Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح زيارة بلينكن في تعزيز أمن المنطقة؟

يسعى الوزير الأميركي إلى منع سيناريو مماثل لمايو 2021 عندما اشتعلت حرب بين إسرائيل وغزة

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الأحد، إلى القاهرة، في بداية جولة بالمنطقة تستمر ثلاثة أيام، وسط أجواء حامية تشهدها الأراضي الفلسطينية.

الزيارة، التي بدأت من القاهرة وتشمل تل أبيب والضفة الغربية، يخيم عليها العنف المتصاعد في الأراضي الفلسطينية بعد مداهمات دامية للجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية هي الأعنف منذ 20 عاماً، أعقبها إطلاق فصائل فلسطينية صواريخ من قطاع غزة.

وفق بيان الخارجية الأميركية، فإن زيارة بلينكن تهدف إلى التشاور مع الشركاء في شأن مجموعة من الأولويات الدولية والإقليمية، بما في ذلك الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وملف إيران، والعلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية والحفاظ على حل الدولتين للصراع، وحماية حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، إضافة إلى مواضيع أخرى.

في القاهرة، حيث تستمر زيارة الوزير الأميركي يومي 29 و30 يناير (كانون الثاني)، يجتمع بلينكن مع الرئيس عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري ومسؤولين مصريين رفيعي المستوى، لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وتعزيز السلام والأمن بالمنطقة، بما في ذلك الدعم المشترك للانتخابات الليبية والعملية السياسية الحالية بالسودان.

أمن قومي

تمثل التوترات السياسية في السودان وليبيا قضية أمن قومي لمصر، فالقاهرة تتوق إلى استقرار جيرانها بالشرق والجنوب، وتسعى جاهدة إلى إعادة الوضع في ليبيا كما كان عليه قبل عام 2011، بالنظر إلى المصالح القوية بين البلدين، ليس أقلها العمالة المصرية التي تعمل في ليبيا، ولتحقيق ذلك هناك حاجة إلى ضغط أميركي للدفع بمغادرة المرتزقة المسلحين المدعومين من أنقرة أو روسيا، وفي الوقت نفسه العمل على تهدئة التوترات بين الأطراف الداخلية المتصارعة بالغرب والشرق، وهو ما تلعب فيه القاهرة دوراً حيوياً.

وفي السودان، طرحت القاهرة، في وقت سابق من الشهر الحالي، مبادرة للتوصل إلى "تسوية سياسية سريعة". وأكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أهمية دور القاهرة في الوساطة لحل الأزمة السياسية لدى جيرانها بالشرق والجنوب، مضيفاً أنه لا يمكن للأميركيين أو الأوروبيين التدخل في أزمات الشرق الأوسط من دون الدخول عبر البوابة المصرية أولاً.

وأشار إلى أنه في ما يتعلق بالسودان فإن البلدين كانا يشكلان مملكة واحدة ويعيش في مصر حالياً أربعة ملايين سوداني، بالتالي "لدينا مصلحة مشتركة في استقرار الوضع هناك، وكلما احتاج السودانيون إلى مصر كمرشد ووسيط فسنكون حاضرين بالتأكيد".

وفيما لفت بيان الخارجية الأميركية إلى بحث بلينكن الملف الإيراني خلال جولته في المنطقة، يشير المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا إلى دعم القاهرة جهود الولايات المتحدة لتشجيع إيران على العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، نظراً إلى قناعتها بأن الاتفاق ينطوي على عملية من شأنها أن تجنب المنطقة مزيداً من التوترات الخطيرة، كما أنه من المؤكد أن القاهرة تعتبر أمن دول مجلس التعاون الخليجي أمراً بالغ الأهمية من الناحية الإقليمية.

تنسيق مصري - أميركي

ومع ذلك، فإن زيارة بلينكن للقاهرة يخيم عليها العنف المشتعل في الأراضي الفلسطينية، حيث يمكن لمصر أن تلعب دوراً حاسماً في تهدئة التوترات.

الجمعة، أعلن البيت الأبيض أنه "قلق للغاية" إزاء تصاعد أعمال العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، إثر غارات جوية شنتها الدولة العبرية على غزة رداً على صواريخ أطلقت من القطاع انتقاماً لمقتل تسعة فلسطينيين خلال عملية إسرائيلية بالضفة الغربية.

زيارة بلينكن الأولى للمنطقة خلال عام 2023 كان من المتوقع أن تشهد تعقيدات، إذ إنها الأولى أيضاً منذ تولي الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو، التي تضم قوميين متطرفين وأحزاباً دينية متشددة، وسيجب على الوزير الأميركي أن يواجه أزمة متصاعدة ودائرة جديدة من العنف بين إسرائيل والفلسطينيين.

وأطلق مسلحون فلسطينيون، الجمعة، صاروخين من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل اعترضتهما أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، وردت تل أبيب بشن ضربات على غزة، ويأتي تبادل إطلاق النار عبر الحدود بعد اقتحام إسرائيلي لمدينة جنين في الضفة الغربية، الخميس، لاعتقال خلية إرهابية تابعة لحركة الجهاد الإسلامي، وهي العملية العسكرية الإسرائيلية الكبرى في مخيم جنين منذ 20 عاماً، مما أسفر عن مقتل تسعة فلسطينيين، بينهم مسلحون في حركة "الجهاد الإسلامي" ومسنة.

وسرعان ما رد الفلسطينيون بهجومين في القدس الشرقية، بينهم هجوم أسفر عن مقتل سبعة إسرائيليين بكنيس يهودي، كما أصيب إسرائيليان بجروح، صباح أمس السبت، في إطلاق نار نفذه فتى فلسطيني في الـ13 من عمره أصيب بدوره برصاص الشرطة.

حذر أميركي

يرى بيومي أن بلينكن استهل جولته من القاهرة حتى يكون ملماً بالرؤية المصرية للوضع وكيفية التوصل إلى حل. وأشار إلى أنه ما لم تضغط واشنطن بشكل كاف على الحكومة اليمينية بإسرائيل في الوقت الحالي فإن الأمر سيتطور إلى نتائج يصعب التعامل معها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين أعرب السفير المصري الأسبق عن تفاؤله بموقف وزير الخارجية الأميركي ووزارة الدفاع (البنتاغون) وأنهما يتفهمان جيداً خطورة الوضع، فإنه يشعر بالتشاؤم في شأن قدرة أميركا على الضغط على إسرائيل وموقفها غير المتوازن من القضية الفلسطينية.

وأشار إلى أن الكونغرس الأميركي والبيت الأبيض خاضعان للضغوط الإسرائيلية، ومن ثم هناك حاجة إلى ضغط دول المنطقة على واشنطن أولاً حتى تتغير الأوضاع، خصوصاً خلال مرحلة حرجة يتولى فيها التيار اليميني المتطرف الحكم في إسرائيل.

بدت إدارة بايدن حذرة في تعليقها على الوضع في الأراضي الفلسطينية، وسعت إلى تجنب توجيه انتقادات للحكومة الجديدة في إسرائيل.

وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، زار مسؤولون رفيعو المستوى من الإدارة الأميركية المنطقة، حين زار مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي" ويليام بيرنز القاهرة وإسرائيل، وسبقه مطلع الشهر الحالي مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في جولة شملت إسرائيل والضفة الغربية.

إسرائيل هي واحدة من أقوى حلفاء الولايات المتحدة، وقد تم تأكيد أهمية العلاقة في وقت سابق من هذا الأسبوع، حيث بدأ البلدان أكبر مناورات عسكرية مشتركة بينهما الإثنين الماضي.

وفي تعليقات لشبكة "سي أن أن" الأميركية، قال آرون ديفيد ميللر، الذي عمل لمدة عقدين في وزارة الخارجية الأميركية كمحلل ومفاوض ومستشار لقضايا الشرق الأوسط، إنه "لم ير أبداً إدارة (أميركية) تخوض ارتباطات مع حكومة إسرائيلية جديدة في وقت مبكر وبقدر رفيع المستوى مثل الذي يجري حالياً".

وأضاف أنه يتوقع أن تكون العلاقة بين الإدارتين غير تصادمية من الناحية العلنية، خصوصاً أن بايدن يتطلع إلى ضمان أن ينظر إليه على أنه مؤيد لإسرائيل قبل حملة إعادة انتخابه لولاية ثانية.

الحوار الاستراتيجي

بدء بلينكن جولته من القاهرة ربما يأتي في المرتبة الأولى للتنسيق من أجل تهدئة الأوضاع بالأراضي الفلسطينية، بالنظر إلى الدور الذي لعبه المصريون في مايو (أيار) 2021 عندما توسطوا لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، بعد أن اشتعلت حرب بين الطرفين إثر اشتباكات بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في حي الشيخ جراح.

وأجرى الرئيس الأميركي جو بايدن، آنذاك، اتصالاً بالرئيس المصري، مثنياً على الدور الذي لعبته القاهرة في وقف القصف المتبادل بين الطرفين.

منذ ذلك الحين، تكررت زيارات مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى للقاهرة، حيث فرضت المستجدات الإقليمية واقعاً مغايراً لطبيعة العلاقات بين القاهرة وواشنطن بعد توقعات غير متفائلة مع تولي بايدن رئاسة البيت الأبيض.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 تم استئناف الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن بعد توقف دام نحو ست سنوات.

ويعد الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة واحداً من الأقدم بالمنطقة، إذ أسس في ظل إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1998، وتم عقده بشكل دوري منذ ذلك الحين، مع توقف طويل بين عامي 2009 - 2015، خلال إدارة باراك أوباما، ومع ذلك، تم عقده في أغسطس (آب) 2015، وسط مناخ ملبد بالتوترات، إذ تم التركيز حينها على التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.

وأكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، آنذاك، مواصلة دعم مصر عسكرياً، فيما اعتبر بادرة على تخفيف التوتر، وسبق الحوار إعلان واشنطن تسليم مصر ثماني مقاتلات "أف - 16" بعد رفعها التجميد الجزئي عن استئناف مساعدتها العسكرية للقاهرة في مارس (آذار) من العام نفسه. 

وخلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، اتفق رئيسا البلدين خلال لقائهما بالبيت الأبيض أبريل (نيسان) عام 2017 على استئناف الحوار، لكن لم يتم ذلك حتى رحيل الإدارة في يناير 2021.

المزيد من تقارير