Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البريطانيون محرومون من الخس والطماطم والفلفل والخيار

فرض كمية محددة لكل مستهلك والحكومة تبرر الأزمة بظروف مناخية والمعارضة تدعوها إلى اجتماع طارئ والمواطنون يسخرون باستعراض أسواق كييف "مليئة بما لذ وطاب"

تبرر الحكومة البريطانية غياب الخضراوات بظروف المناخ في الدول التي تستورد منها مثل إسبانيا وشمال أفريقيا (أ ف ب)

ملخص

#بريطاني عرض على صفحته الشخصية ست حبات #طماطم للبيع بـ500 جنيه استرليني وآخر روج لعدد منها قائلا إنها غير مستعملة مسبقاً وما زالت في تغليفها الأصلي

تواجه بريطانيا أزمة غذائية حقيقية مع خلو أرفف الخضراوات في محال التسوق الكبرى من الخس والطماطم والفلفل والخيار، إضافة إلى أنواع أخرى من الفاكهة. واضطرت سلاسل المحال المعروفة في بريطانيا مثل "تيسكو" و"موريسون" و"ألدي" و"أسدا" إلى فرض شراء كمية محددة لكل مستهلك لمواجهة النقص في تلك المنتجات.

وتحذر تقارير في الصحف البريطانية من أن الأزمة قد تستمر إلى نهاية شهر أبريل (نيسان) المقبل إلى أن يبدأ الإنتاج المحلي من تلك الخضراوات النزول إلى السوق. حتى وزيرة البيئة البريطانية، تيريز كوفي، حذرت في ردها على أسئلة النواب في البرلمان من أن الأزمة قد تستمر لأسابيع. وعلق بعض النواب بـ"كيف يستمر الشعب من دون سلطة لشهر؟". مع غياب مكونات السلطة الخضراء الرئيسة.

تبرر الحكومة البريطانية الأزمة بظروف المناخ في الدول التي تستورد منها بريطانيا الخضراوات والفاكهة مثل إسبانيا ودول شمال أفريقيا، لكن المنتجين والمزارعين البريطانيين يصرون على أن سياسات الحكومة هي السبب، سواء الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" أو سياسة سوق الطاقة للمستهلكين التي جعلت المزارعين يعزفون عن زراعة الطماطم والفلفل والخيار مبكراً في صوب تحتاج إلى إضاءة وتدفئة.

كما أن "بريكست" لا يحرم بريطانيا فقط من الوصول إلى مصادر أوسع في السوق المشتركة للحصول على احتياجاتها من الخضراوات والفاكهة، وإنما حرم المزارعين البريطانيين من دعم زراعي بالمليارات كانوا يتلقونه من المفوضية الأوروبية، ولم تعوض الحكومة البريطانية هذا الدعم الأوروبي للمزارعين.

سخرية مرة

وعلى مدى الأيام الماضية، استخدم البريطانيون مواقع التواصل للسخرية المرة من وضع الأزمة الغذائية الذي وصل إلى حد تقنين مكونات السلطة الخضراء والفواكه في محال التسوق. ونشرت صحيفة "اندبندنت" بعضاً من تعليقات المواطنين البريطانيين الساخرة، إذ عرض أحد المواطنين ست حبات طماطم نادرة للبيع بمبلغ 500 جنيه استرليني (أكثر من 600 دولار). وكتب البريطاني عن حبات الطماطم أنها تستخدم في السلطة وأنها "غير مستعملة مسبقاً وما زالت في تغليفها الأصلي".

بينما سخر مواطنون بريطانيون، بحسب "اندبندنت"، من تعليق الحكومة الأزمة على العوامل الخارجية، بنشر صور أرفف المحال في أوكرانيا وهي مليئة بالخضراوات والفاكهة بينما أرفف المحال البريطانية خالية تماماً. وتظهر الصور كميات وفيرة من الطماطم والفلفل وغيره تملأ الأرفف في مدن أوكرانية من كييف إلى خيرسون.

ونشر الصحافي الاستقصائي البريطاني جون سويني فيديوهات صورها من كييف عن يوميات الحرب الأوكرانية ونشرت صحيفة "الديلي ميرور" أحدثها، وفيها تظهر أرفف المحال في العاصمة الأوكرانية مكدسة بالفاكهة والخضراوات الطازجة.

اجتماع كوبرا

طالبت مسؤولة البيئة والطاقة في حزب الأحرار الديمقراطيين المعارض فيرا هوبهاوس حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك بسرعة عقد اجتماع (كوبرا) لمواجهة أزمة الغذاء الحقيقية في البلاد. وتعقد اجتماعات كوبرا لمواجهة أزمات الطوارئ التي تهدد الأمن القومي للبلاد، وتضم وزراء الأمن والاستخبارات والخزانة وغيرها من الوزارات الرئيسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت هوبهاوس إن الحكومة "راضية عن نفسها وهي تغض الطرف بشكل مخزٍ عن أزمة نقص الغذاء الحادة التي تواجه الأسر البريطانية". أما وزير البيئة في حكومة الظل لحزب العمال المعارض جيم ماكماهون فاتهم الحكومة بأنها "منفصلة تماماً عن الواقع على الأرض"، وسخر من "فكرة أن السبب هو عوامل خارجية فقط من كوفيد إلى بريكست إلى أوكرانيا". وأضاف ماكماهون "إذا لم تفهم الحكومة أن الأمن الغذائي هو مسألة أمن قومي فليس هناك أمل في مستقبل هذه الأمة".

لكن وزيرة البيئة في حكومة سوناك أصرت أمام البرلمان على أن "الأمن الغذائي لبريطانيا يظل صامداً. سنستمر في الاستثمار في مزارعينا لأجيال قادمة". إلا أن أكبر منتج للطماطم في بريطانيا "أي بي أس بروديوس" يرى أن الأزمة ليست فقط بسبب ظروف الطقس في إسبانيا وغيرها. وفي مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" قال مدير التنمية في الشركة فيل بيرسون إنها "أزمة أسعار الطاقة التي أضرت بالمزارعين البريطانيين"، كما أن بعض المزارعين ما زالوا في طور تعافي زراعاتهم من موجة الجفاف التي ضربت البلاد العام الماضي وأدت إلى تقنين استخدام المياه.

الإنتاج والنقل

حسب تقديرات نشرها موقع "بي بي سي" فإن بريطانيا تضطر موسمياً إلى استيراد ما يزيد على 90 في المئة من احتياجاتها من الخضراوات والفاكهة في فصل الشتاء. والنسبة الكبرى من تلك الواردات تأتي من دول أوروبا وشمال أفريقيا، التي يقول مسؤولو الحكومة إنها تشهد ظروفاً مناخية سيئة أدت إلى تراجع الإنتاج هذا الموسم.

لكن صحيفة "الغارديان" تنقل عن المزارعين الإسبان أن الطقس السيئ ليس وحده السبب وراء نقص التصدير لبريطانيا، إنما لعب "بريكست" دوراً إما في تعقيد عمليات النقل أو القيود الجديدة على التبادل التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وهذا ما جعل المنتجين الإسبان يوجهون صادراتهم من الخضراوات والفاكهة إلى أسواق داخل الاتحاد الأوروبي.

أما بالنسبة إلى دول شمال أفريقيا، بخاصة المغرب الذي تستورد منه بريطانيا كميات كبيرة من الخضراوات بخاصة الطماطم وكذلك أنواع فاكهة مثل البرتقال، فإن موجة الجفاف التي ضربت البلاد أدت فعلاً إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، لكن المشكلة ليست في الإنتاج فقط كما يذكر موقع "موروكو وورلد نيوز"، فنتيجة ظروف الطقس وغيرها تعطلت رحلات سفن شحن الخضراوات والفاكهة من المغرب إلى بريطانيا، بل وتوقف بعضها تماماً عن العمل على ذلك الخط، وكان ذلك من بين أسباب اضطرار المغرب إلى إعدام ما يصل إلى 400 طن من الإنتاج منذ بداية الشهر الماضي حتى الآن، وذلك نتيجة عدم صلاحيتها للاستهلاك، إما بسبب سوء التخزين أو المخالفات الأخرى.

الفقراء أكثر تضرراً

يواجه البريطانيون مشكلة في الحصول على مكونات السلطة الخضراء وبعض أنواع الفاكهة قد تستمر أربعة أسابيع بحسب تقديرات الحكومة، أو أكثر من شهرين بحسب تقدير المزارعين والمنتجين البريطانيين. ولا يقتصر الأمر على ارتفاع الأسعار، لكن المشكلة هي في توافر تلك المنتجات أساساً، فحتى محال بيع الخضراوات الصغيرة التي ربما تبيع بسعر أعلى من سلاسل السوبر ماركت الكبيرة لا يتوافر بها كثير من مكونات السلطة الخضراء.

لكن إجمالاً، يشير تقرير لصحيفة "اندبندنت"، إلى أن الفقراء هم الأكثر تضرراً من أزمة الغذاء الحالية. وتوضح الأرقام أن الأسر التي كانت تتسوق بطريقة البحث عن المنتج الأرخص سعراً في المحال الكبرى لم تعد لديها تلك الفرصة، ولا أيضاً القدرة على شراء المنتجات المماثلة عالية السعر مثل الطماطم الإيطالية أو الخس الهولندي.

ليس ذلك فحسب، بل إن الأرقام الرسمية تشير إلى ارتفاع معدلات تضخم أسعار المنتجات الأرخص بقدر أكبر من ارتفاع أسعار المنتجات من الماركات المشهورة عالية الكلفة. ففي شهر يناير (كانون الثاني) الماضي ارتفعت أسعار المنتجات العادية الأرخص ثمناً بنسبة 21.6 في المئة مقارنة مع العام السابق. وتلك نسبة ارتفاع تزيد على متوسط ارتفاع أسعار مواد البقالة عموماً التي سجلت 15.9 في المئة، في المقابل ارتفعت أسعار المنتجات من الماركات الشهيرة غالية الثمن بنسبة 13.2 في المئة.