ملخص
أتكأ المخرج والكاتب كريم #دكروب على حلمه بتحويل #المسرح إلى مؤسسة لها تقاليدها المسرحية مع ريبرتوار خاص بها.
أتكأ المخرج والكاتب كريم دكروب على حلمه بتحويل المسرح إلى مؤسسة لها تقاليدها المسرحية مع ريبرتوار خاص بها. بدأت مغامرة دكروب مع مسرح الدمى حين كان في التاسعة، عندما اصطحبه والده لمشاهدة عرض لفرقة "السنابل" التي استطاعت بإمكاناتها البسيطة أن تحكي عن الحرية، والفقر، وفلسطين في "فراس الغطاس". أسس دكروب فرقته المسرحية الخاصة مع رفاقه، مطلع التسعينيات، وانطلق لتقديم العروض في الملاجئ المكتظة بالهاربين. سافر إلى موسكو، بعد حصوله على منحة لدراسة العلوم المسرحية. تخصص في مسرح الدمى، وعاد إلى لبنان عام 1993 واستمرت المسيرة حتى اليوم. على مسرح "دوار الشمس" يعيد عرض مسرحية "بيتك يا ستي" التي كانت قد عرضت للمرة الأولى عام 2006. وها هو يقدمها من جديد، فتقع معه على نسخة محدّثة من الحب مع أجيال جديدة، تتعاقب على خشبة "دوار الشمس" منذ 30 عاماً. هي بدايات ابن المدرسة الروسية، وعنها يقول دكروب لـ "اندبندنت عربية" إنه قرر أن يعيد كل مسرحياته وليس فقط "بيتك يا ستي".
نسأل مخرج "يا قمر ضوي ع الناس" عن سمات أعماله التي تبدو أنها للكبار أيضاً فيرد: "صحيح أن مسرحياتنا للأطفال، لكنّها ليست لهم بالمعنى التقليدي. فكل عمل نقدمه لهم، فيه رؤية فنية إبداعية نحب أن نوصلها للجمهور بكل الأعمار. البعض يقول إن هذه المسرحيات ليست للأولاد، وأنا أقول إنه يمكن أن نقدم للأعمار الصغيرة أشياء فيها معنى أعمق من الشيء المسطح. رؤية الفنان هي للمستقبل وكيف يرى المجتمع أفضل. المسرحيات التي نقدمها ونشعر بأنها يجب الإضاءة عليها، وإن وُجِدَ فيها خطأٌ ما، فعلينا أن نقدم الاقتراحات ولا الحلول. لذلك، وأنت تعرفين أننا نقدم مسرحياتنا للأطفال والعائلة، فإن معظم مسرحياتنا فيها رسائل اجتماعية سياسية، وخصوصاً المفهوم العام للسياسة في لبنان. ما نشتغله في مسرحنا ينطلق من أي فنان يشتغل مسرحاً، فإنه يشتغل سياسة."
عروض دائمة
ويتابع مؤسس "مسرح الدمى" وجمعية "خيال للتربية والفنون" عن نظام الريبرتوار: "نعيد هذه المسرحيات بشكل مستمر، فمعظم العروض لا تتوقف، والهدف أن يبقى هذا المسرح موجوداً؛ هناك أجيال جديدة تأتي كل مرة وتشاهد الأعمال. فمثلاً مسرحية "شو صار بكفر منخار" تجذب الآن الأهل مع أ طفالهم لحضورها، وكانوا قد شاهدوها منذ ثلاثين عاماً. أنا درست في روسيا، وهناك يعملون على هذا الموضوع؛ أي أنه إذا نجحت مسرحية فإن عروضها لا تتوقف وقد تستمر لعشرات السنين."
ويضيف: "مسرح الدمى له تاريخ في العالم العربي أيضاً، فمسرح "خيال الظل" موجود في تراثنا منذ القدم، ثم اختفى لأسباب كثيرة، لكنه عاد، لاحقاً، وازدهر في الخمسينيات والستينيات في مصر خصوصاً، وأولته الدول اهتماماً ملحوظاً أيام عبد الناصر. وفي الفترة الأخيرة، عاد الاهتمام بهذا المسرح في العالم العربي من قبل بعض المؤسسات، وأستطيع أن أقول إن هذا المسرح عاد ينمو من جديد الآن في تونس، ومصر، وسوريا، وطبعاً في لبنان. هو موجود دائماً، ونحن نهتم به، وقد تم تنظيم عدد من اللقاءات المشتركة المخصصة لمسرح الدمى بين لبنان والعالم العربي قبل جائحة كورونا التي تسببت بتوقف هذه الأنشطة واللقاءات".
" شتي يا دنيا صيصان"، "يلا ينام مرجان"، "كليلة ودمنة"، "ألف وردة ووردة" وأكثر من 25 عملاً مسرحياً قدّمها كريم دكروب، وكأن كل عمل من هذه الأعمال هو ضوء كاشف على الحياة الحقيقية. ثمة شعور بمحاولة مداواة ندوبنا بعد كل عرض؛ إنه يومئ لنا في أعماله إلى حيث المعنى الحقيقي والعميق للاشياء، في محاولة مكتملة للإنصات إلى مكان موشح بشيء من الحب والأمل مع قليل من الكوميديا والنوستالجيا، وأشياء أخرى تدعونا إلى أن نتمسك بحجاراتنا الخفية، التي تتدحرج نحو الأسفل كلما مر الزمن، وأن نفتح حوارات جديدة مع الأطفال والمجتمع، وهذا العالم الذي ينزف بالخسارات المتلاحقة".
العلاج النفسي
وعن دراسته للعلاج النفسي بعد الإخراج المسرحي يخبرنا: "درست الإخراج وتخرجت عام 1993 من الجامعة، ثم شعرت أنه اختصاص لا يكفي في بلد مثل لبنان، وشعرت أنه يجب الدمج بين الاختصاصات. واهتمامي بعلم النفس والدعم النفسي الاجتماعي هو الذي دفعني لأن أتطرق إلى مواضيع حساسة، وغالباً ما تكون عروضنا كنوع من مسرح اجتماعي، ونعمل على المسرح التطبيقي الذي له استخدامات في مجالات متعددة في المجتمع. وجزء من عملنا المسرحي هو العلاج عبر المسرح وأنشطة في المخيمات ودورات مختلفة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن واقع مسرح الدمى في ظل التطور التكنولوجي الذي يدفع الأولاد نحو الألعاب الإلكترونية"، يقول: "كلما اتجهنا نحو الحداثة، اقترب الناس أكثر صوب المسرح؛ بخاصة بعد أزمة كورونا. هناك هجمة كبيرة على المسرح، وعلى رغم أننا نتتبع إجراءات السلامة والتباعد في مسرحنا، فإن مسرحنا غالباً ما يكون محجوزاً بالكامل، ولا توجد أماكن شاغرة، وهذا دليل على أن هناك عطشاً لدى الناس لحضور المسرح". وعن طبيعة الجمهور من خلال جولاته حول العالم يؤكد بحماسة: "ذهبنا إلى الكثير من دول العالم العربي، والصين، وأوروبا، وقدمنا عروضاً على عدد كبير من مسارح العالم، أحبها الجمهور الأوروبي. ففي أوروبا يتميز الجمهور بالهدوء، وهم يعرفون جيداً كيف يتذوقون الفن، فهم يعلّمون أولادهم منذ الصغر كيف يسمعون ويشاهدون، أما نحن فاحتجنا خمساً وعشرين سنة، كي نعوّد جمهورنا على الاستماع، وأنه ليس كلما بدأت الموسيقى يبدأ بالتصفيق، نقوم بجهد كبير لنجعل المتفرجين يسمعون ويشاهدون بهدوء."
ويضيف: "الذين يرتادون مسرح الدمى هم مجموعة كبيرة من العائلات التي تتابعنا بشكل دائم، وتنتظرنا مع أعمالنا، ونحن نبني هذه العلاقة مع الجمهور منذ سنوات طويلة. وأنا أخبر طلابي دائماً في الجامعة اللبنانية، أن مقياس النجاح في مسرح الأطفال هو استمتاع الكبار بمشاهدة العمل، وأن يجد الطفل أنه معني بهذه المسرحية". ويضيف: "منذ أن أنهيت دراستي في روسيا، وضعت أمامي هدفاً بأن أعمل على مبدأ البرمجة السنوية، وهذا النوع من العروض معروف في أوروبا الشرقية، وأطمح لئلا تتوقف مسرحياتي عن العرض طالما هي ناجحة."