Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين يستعرض خياراته النووية ردا على اليورانيوم المنضب

كثرت التساؤلات حول الأسباب التي تحول دون قصف وتدمير إمدادات عسكرية غربية إلى كييف فور وصولها إلى الحدود

توقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتهاء مطلع يوليو من بناء مستودع لتخزين الصواريخ النووية في بيلاروس (أ ف ب)

ملخص

كشف الرئيس الروسي فلاديمير #بوتين عن احتمالات الرد #النووي وقال إن #موسكو تملك مئات الآلاف من #قذائف_اليورانيوم "المنضب" وتستطيع إنتاج ثلاثة أضعاف ما بحوزة #أوكرانيا من #دبابات

في حديثه إلى برنامج "موسكو، الكرملين، بوتين"، وهو برنامج تلفزيوني أسبوعي يجري إعداده وتقديمه تحت رعاية وإشراف الجهاز الصحافي للكرملين، كشف الرئيس فلاديمير بوتين عن كثير مما قد يندرج ضمن "أسرار" الدولة، وما يتعلق منها بالخطط الحربية الخاصة بـ"العملية العسكرية الروسية" في أوكرانيا. تناول الرئيس الروسي كثيراً مما دار خلال لقاءاته مع ضيفه الصيني شي جينبينغ ولا سيما لقاء اليوم الأول، الذي طال لأكثر من أربع ساعات ونصف الساعة، وما تطرقا إليه من مختلف القضايا. قال إنهما تناولا "غداء عمل" في جو من الود والصداقة، أعقبته دعوة المضيف إلى استكمال حديثهما في "شقته" المجاورة لمكتبه التي يبيت فيها أحياناً في الكرملين بسبب ضغط العمل وما يقتضيه أحياناً من البقاء لوقت متأخر من الليل، على حد تعبيره. جلسا حول المدفأة يحتسيان الشاي، وراحا يتبادلان أطراف الحديث، الذي قطعه خبر ورد من بريطانيا، عن نائبة وزيرة الدفاع البريطانية حول أن بلادها قررت إمداد أوكرانيا إلى جانب دبابات "تشالنجر-2" بقذائف اليورانيوم المستنفد أو "المنضب". أعرب بوتين عن كثير من السخط قائلاً "إن الغربيين اتخذوا مثل هذا القرار وكأنه عن عمد مع سبق الإصرار، من أجل الشوشرة على مباحثاتنا والتأثير فيها". أضاف أن استخدام قذائف اليورانيوم من شأنه إلحاق الضرر أكثر مما يمكن أن يجلب الفائدة. تساءل عما إذا كان الأوكرانيون يعتبرون أولئك الذي يعيشون على هذه الأرض "ملكاً" لهم؟ كيف سيستخدمونها ضد أشخاص هم في الحقيقة شعبهم، مع الأخذ في الاعتبار أن مخلفات هذه القذائف ستنشر الغبار "النووي"، بما في ذلك المناطق المزروعة الملوثة لما تحمله هذه القذائف من مواد ضارة.

"ليس الرد الوحيد"

وتوقف بوتين ليؤكد "أن نقل الصواريخ النووية التكتيكية إلى بيلاروس لن يكون ردنا الوحيد"، بل ومضى إلى ما هو أبعد ليقول صراحة "إننا أنفسنا سنكون قادرين على إطلاق قذائف اليورانيوم"، فروسيا ومن دون أية مبالغة "تملك من هذه المقذوفات مئات الآلاف تملأ المستودعات والمخازن الروسية". أضاف أن بلاده لم تستخدم مثل هذه القذائف بعد، كما أنها على استعداد لنقل الأسلحة النووية التكتيكية إلى أراضي بيلاروس، وأكثر من ذلك ستساعد البيلاروسيين أيضاً على استخدامها. وكشف عن أن الجانب الروسي "قدم المساعدة التقنية لتجهيز عشر طائرات جاهزة لاستخدام هذا النوع من الأسلحة". ومضى الرئيس الروسي ليؤكد ألا شيء غير مألوف في هذا الصدد، فالولايات المتحدة تفعل ذلك منذ عقود، وتنشر أسلحتها النووية التكتيكية على أراضي دول "الناتو" في أوروبا، كما أن ألكسندر غريغوريفيتش (لوكاشينكو) محق في قوله "نحن أقرب حلفائك. لماذا يفعل الأميركيون ذلك مع حلفائهم؟". وعاد ليقول "لقد اتفقنا مع بيلاروس على أن نفعل الشيء نفسه، من دون أن ننتهك التزاماتنا في شأن عدم انتشار الأسلحة النووية". وإذ أشار بوتين إلى أن بلاده ترتبط مع بيلاروس بمعاهدة اتحادية، قال إنها زودت بيلاروس بمنظومات صواريخ "إسكندر"، والتي من الممكن استخدامها في إطلاق الصواريخ النووية التكتيكية، كما أنه من المقرر الانتهاء مطلع يوليو (تموز) من بناء مستودع لتخزين الصواريخ النووية في بيلاروس.

احتدام الخلاف مع بيلاروس

ومن المعروف أن بيلاروس كانت انتهجت في بداية "المواجهة الروسية - الأوكرانية"، موقفاً أقرب إلى المهادنة، والميل نحو الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، بل وبادرت باستضافة أول مباحثات سلمية بين الجانبين في أعقاب اندلاع "العملية العسكرية الروسية الخاصة" في أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022، إلا أنه ومع مضي الوقت تباعدت المسافات، واحتدمت الخلافات التي بلغت حد إطلاق الرئيس ألكسندر لوكاشينكو شتائمه ضد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووصفه بـ"الأحمق"، في أعقاب محاولة فاشلة من جانب أوكرانيا لتدمير مقاتلة روسية على أراضي أحد مطارات بيلاروس. وقال لوكاشينكو إن مثل هذه العمليات لا يمكن أن تتم من دون موافقة رئيس البلاد القائد الأعلى للقوات المسلحة. وكانت بوادر "القطيعة" بين أوكرانيا وبيلاروس التي سبق واستضافت كثيراً من جولات مباحثات السلام بين روسيا وأوكرانيا على مدى ما يزيد على ثماني سنوات جرى التوصل خلالها إلى "اتفاقيات مينسك-1 و2"، ظهرت جلية واضحة، وراحت تتزايد يوماً بعد يوم في أعقاب تورط أوكرانيا في محاولات إطاحة لوكاشينكو إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في أغسطس (آب) 2020.

وبالعودة إلى ما قاله الرئيس بوتين، في استعراضه لمجمل الأوضاع الراهنة، الذي بدا وكأنما أراد به مزيداً من الشرح لما يراه ضرورياً لتوضيح آفاق للصراع الأوكراني، نشير إلى ما تطرق إليه في شأن الحاجة إلى مزيد من الكميات الهائلة من الذخيرة. وكان بوتين أعلن "أن الولايات المتحدة تريد إنتاج 42 ألف قذيفة العام المقبل، في وقت تستهلك فيه أوكرانيا ما يصل إلى خمسة آلاف في اليوم! ونحن (روسيا)، كنا ننفق أكثر من ذلك بكثير". واستطرد ليقول إنه وعلى رغم كونه ليس بصدد تقييم عقلانية اتخاذ القرار على مستويات مختلفة من القيادة العسكرية، فإن وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة صارتا مجبرتين الآن على وضع حدود معينة". ومضى ليقول "إن شحنات الأسلحة الغربية على أي حال لا تزال بعيدة عن وتيرتنا، وسيرسل المخربون 420-440 دبابة إلى أوكرانيا. في هذا الوقت سننتج ونحدث 1600 دبابة". وتطرق بوتين إلى العدد الإجمالي لدبابات الجيش الروسي الذي "سيتجاوز ثلاثة أضعاف عدد دبابات القوات المسلحة الأوكرانية"، مؤكداً "أن بلاده ستضاعف أعداد ما ستنتجه من دبابات جديدة"، رداً على الخطط الغربية لتزويد أوكرانيا بـ400 دبابة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القذائف بقدرة اختراق عالية

وعلى نحو غير مباشر، بدا الرئيس وكأنما يجيب عن كثير من التساؤلات التي لطالما قضت مضاجع مواطنيه، ممن كثرت تساؤلاتهم حول الأسباب التي تحول دون قصف وتدمير ما يجري من إمدادات عسكرية غربية إلى أوكرانيا، فور وصولها إلى الحدود الأوكرانية، وقبل تحركها إلى جبهة القتال. قال إن الغرب ينقل ما يمد به أوكرانيا من أسلحة في سرية بالغة تحت جنح الظلام، وإن القوات المسلحة الروسية تحاول تدميرها أثناء عملية "التسليم والتسلم". أضاف أن الجيش الروسي "ينجح في ذلك أحياناً، لكنه لا يوفق في أحيان أخرى، ما يستطيع (جيشنا) الوصول إليه يستهدفه. وبالطبع هذا الهدف، أي تدمير الأسلحة الواردة من الخارج، قائم، وليس هناك أي إهمال في التعامل مع هذه القضية". وكان بوتين اعترف في وقت سابق بأن "الأسلحة التي يقدمها الغرب لأوكرانيا بكميات كبيرة جداً تشكل تهديداً لروسيا".

وكانت وسائل الإعلام الروسية انطلقت في "حملة كاملة العدد" للتحذير من مغبة استخدام "قذائف اليورانيوم المنضب" التي ثمة من اعتبرها أقرب إلى "القنابل النووية القذرة"، على رغم تأكيد كثيرين من المعلقين والخبراء أنها لا تندرج ضمن "أسلحة الدمار الشامل" المحظور استخدامها بموجب المعاهدات والمواثيق الدولية. وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" عن أندريه كلينتسفيتش رئيس مركز دراسة النزاعات العسكرية والسياسية، ما قاله حول أن "الحديث يدور عن قذائف من عيار خارق للدبابات، واختصار تسميتها BOPS، ويطلق عليها أحياناً اسم (الذخيرة الحركية)". وأضاف "إن هذه القذائف تتمتع بقدرة اختراق عالية. فكلما كان قلب أو سبيكة هذه المقذوفة أقوى كان اختراقها أفضل للدروع. وأظهرت الدراسات أن سبيكة اليورانيوم المستنفد مع التيتانيوم قوية للغاية". أما عن مدى قدرتها على نشر ما تحتويه من سموم وإشعاعات فقال الخبير الروسي إنها "لا تنشر إشعاعات، لكنها شديدة السمية. والحقيقة أن الغبار الناعم الذي يتشكل عندما تصطدم بشيء وبعائق يتسرب إلى الجهاز التنفسي عند الإنسان، وهذا ضار جداً". ومضى يشير إلى أن الأسلحة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب ذخيرة لمركبات المشاة القتالية والدبابات والطيران إذا تم استخدامها في أوكرانيا فسوف تعتبر روسيا ذلك استخداماً لقنبلة ذرية قذرة.

"شفافية العلاقات"

ونعود إلى ما كشف عنه الرئيس الروسي في تعليقه على ما أعربت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون من مخاوف تجاه ما تردد حول التحالف العسكري بين روسيا والصين. قال بوتين إن "موسكو لا تنشئ تحالفاً عسكرياً مع الصين ولا تهدد أي دولة"، فيما وصف ذلك بـ"المزاعم التي لا علاقة لها بالواقع". ولمزيد من الإيضاح أضاف الرئيس الروسي أن بلاده "تتعاون مع الصين في المجالات العسكرية – التقنية، وهي لا تخفي ذلك، وما يجري في هذا الصدد بين البلدين يتم في إطار من الشفافية، ولا يوجد سر هناك". واستطرد ليقول إنه وعلى رغم شفافية العلاقات بين موسكو وبكين، تواصل الدول الغربية محاولاتها الرامية إلى تشكيل "ناتو عالمي" يضم مناطق جديدة. وأعاد إلى الأذهان ما سبق وأقره حلف "الناتو" من "مفاهيم استراتيجية جديدة"، تستهدف إقرار ما وصفه بـ"عالميته"، ومحاولات اعتبار ذلك ركيزة يمكن الاستناد إليها لتطوير علاقاته مع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في توجه يذكر بالكتلة العسكرية لدول "المحور" خلال الحرب العالمية الثانية. وهو ما سبق وتناولته "اندبندنت عربية" لدى تغطيتها جولات كبار المسؤولين الغربيين والأميركيين ومنهم الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، وكذلك ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف "الناتو" في عديد من البلدان الآسيوية. وفي هذا السياق، تطرق الرئيس الروسي إلى الاتفاقية التي توصلت إليها بريطانيا واليابان في مطلع هذا العام في شأن تطوير العلاقات في المجال العسكري. وقال "هذا هو السبب الذي يدفع سياسيين غربيين أنفسهم إلى القول إن الغرب بدأ في بناء محور جديد شبيه بالمحور الذي شكله في ثلاثينيات القرن الماضي النظامان الفاشيان في ألمانيا وإيطاليا، وفي اليابان بما انتهجته من عسكرة لسياساتها". وهو قول شديد الأهمية يفرض كثيراً من التساؤلات التي تتناقلها العامة والخاصة ليس فقط في روسيا، بل وفي كثير من بلدان العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير