Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبرئة مواطن هندي بعد 11 عاما على اتهامه بسبب رسم كاريكاتوري

تحدث أمبيكش ماهاباترا كيف تسبب إرسال مقالة سياسية ساخرة بسيطة بإحداث الفوضى في حياته، وما الذي يعكسه هذا الأمر عن وضع حرية التعبير المزري في الهند

انقلبت حياة أمبيكيش ماهاباترا رأساً على عقب بسبب رسم كارتوني ساخر (رويترز/إندبندنت)

عبر أستاذ جامعي تم توقيفه في عام 2012 لمشاركته رسماً كاريكاتورياً، عن ارتياحه لتبرئته من التهم كافة الموجهة إليه بعد أن دخل في محنة رهيبة تنطوي على سلسلة طويلة من جلسات مثوله أمام المحكمة الأمر الذي قلب حياته رأساً على عقب.

وتم توقيف أمبيكش ماهاباترا وهو أستاذ كيمياء في جامعة جادافبور المرموقة في مدينة كالكوتا في أبريل (نيسان) 2012 بعد أن قام بتحويل رسالة إلكترونية إلى أصدقائه تضمنت رسماً كاريكاتورياً يحتوي على تعليق سياسي ساخر يطاول رئيسة وزراء محلية في ولاية البنغال الغربية، ماماتا بانيرجي، وهي المرأة الوحيدة في هذا المنصب في الهند.

وبعد معركة دامت 11 عاماً وألقت بثقلها على حياته وأمواله، يقول ماهاباترا لـ"اندبندنت" إنه عانى "مضايقات طويلة" على يد الحكومة المحلية بسبب الرسم الكاريكاتوري "غير المؤذي". ويشرح ماهاباترا، "تستخدم الحكومة أدوات مختلفة لتقييد الحقوق الدستورية للمواطنين وسحق المعارضة، ليس في ولاية البنغال الغربية وحسب بل في أنحاء البلاد كافة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتؤدي بانيرجي التي تترأس حزب مؤتمر ترينامول Trinamool Congress (TMC) المحلي القوي ولايتها الثالثة على التوالي في قيادة الولاية، وتعتبر واحدة من أشد قوى المعارضة لحكومة حزب باراتيا جاناتا Bharatiya Janata المركزية التي يترأسها رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وقدمت بانيرجي نفسها كمنافسة متحدية للآلة السياسية الهائلة لمودي وغالباً ما تتحدث ضد الانتهاكات المزعومة للحكومة الفدرالية عندما يتعلق الأمر بالحريات المدنية والمسائل الوطنية. وخلال الأسبوع الماضي، قاد حزب بانيرجي مساعي المعارضة ضد محاولات حكومة مودي بحظر فيلم وثائقي أعدته قناة "بي بي سي" حول أعمال الشغب في ولاية كجرات عام 2002.

ويتناول الرسم الكاريكاتوري الذي نشره ماهاباترا إقالة دينيش تريفيدي وزير السكك الحديدية آنذاك من حزب مؤتمر ترينامول الذي تنرأسه بانيرجي واستبداله بموكول روي. ويدور الرسم الكاريكاتوري حول حوار من فيلم "سونار كيلا" عام 1974 للمخرج ساتياجيت راي الحائز على جائزة أوسكار ويظهر بانيرجي تقف مع روي وتأمر تريفيدي "الشرير بالاختفاء".

ويبدو أن بانيرجي امتعضت من الرسم وتحدثت بعض مرور بضعة أيام على التوقيف الأولي لماهاباترا قائلة إن الأمر ليس مجرد سخرية بل "اغتيال معنوي".

ويقول ماهاباترا، "كان رسماً كاريكاتورياً غير مؤذ، ولم ينطو على أي أمر غير دستوري، بيد أن الدولة أبقت القضية معلقة في المحكمة واستخدمت أفراد الشرطة وتولت إدارة الجسم القضائي".

وفي وصفه لليوم الذي تعرض فيه للتوقيف عام 2012، يقول إنه كان موجوداً في مكتب تعاونية الإسكان حيث يعمل عندما اقترب منح حشد كبير من الأشخاص الذين يعتقد أنهم منتسبون لحزب مؤتمؤ ترينامول. ويضيف "هاجمني حوالى 70 إلى 80 وغداً أرسلهم حزب مؤتمر ترينامول في مكتب جمعية الإسكان وطلبوا من الشرطة توقيفي مع سوبراتا سينغوبتا الذي كان أمين سر تعاونية الإسكان في ذلك الوقت. وبتوجيهات من ناشطين في حزب مؤتمر ترينامول، ساقنا الضباط إلى مركز الشرطة".

ويوضح بأن أعضاء حزب مؤتمر ترينامول أجبروه على كتابة بيان اعتراف يقر فيه أنه كان يعمل لصالح الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) المعارض. ويقول "كنت خائفاً على حياتي ودونت بيان الاعتراف بحسب توجيهاتهم"، لافتاً إلى أن "هذا الاعتراف" أصبح في وقت لاحق أساساً للتهم الموجهة ضده.

ويشير ماهاباترا إلى أن الأشخاص الذين أتوا إلى مكتبه لم يحملوا بحوزتهم نسخة عن رسالته الإلكترونية وما زال حتى الساعة لا يعلم كيف عرفوا بشأنها.

وأفادت وثائق المحكمة بأن ماهاباترا اتهم بإرسال "رسائل إلكترونية ومطبوعات ورسائل قذرة تتناول رئيسة وزراء الولاية المحترمة وبأنه "شهر لفظياً بها وبالوزير تريفيدي واستخدم لغة منحطة ضدهما".

تم توجيه الاتهام إليه في البداية استناداً لفقرة "66 آي" 66A من قانون المعلومات والتكنولوجيا وهو قانون ينطوي على نصوص مبهمة تعتبر أن "إرسال معلومات عدائية باستخدام حاسوب أو أي جهاز إلكتروني آخر" جريمة وتم إقراره في عام 2000 أي خلال أولى أيام انتشار استخدام الإنترنت في الهند. وينطوي على جملة تلحظ ثلاث سنوات من السجن فضلاً عن فرض غرامة واستخدم من قبل السلطات الهندية على مستويات عدة لملاحقة الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما قامت الشرطة بتوجيه اتهامات بالتشهير بحشمة المرأة وإهانتها في إطار قانون العقوبات الهندي، على رغم أنه عندما تم تقديم اللائحة الاتهامية الأخيرة أمام المحكمة في يونيو (حزيران) 2013، لم يكن موجوداً فيها سوى التهم المستندة لفقرة "66 آي".

وقامت المحكمة العليا في الهند أخيراً بإلغاء هذه الفقرة عام 2015، ولكن الأمر استغرق ستة أعوام أخرى لرئيس المحكمة الجزئية القضائية في أليبور بتبرئة ماهاباترا من التهم الموجهة إليه في القضية على هذا الأساس في سبتمبر (أيلول) 2021 وهو تأخير وصفه ماهاباترا آنذاك بـ"الغامض للغاية، وغير العادل وغير القانوني".

ولكن، حتى في ذلك الحين، لم تنته محنته، إذ اعتبرت المحكمة أنه ما زال يتعين عليها اتخاذ قرار بشأن الاستئناف بما إذا كانت ستضيف اتهامات بالتشهير بحشمة المرأة وإهانتها (بنجيري). وزعم ماهاباترا أنه تم إبقاء القضية مفتوحة "بأوامر من حكومة الولاية".

وأخيراً، قامت محكمة أعلى خلال الأسبوع الماضي بإلغاء قرار عام 2021 وبرأت ماهاباترا من التهم كافة الموجهة إليه.

 

تجدر الإشارة إلى أنه ما زالت هنالك مئات القضايا الشبيهة بقضية ماهاباترا في أنحاء الهند كافة حيث لا يزال الأشخاص يواجهون الملاحقات القضائية من قبل حكومات الولايات استناداً لفقرة "66 آي" وهو قانون لم يعد موجوداً.

في العام الماضي، أشارت دعوى مقدمة إلى المحكمة العليا من قبل الاتحاد الشعبي للحريات المدنية People's Union for Civil Liberties وهي منظمة غير ربحية إلى أنها وجدت أكثر من 800 قضية مماثلة في أنحاء 11 ولاية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أمرت المحكمة العليا حكومات الولايات وقوات الشرطة بالتوقف عن ملاحقة حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام القانون وهو أمر اعتبرته المحكمة غير دستوري في حكم صدر عام 2015 يصفه فيه "بالمبهم" و"المروع".

وفي العام نفسه الذي تم فيه توقيف ماهاباترا، جرى أيضاً توقيف أحد سكان باشيم مادينيبور ويدعى شيلاديتيا شودهوري بعد أن كتب على الإنترنت أن الحكومة لا تقوم بما يكفي لمساعدة المزارعين الذين يموتون بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة بحسب ما ورد في تقرير نشرته صحيفة "ذا هيندو" The Hindu.

عام 2019، تم توقيف برايانكا شارما عضوة حزب باراتيا جاناتا لنشرها صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر وجه بانيرجي وقد خضع للتعديل عبر برنامج "فوتوشوب" ووضع على جسم الممثلة بريانكا شوبرا جوناس في حفل ظهرت فيه على السجادة الحمراء.

حصل ماهاباترا على تعويض من قبل لجنة حقوق الإنسان في بنغال الغربية لقاء توقيفه عام 2013 بمبلغ 50 ألف روبيه (حوالى 500 جنيه استرليني أو 619 دولاراً) ولكنه زعم أن الدولة لم تعطه المال على رغم أنها تلقت أوامر بذلك مجدداً من قبل المحكمة العليا في كالكوتا عام 2020.

من جهته، يلقي حزب مؤتمر ترينامول اللوم على ماهاباترا لأنه حول "القضية إلى سياسية" ووصف التأخير في تبرئته من الاتهامات كافة بالطبيعي كجزء من "الإجراءات القانونية". وتعرف الهند بنظام محاكمات بطيء للغاية مع قوائم انتظار طويلة تمتد على ملايين القضايا مما يعني أن التهم تستغرق سنوات للبت فيها أمام المحكمة.

وفي هذا السياق، قال النائب سوغاتا راي عن حزب مؤتمر ترينامول لـ"اندبندنت"، "استمرت القضية 11 عاماً ليس بسبب الضغط السياسي ولكن لأن العملية القانونية استغرقت وقتاً طويلاً. جعل أمبيكيش بنفسه القضية سياسية كونه عاملاً في الحزب الشيوعي (الماركسي) وقد خاض الانتخابات إلى جانب الحزب".

وأشار راي في كلامه أعلاه إلى محاولة ماهاباترا الفاشلة في انتخابات البرلمان عام 2016 كمرشح مستقل في جناح اليسار الذي لقي الهزيمة على يد حزب مؤتمر ترينامول.

ويقول ماهاباترا إنه بينما يشعر بشيء من الارتياح أنه جرت تبرئته، تزداد أمثلة استغلال الدولة للسلطة في أنحاء البلاد كافة. ويضيف "ليست هذه القضايا محصورة ببنغال الغربية وحسب، بل تحصل في كل الأماكن خارج الولاية أيضاً. إن قضيتي تشكل حادثة واحدة تم فيها إحقاق العدالة، قضية واحدة وحسب".

© The Independent

المزيد من دوليات