Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آن أوان الاقرار بأن ما يحصل في أوكرانيا ليس سوى حرب أميركية بالوكالة

إن الإعتراف بحجم تورط الغرب يعبر عن مصداقيتنا

فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مع جو بايدن في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض (أ ف ب عبر غيتي)

هل تتذكر السرعة التي كان من المفترض أن ينتهي بها هذا الأمر برمته، وليس بطريقة جيدة بالنسبة إلى أوكرانيا. ففي فبراير (شباط) وفيما احتشدت القوات الروسية على الحدود، كان هناك توقع بأنه سيكون بإمكانهم أن يصلوا إلى كييف في غضون أيام، إذا شنوا غزواً.

كان هذا التقييم جزئياً نتيجة عمل الدعاية الروسية. اعتقدت موسكو أن بمقدورها الاستيلاء بسرعة على العاصمة وإطاحة الحكومة وإقامة نظامها الخاص. وكان من المعتقد أن الجيش الروسي كبير وقوي، فكيف يمكن لأوكرانيا أن تأمل في المقاومة؟

وفي الأيام المحمومة التي تلت الغزو غير القانوني في 24 فبراير الذي أطلق عليه فلاديمير بوتين اسم "العملية الخاصة"، كان الهدف هو إبقاء أوكرانيا وقائدها على قيد الحياة من خلال الإسراع بتزويدها المعدات العسكرية اللازمة ومساعدة عشرات الآلاف [من أبنائها] على الهرب. وتم تحديد جدول زمني للعمليات بالأيام، وفي أحسن الأحوال بالأسابيع. وافترض الجميع بأنها ستكون مسألة وقت فقط. وفي مرحلة ما، كان قادة الاتحاد الأوروبي يخشون ما إذا كانوا سيرون نظيرهم الأوكراني مرة أخرى على الإطلاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد عشرة أشهر، أصبحنا نعلم أن الأمر لم يكن كذلك، فقد بالغ الغرب في تقدير قدرات القوات المسلحة الروسية، وافترض خطأً أن لدى بوتين خطة قابلة للتطبيق، كما قلل من قدرة الجيش الأوكراني وتصميمه.

وفشل [الغرب] أيضاً في توقع كيف أن فولوديمير زيلينسكي، الممثل الكوميدي المعروف في واشنطن العاصمة بفضل دوره القصير في أول محاكمة لتجريد دونالد ترمب من سلطاته، هذا إذا كان معروفاً هناك على الإطلاق، سينتهز الفرصة ويبرز كوجه جريء لبلاده الموحدة مصمم على التحدي.

لقد تغير الكثير منذ تلك الفترة. وبينما لا تزال القوات الروسية تحتل أجزاءً من أوكرانيا، فإن كييف تبدو أشد صلابة مما كانت عليه في أي وقت مضى، فيما يوحد الغرب جهوده من أجل دعم شعبها.

لقد أنفق جو بايدن والكونغرس الأميركي ما يزيد على 100 مليار دولار (نحو 82.65 مليار جنيه استرليني) على المساعدات العسكرية لكييف. ومثلت هذه المبالغ مكاسب غير متوقعة لصانعي الأسلحة ممن تمت دعوتهم لتخزين كميات كبيرة من السلاح في ترسانة زيلينسكي، ولكنها [المساعدات العسكرية] كانت على الغالب ضرورية بشكل أساسي من أجل نجاته.

ومع مرور الأشهر، مضت الولايات المتحدة بعيداً في تورطها في الصراع.

كانت الولايات المتحدة مكتفية بادئ الأمر بالطلب من بوتين أن يسحب قواته، لكن سرعان ما عمد لويد أوستن، وزير الدفاع الأميركي، إلى الدعوة إلى "إضعاف" روسيا كدولة، وجعلها غير قادرة على شن عملية مثل هذه مرة ثانية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، رضخت الولايات المتحدة لمطالب كييف وأرسلت إليها نظام دفاعها الأعلى قدرة، وهو منظومة صواريخ باتريوت.

وإذا كان لا يزال هناك أي شك بأن ما يحصل في أوكرانيا الآن هو حرب كاملة بالوكالة تخوضها الولايات المتحدة هناك، فقد تم تبديده بعد زيارة الرئيس الأوكراني لواشنطن العاصمة هذا الأسبوع، التي كانت أول رحلة له خارج البلاد منذ بدء الغزو.

وقال زيلينسكي بعد وصوله "أنا في واشنطن اليوم حتى أشكر الشعب الأميركي، والرئيس ومجلس الكونغرس على دعمهم الذي نحن في أمس الحاجة إليه".

وأضاف "وكذلك من أجل مواصلة التعاون لتقريب موعد انتصارنا. سأجري سلسلة من المفاوضات لتعزيز قدراتنا على الصمود والدفاع".


وبعد توجهه إلى البيت الأبيض لإجراء مباحثات هناك، عقد بايدن وزيلينسكي مؤتمراً صحافياً مشتركاً. وكان من المقرر في وقت لاحق أن تتاح له الفرصة لإلقاء كلمة في مجلس الكونغرس، وهو تكريم نادر حظيت به سابقاً شخصيات من أمثال ونستون تشرشل، الزعيم البريطاني في أيام الحرب.

وربما كان الكثيرون يتحدثون اليوم عن تشرشل الذي قام برحلة شهيرة إلى واشنطن العاصمة في ديسمبر (كانون الأول) عام 1941 من أجل لقاء فرانكلين روزفلت وحثه على الدخول في الحرب ضد ألمانيا النازية واليابان في أعقاب الهجوم على بيرل هاربور.

إلا أن من الصعب التفكير في حالة مشابهة وصل فيها زعيم دولة حليفة للولايات المتحدة إلى واشنطن العاصمة وسط صراع محتدم، طالباً المزيد من المساعدة، وكان له كل ما أراد بشكل شبه مضمون.

ويقول الدكتور ماثيو شميدت، وهو خبير في العلاقات الدولية في جامعة نيو هافن، إنه لا يعتقد أن القتال في أوكرانيا هو حرب بالوكالة بالمعنى الكلاسيكي لهذه العبارة.

لكنه، يرى أنه في سياق تطور الحرب "ألزمت الولايات المتحدة نفسها بالنتيجة [التي قد تخرج بها الحرب] بشكل أكثر مما كانت عليه في بداية الحرب".

على هذا النحو، فإن الولايات المتحدة ملتزمة تجهيز الجيش الأوكراني، ولكنها أيضاً تساعد في إعادة إنشاء بنيته التحتية.

ويضيف شميدت "من الأهمية بمكان أن يفعل الغرب ذلك، وللولايات المتحدة مصلحة في التأكد من أن الحلفاء لن يقصروا في ذلك [المساعدة في إعادة بناء أوكرانيا]، لأن هذا من شأنه بشكل أساسي أن يجعلنا نخسر السلام وننتصر في الحرب".

وفي واشنطن العاصمة، وفيما قلد زيلينسكي بايدن الميدالية العسكرية الأوكرانية، أوضح الأخير أن الولايات المتحدة وأوكرانيا ستواصلان تعزيز جبهة "دفاع موحدة" بينما تشن روسيا "هجوماً وحشياً على حق أوكرانيا في الوجود كدولة". وتابع أن روسيا "تحاول استخدام الشتاء سلاحاً، لكن الشعب الأوكراني يواصل إلهام العالم".

وقال لزيلينسكي، "إنه لشرف كبير أن أكون بجانبك"، ورد الأخير "إنه لشرف عظيم أن أكون هنا".

كان جزء رئيس من زيارة زيلينسكي يتمثل في محاولة إقامة علاقات مع أي من [السياسيين] الجمهوريين الذين يميلون إلى تقليل الدعم الأميركي وإنهاء ما كان إلى حد كبير نهجاً للتعامل مع الحرب يحظى بتأييد الحزبين.

وهناك عدد كبير من المتشددين الجمهوريين الصريحين لجهة موقفهم المنسجم مع "ماغا" (ميك أميركا غريت أغين) [شعار ترمب "اجعل أميركا عظيمة من جديد"] ممن يشعرون أنه يجب على الولايات المتحدة الكف عن إرسال الأموال إلى أوكرانيا. حتى إن عضو الكونغرس مارجوري تايلور غرين قد اقترحت إجراء تدقيق مالي [في المساعدات].

لقد سعى بوتين بالتأكيد إلى تصوير الصراع على أنه حرب بالوكالة، وذلك لكونه يعرف أن ذلك سيجعل إقناع الشعب الروسي بقبول عشرات الآلاف من القتلى العسكريين والتجنيد الإجباري والإدانة الدولية لروسيا، أكثر سهولة.

ومع ذلك، لمجرد أن بوتين، الذي يتحمل اللوم أكثر من أي شخص آخر عما يحدث في أوكرانيا، لديه أسبابه الخاصة من أجل وصف الأمر على هذا النحو [حرب بالوكالة]، فإن التغاضي عن الحقيقة لا يفيد الغرب.

هبت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لمساعدة أوكرانيا. وهم الآن منخرطون بشكل لا فكاك منه في نتيجة الحرب. والولايات المتحدة تريد أن تخسر روسيا.

إن الاعتراف بحجم تورط الغرب يساعد على زيادة تركيزنا، كما يعبر عن صدقنا.

© The Independent

المزيد من آراء