Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذا ما يفوتنا من مأساة باغشو وبيري المتطوعين في الحرب الأوكرانية

لقي هذان الشخصان مصرعهما في وقت مبكر جداً. لكن ما أنجزاه كان استثنائياً

وُجهت بعض الانتقادات للمواطنَين البريطانيين اللذين لم يحرزا أي تجربة سابقة في النزاع (رويترز)

حتى أكثر مراسلي الحرب صلابة وتمرساً يعتبرون أن الأشخاص الذين يجلون المدنيين من الخطوط الأمامية يقومون بعمل شديد الخطورة، بل يكاد يلامس الجنون.

يوم الأحد، اجتمع أصدقاء المتطوعين البريطانيين آندرو باغشو، 47 سنة، وكريستوفر بيري، 28 سنة، كما زملاؤهما من المتطوعين، داخل كاتدرائية القديسة صوفيا في كييف ليودعا الرجلين إلى مثواهما الأخير بعد أن لقيا حتفهما أثناء محاولتهما إنقاذ السكان المسنين من بلدة سوليدار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتدور في هذه البلدة الواقعة في شرق أوكرانيا أعتى معارك الجبهات الأمامية في كل الحرب. رافقنا فريقاً طبياً يدير مستشفيات ميدانية في هذه المنطقة. وكان هذا الطاقم يعمل على مدار الساعة لعلاج سيل من الجرحى الذين ظلوا يتدفقون إليه بسرعة في ظل القصف الروسي المتواصل. عندما اختفى الرجلان، أرسل لي أصدقاؤهما المسار الذي خططا لعبوره استجابة لنداء استغاثة. كانا يقصدان ركناً في شمال شرقي البلدة التي تضم مناجم ملح، قريباً جداً من المواقع الروسية لدرجة أنه في مرحلة ما من ذلك النهار، عندما اندفع رجال موسكو إلى الأمام، قضت عليهما الجبهة الأمامية المتحركة [انزلقا إلى براثنها]. أعلنت العائلة للعالم لاحقاً أنهما قتلا بالفعل في القصف.

منذ ذلك الوقت، وُجهت بعض الانتقادات للمواطنَين البريطانيين اللذين لا يملكان أي تجربة سابقة في النزاع: عمل كريس مدرب ركض، فيما كان آندرو باحثاً علمياً. قال بعضهم إن مقتلهما إثبات على ضرورة عدم تدخل الأشخاص الذين يفتقرون إلى التجربة الحربية في نزاعات مثل الغزو المدمر لأوكرانيا. 

أولاً، في الحقيقة، مهما كنت متمرساً في المعارك، لا يمكن لأي كان أن يحمي نفسه فعلياً من القصف الذي يعد عشوائياً ودموياً بطبيعته. والطريقة الوحيدة لحماية نفسك هي تجنب الذهاب إلى ذلك المكان. 

وثانياً، هناك حاجة هائلة في الوقت الحالي للمساعدة على إجلاء المدنيين في أوكرانيا، وعدد الأشخاص- الذين يتمتعون بالشجاعة أو الجنون الكافي للقيام بهذا العمل- لا يكفي بكل بساطة. يشعر الأوكرانيون الذين أعرفهم ممن يخاطرون بحياتهم في عمليات الإجلاء، بامتنان عظيم للمساعدة التي يحصلون عليها من المتطوعين الأجانب. تابعت هذه الفرق فيما عاش أفرادها معاً وعملواً معاً- وتابعتهم وهم يخاطرون بحياتهم معاً.

لا أشجع أي شخص كان على السفر إلى منطقة نزاع إن لم يكن مضطراً للذهاب إليها. في الواقع، أشرت إلى بعض الأجانب من أصحاب النوايا الحسنة - ومن بينهم مواطنون بريطانيون- الذين قدموا إلى أوكرانيا في بداية الحرب وهم يتوقون للمساعدة، بأن يعودوا أدراجهم إلى مواطنهم لأنني قلقت بشأن سلامتهم. لا تسعفني الكلمات على وصف مدى فظاعة وخطورة بعض الجبهات الأمامية.

توفي هذان الشخصان عن عمر قصير جداً. لكن الإنجازات التي قاما بها مذهلة. إذ يبدو أنهما أنقذا مجتمعَين 400 شخص وعشرات الحيوانات. ويجب الاحتفاء بهذا العمل. أعتقد أنه بدل إلقاء المواعظ المستفزة بشأن نوع السيارة التي كانا يقودانها أو سواء كان الدرع الواقي الذي ارتدياه كاكي اللون أكثر من اللازم، يجب التركيز على شجاعتهما الهائلة وعدد الأرواح التي أنقذاها. 

في الحقيقة، 99 في المئة من بيننا لن يكونوا قادرين على القيام بهذا العمل- ولا شك في أننا لن نقوم به على سبيل التطوع وبالمجان. لكن على أحدهم أن يتولاه. وهو ما فعله هذان الاثنان. وقد أنقذا أرواحاً. هذا ما يجب أن نتذكره الآن، فيما يرقدان في مثواهما الأخير.

© The Independent

المزيد من دوليات