Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسبانيا تمنح الدولة المغربية مسرح سرفانتس في طنجة

عمره قرن وعقد وقدم عروضاً دولية درامية وموسيقية وسينمائية قبل أن يتم إغلاقه بسبب تدهور حالته المعمارية

مسرح سرفانتس العريق أ صبح ملك المغرب (صفحة المسرح - فيسبوك)

حسناً فعلت الحكومة الإسبانية حين قررت التخلي عن مسرح سرفانتس في طنجة للدولة المغربية. فهذا المعلم التاريخي الذي بني سنة 1913 ظل يعاني في السنوات الأخيرة الإهمال، إذ كان مهدداً بالانهيار بعد أن توقفت أنشطة العرض فيه، بسبب سوء حالته المعمارية. وينص مرسوم تسليم هذه المنشأة الثقافية، الذي صدر بالجريدة الرسمية الإسبانية، على أن يتكفل المغرب بترميم المبنى مع الحفاظ على شكله الهندسي الأصلي، ومراعاة الخصائص المعمارية التي بني بها في بداية القرن الماضي. وفي سياق اتفاق دولي بين المغرب وإسبانيا اعتبرت هذه الأخيرة بأن المسرح الكبير سرفانتس بمثابة هدية لا رجعة فيها، ومنعت بالمقابل انتقالها إلى طرف آخر مهما كانت الأسباب، على أساس أن يصون المغرب الرمزية التاريخية لهذه المنشأة. وستتكفل الحكومة الوطنية بإدارة المسرح الكبير سرفانتس وتجديده وصيانته من أجل بث روح جديدة فيه، واستعادة أمجاد الماضي، حيث عرف هذا الفضاء على مدى عقود عرض أشكال فرجوية عديدة معظمها إسباني، فضلاً عن مسرحيات وحفلات موسيقية مغربية، إضافة إلى عروض دولية من بلدان أخرى.

وكانت إسبانيا قد وقعت مع المغرب اتفاقية تعاون سنة 2019 تنص على منح المسرح الكبير سرفانتس في طنجة للمغرب تتويجاً للعلاقات التاريخية بين البلدين، وتثميناً لحالة الدفء التي تطبع العلاقات الدبلوماسية بين مدريد والرباط. غير أن بنود هذه الاتفاقية لم تخرج إلى حيز التنفيذ إلا السبت الماضي مع صدور القرار في الجريدة الرسمية الإسبانية. وعليه ستتكفل الحكومة المغربية بتدبير الشأن الثقافي لهذه المنشأة الثقافية في الفترة المقبلة، حيث يتوقع أن يصبح مسرح سرفانتس تحت مسؤولية وزارة الثقافة المغربية، ويتكفل بإدارته وتنشيطه أطر تابعون للوزارة، على غرار مسرح محمد الخامس بالرباط والمسرح الكبير الذي صممته العراقية الراحلة زها حديد.

 

وتنص بنود الاتفاقية على أن تعود ملكية المسرح إلى الحكومة الإسبانية في حال أخل المغرب بالمقتضيات المتعاقد عليها، ومنها بالأساس شروط الترميم والصيانة، واستعماله للأغراض المتفق عليها، والحفاظ على حضور الثقافة الإسبانية في الأنشطة المبرمجة، والتزام عدم تفويت المسرح لأي بلد آخر.

في أفق استعادة أمجاد المسرح

تم وضع حجر الأساس لتشييد مسرح سرفانتس سنة 1911، واستغرق البناء مدة سنتين، إذ لم يفتتح رسمياً إلا سنة 1913، وقد شيده المهندس الإسباني دييغو خمنيث أرمسترونغ، وذلك بمبادرة من مانويل بينا وزوجته دونا إسبيرانزا، وهما من طبقة الأثرياء. وانتقل المسرح من الملكية الخاصة لهما إلى ملكية الحكومة الإسبانية سنة 1928، بسبب تدهور الوضع المالي للعائلة المالكة تحت تأثير عواقب الحرب العالمية الأولى. واللافت أن هذه العائلة لم تشأ أن تحوله إلى ملهى نظراً إلى جنوحها إلى الفن الرفيع ورغبتها في الحفاظ على البعد الثقافي للمنشأة، لذلك سلمته للحكومة الإسبانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجاء بناء هذه المعلمة الثقافية في زمن كانت طنجة تحمل فيه صفة "مدينة دولية" لها نظام سياسي خاص، أعدته في المرحلة الكولونيالية ثلاث دول هي إسبانيا وفرنسا وبريطانيا. وانعكس هذا الوضع السياسي على الحياة الثقافية والفنية أيضاً، فقد تقاطر على طنجة في تلك الفترة كبار مثقفي وفناني العالم، منهم من قضى فيها بضع سنوات، ومنهم من عاش فيها إلى آخر حياته. وعرف القرن الماضي ازدهار الحركة الثقافية والفنية بالمدينة على نحو لا سابق ولا لاحق له، خصوصاً في مجال الموسيقى والتشكيل والأدب. كانت قاعة العرض تسع 1400 متفرج، وظل مسرح سرفانتس لفترة طويلة أكبر مسرح في أفريقيا.

عروض مسرحية

كانت تعرض على خشبة سرفانتس مسرحيات من تأليف غارثيا لوركا، ومسرحيات نجيب الحداد، وكان المفكر المغربي الراحل عبدالله كنون مسؤولاً عن التدقيق اللغوي للمسرحيات المعربة، كما تناوب على خشبة المسرح نجوم الغناء الإسباني أمثال أنطونيو كاروزو وباتي أدلين وتيتو روفو ولولا فلوريس وإمبيرو أرجنتينا، فضلاً عن فرق الفلامنكو الإسبانية وفرق الفلكلور اللاتيني ومؤدي العروض الأوبرالية.

وكان المسرح الكبير سرفانتس واجهة للإشعاع الثقافي لمدينة طنجة على مدى عقود، ومع مطلع الثمانينيات توقفت العروض الفنية، وظلت المنشأة مفتوحة فقط أمام عروض التشكيل والفوتوغرافيا إلى حدود 1993، حيث سيتم إغلاق المبنى لأسباب مرتبطة بحالته المعمارية. وفي عام 2013 لمناسبة مرور 100 سنة على إنشائه ألف الرسام الإسباني كونسويلو هرنانديث برفقة الكاتبين خيسوس كاراثو وسانتياغو مارتن غيريرو والمترجم المغربي مزوار الإدريسي كتاباً عن مسرح سرفانتس كان بمثابة نداء ثقافي من أجل إنقاذ هذه المعلمة التاريخية ورد الاعتبار إليها، كما أن جمعية من محبي الثقافة والفن من المغرب وإسبانيا تشكلت في السنوات الأخيرة ورفعت نداء آخر إلى حكومتي البلدين من أجل الانتباه إلى مبنى سرفانتس الذي كان مهدداً بالانهيار. ويبدو أن نداء أهل الثقافة والفن وصل أخيراً إلى آذان القائمين على الشأن السياسي في البلدين، لذلك يتوقع بعد فترة الترميم أن تعود بهجة المسرح والسينما والموسيقى إلى مسرح سرفانتس عبر تقديم عروض فنية سيغلب عليها بالضرورة الطابع الدولي.

صفحة مسرح سرفانتس على "فيسبوك"

https://web.facebook.com/search/top?q=GRAN في المئة20TEATRO في المئة20SERVANTES

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات