Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على ألمانيا التصدي للتهديد الآتي من الشرق

تحتاج أوكرانيا إلى أن تتخذ برلين، باعتبارها القوة الاقتصادية الرائدة في أوروبا، خطوات حاسمة وتقدم دباباتها إليها

سلاح الحرب الوحيد الذي قد يحقق انتصاراً سريعاً نسبياً لأوكرانيا هو الدبابة القتالية الألمانية "ليوبارد 2" (أسوشيتد برس)

إنها عبارة مبتذلة، لكن لا مفر منها في مواجهة مأساة أوكرانيا: الغرب على وشك انتزاع الهزيمة من بين فكي النصر. ذلك أن الغرب، من خلال الفشل في توفير المعدات العسكرية كلها التي يتوسل فولوديمير زيلينسكي إلى أصدقائه في حلف شمال الأطلسي للحصول عليها، يجعل من الممكن – إن لم يكن من المحتمل – خسارة الحرب في أوكرانيا التي كلفت كثيراً من الأرواح والمعاناة الإنسانية، في النهاية. وبسقوط أوكرانيا، سيجري التنازل عن أمن أوروبا وأمن العالم أيضاً.

من غير المعقول أن ينجح فلاديمير بوتين. فالخطر واضح، وقد أبرزته النجاحات الطفيفة الأخيرة للقوات الروسية وقوات المرتزقة التابعة لـ"مجموعة فاغنر"، أن الهجوم الروسي، مدعوماً بـ150 ألف جندي، كما هو حاصل، قادر على إحراز تقدم كبير. ومن شأن هجوم مجدد على كييف – أفضل استعداداً من الهجوم الذي وقع في فبراير (شباط) الماضي، ومستكمل بهجوم من بيلاروس حين تسمح الأحوال الجوية – أن يكون أكثر نجاحاً من الهجوم الأول غير المجدي. حتى الآن، أحرج الروس أنفسهم في الغالب في القتال، وتبدو القيادة العسكرية فوضوية وغير مستقرة، لكن هذا الوضع قد لا يستمر إلى ما لا نهاية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في غياب الكمية والنوعية المناسبتين من المعدات – ولا سيما الدبابات القتالية الرئيسة الضرورية لاستعادة وحدة الأراضي الأوكرانية – قد يطغى ثقل الأعداد الروسية، السيئة التجهيز والتدريب، في نهاية المطاف على أوكرانيا واقتصادها المنهك.

في المقابل، إذا تمكن الأوكرانيون قريباً من الاعتماد على قوة كبيرة من الدبابات القتالية، مدعومة بمدفعية ودفاع جوي، وغير ذلك من المركبات المدرعة، سيدفع هجوم وقائي حازم وفاعل تشنه كييف الروس إلى الوراء نحو الحدود في الشرق. وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تحرير شبه جزيرة القرم، واستعادة حركة المرور والتجارة في البحر الأسود (بما في ذلك الصادرات الحيوية من الحبوب والأسمدة وزيت الطهو).

سيستغرق الأمر بعض الوقت، وقد يتطلب الجهد سنة أخرى، لكن كلما اقترب وقت الشروع به، زادت فرصة النجاح. مع كل يوم يمر من دون تجدد العمل العسكري الأوكراني، يتمكن الروس من إعادة تجميع صفوفهم وإعادة بناء قوتهم، على أمل أن يعمل الطقس الأكثر اعتدالاً في النهاية لصالحهم عندما يبدأون شن هجماتهم التالية. بالنسبة إلى الأوكرانيين، والمصلحة الأوسع للغرب، والدفاع عن الديمقراطية، يعد الوقت جوهرياً. هذه كانت رسالة الرئيس زيلينسكي إلى حلف شمال الأطلسي والحلفاء الآخرين، وهو محق. ولهذا السبب انتهى الاجتماع في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا بنتيجة محبطة كهذه. لقد عرض قادة الدفاع ووزراء الدفاع المجتمعون المساعدة، بمن في ذلك الأميركيون والألمان. وستنشر مركبات مدرعة ومدفعية ومزيد من أنظمة الدفاع الجوي في أقرب وقت ممكن. وتعد مركبة "برادلي" الأميركية المدرعة ودبابات "تشالنجر" البريطانية الأقرب إلى ما يريده الرئيس زيلينسكي حقاً، ولا ترقى إلى مستوى مطالبه. وبدأ يعبر عن استيائه، "ليست مئات التشكرات مئات الدبابات". ذلك أن سلاح الحرب الوحيد الذي يعتقد السيد زيلينسكي وجنرالاته أنه سيحقق نصراً سريعاً نسبياً – ويجنب هزيمة في ساحة المعركة عندما يشن الروس هجوماً – هو الدبابة القتالية الألمانية "ليوبارد 2". فالمئات منها يقبع في ألمانيا وبولندا وجمهورية تشيكيا وفي مناطق أخرى، على استعداد للقيام بالرحلة إلى أوكرانيا.

وسيستغرق النقل وفرز الخدمات اللوجيستية وتدريب الوحدات الأوكرانية بعض الوقت، وهذا سبب إضافي للبدء بهذا العمل الآن. ومع ذلك، تبدو الحكومة الألمانية أضعف من أن تتحرك على الفور، وهي أخرت قرارها مرة أخرى، كما تبدو الأمور، لن تقدم ألمانيا أياً من مخزونها من دبابات "ليوبارد"، ولم تقرر بعد السماح لحلفائها بإرسال أي من دبابات "ليوبارد" إلى أوكرانيا أيضاً. مثل العدالة، يتساوى التأخر في تسليم الدبابات مع رفض تسليمها، فبحلول الوقت الذي يمكن فيه نشرها قد تكون الحرب تحولت لصالح روسيا.

لقد قدمت ألمانيا عديداً من التضحيات المؤلمة من أجل المساعدة في الدفاع عن أوكرانيا، بالتالي عن أوروبا والديمقراطية. وهذا هو السبب في أنها تحتاج إلى اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة في شأن الدبابات، لضمان عدم ضياع الجهود المبذولة لحماية حلفائها في نهاية المطاف.

وفي عالم تضيع فيه هذه الجهود، ستظل ألمانيا معزولة عن إمدادات الطاقة من الشرق، وسيتعين عليها أيضاً زيادة إنفاقها الدفاعي لحماية بولندا وحدودها الشرقية – وهو التزام مطلوب من حلف شمال الأطلسي وضرورة وطنية. وسيكون من المنطقي أكثر إيقاف الروس ودفعهم إلى الوراء الآن، بدلاً من انتظار سيطرتهم على أوكرانيا كدولة دمية ووقوفهم على مقربة من وارسو وبرلين.

لا شك في أن المستشار شولتز وشركاءه في الائتلاف الحكومي في موقف صعب سياسياً. في غضون سنة اضطر إلى إعادة ترتيب الاقتصاد الألماني، إذ فقد الأخير مصدراً رئيساً للطاقة. ورتبت العقوبات على الاقتصاد كلفة أكثر حتى. وما يقرب من ستة عقود من السياسة الخارجية الألمانية التي تهدف إلى تطبيع العلاقات مع روسيا كان لا بد من قلب اتجاهها بصرامة. وكان لا بد من التغلب على النفور من القوة المادية، المتولد من تجربة تاريخية مؤلمة.

ربما لم تقنع الحكومة الألمانية نفسها بخطورة الوضع وإلحاحه، ناهيك بإعداد الرأي العام في شكل صحيح لإرسال الدبابات نحو روسيا. وقالت الحكومة الألمانية إنها سترسل الدبابات إذا فعل الحلفاء ذلك، لكن لا يبدو أنها تدرك أن البريطانيين يفعلون ذلك بالفعل، وأن الفرنسيين يفكرون بنشاط في إرسالها، ولا يمكن لآخرين مثل البولنديين القيام بذلك من دون إذن ألماني.

وقالت ألمانيا إنها لن تزود أوكرانيا بدبابات "ليوبارد" إلا إذا أرسلت الولايات المتحدة دبابات "أبرامز" القتالية – ومع ذلك فالأخيرة موجودة في مكان بعيد، ويعد نشرها معقداً للأوكرانيين أكثر مما ينبغي لاستخدامها بسرعة وموثوقية. ومع ذلك، يجب على الأميركيين إرسال بعض دبابات "أبرامز"، إذا أمكن دفع ألمانيا إلى فعل الشيء الصحيح، وعليهم مساعدة الأوكرانيين لأن ذلك قد يكون كل ما في مقدورهم الاعتماد عليه. ومع ذلك، فالتوقيت مقامرة، والأميركيون يترددون.

لقد حان الوقت لكي تواجه ألمانيا – القوة الاقتصادية الرائدة في أوروبا – التحدي العسكري الآتي من الشرق، وأن ترتقي إلى مستواه، ذلك أن الغزو الروسي الثاني لأوكرانيا في غضون عقد – الذي استبعد لفترة طويلة، ثم أصبح مثار خشية، لكنه بات الآن حقيقة دموية – أطلق ثورة في المواقف الألمانية والتفكير الألماني.

ومع ذلك، لم تنعكس هذه الثورة بعد في السياسات الألمانية وفي ظهور الوجود الضخم لدبابات "ليوبارد"، حيث تشتد الحاجة إليها. تماماً كما اضطرت أميركا، قبل 80 سنة، إلى أن تصبح ترسانة الديمقراطية في تحرير أوروبا، تعتبر ألمانيا ملزمة الآن بإعطاء الأوكرانيين الأدوات اللازمة لإنهاء المهمة التي يقومون بها.

تصرف اليوم، أيها المستشار.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل