Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الركود" يطفئ لوحات الإعلانات في مصر

متخصصون: موازنتها الجديدة في بعض الشركات تصل إلى صفر وارتفاع كلف الإنتاج والقيود الحكومية وراء الأزمة

لوحات إعلانية فارغة وسط العاصمة المصرية القاهرة  (اندبندنت عربية)

على مدى عقود شكّل كوبري "السادس من أكتوبر"، أطول وأشهر الجسور العلوية في مصر، رابطاً رئيساً بين أحياء القاهرة الكبرى، وبين المنتجين وملايين المستهلكين عبر سلسلة من آلاف الإعلانات الخارجية (outdoor)، ولكن الأزمة التي يمر بها الاقتصاد المصري أضعفت هذا الرابط، إذ تسبب الركود وتراجع سعر صرف العملة المحلية بأزمة هائلة في سوق الإعلانات المصرية تتضح على طول الجسر الأطول في مصر الذي تجاوز طوله حاجز الـ 20 كيلومتراً.

ويقول مدير إحدى شركات الإعلانات المصرية ويدعى محمود السيد إن "عدد الإعلانات التي ستقوم شركتنا بتنفيذها في يناير (كانون الثاني) المقبل صفر، وهذا هو الحال في معظم الشركات المتوسطة والصغيرة العاملة بقطاع الإعلان منذ أشهر، فيما لا تزال الشركات الكبيرة قادرة على إبرام تعاقدات طويلة الأمد وأن تتحمل نقص السيولة، لكن من الصعب أن تستمر نظيرتها الصغيرة بالسوق".

وأرجع السيد التراجع العنيف الذي تمر به الصناعة إلى أسباب عدة، بينها ضعف الاقتصاد عموماً وارتفاع كلف الإنتاج والقيود الحكومية على السوق.

وتستحوذ الإعلانات الخارجية على نصف صناعة الإعلان في مصر التي بلغت قيمتها حوالى 5 مليارات جنيه (202.7 مليون دولار أميركي) عام 2019، قبل أن تضرب جائحة "كوفيد-19" العالم، وفقاً لتقدير شعبة الإعلان في اتحاد الصناعات المصرية.

إعلانات تسقط بالتقادم

ظاهرة أخرى شهدتها سوق الإعلانات إلى جانب ظاهرة اللوحات الإعلانية الفارغة، تتمثل في تقادم الإعلانات الخارجية، إذ تعلن اللوحات عن منتجات وعروض انتهى عمرها الافتراضي أو لم تعد الشركات قادرة على تقديمها بالأسعار نفسها مع معدلات التضخم المرتفعة.

وبلغ معدل التضخم في مصر 19.5 في المئة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

 

 

وخلال جولة "اندبندنت عربية" على المحاور والجسور الأهم في القاهرة الكبرى، شوهدت إعلانات انتهت مدة عرضها، منها عرض شراء مستلزمات بداية الدراسة بخصم 50 في المئة، مع أن الدراسة في مصر تبدأ في أكتوبر (تشرين الأول)، أو إعلان عن عروض لقضاء فترة الصيف على ساحل البحر المتوسط، إضافة إلى إعلان بنك عن تقديمه فائدة على الودائع بقيمة تسعة في المئة، وهذا بعد أن رفع البنك المركزي المصري العائد على الإيداع من 8.25 في المئة بداية 2022 إلى 16.25 في المئة بنهاية العام، وإلى جانب هذا يظهر عدد من الإعلانات عن سلع غذائية بأسعار تعود لأشهر ماضية.

ويوضح رئيس شعبة الإعلان في اتحاد الصناعات المصرية أشرف خيري في شأن الإعلانات منتهية مدة العرض، أن "قطاع الدعاية جزء من الاقتصاد وهو متضرر مثل باقي القطاعات الاقتصادية، إذ يجبرنا ضعف السوق أحياناً على ترك اللوحات مغطاة بالإعلانات القديمة لحماية الهيكل المعدني (الشاصيه) من الأمطار والعوامل الجوية، ثم إن نزع الإعلان من اللوحة المعدنية له كلفه أيضاً المتمثلة في النقل وأجور العمالة، ويفضل أن نتحملها عندما نحتاج إلى لوحة الإعلان لوضع آخر جديد".

ارتفاع الكلف

ولا تقتصر أزمة سوق الإعلانات على ضعف السوق فقط، بل بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج أيضاً، إذ تعتمد الإعلانات الخارجية على خامات البلاستيك، المصنعة من مشتقات النفط "بولي فينيل كلوريد- PVC"، إضافة إلى البلاستيك الخردة، فوفقاً لقرار وزارة التجارة والصناعة المصرية ارتفع سعر طن خام "البولي فينيل كلوريد- PVC" من 35 ألف جنيه (1417 دولاراً) إلى 43 ألف (1740 دولاراً) خلال 2022، لسببين أولهما فقد الجنيه ثلث قيمته منذ بداية العام، وثانيهما فرض الحكومة رسوم مكافحة إغراق بنسبة تسعة في المئة على الواردات المصرية من الـ "بولي كلوريد الفينيل" (PVC) المصدرة من الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات بداية من 2021.

كما ارتفعت كلف تأجير اللوحات الإعلانية بسبب اتباع الحكومة المصرية لنظام المزايدات لتخصيص المساحات الإعلانية بدلاً من منظومة الرسوم الثابتة التي اتبعتها لعقود.

ويوضح السيد أنه "نتيجة ارتفاع كلفة إنتاج الإعلان زادت نظيرتها على الشركات المعلنة، وتتراوح أسعار الإعلانات الخارجية على المحاور والطرق الرئيسة بين 150 ألف جنيه (6 آلاف دولار) قيمة إعلان تقليدي على لوحة إعلان واحدة، و400 ألف جنيه (16.2 ألف دولار) كلفة إعلان مزدوج على لوحتين من الجهتين، وأخيراً 550 ألف جنيه (22.3 ألف دولار) للإعلانات المجسمة الضخمة".

ويتابع، "بسبب ارتفاع أسعار الإعلان ونقص السيولة لجأ عدد من الشركات المصرية إلى عقد اتفاقات شراكة، وينتشر هذا النوع من العقود مع الشركات العقارية، إذ نقوم بتنفيذ الإعلان في مقابل الحصول على وحدات سكنية".

اقرأ المزيد