Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيارة "إلنترا" مسؤولة عن التهور في شوارع الرياض حتى تثبت العكس

جاءت بين أكثر الموديلات مبيعاً في السعودية والشركة تلعب على وتر "اللعبة والتحدي"

إذا كان الحديث عن حال الطقس في المجتمعات الغربية أمراً معتاداً عند التحدث مع الغرباء للمرة الأولى، ففي السعودية يبرز موضوع واحد يمكن التحدث فيه مع أي شخص وهو معاناة قيادة السيارة في شوارع العاصمة.

ولم يعد الحديث مقتصراً على سكان الرياض بل امتد خارجها نتيجة معاناة عاشوها حينما زاروا العاصمة يوماً ما، ويؤكد كثيرون أن أساس هذه المعاناة لا يقتصر على الازدحام المروري فقط، بل على سلوكات بعض السائقين، فمن اللافت أن أفراد المجتمع باتوا يضعون سمات معينة لقائد كل مركبة حتى أصبحت هناك مركبات متعارف عليها مجتمعياً بأن قائديها متهورين.

غياب الوعي المروري

فبينما أنت تقود سيارتك بهدوء واتزان لقضاء مشاويرك اليومية وسط مدينة الرياض تتفاجأ بقائد سيارة دفع أمامي صغيرة يقوم باستخدام الأنوار العالية بطريقة مزعجة تربكك وتشتتك، ولا يتوقف عن هذا إلا بعد أن تفتح له الطريق ليتجاوزك بسرعة جنونية تكاد تصل إلى أكثر من 200 كيلومتر في الساعة. 

وتحاول النظر إلى السائق لكنك لا تستطيع لأن سرعته تسبق سرعة الضوء، وبعد لحظة تجده أمامك يهدئ من سرعته ويشد فرامل اليد بقوة مع تدوير عجلة القيادة حتى تظن أنه سينقلب، ثم في لحظة يعكس عجلة القيادة فتدور السيارة للجهة المقابلة صانعة دورة كاملة لينطلق في طريقه تاركاً أثر علامات واضحة في الطريق.

ذلك أحد المشاهد البسيطة للقيادة الجنونية التي تتكرر بشكل يومي من قائدي مركبة واحدة وهي "هونداي إلنترا" جراء غياب الوعي المروري وبديهيات السلامة على الطرق اللذين باتا سمة لشريحة واسعة من قائدي "إلنترا" التي يراها سكان العاصمة بشكل كبير أمام أعينهم.

وبحسب إحصاء موقع "ستاتيستا" المتخصص في بيانات السوق والمستهلكين جاءت سيارة "إلنترا" من أكثر الموديلات مبيعاً في السعودية عام 2020، إذ تم بيع ما يقرب 26.4 ألف سيارة منها لفئات معظمها من الشباب دون الـ 30، وهم الشريحة الأوسع عدداً في السعودية وفقاً لآخر الإحصاءات الرسمية.

واشتهرت إصدارات هونداي "إلنترا" بين الشباب السعودي بكونها بسيطة في ما يخص مظهرها، رخيصة قطع صيانتها إلى جانب أنها عملية، ومن أبرز المميزات التي تجذب الشباب إليها كذلك هو اقتصادها في استهلاك الوقود، بخاصة في ظل ارتفاع أسعاره مقارنة بسنوات مضت.

ويصل سعر السيارة نحو 83 ألف ريال (22099.07 دولار) وهو سعر بالكاد يكون مناسباً لشاب في مقتبل عمره من ذوي الدخل المتوسط أو المحدود، ويتداول بين الشباب بأنها بين أفضل السيارات التي تستخدم لتنفيذ حركات التفحيط بعد سيارة تويوتا "كامري" التي كانت ذائعة الصيب خلال فترة من الفترات بين الشباب العاشق لممارسة هذه الهواية القاتلة، لكن بسبب ارتفاع سعرها بدأ التخلي عنها في ممارسة التفحيط.

الصورة الذهنية عن "إلنترا"

الانطباعات السابقة دفعت بطرح أسئلة حول ما إذا كان بوسعنا إطلاق الأحكام على أشخاص معينين من خلال سيارتهم، وهل تعطي السيارة انطباعاً للآخرين عنك وعن مهاراتك في القيادة وحتى عن شخصيتك؟ ثم ما الصورة الذهنية التي تأتي في مخيلتك عندما يذكر لك اسم سيارة هونداي "إلنترا"؟

طرحنا هذه التساؤلات على عدد من الشباب السعودي فجاءت إجاباتهم متباينة بين من يقول "صورة شاب في مقتبل العمر متهور يضرب عرض الحائط بقوانين المرور"، وبين من يرى التهور غير مقتصر على نوع معين من السيارات وإنما يعتمد على صاحب المركبة أياً كان نوعها.

وقال الشاب تركي سلمان "إن سائقي (إلنترا) يتصرفون وكأنهم يمتلكون الطريق بمفردهم ويحاولون إثبات قوتهم"، بينما أضاف فارس العنزي أن "سائق ’إلنترا، لا يخاف من المستحيل"، أما محمد بن ناصر فيعتبر أن "معظم سائقي هذا النوع من السيارات يعشقون المخاطرة، لذلك فهي تشبه المغناطيس لرجال المرور، فإذا كنت تمتلكها فمن المؤكد أنك ستحصل على مزيد من الاهتمام منهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان انطباع محمد خالد منحازاً ضد جميع قائدين سيارة "إلنترا"، وقال إنهم "يقودون تحت السرعة الجنونية من دون مبرر، مما يجعلهم يرتكبون حماقة التهور لمجرد إرضاء الغرور الذاتي وإشباع غريزة الجنون وممارسة هواية الاستعراض المقيت، فالمتهور الاستعراضي لا يصغي لمنطق العقل والقوانين والتعليمات".

ويشير إلى أنه يمكن للناس معرفة كثير عنك بمجرد النظر إلى سيارتك بالمختصر "أنت ما تقود"، لافتاً إلى أنك "حتى إن لم توافق على نوع الشخصية التي تعكسها سيارتك فإن الآخرين يؤمنون بها، فسيارتك ترسل صورة واضحة عن شخصيتك إلى العالم، فمن المستحيل أن أرى سيارة "إلنترا" ولا أعتقد أن القائد شاب متهور".

سمعة العلامة التجارية 

إلا أن محمد صالح (38 سنة) وهو صيدلي ينفي هذه الفكرة عن قائد المركبة فهو يملك هذه السيارة منذ أكثر من خمس سنوات ولم يحصل على مخالفة مرورية واحدة، وهذا يعطي انطباعاً بأن قائدي هذه السيارة مختلفون.

وعن سبب امتلاكه لها ذكر بأن سعرها مميز ومواصفاتها ممتازة واقتصادية، وأضاف "كانت الصورة النمطية للكامري أن راكبها متهور في قيادته، والآن اختلف الموضوع وأصبحت للجميع مهندساً وطبيباً". 

من جهته يؤكد عثمان سعيد البائع في إحدى شركات السيارات أنه وجد أن "سمعة سائقي ’إلنترا‘ سمعتهم سيئة بين الناس، ومن يراك تقودها يعتقد أنك من الشباب الطائش الذي لا يهتم لأمر سيارته ولا لسيارات الآخرين، لكن السيارة مطلوبة بشكل كبير بسبب أنها اقتصادية ومعظم من يقتنيها يجعلها للمشاوير اليومية لتقليل المصاريف".

وأشار المهندس بسام مجلد، وهو صاحب حساب "داش كام الرياض" عبر منصة "تويتر"، إلى أن التهور غير مقتصر على نوع معين من السيارات، وإنما هو معتمد على صاحب المركبة أياً كان نوعها، فهناك عدد كثير من المركبات تم التعارف عليها مجتمعياً بأن

سائقون متهورون

وحول أثر تلك الصورة الذهنية في سمعة السيارة، أشار مستشار التسويق ماجد رشدي إلى أن ولاء المستهلك يكون لمن يوفر حاجاته، "واهتمامه الأول يكون للسعر وبالتالي فليس له ولاء لعلامة تجارية معينة بشكل دائم، بل موقتاً بحسب توفير حاجاته مثل السعر المناسب".

ولفت إلى أنه عندما يكون لدى العميل ولاء لعلامة تجارية معينة تصبح لديه صورة ذهنية إيجابية عنها، وبالتالي يقوم بنقلها للمجتمع المحيط مما يعزز صورتها الإيجابية ويزيد نسبة مبيعاتها، "فالعميل الراضي هو خير مسوق وكثير من المستهلكين يقومون بشراء خدمة أو منتج معين بناء على ترشيح وتوصيات المحيطين بهم".

 ويشير مستشار العلامات التجارية سعيد الصالح إلى أن هذه النوع من السيارات غالباً ما تكون أفضل خيار للمستهلك الذي يبحث عن التوفير، "فهو يركز أثناء شرائه للبضائع على قيم معينة مثل وفرة قطع الغيار عامل مؤثر جداً في اختيار أي علامة سيارات توفر هذه الفرصة، ولذلك نرى التنافس بين المتاجر في توفير هذه المميزات، وعند غيابها تكون البدائل حاضرة".

الشركة لا ترى أثراً في المبيعات

ولدى تواصل "اندبندنت عربية" مع إحدى نقاط بيع السيارة لدى وكيلها التجاري، أفاد الموظف المتخصص بشرط عدم ذكر اسمه أن "موديلات 2023 من السيارة طرحت فيها ثمان فئات، وهي حاجة نادرة مما يعكس الإقبال عليها في السوق، أما السيرة الذاتية لسائقها فهو أمر لا يهمنا". 

لكن بإلقاء جولة على الدعاية المصاحبة للمركبة المثيرة للجدل تبين أن وكيلها في السعودية على الأقل أدرك صيتها الرائج بين الشباب في السياقة الخشنة، بدليل وضعه العنوان الرئيس لتقديم موديلها الجديد "عالم جديد من التحدي بين يديك"، ليكون التمهيد لفيديو لافت يحيط فيها شبان مراهقون بزي غربي السيارة، قبل أن يقوم أحدهم بقيادتها بتهور في أحد الشوارع، مضيفين أن السيارة جاءت "لتحفز الجيل الجديد من المبتكرين الفضوليين لتغيير قواعد اللعبة وتغيير العالم من حولهم".

المزيد من منوعات