Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أبرامز" و"ليوبارد" ربما تطلقان العنان لحرب عالمية ثالثة

قال الرئيس الأميركي في مارس 2022 إنه لن يرسل "أسلحة هجومية" إلى أوكرانيا لأن ذلك سيؤدي لاندلاع حرب عالمية

دبابات من طراز ليوبارد 2A4 تابعة للجيش البولندي (وزارة الدفاع البولندية/ أ ب)

في تحول خطر للحرب في أوكرانيا تتجه الدول الغربية نحو إرسال دبابات متطورة لدعم الجيش الأوكراني في مواجهته مع روسيا، مما دفع بالأخيرة إلى تعهد تدمير تلك الآليات في ساحة المعركة، وسط احتمالات عالية لتصعيد القتال بين الطرفين، بما يفضي إلى مواجهة أوسع بين موسكو والقوى الغربية.

وأعلنت واشنطن وبرلين، الأربعاء الماضي، أنهما سترسلان مجموعات من الدبابات إلى أوكرانيا، متراجعتين عن ترددهما الطويل في شأن تزويد كييف مركبات مدرعة هجومية وإطلاق العنان لأدوات جديدة قوية في جهود أوكرانيا لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا. واقترن إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز بأنه سيرسل دبابات "ليوبارد 2" بإعلان من الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيوفر 31 دبابة "أبرامز" من طراز "أم 1" إلى أوكرانيا، وذلك على رغم رفض الأميركيين طويلاً إرسال دبابات "أبرامز أم 1" بسبب الكلفة العالية لصيانتها وصعوبة تدريب الأوكرانيين عليها.

وقالت مجلة "دير شبيغل الألمانية إن القرار الألماني يتعلق بمجموعة واحدة على الأقل من دبابات "ليوبارد 2" من طراز "أي 6" سيتم توفيرها من مخازن الجيش الألماني، وتتألف المجموعة عادة من 14 دبابة. وأضافت أن حلفاء آخرين، في الدول الاسكندنافية على سبيل المثال، يعتزمون الانضمام إلى ألمانيا في تزويد كييف بدبابات "ليوبارد".

ضربة للكرملين

القرارات التي نتجت من عملية دبلوماسية طويلة بين ألمانيا والولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين آخرين تأتي في وقت يستعد فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لصد هجوم روسي جديد متوقع الربيع المقبل. وسيؤدي إرسال دبابات "ليوبارد 2" إلى تزويد قوات كييف مركبات عسكرية حديثة وقوية، إذ يعتبرها مراقبون بمثابة ضربة للكرملين الذي يشهد حملة متنامية لتزويد القوات الأوكرانية بأنظمة قتالية عالية التقنية مع اقتراب الحرب الروسية من إتمام عامها الأول.
وعلى رغم أن أوكرانيا لديها مخزون من الدبابات التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، فإن الدبابات الغربية الحديثة توفر مستوى أعلى من السرعة وخفة الحركة، فضلاً عن أن متطلبات صيانة "ليوبارد" المنخفضة نسبياً، مقارنة بالنماذج الأخرى، تجعل المتخصصين يعتقدون أن الدبابات يمكن أن تساعد أوكرانيا بسرعة في ساحة المعركة.
هذا التطور أثار غضب الروس الذين دانوا الخطوة، بل حملت تصريحاتهم تلميحاً إلى جر المعركة إلى المستنقع النووي. وصرح رئيس الوفد الروسي في محادثات فيينا، كونستانتين جافريلوف، الأربعاء، بأن استخدام كييف لقذائف اليورانيوم من دبابات "ليوبارد 2" سيعد استخداماً للقنابل النووية القذرة. وهو تصريح يحمل في طياته مخاطر في شأن التصعيد الروسي المحتمل في ساحة المعركة مع إلقاء اللوم على الغرب. وكتب السفير الروسي لدى برلين سيرغي نيتشايف عبر حساب سفارته على "تيليغرام" أنه "قرار خطر للغاية من شأنه أن يرفع النزاع إلى مستوى جديد من المواجهة"، متهماً الغربيين باتباع "منطق التصعيد الدائم".

"لقد بدأت الحرب العالمية الثالثة بالفعل"

بحسب مسؤولين أميركيون سيستغرق تسليم الدبابات الأميركية إلى أوكرانيا بضعة أشهر، لكن بالعودة إلى مارس (آذار) 2022، وبينما كان الرئيس الأميركي جو بايدن يواجه ضغوطاً لإرسال أسلحة هجومية إلى أوكرانيا، فإنه رفض ووعد الشعب الأميركي بألا يرسل "معدات هجومية"، و"دبابات"، لأن ذلك سيؤدي إلى اندلاع "حرب عالمية ثالثة"، فهل يعنى إرسال دبابات "أبرامز" جنباً إلى جنب مع الدبابات الألمانية أننا نتجه نحو حرب عالمية ثالثة؟
"لقد بدأت الحرب العالمية الثالثة بالفعل"، هكذا وصف إيمانويل تود، وهو أحد المفكرين الفرنسيين البارزين، المشهد الحالي. ففي حديثه لمجلة "لوفيغارو" الفرنسية، الأسبوع الماضي، قال عالم الأنثروبولوجيا والمؤرخ، إنه على عكس الفكرة السائدة بأن روسيا لديها ما تخسره أكثر من خصومها الليبراليين، فقد دخل الغرب أيضاً في صراع "وجودي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف تود أنه "من الواضح أن الصراع (في أوكرانيا)، الذي بدأ كحرب إقليمية محدودة وتصاعد إلى مواجهة اقتصادية عالمية بين الغرب كله من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى، أصبح حرباً عالمية". وأقر بأن بوتين أخطأ في التقدير في بداية الصراع، على افتراض أن أوكرانيا ستسقط عند أول إشارة للعدوان، لكنه أوضح أن روسيا نفسها تجاوزت التوقعات، بما في ذلك توقعات شعبها الذي "لم يتوقع" أنه سيكون قادراً على تحمل الضغط الاقتصادي من "الناتو".
يرى تود، وهو مؤلف كتاب "ما بعد الإمبراطورية: انهيار النظام الأميركي"، أنه بمثل روسيا، فإن الولايات المتحدة لا يمكنها الانسحاب من الصراع، ولا يمكنهم التخلي عنه، "ولهذا السبب نحن الآن في حرب لا نهاية لها، في مواجهة يجب أن تكون نتيجتها انهيار واحد أو الآخر"، كما أن الاحتمال الإضافي لشن الصين حرباً باردة ضد الغرب سيؤدي إلى صعود دول نامية مثل الهند وتراجع أوروبا، وفق المفكر الفرنسي.
ويقول نيك والش من شبكة "سي أن أن" الأميركية، إن اتجاه الغرب لإرسال أسلحة هجومية إلى الأوكرانيين بدلاً من تلك الدفاعية، من شأنها أن تحدث خسائر كبيرة في صفوف الجنود الروس، وهو مما يعني أن هذه الدول لم تعد تهتم بخرق "الخطوط الحمراء" التي وضعتها موسكو، مما يعني استفزاز قوة نووية.
ويبدو أن أعضاء "الناتو" أصبحوا لا يخشون التعرض لهجوم وشيك من روسيا، إذ يسلمون الأسلحة لأوكرانيا بشكل عاجل في حالة حدوث مثل هذا الصراع. فقرار الدنماركيين إرسال مدفعية "قيصر" والقرار النرويجي بإرسال نسبة كبيرة من دبابات "ليوبارد"، كلاهما دليل على هذا، وفق والش. ويعتقد أعضاء "الناتو" أن الصراع الحاسم مع روسيا سيكون في أوكرانيا، وهو ما يوحي بأنهم يعتقدون أن موسكو لن تنتصر.

جبهات أخرى لصراع عالمي

"إذا لم تكن احتمالية نشوب حرب مع روسيا كافية، فإن علاقات الولايات المتحدة مع الصين في حالة سقوط حر"، وفق ستيفن ويرثيم، الباحث والكاتب الأميركي، الذي حذر في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" من حرب عالمية ثالثة. وأشار ويرثيم إلى أن "هناك جبهات أخرى محتملة لصراع خطر، إذ إن تصرفات واشنطن تسهم في تزايد فرص الصراع مع الصين، ليس أقلها حديث الرئيس الأميركي المتكرر عن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان، والتعهد إرسال قوات أميركية في حالة حدوث غزو صيني".
ويخشى مراقبون من أن تدفع هذه التوترات العالية كلاً من موسكو وبكين نحو مزيد من التقارب، حيث تصور الولايات المتحدة كلتا القضيتين على أنهما صراع بين الاستبداد والديمقراطية، كما أن خطر التصعيد الحالي في أوكرانيا يمتد ليشمل دفع الدول التي تصفها النخب السياسية الأميركية بـ"الدول المارقة" مثل "إيران وكوريا الشمالية" نحو السعي بثبات نحو تطوير ترسانة نووية. وأدى تعهد كوريا الشمالية مطلع شهر يناير (كانون الثاني) الحالي بتوسيع مخزونها النووي، إلى زيادة المخاوف من نشوب صراع عالمي.
وثمة مؤشرات على دخول أطراف مختلفة في ميدان المعركة في أوكرانيا، فقبل أيام أصدر معهد دراسات الحرب، في واشنطن، تقييماً يفيد بأن الرئيس الروسي يتطلع إلى شن حملة مشتركة بدعم حليفه البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حيث تشن القوات الروسية هجوماً من بيلاروس. وتوقع المعهد أن غزو متجدد لشمال أوكرانيا من الأراضي البيلاروسية يبدو أكثر احتمالاً بحلول نهاية العام لأسباب متعددة، بما في ذلك تكثيف التدريبات المشتركة والمناوبات.
وبدأت روسيا وبيلاروس مناورات مشتركة للقوات الجوية في 16 يناير (كانون الثاني) الحالي، وسط مخاوف متزايدة من أن بوتين قد يضغط على نظيره البيلاروسي للانضمام إلى الصراع. وقالت بيلاروس إنها ستنشط جميع قواعد سلاحها الجوي ومناطق تدريب القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي لإجراء المناورات، مع التخطيط لتسيير دوريات جوية مشتركة على طول الحدود البيلاروسية. وفي الوقت ذاته، يواصل كبار المسؤولين في الكرملين عقد اجتماعات رفيعة المستوى مع القيادة الوطنية البيلاروسية، بحسب المعهد الأميركي، مشيراً إلى أن هذا النوع من اللقاءات ربما يهدف إلى تهيئة الظروف لهجوم روسي على أوكرانيا من بيلاروس.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل