان والرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر، ولقائهم بالأمير محمد بن سلمان في اجتماع استمر لخمس دقائق انتهى بإعلان النتائج ومعاودة الشركة الوفاء بشحناتها.
الموثوقية في خطر
استيقظ السعوديون فجر يوم السبت الـ14 من سبتمبر (أيلول) 2019، على حرائق ضخمة تلتهم مصافي ومنشآت نفطية في منطقتي بقيق وخريص الحيويتين، نتج منهما تعطل نصف القدرة الإنتاجية لأكبر مصدر للنفط في العالم.
وفي الوثائقي يصف الأمير عبدالعزيز بن سلمان الذي لم يكن قد أكمل أسبوعه الأول في وزارة الطاقة حينها، تفاصيل مساء ذلك اليوم بأنه "أكبر انكسار مر علي في حياتي". ويبرر ذلك بالقول "السعودية دولة تباهي بأنها أكبر مصدر موثوق به ويعتمد عليه. كان شعارنا هو الموثوقية، وكنا دائماً نحتفظ بطاقة إنتاجية غير مستغلة لهذا السبب، حتى نبقى دائماً تحت أي ظرف المصدر الآمن للطاقة في العالم".
وأضاف "وفجأة، وفي 20 دقيقة، يزال منك نصف الطاقة الإنتاجية من دون أن يكون لديك القدرة على الوقوف بسرعة، لو فشلنا كان كل ما عملناه خلال السنوات الـ30 الماضية سيصبح هباء منثوراً".
أما الرئيس التنفيذي للشركة أمين الناصر فقال إنه تلقى اتصالاً وهو نائم يخبره بوقوع حادثة من دون تفاصيل، مضيفاً "اتجهت إلى الشركة في غضون 10 دقائق، وتابعت الحرائق من غرفة المراقبة، لم أشاهد شيئاً كهذا في حياتي، الحرائق في كل مكان".
وقال الناصر إن الاستهداف كان بـ25 صاروخاً.
بعد نجاح الشركة في إطفاء الحرائق، بدأت الاتصالات من القيادة السعودية إلى وزارة الطاقة لتقلي التقارير.
قال الأمير عبدالعزيز "أبلغت الأمير محمد بن سلمان بعد الإطفاء بأننا لا نستطيع تقييم الحادثة اليوم، نحتاج إلى أن ننتظر حتى يصبح الوضع آمناً، ونتأكد من عدم وجود تسريب غاز لتتمكن الفرق الفنية من الدخول إلى الموقع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "بعد بدء عملية التقييم أخبرت الزملاء في شركة أرامكو بأني لن أقترب من الموقع، سأكون في مكتبي بالظهران وأنتظر تقريركم. برأيي أسوأ شيء يمكن أن يعمله مدير في مثل هذه الظروف أن يقف فوق رؤوس الناس وهم يحاولون القيام بعملهم، دع الآخرين يقومون بعملهم، ولما ينتهون يعرضون عليك النتائج، وهو ما حدث".
ثلاثة أسابيع بلا تعطل في الإمدادات
استبق أمين الناصر النتائج بتوقع أن تحتاج عملية معالجة الأضرار بشكل كامل إلى ستة أسابيع، ويقول حول هذا "عندما اجتمعت بالزملاء في الشركة، فاجؤوني بعد أن قالوا إنهم بحاجة إلى ثلاثة أسابيع فقط".
أبلغ الناصر الوزير المختص بالنتيجة إلا أن الأمير عبدالعزيز آثر التريث وعدم رفع التقرير للقيادة "أتمنى ما يزعل مني ولي العهد، لكني أخبرت الإخوة في الشركة بأني لن أخبر ولي العهد بأي شيء، هذه مسؤولية كبيرة وخطرة وأعتقد أن علينا واجباً أن نراجع الأرقام بشكل أكبر. زودتهم بمجموعة كبيرة من الأسئلة التي كنت أتصور أنها ستطرح علينا"، وأردف "اتصلت بالأمير محمد وأخبرته أن يعطينا فرصة إلى اليوم التالي بعد أن طمأنته بأن الأمور بخير".
وبالفعل سافر الفريق إلى جدة حيث كان ولي العهد في اليوم التالي الذي وافق الخميس الـ19 من سبتمبر (أيلول) 2019، في طائرتين الأولى حملت وزير الطاقة بفريق واصل التحضير للاجتماع، والأخرى حملت رئيس أرامكو بفريق عقد اجتماعاته هو الآخر.
وبعد أن عرضوا النتائج على الديوان الملكي، شعر الفريق بفخر كبير بعد أن نجح في وضع خطة تحافظ على المبيعات والحصة السوقية عبر تعويض نقص الإمدادات الدولية، واحتواء تأثيرها في السوق المحلية، واستخدام الخزن الاستراتيجي لتشغيل المنشآت الحيوية مثل التحلية والكهرباء.
دخل الأمير محمد بن سلمان وسأل عن رأي الفريق، فأجابه الأمير عبدالعزيز "هناك رأيان: أن نتريث بضعة أيام حتى نتأكد من تأمين المناطق وعدم تكرار الحادثة، والرأي الآخر أن نعلن اليوم قبل الغد النتيجة وعودة الإنتاج، لأن هذا فيه تعزيز لموثوقيتنا وقيمتنا. لقد رأيتها فرصة يجب أن نستغلها الاستغلال الأمثل في تعزيز هويتنا كمصدر موثوق، وأن نعلن للعالم أنه على رغم ما تعرضنا له قادرين على العودة لما كنا عليه".
تلقى الأمير عبدالعزيز سؤالاً مفاجئاً من ولي العهد "ما مدى تأثير هذا في الأسواق"، فأجاب "الأسواق ستنخفض لكن موثوقيتنا سترتفع"، فأعطانا الأمر بالبدء بتنفيذ الاقتراح الثاني.
يقول أمين الناصر إن ولي العهد كان حريصاً على سمعة السعودية كمصدر آمن للنفط، وطلب أن نخرج للصحافة ونواجه التشكيكات التي كانت تقول إن الأمر قد يستغرق سنة، وأن نؤكد بأن الأمر لن يستغرق أكثر من ثلاثة أسابيع وأن أي من عملائنا خلال هذه الفترة لن يتضرر، والكل سيستلم شحنته من المخزونات، واستلموها فعلاً في الوقت المحدد".
وهو ما حصل في مؤتمر صحافي شهير تم يوم الخميس 19 سبتمبر (أيلول) 2019، قال الأمير عبدالعزيز عنه "تمنيت أن هناك كاميرات على وجوه الحاضرين، عندما غادرت المؤتمر الصحافي شعرت وكأني أسير فوق سحابة".
وأعلن الرئيس التنفيذي لأرامكو أن الشركة بصدد إنتاج فيلم وثائقي يحكي قصة العمل الذي قام به فريق الشركة لإخماد الحريق وإعادة الانتاج في أسرع وقت ممكن.