Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضعف تغطية الإعلام الجزائري للحراك... بين تراجع الوهج وإعادة التموضع

قيود قانونية ومالية أخضعت الجسم الصحافي ليكون من أدوات الدعاية للسلطة وتوجيه الرأي العام

من الاحتفالات بتأهل الجزائر إلى نهائي كأس أمم أفريقية (أ. ب.)

 

في وقت كان الحراك الشعبي في الجزائر ينتظر مواكبةً قوية من وسائل الإعلام، عسى أن يحقق تحرراً عجز عن الوصول إليه بسبب نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، تفاجأ الشارع بتراجعٍ إلى حد التجاهل في تغطية مسيرات الجمعة، وتظاهرات الطلاب كل ثلاثاء، ليقتصر الأمر على جلسات نقاش حول مواضيع تندرج في سياق تمرير رسائل السلطة والترويج لمبادراتها وأفكارها بعيداً من مطالب الشعب، ما دفع الحراك إلى التساؤل حول خلفيات وأسباب التراجع الإعلامي وخصوصاً السمعي والبصري.

 

تراجع بعد اهتمام
 
وبات الوضع في الجزائر يتجه إلى أن يصبح عادياً في ظل تراجع التغطية الإعلامية للحراك الشعبي، بعد اهتمام قوي ولافت، لدرجة ظن الجميع أنها بداية تحرر الإعلام من القيود المفروضة على حرية التعبير والصحافة. وبينما راهن الصحافيون الجزائريون على الحراك الشعبي لكسر كل القيود، تفاجأوا بأوامر لخفض درجة الاهتمام بالتغطيات التي تخص الحراك، خصوصاً على مستوى السمعي- البصري، لتجد المؤسسات الإعلامية فرصة كأس أفريقيا، وانتصارات المنتخب الجزائري لكرة القدم، لتجاوز الحراك بصفة واضحة، وقد تكون الجمعة الـ22 التي تصادف في يوم المباراة النهائية بين الجزائر والسنغال، الفيصل في تحديد نوايا الجسم الإعلامي.
 

البحث عن التموضع

ليس فقط الإعلام مَن تراجع، بل الحراك نفسه تراجع زخمه بعض الشيء، إذ أضحت المطالب الجهوية ومطالب الهوية والتاريخ في المقدمة، وفق ما أوضح أستاذ الإعلام في جامعة الملك خالد في السعودية ساعد ساعد، إذ اعتبر أن "كل هذا وغيره في لغة الإعلام والتغطية الإخبارية، يقول إن وهج الحراك إعلامياً تراجع، ولم يعد أولوية لوسائل الإعلام الجزائرية وحتى الخارجية". وتابع أن الإعلام الجزائري يحاول أن يتموضع وفق التوجهات العامة للسلطة التي تريد للحراك أن ينتهي من خلال الدخول في حوار وطني مفتوح مع الجميع.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحراك والإعلام... الانسجام مفقود

 

وما يؤكد أن الانسجام بات مفقوداً بين الحراك والإعلام، هو ما يتعرض له الصحافيون من تضييق وشتم وملاحقة، بلغت في بعض الأحيان حد الاعتداء الجسدي واللفظي. وحدث ذلك أخيراً مع طرد طاقم التلفزيون الرسمي، وقبلها الاعتداء على صحافيين أمام البريد المركزي في العاصمة، أثناء تغطية الحراك.
وصرح الصحافي خالد زبيدي أن "تعاطي وسائل الإعلام مع الحراك، عرف تراجعاً ملحوظاً، بخاصة لدى المؤسسات السمعية البصرية، رسمية كانت أم خاصة، وبدرجة أقل الجرائد الإلكترونية والورقية، مرجعاً الأمر إلى التخوف من قطع الإعلانات وشح التمويل، جراء مواقف قد تُحسب ضد الخطاب الذي تسوقه الحكومة وخلفها قيادة الأركان، فالإعلام المحلي لم يتخلص من التبعية للدولة". وأضاف أنه "قد يكون هذا التراجع بمثابة تحصيل حاصل لما أثير في الشارع ويُثار على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن الحراك انتهى بتنحي الرئيس بوتفليقة، وما تلاه من محاكمات وملاحقات قضائية ضد مسؤولين سابقين وشخصيات رفيعة ورجال أعمال. وخلص إلى أن الاختلاف في الطرح والمواقف أدخل الحراك مرحلة الروتين، وقلّص حيّز التعاطي الإعلامي معه.

 

الخروج من الأزمة
 

ويُعتبر تحول التعاطي الإعلامي مع الحراك، من المرافقة المباشرة إلى الانتقائية، أحد أوجه الدعم الذي تريده المؤسسة العسكرية لإنجاح خريطة الطريق التي وضعتها للخروج من الأزمة، والتي بدأت ملامحها تظهر مع انتخاب المعارض الإسلامي سليمان شنين رئيساً للبرلمان. وباتت وسائل الإعلام تعمد إلى حجب الشعارات والهتافات التي تهاجم المؤسسة العسكرية وقائد الأركان أحمد قايد صالح، مع الإشارة إلى أن المتظاهرين يرددون شعارات تطالب بالتغيير، كما تنُظَم جلسات حوارية ونقاشات سياسية تتناول نقاطاً وأفكاراً طرحها رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح والمؤسسة العسكرية.
وأرجعت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الجزائر، عائشة عباش، ضعف التغطية الإعلامية للحراك إلى عودة رقابة السلطة على القنوات الفضائية. وقالت إن مجال الإعلام لم يتحرر من القيود القانونية والمالية، ما يجعله خاضعاً للسلطة وأداة من أدوات الدعاية وتوجيه الرأي العام، مشيرةً إلى أن الإعلام عاد إلى ما كان عليه في بداية الحراك من ارتباك في التغطية وانتقاء الشعارات التي يحملها الشعب.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي