Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القناوي متصوف مغربي يجمع "الذاكرين" في جنوب مصر

الآلاف يشدون الرحال إلى مولد القطب الصوفي على مدى 15 يوما وسط حلقات الذكر والإنشاد المهيمنة على ساحته

الاستعداد لفعاليات مولد عبد الرحيم القناوي تبدأ من شهر رجب إلى منتصف شعبان  (اندبندنت عربية)

ملخص

حلقات الذكر والإنشاد الديني تملأ جنبات مسجد #القطب_الصوفي #عبدالرحيم_القناوي #جنوب_مصر مع حلول موعد الاحتفالات بمولده 

يحتفل أهالي صعيد مصر (جنوب البلاد) من شهر رجب وحتى منتصف شعبان بمولد القطب الصوفي المغربي الأصل عبدالرحيم القناوي، الذي لعب دوراً بارزاً في مواجهة رواسب الفكر الشيعي عقب سقوط الدولة الفاطمية ونزوحه من بلدة ترغاي من مقاطعة سبتة بالمغرب الأقصى للدعوة إلى الله ونشر صحيح الإسلام ومواجهة البدع والخرافات.

يحظى العارف بالله عبدالرحيم القناوي الذي يلقبه أرباب الطرق الصوفية بالأسد، بمكانة كبيرة في نفوس أهالي محافظات صعيد مصر، إذ يعد موعد مولده موسماً للرواج التجاري والثقافي في مدينة قنا، إلا أن الاحتفال بالمولد تعطل ثلاث سنوات تحت وطأة فيروس كورونا.

الرحيل إلى بلاد المشرق

يقول الباحث في شؤون التصوف الإسلامي ضياء قللي "العارف بالله عبدالرحيم القناوي ولد في بلاد المغرب الأقصى في أسرة عرفت بالتقوى والعلم، وينتهي نسبها إلى ابن بنت رسول الله الحسين بن علي بي أبي طالب. أمضى القناوي طفولته في تحصيل العلم الشرعي على والده وأصدقائه من العلماء، إلى أن توفي والده وهو في سن الثانية عشرة، فسافر بعد ذلك إلى دمشق برفقة أخيه ونهل من تلقي العلوم الشرعية على يد علماء دمشق لثماني سنوات، ثم عاد إلى بلدته في ترغاي ليحل محل والده في إمامة البلدة بناءً على رغبة أهلها".

يضيف قللي "قرر القناوي شد الرحال إلى بلاد المشرق بعد أن علم بشراسة الحملات الصليبية القادمة من أوروبا، فشعر بضرورة واجبه حينئذ، فنزل إلى مكة المكرمة وأقام بها 10 سنوات. وفي موسم الحج الأخير التقى العالم الفقيه مجد الدين القشيري ابن مدينة قوص بجنوب محافظة قنا، ودار بينهما حديث فتعارف وألفه، وأصر بعدها القشيري على أن يصحب عبدالرحيم إلى مصر وإلى قوص وقنا بالذات، إذ إن مجتمعها متعطش إلى علم وفضل أمثاله، بعد نزوله إلى قوص رأى رؤى في المنام تلح عليه في التفرغ للدعوة بمدينة قنا".

أشار قللي "في قنا التف حول عبدالرحيم القناوي جمع غفير من طلاب العلم، لتلقي العلوم الشرعية على يديه، كما عمل في التجارة لينفق على الفقراء من طلاب العلم. ذاع صيته بمدينة قنا ونسب إليها بعد أن استقر بها لمدة 41 عاماً إلى أن صعدت روحه إلى بارئها". من أشهر مؤلفاته المطبوعة تفسير القرآن الكريم والأحزاب والأوراد وكتاب الأصفياء ورسائل الاستقامة.

 

 

مواجهة مخاطر التشيع

اقترن اسم عبدالرحيم القناوي بالدولة الأيوبية التي حرصت على تعزيز أعمدة المذهب السني في جميع الأقاليم المصرية عقب سقوط الدولة الفاطمية، كان القناوي على رأس الدعاة الذين تلقوا دعماً من صلاح الدين الأيوبي ونجله، لدوره البارز في نشر صحيح الإسلام.

ذكر إمام مسجد عبدالرحيم القناوي حجازي فارس لـ"اندبندنت عربية"، أن الشيخ كان أحد الراسخين بالعلوم الشرعية في زمنه، وكان قدوة في السلوك والأخلاق، لذا حرص على الدعوة الخالصة إلى الله، لنشر صحيح الإسلام من السنة النبوية والقرآن الكريم، بلا إفراط أو تفريط، فاجتمع الأهالي من حوله لأسلوبه اللين البسيط الذي استوعب جميع من استمع إليه.

أضاف حجازي "القناوي كان يلح على طلابه في الإكثار من الخلوات مع الله يومياً من دون أن يعتزلوا الحياة ليجمعوا بين خيري الدنيا والآخرة، لذا هو من أرباب التصوف السني النقي. ارتفعت شهرته بمدينة قنا وتزايد أعداد طلاب العلم من حوله عاماً بعد عام، إلى أن شدوا الرحال بعد إجازته لهم في الدعوة إلى الأقاليم التي تخلو من الدعاة".

وأشار حجازي إلى أن الشيخ القناوي لعب دوراً بارزاً في مواجهة رواسب الفكر الشيعي عقب سقوط الدولة الفاطمية، وسرعان ما استجابت له مدن الصعيد التي تأثرت بالفكر الشيعي، وعادت إلى عباءة أهل السنة والجماعة بالموعظة والحكمة البالغة، لذا قرر العزيز بالله بن صلاح الدين الأيوبي تعيين القناوي شيخاً وفقيهاً عاماً لإقليم الصعيد، إلى أن توفي في الأول من شعبان من عام 521هـ الموافق لعام 1127م.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مسجد القناوي الأثري

"لا يتوقف مسجد العارف بالله عبدالرحيم القناوي عن استقبال الزائرين والمحبين على مدى الساعة، إذ يحظى بمكانة في نفوس الأهالي. وعلى رغم بساطة المسجد فهو مسجل على قوائم الآثار الإسلامية"، وفقاً للباحث المتخصص في الآثار الإسلامية أحمد القواسمي.

يضيف القواسمي "المسجد يتكون من صحن مربع، تحيط به مجموعة من الإيوانات أكبرها إيوان القبلة، يقع المدخل الرئيس للمسجد في الجهة الجنوبية، وهو مرتفع إذ يصعد إليه بست درجات وتتقدمه مظلة ذات أعمدة، بينما تقع في الركن الجنوبي الشرقي مئذنة".

يتابع "يضم المسجد من الداخل ضريح عبدالرحيم القناوي ومن الخارج ضريح أقرب تلاميذ القناوي وهو عبدالله القرشي ومسجداً صغيراً. جرى تطوير ورفع كفاءة المسجد في عام 2007، كما جرى افتتاح أول مركز للدعوة الإلكترونية بداخل حرم المسجد، مع مركز للفتوى الإسلامية".

 

 

أجواء المولد

بعد ثلاث سنوات من توقف الاحتفال بالموالد داخل مصر جراء انتشار جائحة كورونا، يجري الاحتفال بمولد القطب الصوفي عبدالرحيم القناوي هذا العام وسط تعزيزات أمنية ووقائية كبيرة.

عن أجواء مولد عبدالرحيم القناوي قال حسين الشريف أحد رواد المسجد "إنه يضم على مدى الساعة حلقات ذكر وإنشاد ديني وأمسيات ثقافية ودينية، كما تعم الاحتفالات جميع أركان مدينة قنا، وتشهد الأسواق رواجاً تجارياً كبيراً، فطبقاً لعديد من التقديرات يوفد على أجواء المولد من خارج محافظة قنا ما يزيد على المليون زائر، كما يجري دعم محافظة قنا من وزارة التموين بمزيد من السلع والمواد الغذائية لتلبية حاجات الزائرين الذين يقيم بعضهم لمدة 15 يوماً داخل المدينة".

وأضاف "من طقوس مولد عبدالرحيم القناوي التي لم تعد قائمة تلك التي كانت تنظمها الطرق الصوفية من مواكب احتفالية بالجمال والخيول تطوف مدينة قنا بالمزمار، لتبلغ القاصي والداني أنه قد حان موعد الاحتفال بمولد قطب قنا والصعيد عبدالرحيم القناوي، إلى أن تصل المواكب إلى المسجد ليجري تزيين المسجد وفرشه من جديد لاستقبال الزائرين".

أشار الشريف أيضاً إلى أنه تعقد الاحتفالات لعائلات قبائل الصعيد بمنطقة شرق السكة لمدة 10 أيام عبر سباق الخيول والأمسيات الدينية والثقافية، كما تستقبل دواوين العائلات الزائرين لتقديم ولائم الطعام، مما يجعل مولد القناوي الموسم التجاري والاجتماعي والثقافي الأهم للمدينة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات