Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التهدئة بين الرئيس التونسي واتحاد الشغل تسقط في فخ القطيعة 

يرى مراقبون أن تأسيس "نقابة للتعليم" محاولة لشق الصف فيما يستبعد آخرون وسط دستورية القرار 

يبدو أن #آمال_التهدئة بين الرئيس التونسي قيس سعيد والحكومة في جهة و"الاتحاد العام للشغل" في أخرى بدأت تتلاشى بسبب القطيعة شبه الكلية بين الجهتين.

ويعد "اتحاد الشغل" المنظمة النقابية الأكبر في البلاد التي تتوفر على قاعدة عريضة من المنخرطين، تناهز مليون عضو في القطاعين العام والخاص، وما يزيد على 10 آلاف نقابة بمختلف جهات الجمهورية، وهي أيضاً الأقدر، بحسب عديد المراقبين على تعبئة الشارع في ظل مشهد سياسي متسم بالانقسام.

تأسيس النقابة الوطنية للتعليم

من ملامح توتر العلاقة بين "الاتحاد" والدولة ممثلة في الرئاسة ومجلس الوزراء الإعلان رسمياً عن تأسيس "النقابة الوطنية للتعليم بتونس"، تضم الأساتذة والمعلمين، وهو ما اعتبره الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي توفيق الشابي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "محاولة من الدولة لشق صفوف الأساتذة والمعلمين الذين يعدون قاعدة قوية في الاتحاد"، وأشار إلى محاولات سابقة "لتأسيس اتحادات موازية، في إطار ما يسمى تعددية العمل النقابي، وكلها محاولات لضرب الاتحاد وتشتيت القاعدة العمالية".

وأوضح أن "هذه الشريحة (الأساتذة والمعلمين) لهم تاريخ طويل في العمل النقابي، ويقدر عدد المنخرطين منهم في الاتحاد بنحو 150 ألف عضو".

ووصف تأسيس هذه النقابة بأنه "محاولة إضعاف المنظمة النقابية، لكنه قلل من أهميتها، لأن الهياكل النقابية ملتفة حول الاتحاد، ولا يمكن لهذه المحاولات أن تشق صفوف الأساتذة والمعلمين"، مشدداً على أن "المسؤولية اليوم تدعو إلى مزيد من تأطير القواعد التي تعد من النخبة، وهي قادرة على الفرز، وفهم السياق السياسي الذي تم فيه تأسيس هذه النقابة". وقال إن "السلطة تعهدت لصندوق النقد الدولي جملة من الالتزامات الموجعة للإجراء والموظفين التي يرفضها الاتحاد العام التونسي للشغل، وهي تسعى إلى تمرير هذه الخيارات بكل الأساليب، لذلك يتم استهداف الاتحاد".

حملة عدائية

من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري أن "الدولة تضيق على العمل النقابي من خلال منشور عدد 20، ومن خلال بعث نقابات موازية، واستدعاء نقابات أخرى ليس لها ظهير شعبي من أجل الضغط على الاتحاد وابتزازه، وذلك بالتوازي مع حملة عدائية على منصات التواصل الاجتماعي، ودعوات لحل الاتحاد وأخرى لاعتقال نقابيين"، مضيفاً أن "هناك شحناً ومحاولة لخلق رأي عام يقبل بتدمير الاتحاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستدعى الطاهري ما عاشه "الاتحاد" سابقاً من أزمات في علاقته بالدولة، مشيراً إلى أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية يدفع ثمنها دائماً النقابيون، سواء بالطرد من الوظائف أو بالسجن". وأكد أن "قنوات الاتصال مقطوعة تماماً بين الاتحاد ورئيس الجمهورية".

ويعود آخر لقاء بين الرئيس التونسي قيس سعيد ونور الدين الطبوبي ورئيس اتحاد الصناعة والتجارة سمير ماجول إلى سبتمبر (أيلول) 2022، عندما تعطل الاتفاق بين الحكومة والاتحاد حول زيادة الأجور.

التعددية النقابية

في المقابل، يرى الناشط السياسي ورئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري، في تصريح خاص، أن "بعث نقابة وطنية للتعليم إجراء قانوني، والتعددية النقابية مكفولة بالدستور، ويستبعد أن يكون لها تأثير في المشهد النقابي، أو غايتها إضعاف الاتحاد".

وقال الناصري إن "تونس اليوم تمر بوضع اقتصادي صعب، ولا بد من فتح باب الحوار، وإرساء هدنة اجتماعية"، معتبراً أن "الوضع لا يتحمل مثل هذه التحركات التي بدأها اتحاد الشغل، والتي يرى أن توقيتها خاطئ ولا تخدم مصلحة البلاد".

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد وجه اتهامات واضحة إلى "اتحاد الشغل" بممارسة العمل النقابي لغايات سياسية. وقال خلال زيارته ثكنة عسكرية، أخيراً، إن "الحق النقابي مضمون بموجب الدستور، لكن لا يمكن أن يتحول هذا الحق لتحقيق مآرب سياسية".

وعند تطرقه إلى فقدان عدد من السلع الأساسية في السوق، لمح قيس سعيد إلى أنه "لم يعد يخفى على أحد أن من يقف وراء تواصل هذه الظاهرة يسعى بكل الطرق إلى تأجيج الوضع الاجتماعي حتى يستفيد سياسياً".

دعم حزبي لـ"الاتحاد"

في الأثناء، أبدت جمعيات ومنظمات غير حكومية وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية "الدعم التام لـ(الاتحاد العام التونسي للشغل) المستهدف من قبل الحكومة والرئيس.

وأكد الموقعون الذين تجاوز عددهم الـ60 في بيان مشترك، "دعمهم التام لـ(الاتحاد العام التونسي للشغل) أمام ما يتعرض له من استهداف ممنهج، واعتباره العقبة الأخيرة التي تحول دون بسط نفوذها التام على كل أجهزة الدولة.

وبدأ "الاتحاد" منذ 18 يناير (كانون الثاني) الماضي جملة من التحركات الوطنية والقطاعية والجهوية من أجل مطالبة الحكومة بتنفيذ الاتفاقات السابقة.

ويحذر المتابعون للشأن العام في تونس من أن توتر العلاقة بين "الاتحاد" والرئيس قد يعيد إلى الأذهان أحداث يناير 1978، أو أحداث الخبز 1984، وهي أزمات كان فيها "الاتحاد" طرفاً أساسياً إثر تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

المزيد من تقارير