حذر محافظ بنك الاحتياطي (المركزي) الهندي من تفاقم مشكلة الديون في منطقة جنوب آسيا، والمخاطر التي قد تنجم عن مشكلات الديون لدى شركاء البلاد التجاريين وتأثيرها في الاقتصاد.
ويقدر استطلاع لآراء الاقتصاديين أجرته وكالة "بلومبيرغ" أن يتراجع معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي الهندي في السنة المالية الحالية المنتهية بنهاية مارس (آذار) إلى 6.8 في المئة، مقارنة مع نمو بنسبة 8.7 في المئة العام السابق.
وفي مقابلة مع صحيفة "الفايننشيال تايمز" قال شاكتيكانتا داس محافظ البنك المركزي، إنه على رغم تفاؤله بنمو الاقتصاد والاستقرار المالي، لكنه منتبه لتأثير التباطؤ الاقتصادي العالمي في الاقتصاد الهندي.
كانت رئيسة صندوق النقد الدولي أشارت قبل أيام إلى أن ثلث اقتصاد العالم سيدخل في ركود هذا العام، من الولايات المتحدة إلى الصين إلى نصف دول أوروبا.
ومع تباطؤ النمو في أكبر اقتصادين في العالم، أميركا والصين، ينظر للاقتصاد الهندي على أنه الأسرع نمواً، خصوصاً نتيجة التعامل المنضبط مع أزمة وباء كورونا.
لكن حسب مسح "بلومبيرغ" فإن الهند قد تفقد صفة الأسرع نمواً في العالم لصالح الاقتصاد السعودي، الذي يتوقع أن ينمو بنسبة 7.6 في المئة نتيجة المكاسب من ارتفاع أسعار الطاقة.
مشكلة الديون
قال داس في حواره مع الصحيفة، إن "الهند في وضع أفضل ربما من كل الدول الأخرى"، لكنه مع ذلك يشير إلى "تحديات عالمية تتصاعد وتنتشر وسيكون لها تأثير في الهند".
وأضاف محافظ المركزي الهندي "نحن قلقون من تفاقم مشكلة الديون في كل تلك الدول (المجاورة للهند)، لأن لدينا علاقات تجارية كثيرة مع هذه الدول، إنه أمر ننظر إليه باهتمام بالغ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كان داس ذكر، الجمعة، أمام مؤتمر اقتصادي نظم بالمشاركة مع صندوق النقد الدولي، أن ارتفاع أسعار الغذاء في جنوب آسيا وصل إلى نسبة 20 في المئة، كما أن اعتماد دول المنطقة على استيراد الوقود بشكل كبير جعلها مكشوفة على تضخم عال في أسعار الطاقة.
أما عن مشكلة الديون، فقال محافظ البنك المركزي الهندي، إن الدين الخارجي لدول المنطقة ارتفع في 2022 إلى 9.3 تريليون دولار، من 8.2 تريليون دولار عام 2019، وإن مشكلة الديون تتفاقم أكثر في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل في جنوب آسيا.
ومع أنه لم يحدد الدول، التي تشكل الديون فيها أخطاراً عالية في حواره الصحافي، فإن أول حالة تخلف عن سداد الديون (إفلاس) في آسيا منذ عقود كانت في سريلانكا العام الماضي، بينما انخفض الاحتياطي لدى باكستان إلى 5.6 مليار دولار فقط، وهو ما يكفي لتغطية واردات البلاد لمدة شهر واحد.
كذلك الحال في بنغلاديش التي تعاني تدهور الطلب في الاقتصاد وارتفاع أسعار الوقود وانقطاع الكهرباء المتكرر في البلاد.
التضخم والمشفرات
على رغم أن معدلات التضخم في الهند أقل ارتفاعاً من كثير من الاقتصادات المتقدمة، إلا أنها تظل أعلى من المستهدف من قبل بنك الاحتياطي الهندي.
ويتوقع البنك أن يكون معدل التضخم للعام المالي الحالي عند 6.7 في المئة، أي أعلى قليلاً من المدى المستهدف من قبل البنك عند ما بين أربعة وستة في المئة.
ويرجع معدل التضخم الأقل ارتفاعاً من كثير من الاقتصادات المتقدمة إلى ما وصفه شاكتيكانتا داس بأنه "رد فعل منضبط" خلال أزمة وباء كورونا.
ولم تتوسع الهند في برامج الإنفاق خلال الأزمة وكانت برامج الدعم الحكومي محدودة المدة وتستهدف قطاعات معينة فقط، وأدى ذلك إلى ارتفاع الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي الهندي ما زاد من ثقة المستثمرين في الاقتصاد.
وإن كانت الاحتياطات الأجنبية لدى الهند انخفضت قليلاً عن أعلى مستوى لها في 2021 حين وصلت إلى 642 مليار دولار، لكنها تظل مرتفعة عند 563 مليار دولار، وتمثل الاحتياطات الأجنبية نسبة 92 في المئة من الدين الخارجي للهند وتغطي تسعة أشهر من الواردات الهندية.
ويعود الانخفاض إلى استخدام البنك المركزي جزءاً من الاحتياط الأجنبي لديه لدعم العملة الهندية، الروبية، في السوق لمواجهة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي.
ويقول داس في حواره مع "الفايننشيال تايمز" إن الهند أقرت حتى الآن حسابات بالروبية مع ست أو سبع دول. وهو ما يعني حسم التبادلات بين الهند وتلك الدول بالعملة الوطنية من دون اللجوء للحسم على أساس سعر الدولار.
وأشار محافظ البنك المركزي الهندي إلى أن البنك لعب دوراً مهماً في حماية المستثمرين من الانهيار الذي حدث في العملات المشفرة.
وكان البنك نصح الحكومة بألا تنظم المشفرات والأصول الرقمية بما يوفر لها شرعية، وقال داس "هذا ما كنا نقوله بالضبط، إنها (المشفرات) ستنهار إن عاجلاً أو آجلاً، لأنها بلا قيمة حقيقية، إنها مجرد مشتقات للمضاربة، كما أن أحداً لا يعرف ما هي الفائدة العامة من ورائها".