قالت المحامية الإيرانية شيرين عبادي، الحائزة جائزة نوبل للسلام، إن وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني وهي رهن احتجاز الشرطة العام الماضي أطلق شرارة "عملية ثورية" لا رجعة عنها ستؤدي في النهاية إلى انهيار النظام الإيراني.
وتواجه المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران اضطرابات واسعة النطاق منذ وفاة أميني وهي محتجزة لدى شرطة الأخلاق في 16 سبتمبر (أيلول) بعد أن اعتقلت بسبب "ملابسها غير اللائقة".
وعزت إيران وفاة أميني لمشكلات صحية كانت تعانيها، واتهمت الولايات المتحدة وخصوماً آخرين بتأجيج الاضطرابات لزعزعة استقرار المؤسسة الدينية الحاكمة.
وواجه حكام إيران من غلاة المحافظين الاحتجاجات بالقمع كما فعلوا على مدى العقود الأربعة الماضية، كما أصدرت السلطات العشرات من أحكام الإعدام بحق مشاركين في الاحتجاجات ونفذت أربعة منها على الأقل شنقاً في ما وصفه نشطاء مدافعون عن حقوق الإنسان بأنه إجراء يهدف لترهيب الناس وإبعادهم عن الشوارع.
"قطار سيصل إلى وجهته النهائية"
وشيرين عبادي من بين أكثر الداعمين صراحة وعلناً للتظاهرات المناهضة للحكومة وتوجه انتقادات لاذعة للمؤسسة الدينية الحاكمة التي تهيمن على السلطة في إيران منذ الثورة في 1979.
ومثل عديد من المنتقدين لرجال الدين الحاكمين في إيران، تعتقد عبادي أن الموجة الحالية من الاحتجاجات هي الأكثر جرأة في تحدي شرعية المؤسسة الدينية الحاكمة حتى الآن. وقالت "هذه العملية الثورية مثل قطار لن يتوقف إلا عندما يصل لوجهته النهائية".
وحصلت عبادي على جائزة نوبل للسلام في 2003 تكريماً لعملها في الدفاع عن حقوق الإنسان، وباتت تعيش في لندن منذ 2009.
وأطاحت الثورة في 1979 الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان علمانياً ومتحالفاً مع الغرب، ثم تأسست الجمهورية الإسلامية.
قمع الاحتجاجات
ودفعت الاحتجاجات الأخيرة إيران إلى أزمة محتدمة، إذ فجرت وفاة أميني غضباً مكبوتاً منذ سنوات بين الإيرانيين بسبب مشكلات من البؤس الاقتصادي وحتى التفرقة بحق أقليات عرقية إضافة لفرض السلطات قيوداً اجتماعية وسياسية صارمة.
وعلى مدى أشهر، دعا إيرانيون من كل أطياف ومشارب المجتمع إلى سقوط المؤسسة الدينية الحاكمة وهتفوا بشعارات مناهضة للزعيم الأعلى علي خامنئي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الاحتجاجات لم تعد بالوتيرة ذاتها منذ بدأت عمليات إعدام مشاركين فيها. وشهدت المناطق السنية أكبر الاحتجاجات وحالياً تقتصر التحركات على تلك المناطق.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يتسن لوكالة "رويترز" التحقق منها، من يهتفون "الموت لخامنئي" من على أسطح منازل بعض المدن، لكن حجم الاحتجاجات ليس كما كان عليه في الأشهر السابقة.
وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، أن 527 محتجاً قتلوا خلال التظاهرات حتى الأربعاء، من بينهم 71 من القصر. وأضافت أن 70 من أفراد قوات الأمن قتلوا ويعتقد أن ما يصل إلى 19262 شخصاً اعتقلوا.
غضب متنام
وقالت عبادي في مقابلة عبر الهاتف من لندن، إن استخدام الدولة للعنف الذي أدى لسقوط قتلى، عمق الغضب الذي يشعر به الإيرانيون من المؤسسة الحاكمة لأن مظالمهم ظلت من دون معالجة. وتابعت "الاحتجاجات اتخذت شكلاً مغايراً، لكنها لم تتوقف".
ومع احتدام الأزمة الاقتصادية، لأسباب أبرزها العقوبات الأميركية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي، يشعر الإيرانيون بوطأة التضخم الجامح وارتفاع نسبة البطالة.
وتجاوز التضخم 50 في المئة وهو أعلى مستوى منذ عقود. وظلت نسب البطالة بين الشباب مرتفعة أيضاً مما دفع أكثر من نصف الإيرانيين لما دون خط الفقر، وفقاً لتقارير من مركز الإحصاءات الإيراني.
وتسببت عمليات القمع التي انتهجتها السلطات مع الاحتجاجات في توتر دبلوماسي في وقت أصيبت فيه المحادثات لإحياء اتفاق طهران النووي الموقع في 2015 بالجمود. وفرضت الولايات المتحدة ودول غربية عقوبات على السلطات الإيرانية وكيانات أخرى بسبب مشاركتهم في القمع وفي انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقالت عبادي، إن على الغرب أن يتخذ "خطوات عملية" لإجبار المؤسسة الحاكمة في إيران على ترك السلطة، مثل خفض مستوى العلاقات السياسية مع البلاد باستدعاء السفراء من طهران، وتجنب التوصل لأي اتفاق مع طهران بما يشمل الاتفاق النووي.